شبيب: لا وقت لمماطلة المعارضة السورية الإمام: الشعبان السوري واليمني يرفضان الإرهاب المهدي: لا مكان للسعودية في غد اليمن

حاورهم سعد الله الخليل

ما بين الشام واليمن تاريخياً علاقة وطيدة ورحلة الصيف والشتاء خير شاهد على ذلك اليوم، وفي خضم الصراعات الدولية والإقليمية تبدو سورية واليمن أمام مسارات متلازمة.

اللقاء التشاوري في روسيا الذي يضع الحوار السوري – السوري على سكة الحل السياسي للأزمة السورية يتزامن مع جهود حثيثة لإخراج حل سياسي ينهي معاناة اليمن السعيد بما يسمح لكل أبنائه بالمشاركة في إدارة البلاد.

القيادي في حزب الشعب السوري سليمان شبيب والأستاذ في جامعة دمشق الدكتور وائل الإمام والكاتب والمحلل السياسي اليمني فهد المهدي أجمعوا في قراءتهم للتطورات على الساحتين السورية واليمنية على أن هناك ترابطاً بين مسارات الحل لأزمتي البلدين الشقيقين.

شبيب: أميركا لا تريد حلاً

هذه القراءة جاءت في حوار مشترك بين صحيفة «البناء» و«شبكة توب نيوز»، فأكد شبيب أن ما تمخض عن لقاء القاهرة لجهة المعارضة السورية أفضل من الطروحات السابقة التي قدمها الإئتلاف ويعتبر ذا سقف أدنى من السقوف التي كان يتكلم بها الإئتلاف.

ولفت شبيب الذي يشارك حزبه في اللقاء التشاوري في موسكو، إلى أن جوهر الخطاب بقي كما هو في الإصرار على هيئة الحكم الإنتقالي التي تهدد بإفشال أي تسوية مع النظام في سورية.

وتابع شبيب: «اجتماع القاهرة هدفه قطع الطريق على لقاء موسكو، وهناك كلام عن محاولة مصرية لسحب البساط من تحت تركيا بسحب الإئتلاف بعدما تم انتخاب رئيسه الذي يحمل الجنسية التركية بكل ما تحمل الكلمة من معنى ووضعه في يد المحور السعودي – المصري.

وشرح شبيب مضامين ورقة العمل المقدمة من حزب الشعب إلى لقاء موسكو بوجوب أن يضع الأرضية لحوار سوري موسع يشمل الجميع، متمنياً أن يكون هذا الحوار في دمشق مع تقديم الضمانات المطلوبة للمعارضين في الخارج ليعودوا إلى دمشق ويشاركوا في هذا المؤتمر.

ورأى شبيب أن «الظروف الصعبة التي تمر بها سورية تقتضي شراكة وطنية بين السلطة والمعارضة المدنية السلمية تضع مؤتمر موسكو أرضية صالحة لها بحيث يُعقد في دمشق ويتجسد بحكومة وطنية وليس بهيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات كما أقر اجتماع القاهرة».

وأضاف: «قلنا في الورقة المقدمة إلى موسكو إننا كسوريين لا نملك فرصة المماطلة ورفع السقوف والتشبث بمواقف سابقة أثبت تطور الأحداث أنها غير صالحة للدخول في عملية تفاوضية سياسية مع السلطة، وقلنا إن كل الرهانات على التدخل الخارجي وعلى إسقاط النظام بالحل العسكري رهان فاشل لا يؤدي إلى إنهاء معاناة الشعب السوري، وأن تضييع أي فرصة ولو بالحد الأدنى هي تآمر وخيانة للشعب السوري».

وأضاف: «المطلوب التواضع وتخفيض السقوف والوصول إلى قناعة الدخول في شراكة مع النظام الذي صمد أربع سنوات والذي أثبت فشل إسقاطه عسكرياً في كل الرهانات».

ورفض شبيب «دمج ما يسمى بالمعارضة المعتدلة المسلحة أو بعض بقايا الجيش الحر في الجيش العربي السوري مع ضرورة تسوية أوضاع بعض أفراد وضباط ما يسمى الجيش الحر ممن لم تتلطخ أيديهم بدماء السوريين ولم يتآمروا على سورية». وأضاف: «هناك ضباط زاروا «إسرائيل» ونسقوا معها فكيف نقبل بدمجهم مع الجيش العربي السوري، وما طلبته المعارضة في مصر هو ما طلبته في جنيف بالوصول إلى السلطة من طريق هيئة الحكم الانتقالي والذي سيتم من خلالها تنفيذ انقلاب على السلطة خصوصاً على الجيش والأجهزة الأمنية، ودمج المجموعات الإرهابية في جسم الدولة لتغطية باقي المجموعات الإرهابية».

ولفت القيادي في حزب الشعب إلى أن «أميركا حتى الآن لا ترغب ولا تريد إيجاد حل حقيقي وواقعي لما يحدث في سورية، كونها المستفيد الأول من كل ما يحدث في المنطقة، فهي تستثمر المنظمات الإرهابية مثل «داعش» و«النصرة» والتي لم تنمُ ولم تتشكل إلا برعاية أميركية».

ولفت شبيب إلى «أن الهدف الحقيقي من كل الإعتداءات «الاسرائيلية» على الأراضي السورية ومن بينها الإعتداء الأخير في القنيطرة يأتي في سياق أنه كلما شعر العدو «الإسرائيلي» بتراجع قواته على الأرض يعمد إلى الاعتداءات لرفع معنويات مجموعاته الإرهابية والضغط على الجيش السوري فهو الهدف الحقيقي من كل الاعتداءات الاسرائيلية». وأضاف: «العملية الأخيرة بالذات لا يمكن أن تتم إلا بالتنسيق مع المجموعات الإرهابية الموجودة في تلك المنطقة وهي محكومة بعدة عوامل منها الرعب الذي تركه حديث الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله من تأثير على الداخل «الإسرائيلي»، وهو ما جعل قيادة العدو أن توجه رسالة إلى الداخل «الإسرائيلي» بأن الذراع العسكرية «الإسرائيلية» ما زالت قوية، في سياق دعم الانتخابات المقبلة التي أظهرت أغلب استطلاعات الرأي بأن حزب الليكود ورئيسه بنيامين نتنياهو خاسرون فيها».

الإمام: محور المقاومة في موقع الدفاع عن النفس

وأكد الأستاذ في جامعة دمشق وائل الإمام أن «المعارضة التي ذهبت إلى موسكو لا دلائل واضحة بأن لديها صلة مباشرة بالإرهاب وبالتنظيمات الإرهابية التي تعمل على الأرض»، وأضاف: «لقاء موسكو سيكون سياسياً يأخذ كل تلك الأبعاد السياسية لمختلف المعارضات الموجودة داخل سورية، ومن المبكر الحكم على نتائجه».

وتابع: «أهم نقطة سيعتمد عليها اللقاء التشاوري هي مكافحة الإرهاب ودور الجيش العربي السوري الواضح كقوة وجيش يدافع عن سورية ضد الإرهاب، وعملية الانتقال السياسي وهو ما تضمنه خطاب الرئيس بشار الأسد في دار الأوبرا في عام 2012 والذي لم يبخل على المعارضة بأي شيء من انتخابات ديمقراطية إلى وضع ميثاق وطني يبين النقاط غير القابلة للجدل والنقاش من حيث سيادة الدولة والعلَم ورفض التدخل الأجنبي ومن حيث استقلالية الاقتصاد السوري وعدم تبعيته للدول الغربية وأميركا بالإضافة إلى القضية الفلسطينية».

وأضاف: «إذا كان مبعث مطالب المعارضة وطنياً فأنا مع المعارضة في البناء والتطوير، فنحن نختلف كثيراً على أبعاد الاقتصاد الوطني وعلى التربية وطريقة بناء الإنسان وعلى عدة آليات في أبعاد التطبيق وهذا أمر متاح للجميع، أما وجود معارضة تضع يدها بيد العدو فهذا أمر لا يمكن القبول به، وما لا يمكن القبول به أيضاً هو اغتصاب أي قطعة من الأرض السورية بيد أي دولة أقليمية».

وعن معنى كلام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف حول خسارة الغائبين عن لقاء موسكو قال الإمام: «هذا الكلام يحتمل وجهتي نظر، واحدة تمثل الإئتلاف والأخرى تمثل الدولة السورية، فالإئتلاف ربح الجنسيات المتعددة لكل من أعضائه من مصرية وتركية عدا عن ارتباط بعض الشخصيات مع الاستخبارات الفرنسية».

ولفت الإمام إلى الخطأ الكبير الذي أرتكبه الإئتلاف بأخذه صبغة الإخوان المسلمين التي تؤمن بالعمل العسكري»، مضيفاً أن «المشروع في المنطقة كان يسعى إلى وصول بعض المجموعات السياسية ذات الطابع الخليجي إلى السلطة ووصول فكر سياسي «مخلجن» يعطي كل مقدرات الدولة لأميركا والدول الغربية أي على شاكلة مشيخات الخليج».

وأكد الإمام أن «المعارضة غير فعّالة على الأرض بسبب ممارسات الإرهاب على مدى أربع سنوات، فالذي كان مقتنعاً في البداية ببعض الشعارات وجدها الآن مغايرة لما يجري على أرض الواقع كما حصل باستهداف المنشآت المدنية من صواريخ خلال الأيام الماضية أدت إلى ظهور اللحمة الوطنية في فكر وسلوك السوريين على اختلاف مشاربهم».

وعن الدور المصري في التعاطي مع الشأن السوري رأى الإمام أن «الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على عداء مع الإخوان المسلمين لأنه ينتمي إلى فكر وطني، وسورية قاومت الإخوان والوهابيين التكفيريين وهذا أصبح أمراً واقعاً يُفرض على الدول الكبرى، وهذا ما جعل وزير الخارجية الأميركي جون كيري يريد وفق هذه المنظومة السياسية أن يكون له دور في سورية، لأن ما خطط له قد فشل». وأضاف: «ذهاب مصر باتجاه روسيا يدل على تغيير في المنهج السياسي والدفاعي في الوطن العربي وسعي لتغيير صيغة التوازنات السابقة كارتباط الرئيس السابق حسني مبارك بالإدارة الاميركية التي تعتمد سياسة التخلي عن الحلفاء، وما اتصال وزير الخارجية الأميركي جون كيري بنظيره الروسي سيرغي لافروف إلا دليل على الاهتمام الأميركي بنتائج الحوار الجاري في موسكو وهو محاولة ايضاً لوضع حدود لهذا المؤتمر بما يخدم مصالحها».

وأكد الإمام أن «محور المقاومة هو في موقع الدفاع عن النفس وما حدث في القنيطرة يثبت في شكلٍ قاطع أن محور المقاومة ليس معتدياً بل معتدى عليه والتعاون العسكري بين مكوناته موجود وتجلى في حرب تموز التي فرضها «الاسرائيلي» على حزب الله». وتابع: «المجموعات الإرهابية أحدى أذرع الحرب بالوكالة عن قوى الهيمنة والاحتلال والتي انقلبت على مصنعها بموجب الفكر الوهابي الطالباني الجديد مثل أفغانستان».

في الشأن اليمني أكد الإمام أن «السعودية كانت تنظر إلى اليمن كجزء منها، وأهملها آل سعود في شكل واضح ما أدى إلى ظهور إنعكاسات سلبية على المجتمع والمواطن اليمني، وهذا ما حاولت السعودية استجراره على المسألة السورية ولكنها فشلت لأن الشعبين السوري واليمني يختلفان بفكرهما عن الدول المتخلجنة، بل اختارا بإرادة حقيقية رفض الإرهاب، فمن هنا نجد أن التلاقح الفكري بين سورية واليمن قديم العهد فهو يشبه رحلة الشتاء والصيف وهذا ما يدلل على وجود بعد فكري حضاري في سورية واليمن غير متوافر في دول أخرى».

المهدي: منطلقات عدة للأزمة اليمنية

وأشار الكاتب والمحلل السياسي اليمني فهد المهدي إلى أن «الوضع في اليمن ينطلق من نقاط عدة أهمها أن البرلمان اليمني لا يريد إدخال اليمن في فراغ سياسي ورئاسي طويل لذلك يرجئ البت باستقالة الرئيس عبد ربه منصور هادي».

ورأى المهدي أن «الرئيس هادي مستقيل عملياً منذ 21 شباط 2012 وما أعلنه بأن استقالته جاءت لفشله في إيجاد المخارج المناسبة في ظل هذه الأوضاع يعد ضرورة وواجباً كونه لم ينصب رئيساً لليمن إلا لإيجاد تلك المخارج وإخراج اليمن من الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية ومن التعددية الطائفية التي يعاني منها».

وتابع: «راهن هادي على الخارج ما استفز تيارات وأحزاباً سياسية كأنصار الله وأدخل البلد في مسودة دستور تمت صياغتها في الخارج من دون وضع أسس كما هو حال وثيقة السلم والشراكة التي اتفق عليها جميع الأفرقاء السياسين داخل اليمن لإطالة بقائه داخل الحكم إلى أن جاء اقتراحه بتقسيم اليمن إلى ستة أقاليم ليتم بعدها إيجاد المخارج وهو ما وضع البلد في مهب الريح ما أثار تساؤلات أمام أنصار الله والأحزاب المعارضة وتيارات كان حليفاً لها كحزب المؤتمر الشعبي العام الذي يقوده الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، وبالتالي استقالة الرئيس استقالة شكلية وتأتي في إطار الضغط على أنصار الله ومفاجأتهم بالفراغ السياسي والرئاسي بهدف ردعهم وإبعادهم عن العاصمة صنعاء»، مرجحاً تعرض الرئيس لضغوط بطرح الاستقالة لمنع تنفيذ التفاهمات أو البنود الأربعة التي طرحها زعيم الانصار عبد الملك الحوثي».

ولفت المهدي إلى دور بعض القيادات الجنوبية التي ما زالت تتعامل وتراهن على الخارج بطرق مباشرة وغير مباشرة، وقال: «أنصار الله كانوا وما يزالون ينظرون إلى القضية الجنوبية كقضية ذات شأن كبير لا بد من إيجاد حل يرضي الأطراف جميعاً، لكن هناك من يعمل داخل الجنوب لتعكير الأجواء كإيقاف حركة المطارات والإستيراد والتصدير النفطي بين الجنوب والشمال احتجاجاً على استقالة الرئيس، وهو ما شكل مفاجأة للحوثيين حيال هكذا تصرفات مع العلم أن أنصار الله لم يمسوا أي جنوبي بعبارات جارحة، بل كانوا عوناً للجنوبيين في كثير من الأمور على مدار السنوات الأربع الماضية».

وأكد المهدي أنه «لن يكون للسعودية مستقبل في اليمن لاختلاف وضع البلاد اليوم عما كان عليه في فترة حكم الرئيس السابق علي عبد الله صالح الطفل المدلل لآل سعود، فالسعودية خسرت اليمن عبر خطين أساسيين خسارة الرئيس علي عبدالله صالح وعندما قمع رئيس الاستخبارات السعودي الإخوان المسلمين في اليمن وبذلك كونت لنفسها معارضة داخلية قبل أن تكون هناك المعارضة الأصلية المتمثلة بالفئات الشعبية الأخرى».

وعن مفاعيل الانتقال السلس للسلطة في السعودية قال المهدي: «ربما المتغيرات السعودية تكون لها انعكاساتها في الداخل اليمني، فالعلاقات السعودية اليمنية معقدة وما يحصل في اليمن ربما تكون له انعكاسات في الداخل السعودي أيضاًً».

ورأى المهدي أن «السعودية تلعب بورقة «القاعدة»، وغياب الدور السياسي لها في اليمن أحد مؤشرات هذا اللعب الذي كان يقوده اللواء محسن الأحمر الموجود في السعودية وهو ما يرجح عودة السعودية للعب بورقة «القاعدة» لزعزعة الأمن والاستقرار في البلاد».

يبث هذا الحوار كاملاً اليوم الساعة الخامسة مساءً ويعاد بثه الساعة الحادية عشرة ليلاً على قناة «توب نيوز» التردد 12034

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى