مروحة النصر لن تتوقف عند حلب

 

د. فايز الصائغ

 

د. فايز الصايغ

تأخر العالم كثيراً حتى بدأ يستوعب ما يجري لسورية وفيها، وأغلب الظن أنه كان يعرف ويتجاهل، ويريد للمسرحية أن يتواصل عرضها، فالهدف النهائي هو إضعاف سورية وإشغالها بنفسها، ومن المستحسن أن ينقسم شعبها وتتصارع إثنياته وقومياته ومناطقه، وهذا ما مهّد له الإعلام الغربي والعربي من خلال حملات غير مألوفة وغير مسبوقة من التضليل والفبركة.

تأخر العالم كثيراً حتى بدأ يلتمس الرأس ويستنهض الذاكرة ويقرأ مسؤولوه التقارير الأمنية التي بدأت تستنجد بالسياسة، في محاولة تجنب ما يمكن حصوله في بلدان العالم عموماً وبلدان المنطقة على وجه الخصوص.

حان موعد رجوع الإرهابيين الذين أجرت وكالة الاستخبارات الأميركية إحصاءاً أولوياً حولهم فقدرت عددهم بـ 12 ألف إرهابي من 81 دولة من دول العالم انخرطوا في القتال في الداخل السوري. وذكرت الوكالة في تقريرها أنّ هؤلاء ليسوا أبناء «ثورة» كما يزعمون، بل هم من أشرس الإرهابيين في العالم الذين انتشروا على امتداد الجغرافية السورية.

ويتضح لمن يتابع المستجدات على الساحة العالمية أنّ هؤلاء الإرهابيين بدأوا يعودون فعلاً إلى البلدان التي قدموا منها وأنّ بواكير إرهابهم بدأت تظهر في العديد من المدن التي صدّرت الإرهاب إلى سورية.

وتعترف الاستخبارات الأميركية بأنّ الإرهابيين العالميين تدربوا في معسكرات تركية وعربية، بعد أن استُقدموا من بلدان عدة إلى تركيا التي خصّصت مناطق تدريب وعبور إلى الشمال السوري حيث يتوزعون في بقية المناطق حسب الحاجة الإرهابية وحسب الهزائم التي قد تلحق بهم جراء ضربات الجيش السوري.

إنّ التأخُّر في فهم ما يجري في سورية، لا يعني أنّ قوى الشرّ العالمية على عجلة من أمرها لتسريع الجهد السياسي الديبلوماسي الذي تقوم به بعض الدول ومنها روسيا، ولا يعني أنّ القوى التي دُفعت إلى سورية تستعمل جهود الأمم المتحدة ومبادرة دي ميستورا الذي يواجه عقبات سواء لجهة الدعم السياسي الدولي لمهمته، أو لجهة البحث وإيجاد طرف ما قادر على الالتزام بوقف عمليات الإرهاب. فالعصابات عصابات والمافيات السياسية لا تقلّ قذارة عنها، لهذا من الصعوبة بمكان التعويل على المبادرة الأممية المعروفة ولا على جهود دي ميستورا في المدى المنظور، فالقطب المخفية في مبادرة دي ميستورا وفي نوايا الدول أكثر من أن تُحصى وأعقد من أن نجد من يفكّها.

لقد انتظرت قوى الشرّ المتمثلة بدول عريقة تعمل على استهداف الشعوب، أربع سنوات لتندِّد بالإرهاب شكلياً على رغم معرفتها بالواقع ودرايتها بما يقوم به إرهابيوها، فالفرصة المتاحة على الأرض السورية لا بدّ من استثمارها لخوض معارك في الداخل السوري لتحقيق أهداف عجزت «إسرائيل» عن تحقيقها من قبل، وطالما أنّ هذه القوى والدول لا تدفع من خزائن شعوبها وطالما أنّ ما يجري يدفع ثمنه الشعب السوري، فلا مانع لديها من أن يكون هذا الشعب الصامد وقود الصراعات بما يخدم «إسرائيل» وسادتها في العالم.

فهل يحثُّ دي ميستورا الخطى؟ وهل تقف هيئة الأمم المتحدة خلفه قولاً وفعلاً؟ لو كانت كذلك لما تجرأت السعودية وقطر على الاستمرار في التحالف الأميركي، في موازاة دعمهما وتمويلهما الإرهاب حتى اللحظة.

وقياساً على القول المأثور «مصائب قوم عند قوم فوائد»، فإنّ حلب التي أشار إليها دي ميستورا هي العقدة الأهم ولن تنتظر جهود الحفاة للوصول إلى الهدف، فالجيش السوري يحقق في ميادين حلب وريفها انتصارات محققة وأصبح قاب قوسين أو أدنى من إعادتها إلى حضن الوطن الأم، وقد يضطر المبعوث الأممي إلى اختيار مناطق أخرى في الشمال السوري وقد يسبقه الجيش السوري إلى هناك أيضاً.

من هنا تُسجل الحكمة السياسة والعسكرية السورية التي أعطت المبادرات مساحة للأخذ والردّ، فيما ينتزع الجيش السوري مساحات لتحقيق الانتصار على إرهاب العالم و قياداته ومموليه وداعميه. فقد دارت مروحة النصر ولن تتوقف في حلب.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى