المعركة واحدة والاستهداف واحد

العميد مصطفى حمدان

السلام والرحمة على أرواح شهداء المقاومة ورجال الله الذين سقطوا على أرض الجولان بسلاح «إسرائيلي». انّ استشهاد المقاومين ومعهم اللواء الايراني محمد علي الله دادي يندرج في سياق الصراع الطويل الذي استطاعت خلاله المقاومة في لبنان وحزب الله على وجه الخصوص امتلاك قدرات جديّة تهدد الوجود «الإسرائيلي» وان استشهادهم لن يؤثر بتاتاً على استمرار العمل المقاوم بمستوياته الاستراتيجية العليا، و»إسرائيل» تدرك ذلك جيداً، ذلك ان العدو الصهيوني قام بتنفيذ هذه العملية بعد ان اكتملت معالم العملية العسكرية الناجحة من خلال الاستخبارات ومن خلال مراقبة المواقع وغيرها، فالطبيعة الجغرافية للعملية العسكرية «الاسرائيلية» في القنيطرة التي تبعد 6 كلم عن منطقة الإحتلال «الإسرائيلي» في الجولان في هذا التوقيت ورمزية الأشخاص تثبت أن الأمور المخفية في هذه العملية أكثر من المعلنة، كل هذه الخصوصيات تحتّم وجوب التدقيق قبل الحديث عمّا اذا كانت «إسرائيل» ستتحمّل تبعات الرد أم لا.

في هذا الإطار، أطرح العديد من الاحتمالات التي برزت في العقل التحليلي العسكري «الإسرائيلي» من خلال الإعلام او المواقع «الاسرائيلية» الاستخباراتية والعسكرية المتخصصة ومنها:

1 – وضع السم في مياه وزارة الدفاع «الإسرائيلية».

2 – إطلاق صاروخ خارج بقعة الـ1701 في جنوب لبنان يحمل رأساً متفجراً بين الـ 500 او الـ 750 كلغ على قاعدة بحرية عسكرية او منصات استخراج البترول في المياه الاقليمية لفلسطين المحتلة.

3 – قيام 10 طائرات او أكثر من دون طيار بتدمير مجموعة أبنية عسكرية في تل أبيب أو غيرها.

4 – دخول 4 او 5 استشهاديين الى المطاعم التي يرتادها الجنود الإسرائيليون او الى المحطات التي يستقلّون منها الحافلات المدنية.

5 – احتلال مستعمرات قريبة من الحدود عبر الخروج من الانفاق التي أصبحت حقيقة واقعة لدى العقل العسكري «الاسرائيلي».

6 – استخدام صواريخ مضادة للطائرات لإسقاط طائرات حربية «إسرائيلية» او طوّافات فوق الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وهناك الكثير من الترجيحات لاغتيال مديري محطات الموساد في مختلف أنحاء العالم وغيره الكثير من الابداع في الفعل المقاوم، هذه العمليات واردة لأن قيمة المقاومة هي في قدرتها على كبس الزر، فعلى رغم امتلاك الجيوش العربية الأطنان من الأسلحة والطائرات والصواريخ ونواطير الغاز والكاز لم يتركوا قطعة سلاح إلا ووضعوها في مخازنهم، الا أنهم لا يملكون قرار كبس الزر في حين يمتلك السيد حسن نصر الله القرار في كبس زر الإطلاق.

وهنا لا بد من التأكيد أن المقاومة لم تخسر من جاهزيتها وقدرتها على توجيه الضربة الملائمة في المكان الملائم وهي تمتاز في تطوير قدراتها وإبداعها في تنفيذ عملياتها العسكرية حسب تطور الوقائع على الأرض، وبالتالي فإن قيمة المقاومة وقدرتها هما في إدراكها لاستخدام قدراتها العملياتية الميدانية ليس فقط استناداً للخطط والسيناريوات الموضوعة انما وفقاً للواقع المتغيّر طيلة الوقت في هذا الزمن، وهنا أطرح السؤال الآتي في حال حدوث اي احتمال من الفرضيات عندها ماذا سيفعل نتنياهو؟

الملف النووي الايراني هو أول الأهداف الجيواستراتيجية للعملية التي نفذها العدو الصهيوني في الجولان والذي يشكل خطراً وقلقاً وجودياً أكيداً على القيادة «الإسرائيلية» وعموم «الإسرائيليين» كما انهم لن يسمحوا باستمرار هذا الملف الى نهاية المفاوضات ايجابياً، فكلما اقترب تحديد الموعد يبرز حراك جنوني في «إسرائيل» كما جرى في الجولان، يضاف الى هذه الأهداف تدهور الواقع المأزوم للمجموعات الارهابية والتخربية في سورية ودير الزور وحلب وحمص ودمشق التي تديرها «إسرائيل» ما سيؤدي الى تحقيق الانتصار.

كذلك فلا بدّ من الأخذ في الاعتبار التغيير القيادي الحاصل في الجيش اليهودي، فالمرحلة الانتقالية التي تشهدها القيادة العسكرية «الإسرائيلية» بين رئيس أركان في الجيش «الإسرائيلي»، ذلك لأن بيني غانتس على وشك الرحيل ليحلّ محلّه في شباط إيزكوت صاحب نظرية الضاحية دوترين التي تنصّ على وجوب تدمير الضاحية والبنى التحتية في ظل اقتراب موعد الانتخابات في الداخل «الإسرائيلي» وتعرّض نتنياهو لضغط مضاعف من داخل اليمين «الإسرائيلي».

وتجدر الإشارة الى أن هناك جدلية في السباق للسيطرة على المنطقة العازلة من درعا الى قطنة مروراً بالجولان التي تخضع لسيطرة عصابات الإرهاب والتخريب ضد النظام السوري والتي تشكل تقاطع مصالح «إسرائيلية» سعودية أردنية وأميركية، في حين ان الأتراك يتكبّدون الخسائر من وراء ذلك، مؤكداً ان إسقاط الرئيس بشار الأسد هو أشبه بحلم إبليس بالجنة.

من هنا فإن الضربة في الجولان تصبّ في خانة إعطاء المعنويات والقدرة للعصابات الإرهابية على انهم ليسوا وحدهم في الميدان فعندما يعجز البديل يتدخل الأصيل.

بالتالي فإن هذه المعركة تدخل في سياق الصراع ضد العدو الصهيوني «الإسرائيلي» الاستراتيجي، وبالتالي فإن النجاح التكتي «الإسرائيلي» يعطي للمقاومة وسورية القدرة الاستراتيجية في ادارة مخطط الرد العسكري والاستخباراتي الأمني، فهي ليست نهاية الكون وليست بداية حرب عالمية ثالثة، كما ان المقاومة وسورية بخير وستردّ كي تُعاد التوازنات والمعادلات إلى واقعها الطبيعي.

ان المقابلة الأخيرة للأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله عبر قناة «الميادين» هي مقابلة مفصلية كونها تتضمن طرحاً استراتيجياً عالياً، وقد شكّلت إعادة تصويب للصراع الحقيقي في المنطقة بوجود الكيان الصهيوني، والكلام عن تدخّل حزب الله في سورية بأنه يهدف الى تحقيق مصالح إيرانية أو مذهبية أو طائفية كلام ساقط لأن المعركة الأساسية التي يتحضر لها الحزب هي فقط إزالة «إسرائيل» من الوجود وما شهادة المجاهدين في حزب الله والقيادي في فيلق القدس الشهيد محمد علي الله دادي إلا تأكيد على ذلك، مع الاشارة الى أننا أصبحنا في المرحلة الأخيرة من إعلان الانتصار في سورية وبعدها سندخل إلى القدس عبر بوابة الجليل والجولان.

وحول تصريح رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان الذي اعتبر خلاله أنه من غير المقبول الرد على «إسرائيل» من لبنان، فلا بد من الإشارة الى أن المجموعات التي تديرها السفارة الأميركية أعطتهم الأوامر بأن يرفضوا قرار المقاومة الرد من لبنان مطمئناً إياهم أنه سيتم تحييد الـ 1701، وأن أهل المقاومة ونحن جزء منهم لسنا خائفين، وحده الواقع «الإسرائيلي» مأزوم، وسكان المناطق الشمالية بدأوا بالنزوح باتجاه النقب والمناطق الآمنة.

كما أن الجبهة اللبنانية لا تقتصر فقط على الواقع اللبناني، فإذا اتخذ القرار ضد «إسرائيل» من كل محور المقاومة عندها أي رادار سيمنع ذلك، في ظل قدرة المقاومة على ضرب رأس متفجر يومياً تتراوح زنته بين الـ 500 والـ 750 كلغ، وان العدو «الإسرائيلي» يدرك جيداً القدرة الصاروخية للمقاومة والاستهداف الذي قام به العدو في الجولان تعتبره قيادات عسكرية صهيونية والعديد من المجتمع السياسي «الإسرائيلي» حماقة ارتكبها نتنياهو.

على الصعيد المصري، إن رئيس جمهورية مصر العربية المشير عبدالفتاح السيسي ليس القائد جمال عبد الناصر غير ان الواقع في مصر واعد في اتخاذ دورها في تحصين الأمن القومي للأمة، ونحن نشيد بالقرار الاستراتيجي الذي اتخذه المشير السيسي من أجل حماية وتخفيف تأثيرات انهيار الأمة العربية عبر تشتيتها وتفتيتها بضرب مشروع عصابات «الإخوان المسلمين» في المنطقة العربية.

وإن ساحة المعركة القومية الأساسية هي سورية بقيادة الرئيس بشار الأسد وإن تقييمنا للواقع المصري يتم استناداً لما يجري على الأراضي السورية وإن القيادة المصرية تبذل الكثير من الجهد بعيداً من الإعلام من أجل تحصين الواقع السوري في مواجهة الارهابيين والمخربين ،كما ان إدارة عصابات «الإخوان» على مستوى المنطقة تتم من خلال غرفة عمليات مركزية في تركيا وغرفة عمليات مالية في قطر لذلك فإن تركيا لها دور أساسي في ذبح أهلنا على أرض سورية العربية وهي تشبه بذلك العدو الصهيوني.

إن المعركة واحدة والاستهداف واحد من أصغر شارع في دمشق الى فلسطين الى كل أنحاء امتنا العربية الى طهران الى موسكو وأن محور المقاومة يرفض التبعية للولايات المتحدة الأميركية ويرفض وجود قوة أحادية ظالمة في هذا العالم تسمى الولايات المتحدة الأميركية، وبالتالي فإن مجريات الأحداث في أوكرانيا والإستهداف في الجولان أمور مترابطة ومتشابكة.

أخيراً، بغضّ النظر عن هدف نتنياهو من هذا الاعتداء سواء كان بقرار «إسرائيلي» جامع او بقرار منفرد منه او بالتنسيق مع الولايات المتحدة الاميركية او غير ذلك، فإننا نؤكد المؤكد بأن المقاومين في حزب الله وجهتهم دائماً فلسطين وهدفهم دائماً تحرير كل فلسطين وقدسها الشريف، وكذلك فإن هدف المجاهدين في فيلق القدس هو إزالة «إسرائيل» من الوجود، وأن قياديي المقاومة ومحور المقاومة يدركون تماماً مسؤولياتهم في الردّ ضمن السياق الاستراتيجي للصراع العربي – اليهودي.

أمين الهيئة القيادية

لحركة الناصريين المستقلين ـ المرابطون

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى