البابا فرنسيس… كيسنجر دولة الفاتيكان ديمتري روغوزين في كوبا وفشل دبلوماسية الصعاليك

محمد احمد الروسان

مدير الإرهاب في الأنتربول الدولي بيارسانت هبلير قال مؤخراً: «انّ الجهاديين كثّفوا دخولهم الى تركيا عبر الموانئ البحرية المختلفة بعد التضييق عليهم في المطارات، وخاصةً عبر مرفأ ازميت على الساحل الشرقي من بحر مرمره، حيث تحوّل المرفأ إياه الى بوابة لهم ومنها الى سورية والعراق. وكان لإشارات وتشخيصات تقرير معلوماتي إحصائي نشر في صحيفة «فاينانشال تايمز» من إعداد كلّ من سام جونز في لندن ودنكان روبنسون في بروكسل، الأثر الواضح في التأشير على سلّة مخاطر عودة «الجهاديين» الأوروبيين الذين يقاتلون في سورية الى بلدانهم.

ويتضح من التقرير أنّ ما يقدّر بأكثر من ثلاثة آلاف «جهادي» يحملون جنسيات أوروبية يشاركون في العمليات القتالية في سورية والعراق، وبعضهم صار يقاتل في الجنوب السوري وفي درعا تحديداً، حيث قسم منهم مع جبهة النصرة والتي صارت «نصرة لإسرائيل»، وقسم مع «داعش»، وقسم مع بقايا ما يُسمى «الجيش الحرّ» والمتمثل في «لواء اليرموك»، حيث تستثمر في الأخير بعض دول الجوار السوري بوصفه «معارضة معتدلة»، في دعم جهة إرهابية ضدّ أخرى ليكون حاجز عزل أمام الإرهاب المتطرف والمتمثل في «النصرة» و«داعش»، حيث تتفاقم النتائج والكلف الأمنية والسياسية، وقد يقود هذا الأمر الى تأسيس «إمارة حوران» في الجنوب السوري بدعم «إسرائيلي» صهيوني واضح، تنضمّ إليها لاحقاً أجزاء من إقليم شمال الأردن، ويقلب جغرافية مثلث الحدود الأردنية السورية المشتركة مع الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومع الأراضي اللبنانية عبر الأراضي السورية المحتلة في الجولان لتكون «قلمون لبناني» آخر في الجولان السوري المحتلّ.

وما لم يقله التقرير هذا أنّ العدد هو أكثر من سبعة آلاف أوروبي ثلثهم من أصول أوروبية حقيقية أصليّة.

في تصريحات سياسية متعدّدة بمضامين استخبارية دقيقة، مستندة الى ترسيمات ميدانية وواقع، آشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى «أنّ هناك عدّة آلاف من أوروبا ومناطق القوقاز يقاتلون في سورية، وهم أكثر من سبعة آلاف»، فيما أشارت تصريحات سياسية تعكس معلومات لها أساس استخباري أيضاً، صادرة عن كوادر في مكافحة الإرهاب الأممي في الاتحاد الأوروبي حيث قالت: «عدد الأوربيين الذين سافروا للقتال في سورية فاق عددهم في الصومال وأفغانستان والعراق وجلّهم من أصول قوقازية وعربية».

والذي لم تقله تصريحات كوادر مكافحة الإرهاب في الأنتربول الدولي أيضاً، إنّ أجهزة المخابرات الأوروبية هي من سهّلت سفرهم وإدخالهم إلى الداخل السوري، وبالتالي هؤلاء عندما يعودون إلى بلدانهم الأوروبية الأصلية، فهم بمثابة قنابل سوف تنفجر في وجه منظومات الأمن الأوروبية الاستخبارية، وستكون الكلف الأمنية والسياسية والاجتماعية والثقافية الفكرية عالية جداً، تقود في النهاية إلى عدم استقرار أوروبا وبالتالي زعزعة هياكل الأمن الأوروبية المتداخلة، وهذا ما تريده أميركا، وتسعى الى تقوية أوكرانيا ليس فقط من أجل تهديد روسيّا واستنزافها، بل من أجل مرحلة غزو أوكرانيا القويّة عسكرياً نفسها لغزو أوروبا، وهذا ما صار إدراكاً أوروبيّاً تدركه مؤسسات القرار الأوروبي، إلى جانب خطر الأسلمة الذي صار خطراً عابراً للقارات في العالم بفعل الحدث السوري واستثمارات البلدربيرغ الأميركي فيه، عبر صناعات الإرهاب عبر «القاعدة» وأخواتها ودواعش الماما الأميركية، فخطر الأسلمه يؤسلم المسيحيين، هكذا ترى مفاصل القرار الأوروبي ذلك، خاصةً بصورته المتطرفة على الناشئة في المجتمعات الأوروبية.

القارة الأوروبية تفجّر نفسها من الداخل

أعتقد وأحسب وبوضوح أنّ القارة الأوروبية وبسبب هذه السياسة الحمقاء في الحدث السوري، سوف تفجّر نفسها من الداخل، وهذا من شأنه أن يسهّل على العاصمة الأميركية واشنطن دي سي، المزيد من السيطرة الشمولية على كلّ أوروبا، خاصةً وبعد شروع العاصمة الأميركية واشنطن دي سي في تصحيحات هنا وهناك في العلاقات مع دول حدائقها الخلفية في أميركا اللاتينية، وبدأت في كوبا، مع تصحيحات في العلاقات مع كراكاس العاصمة الفنزويلية ولكن بصورة الثورات الملونة وعبر الطبقات الاجتماعية الغنيّه والميسورة بل والأرستقراطية أيضاً، لاستعادة مصالحها الأرستقراطية الفنزويلية المالية والاقتصادية بسبب الرعاية الاجتماعية الطويلة لنظام هوغو تشافيز للطبقات الفقيرة في الداخل الفنزويلي، واستمرار هياكل النظام البوليفاري الحالي المنتخب بتلك السياسة.

وأضاف هذا المسؤول الأمني الاتحادي الأوروبي: «أنّ هناك تعاوناً مع دول الخليج من العرب، لوقف فضائيات تروّج لبث الكراهية والفتن وأفكار القاعدة وأخواتها، كما تروّج للإرهاب الدولي في سورية والعراق وجلّ المنطقة العربية.

إنّ تسخين وتسخين الساحة السورية كساحة حرب، عبر الدفع بالمزيد من المقاتلين من الدول الأوروبية وخاصة من ذوي الأصول القوقازية والعربية، وبالمقاتلين من ليبيا واليمن الآن، عبر تفعيل القوام المؤسساتي للمؤامرة المخابراتية – السياسية وعبر أدواتها المختلفة، وخاصة البعض العربي المرتهن للغرب والخائن، من مثلث أطراف واشنطن وباريس ولندن، وبالتنسيق العميق مع الكيان الصهيوني والبعض العربي، من شأنه تحقيق عدّة أهداف استراتيجية هامة:

ـ يسمح بالتخلص من آلاف العناصر «الجهادية» المسلّحة المتواجدة الآن في ليبيا المحتلّة ناتويّاً، والتي صارت في مرحلة اللاّدولة رغم دعامات هنا وهناك لـ«كرزاي» ليبيا خليفه حفتر، وهذا يسهّل على «الناتو» ترتيب الأوضاع في ليبيا المحتلّة ما بعد اغتيال القذّافي وسقوط نسقه السياسي وتشكيل حكومة ليبية جديدة واحدة ومستقرة، وذلك لعدم وجود هذه العناصر المسلّحة الإسلامية المعيقة للترتيبات الناتويّة الآتية، ففي ليبيا برلمانان وحكومتان، كذلك توفير الفرص لحكومة الرئيس عبد ربه هادي في اليمن لتحقيق شكل ما من الاستقرار وانْ كان هشّاً.

وتسخين الساحة السورية كساحة حرب، وإسقاط النسق السياسي فيها، يعني إضعاف قدرات الدولة السورية، وخاصة مؤسسة الجيش العربي السوري ومؤسسة الأمن السياسي العربية السورية، وتحويل سورية إلى دولة فاشلة، أكثر فشلاً من دولة اليمن، وهذا الأمر تسعى له تحديداً، المخابرات الفرنسية والبريطانية والأميركية والصهيونية.

وإشعال الساحة السورية حرباً وقتالاً عنيفاً، من شأنه أن يتيح إلى جانب التخلص، مما يُسمّى «العناصر الجهادية الإسلامية»، المسلّحة الليبية ومجموعات «القاعدة» في اليمن وفي معظم بلدان القارة الأوروبية بعد أن تمّ شحنهم إلى سورية، يقود إلى التخلص أيضاً، من العناصر الجهادية الإسلامية المسلّحة الموجودة، في أوروبا كخلايا نائمة، بحيث تقوم أجهزة المخابرات الأوروبية، على دفع وتسهيل مسألة هجرة، هذه العناصر الإسلامية المسلّحة ذات الأصول القوقازية، والمتواجدة على الساحات الأوروبية، للذهاب إلى سورية للقتال والمساهمة، في إسقاط النسق السياسي السوري.

وإشعال متزايد للمسرح السياسي السوري، سوف يأخذ المزيد من طابع العنف السياسي الديني، المرتفع الشدّة، والمزيد من الطابع العسكري الدموي، وهذا يعني ببساطة: حرباً أهلية إسلامية اثنيه مذهبية عميقة، خاصة مع عمليات الشيطنة لحزب الله اللبناني عبر وسائل الميديا العربية والعالمية.

من جهة أخرى، وحول التطورات الدراماتيكية الأخيرة على طول خطوط العلاقات الأميركية ـ الكوبية، ولنحفّز العقل على التفكير في محاولة للفهم، وخاصة مع بدء زيارة مفاجئة لنائب رئيس الوزراء الروسي ديمتري روغوزين الى هافانا لبحث التعاون العسكري والتقني والعلمي، ومع بدء وجود وفود صينية اقتصادية وأخرى عسكرية وأمنية مفاجئة، مع وجود معلومات تفيد عن وصول كلّ من مدير المخابرات الفرنسية الفرع الخارجي برنارد باجوليه، يرافقه مدير المخابرات الفرنسية الداخلي برنار سكوارسيني الى كوبا، نتساءل التساؤلات المشروعة التالية:

ـ هل خطر «الأسلمة» الذي صار يجتاح أوروبا والعالم بفعل الحدث السوري هو أحد الأسباب بجانب أخرى في عودة العلاقات؟ هل نفوذ حزب الله وإيران في دول أميركا اللاتينية وراء ذلك؟ هل هي القاعدة العسكرية الإيرانية في فنزويلا؟ أم القواعد العسكرية الروسية في فنزويلا وبعض دول أميركا اللاتينية الأخرى؟ أم هي استراتيجية أميركية وضعها البلدربيرغ الأميركي جنين الحكومة الأممية للتفرّغ لمقارعة الروس والصينيين في العالم، وفي منطقة البحر الأسود تحديداً والقوقاز الجنوبي؟ أم أنّ هناك أسباباً كوبية داخلية وفي العلاقات مع الفاتيكان دفعت الى ذلك؟ تساؤلات عديدة من شأنها أن توصلنا الى الفهم.

أعتقد وأحسب أنّ مرد التطورات الأخيرة على طول خطوط العلاقات الأميركية ـ الكوبية لم تكن وليدة اللحظة الراهنة فقط، وجاءت نتيجة تراكمات سلبية وإيجابية عديدة ومنذ العزل الأميركي لكوبا من عام 1961 من القرن الماضي، بجانب العقوبات الشاملة، مع التطورات الاستراتيجية وتداعياتها وعقابيلها، ومنذ بداية ما سمّي «الربيع العربي» ومآلاته في المنطقة العربية، حيث تمّ توظيفه لتغيير وجه العالم وعبر الحدث السوري، مع إخضاع سلعة النفط وإدخالها في الصراع الدولي والإقليمي بين أميركا وحلفائها من جهة، والفدرالية الروسية والصين وفنزويلا وإيران وحلفائها في العالم من جهة أخرى.

انّها ليست نتاج عمليات أو ديناميات المراجعات على مسار العلاقات الكوبية ـ الأميركية هي وراء ما يمكن أن نصفه بتقاربات كوبية تاريخية مع واشنطن قد تقود الى استدارات كاملة من كلا الطرفين، وهي ليست نتاج صحوات سياسية أميركية أو كوبية متأخرة ولم تأت من فراغ، ويمكن لهذا التطور في العلاقات أن يقود ليس فقط الى عودة العلاقات الديبلوماسية بين هافانا وواشنطن مع ما ينتظرها من إعاقات تشريعية أميركية في الكونغرس، بل قد يقود الى تحالفات عريضة في زمن مرحلة جديدة من الصراع الدولي، لإنتاج عالم متعدد الأقطاب في زمن التوازانات الجديدة.

فإلى جانب الهواجس الفاتيكانية الغربية من «خطر الأسلمة»، والأخيرة صارت تجتاح أوروبا وجلّ الغرب بنشر أفكار دواعش الماما الأميركية، حيث الغرب المسيحي يتعرّض لهجمة إسلامية راديكالية تنطلق من أفكار إرهابية وهّابية داعشيّة، والدليل على ذلك آلاف الأوروبيين الذين يقاتلون في سورية وتحت عنوان «الجهاد»، وكما أوضحتُ في بداية هذا التحليل السياسي الأمني، ومجتمعات المخابرات الأوروبية والغربية الأخرى تصدر يوميّاً تقارير استخبارية مرفوعة للمستوى السياسي عن «أسلمة» تجري وفق المفهوم المتشدّد على قدم وساق في صفوف الناشئة والشباب، حيث مخاطر الأسلمة صارت عابرة للقارات، وتأسيساً على ما تمّ ذكره كان هناك دور للفاتيكان في رعاية مفاوضات سريّة بين هافانا وواشنطن ومنذ مصافحة أوباما وكاسترو في جنازة نيلسون مانديلا، وكان الدور الواضح للبابا الحالي فرنسيس في توظيف إمكانياته وقربه من اليسار في أوروبا والعالم في التواصل مع الكوبيين والأميركيين.

البابا فرنسيس مقبول من قبل اليسار في الغرب واليسار في الحدائق الخلفية للولايات المتحدة الأميركية في دول أميركا اللاتينية، حيث للبابا آراء في نظرية التطور مثلاً لا تتعارض مع رواية الخلق المذكورة في الكتاب المقدّس ومنذ تسلّمه سدّة البابوية في الفاتيكان، كما أنّه البابا يرى أنّ نظرية الانفجار الكبير لا تتعارض مع التدخل الإلهي، بل تكمّلها وتتساوق معها موضوعاً وشكلاً.

لذا اليسار بشكل عام ينظر الى ذلك بأنّه انفتاح نادر في الكنيسه الكاثوليكية، فحدث التقارب الروحي بين الفاتيكان وكوبا، وقاد الى بناء كنيسه في هافانا بعد مرور أكثر من نصف قرن على منع وجود كنائس في كوبا، حيث كان الكاستروويون يرفضون ذلك الى أن تمكن البابا الحالي فرنسيس من إقناعهم بذلك.

البابا فرنسيس استثمر في هذا الشأن بعمق، كما استثمر في الوضع الاقتصادي السيّئ في كوبا بسبب الحصار والعزل الأميركي من عام 1961، وعمل بقوّة وبصمت على تجسير الهوّة بين واشنطن وهافانا، كما استثمر في ما تعانيه القيادة الكوبية من شيخوخة الحكم لإقناع هافانا بالمزاوجة بين وهج الاشتراكية والحالة الثورية، وضرورة الانفتاح على النظام الرأسمالي الغربي الأميركي، رغم محاولة منظومة الحكم الكاسترويّة في كوبا بالقيام بعمليات اصلاحية لم تصل الى نتائج حقيقية، فكوبا تعتمد على فنزويلا في نفطها، حيث هناك عمليات تراجع في الإمكانيات المادية لفنزويلا، وجاءت لعبة استخدام النفط كسلعة في الصراع السياسي الأممي من قبل أميركا والسعودية، وهذا قاد ويقود الى انخفاضات حادة في أسعار النفط، كل ذلك زاد من الأزمات في كل من فنزويلا وبالتالي كوبا، فشكّلت الورقة الاقتصادية بجانب أخرى، سبب في غاية الأهمية مكّن البابا فرنسيس وكوادر الفاتيكان وكهنته السياسيون، من اعادة الحرارة الى خطوط العلاقات الأميركية ـ الكوبية لتحقيق وصل ما انقطع لأكثر من خمسين عاماً ماضية، لحين تحقيق شكل من أشكال الاستدارات اللاحقة، والتي قد تقود الى تحالفات جديدة وعريضة في زمن التوازنات الحديثة.

ويمكن لنا أن نقول إنّ شروط الروس والصينيين في شأن سلّة المساعدات المالية تحديداً لكوبا نتيجة، ربطها بعشرات الاتفاقيات المشتركة المشروطة بإصلاحات، كل ذلك ساهم في توجه كوبا نحو القبول بالتصالح مع واشنطن عبر الفاتيكان، مع اثارة أجواء عدم الاستقرار في فنزويلا لدفع هافانا الى العمق في العلاقات مع واشنطن.

تأثير ارتفاع أسعار النفط

ليست الأولوية لدى نواة البلدربيرغ الأميركي مسايرة الفاتيكان ولا الرغبة بالتصالح مع الكاستروويين في هافانا، حيث الحكومة الأممية تعلم أنّ وضع كوبا الاقتصادي في غاية السوء، وفنزويلا لم تعد قادرة على إسناد القيادة الكوبية مالياً، وجاءت لعبة أسعار النفط وإدخالها في الصراع فانخفضت الأسعار لتربك حلفاء كوبا، فصارت الأخيرة بحاجة الى واشنطن أكثر من حاجة واشنطن إليها الى حدّ ما.

البلدربيرغ الأميركي يدرك أنّه يجب على واشنطن التفرّغ لمقارعة الروس والصينيين، ولمحاربة الفيروسات الداعشية المنتجة أميركيّاً حيث لم يعد يسيطر عليها أحد، فجاء الضوء الأخضر الأميركي للفاتيكان بذلك من أجل تصحيحات هنا وهناك في العلاقات الكوبية الأميركية، وهذا من شأنه أن يقود الى تقريب كوبا من أميركا على حساب موسكو وبكين.

أميركا تريد سحب البساط الروسي تحديداً والصيني، ومعهما بساط ايران وحزب الله من حدائقها الخلفية دول أميركا اللاتينية للتفرّغ للمسائل الأستراتيجية، حيث جنين الحكومة الأممية البلدربيرغ الأميركي يركز على البحر الأسود ومجاله الحيوي، حيث هناك يكمن الصراع مع روسيّا حول النفط والغاز وامداداتهما، فالخصم الأول لواشنطن في العالم هو روسيا وإلى جانبها الصين، بالرغم من عودة جزيرة القرم إلى الحضن الروسي.

وأهمية البحر الأسود تكمن أيضاً بسبب اكتشافات للنفط والغاز في بحر قزوين الخزر بالتسمية الإيرانية وكازاخستان وآسيا الوسطى، حيث تشكل جغرافية البحر الأسود والقوقاز الجنوبي دوراً استراتيجياً عميقاً لكلّ منظومات المصالح الأميركية في الشرق الأوسط والشرق الأدنى، فأولوية التركيز البلدربيرغي الأميركي يقع اذاً على البحر الأسود وجنوب القوقاز مع العمل على ضبط الأزمة السورية، بعد ما صارت منطلقاً لإرهاب «داعش» و«القاعدة» كمنتجات أميركية فيروسية صار يصعب السيطرة عليها وحتّى توجيهها من جديد، وبالتالي تتمدّد نحو أوروبا والغرب كلّه.

مرحلة دولية جديدة

جلّ المسألة الدولية الآن تتموضع على أنّ هناك مرحلة دولية جديدة قد يغذيها التقارب الأميركي ـ الإيراني، ويسندها التقارب الكوبي ـ الأميركي، وقد يقود كلّ ذلك في جانب منه الى الانفتاح من جديد على سورية النسق السياسي والجغرافيا والدور، وتحت عنوان مكافحة الإرهاب العابر للقارات خاصةً أنّ الجيش السوري صار يعيد ضبط الإيقاع في المنطقة والعالم عبر صموده في مواجهة الحرب الكونية على سورية، وما يؤخر ذلك من جانب رؤية البعض هو الصراع الأميركي ـ الروسي العميق وعدم الاتفاق على خيوط اللعبة الأممية الجديدة. وفي ظل فسيفسائية حلحلة البؤر الساخنة على خطوط علاقات هافانا ـ واشنطن، وطهران ـ واشنطن، لا تبدو جلّ المسألة السورية والتسوية فيها وحولها مستبعدة، بعد نجاحات كيسنجر دولة الفاتيكان البابا فرنسيس الأرجنتينيّ الأصل في تجسير هوّة العلاقات الكوبية ـ الأميركية. وهنا أتساءل كمراقب وباحث في كيميائيات العلاقات الدولية الجديدة، هل ثمّة دور قادم للفاتيكان في روما كتسونامي سياسي لحلّ الأزمة السورية؟ خاصةً أنّ خطوط العلاقات السورية ـ الإيطالية، صارت مفتوحة بالاتجاهين مع فتح السفارات بين البلدين، وبفعل أنّ سياسة طول النفس ولعبة الانتظار السورية، جنّبت الدولة الوطنية السورية أن لا تكون في جيب أحد؟ وهل يمكن دمج سياسات الغرب مع الفلسفة الإسلامية مع وجود أدوار حقيقية لدولة الفاتيكان في روما لإعادة انتاج للعلاقات المسيحية الإسلامية، بعيداً عن الراديكالية والتطرف، والتي هي من نتاجات الفكر الوهّابي كدين تلمودي جديد دين السيف والزيف والفرج والشرج؟! ويبدو أنّ الصرح الأخلاقي القيمي الذي بنى عليه أوباما رئاسته الأولى والثانية، ها هو يقف عليه اليوم عارياً ووحيداً، بصفته كومة من الدجل والكذب الرخيص، فلا جرأة على الأمل كما كان يقول، ولا شفافية ولا حماسة ولا شرعية، ولا قرارات جماعية ولا إجماع، وفي النهاية سيرحلون جميعاً وتبقى سورية بنسقها السياسي وعنوانه، ويبقى «الشعب السوري واحد واحد»، إنّها سورية أيّها الحمقى… قلب الشرق ومركز المسيحية العالمية، وموطن الإسلام المحمدي المتنوّر، وأنّ دبلوماسية الصعاليك التي مارسها ويمارسها محور واشنطن تل أبيب وبعض عرب وعربان لن تجدي نفعاً معها.

محام، عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية

www.roussanlegal.0pi.com

mohd ahamd2003 yahoo.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى