التراث السوريّ المعرّض للخطر كتاباً موثّقاً للدمار في المواقع

يوثق كتاب «التراث السوري المعرض للخطر مسؤولية دولية لحمايته وصونه» للدمار الذي طال مواقع التراث في أنحاء سورية من جراء الحرب العدوانية عليها والخراب والدمار اللذين تسبب بهما اللصوص والإرهابيون والمتطرفون وتجار السوق السوداء لهذا الإرث، مؤكداً على عزيمة الشعب السوري الذي يتعاضد أفراده للحفاظ على إرث الماضي.

يقول الدكتور مامون عبد الكريم المدير العام للآثار والمتاحف إن كتاب التراث السوري الذي يصدر قريباً هو من تأليف الدكتور فرانكلين لام، عالم آثار أميركي مقيم في لبنان زار المواقع الأثرية السورية واطلع عليها من خلال قيامه بمجموعة من الجولات للمواقع في المناطق غير الآمنة في حمص وحلب والتقى العديد من الكوادر للوصول إلى حقيقة ما حصل للتراث الأثري السوري. ويلفت عبد الكريم إلى أن الكتاب يتناول القضايا القانونية ذات العلاقة بحماية القطع الأثرية والقوانين الدولية الناظمة لحمايتها، مشيراً إلى أن أهمية الكتاب تكمن في أن كاتبه أقام لفترات طويلة داخل سورية واطلع على الحقائق فيها عن كثب. كما يورد الكتاب قصة مجموعة من الطلاب السوريين الذين رمّموا تحت إشراف علماء آثار اختصاصيين لوحة فسيفساء عمرها 1400 عام أصابتها قذيفة هاون، لافتاً إلى الجهود التي يبذلها موظفو المديرية العامة للآثار والمتاحف دفاعاً عن الآثار العريقة في بعض المناطق الخطيرة التي يصعب الوصول إليها، فضلاً عن تحديد خطوات فعلية يتوجب على المجتمع الدولي أن يتبنّاها لحماية التراث السوري.

يؤكد فرانكلين لام في كتابه على مواقع التراث الثقافي السوريّ ما برحت تتعرض لاعتداءات متكررة ولأعمال سلب وتشويه متعمد لها، في حين أن عدداً من المتاحف والأوابد التاريخية نهبت ودمرت، مسلطاً الضوء على ما يصيب المواقع الأثرية من دمار وخراب جراء عمليات الحفر غير المشروعة التي تقوم بها عصابات شبيهة بالمافيا مستخدمة آليات ثقيلة لسرقة القطع الأثرية ثم تهريبها خارج البلاد، لينتهي بها المطاف في حالات كثيرة في دور المزادات في لندن ونيويورك على سبيل المثال. كما يلفت إلى الانتهاكات الصارخة التي تتعرض لها القوانين الدولية، إذ غالباً ما يغض مسؤولو العبور على الحدود الدولية النظر عن عمليات التهريب، والنتيجة اعتداءات موجعة ومستمرة على تراث سورية الثقافي الذي يمثل تراث العالم الثقافي.

يلفت الكتاب إلى ما تعرضت له مدينة الرقة التي كان يبلغ عدد سكانها نحو 220 ألف نسمة قبل الأزمة وأصبحت بعد دخول إرهابيي تنظيم «داعش» إليها تقبع تحت نير الإرهاب المتمثل في عمليات الإعدام العلنية وقطع الرؤوس والصلب. وينشر نص المقابلة التي أجراها الدكتور لام مع أيهم آل فخري أحد موظفي مديرية الآثار في الرقة وتفاصيل دخول التنظيمات الإرهابية المسلحة إلى المدينة وإقدامها على سلب مصرف الرقة المركزي ونهب متحف الرقة والمستودعات المجاورة له.

يقدم الكتاب تحليلاً شاملاً للقوانين القائمة والمعاهدات والاتفاقيات الدولية السارية المتعلقة بحماية التراث الثقافي، ويرى أنها كلّها بلا استثناء لا تلبي الحاجة ولا تحقق ما هو مرجو منها. ويقترح عدداً من التوصيات لمعالجة هذه الأزمات، ومنها الاتفاق على تعريف قانوني أكثر دقة لما تشمله الممتلكات الثقافية، وإنشاء منظومة تابعة للأمم المتحدة في تحديد درجات الحماية، إضافة إلى منح المحكمة الجنائية الدولية صلاحيات بموجب البروتوكول الأول من اتفاقية لاهاي لعام 1954، بغية محاكمة الذين يعملون على تدمير الملكية الأثرية أو استهدافها عمداً.

كما يوصي بتطبيق معايير الوصاية القانونية الإلزامية على مواقع التراث العالمي كافة وأماكن وجودها، وإطلاق حملة شعبية عالمية للضغط على الحكومات وتطبيق القوانين المتاحة وإنفاذها بدقة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى