الحاج حسن: الموضوع سياسي بامتياز ولا يتعلّق بالعرض والطلب

أشار وزير الصناعة حسين الحاج حسن إلى أنّ «موضوع الطاقة هو موضوع سياسي عالمي بامتياز. وأبلغ دليل على ذلك، انهيار أسعار النفط خلافاً لكل قواعد العرض والطلب وحاجات السوق»، لافتاً إلى أنّ «الطاقة جزء من السياسة في العالم وفي لبنان أيضاً»، ومضيفاً أنّ «الموضوع ليس علمياً بحتاً، وليست له جوانب اقتصادية وبيئية وعلمية فقط، بل له جانب سياسي أساسي، وهو يستخدم سلاحاً في الحروب الباردة، خصوصاً في وقتنا الحالي».

كلام الحاج حسن جاء خلال افتتاحه أمس «مؤتمر الطاقة والطاقات المتجددة – فرص في لبنان» الذي ينظّمه معهد البحوث الصناعية، بالتعاون مع نقابة المهندسين في بيروت والجمعية اللبنانية للطاقة الشمسية. وأضاف: «لا يمكن إنكار الانعكاسات الإيجابية لخفض أسعار النفط على انخفاض كلفة الإنتاج الصناعي، وانخفاض عجز مؤسسة كهرباء لبنان. وتبقى المشكلة الأساسية في لبنان أنّ ليس لدينا سياسة وطنية للطاقة تجمع بين الرؤية والأهداف والوسائل. ومؤتمر اليوم هو أحد هذه الوسائل العلمية والاقتصادية والبيئية التي يجب أن نضعها في إطار تشريعات وقوانين ومراسيم وقرارات تؤدي إلى رسم سياسات متكاملة، كما تفعل الدول المتقدمة التي تضع خططا مستقبلية تبني عليها».

وأشار الحاج حسن إلى أنّ «علينا تحويل التوصيات التي تصدر عن أي مؤتمر أو ندوة أو ورشة عمل إلى قرارات تنفيذية. ولا ينقصنا علماء وخبراء وأصحاب اختصاص، ولكن المشكلة في غياب السياسات الحكومية المتكاملة التي تجمع بين القطاعين العام والخاص. هنا أسأل هل وضع أحد خطة معينة وتابعها حتى مراحلها الأخيرة؟ يصل حجم استيرادنا من النفط ومشتقاته إلى ربع مستورداتنا سنوياً. ونعاني أزمة الكهرباء منذ أكثر من 15 سنة، وهي تشكل أكبر استنزاف في مالية الدولة. ولم نلجأ حتى الآن إلى استخدام الطاقات البديلة، ولو نسبياً، ولا إلى شبك الطاقة البديلة كجزء من الطاقة المستخدمة، ولم نحول مصانعنا إلى الغاز، الأقل كلفة والأقل تلوثاً. لسنا في معرض تحديد المسؤوليات. ولكن لا بد من درس انعكاسات الطاقة على الاقتصاد والصناعة والزراعة وفرص العمل».

وأضاف: «الطاقة سبب من أسباب عدم قدرة الصناعي على التنافس في الأسواق الخارجية، في حين تدعم غالبية البلدان العربية والأوروبية والآسيوية والأميركية قطاعاتها الإنتاجية بمختلف وسائل الدعم المباشر وغير المباشر. في هذه الحالة، هل نذهب إلى خيارات تقول لا نريد صناعة بعد الآن؟ بالطبع لا، لأن ذلك سوف يؤدي إلى القضاء على آلاف فرص العمل، والقضاء على النمو الاقتصادي، والوصول إلى العيش في حالة من البؤس والجوع. إن الاقتصاد في العالم ممسوك، وليس حراً كما يقول البعض. ويمسك الكبار بالمفاتيح. نحن علينا تحديد الأهداف التي نريدها من استخدام الطاقة البديلة، وهي تركز على تخفيف الأثر البيئي، والأهم تأمين فرص العمل».

وحدد المدير العام لمعهد البحوث الصناعية بسام الفرن معالم المرحلة المستقبلية للبنان على صعيد الطاقة. وقال: «قبل إثارة موضوع أهمية الطاقة والطاقات المتجددة ودورها الرئيس في عالمنا الحاضر، المجتمعي والتكنولوجي والصناعي، أود مناشدة جميع اللبنانيين أن يلجأوا إلى مراقبة ذاتية تقوم حالياً على ترشيد استخدام الطاقة، بما يؤدي إلى تحسين كفاءتها في الاستهلاك المنزلي والصناعي والتجاري والسياحي».

وأضاف الفرن: «نحن مدعوون إلى الاعتماد على منهاج تنويع مصادر الطاقة، في ظلّ خوض لبنان تجربة الطاقة البديلة في السنوات الأخيرة. من المفيد التذكير ببعض التقنيات التي يندر استعمالها في لبنان، مثل الطاقة الحرارية الأرضية Geothermie، أو استخدام الطاقة المهدورة أثناء عمليات التصنيع Recuperation d>energie. وقد عمدنا في المعهد من خلال المركز اللبناني للإنتاج الأنظف إلى تنظيم دورات تدريبية ونشر دراسات بهذا الخصوص، آخذين في الاعتبار أن استخدام الطاقة البديلة يخفف من الفاتورة الصحية على المواطن، كما يخفف الانبعثات الملوثة للبيئة».

السفير السويسري

وأشار سفير سويسرا فرانسوا باراس إلى أنّ «تطوير الطاقات المتجددة يحتلّ الأولوية في سياسة حكومة بلاده. والموارد المائية هي مصدر مهم للطاقة البديلة في سويسرا الغنية بالمياه منذ زمن طويل، وتؤدي المصادر الأخرى دوراً متنامياً. ونحن مستعدون لتبادل خبراتنا وتجاربنا مع لبنان في هذا الحقل، بالتعاون مع معهد البحوث الصناعية الذي سبق لنا أن أجرينا العديد من حقول التعاون الناجحة معه، ومع مجلس رجال الأعمال اللبناني-السويسري».

وأوضح باراس أنّ «الكانتونات والمدن الكبرى في سويسرا تشرع في دساتيرها نصوصاً قانونية ملزمة لترشيد استهلاك الطاقة، وذلك وفق خطط تمتد لعشرين سنة مقبلة»، مشيراً إلى «مدينة زوريخ التي وضعت خطة تقضي بخفض استخدام الفرد من 10 آلاف كيلواط إلى ألفي كيلواط سنوياًَ».

باسيني

وشدد الممثل الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية «يونيدو» كريستيانو باسيني على «أننا نحتاج إلى تطوير القطاع الصناعي في لبنان»، مشيراً إلى أنّ ارتفاع سعر الأرض وكلفة الطاقة «عاملان لا يشجعان على الانخراط في الاستثمار في هذا القطاع الإنتاجي»، لكنه أكد أنّ «المجتمعات المزدهرة الجديدة نمت بفضل اعتمادها على الثورة الصناعية».

شهاب

وتحدث نقيب المهندسين في بيروت خالد شهاب، لافتاً إلى أنّ «الاستثمارات زادت في إنتاج الطاقة المتجددة وبشكل سريع في العالم، وهذا الشيء لم ينسحب على لبنان ولو بالقليل بسبب الملفات الكثيرة، والأولوية التي تضعها الدولة في معالجتها. من هنا نرى أن عملية التكامل بين النقابة ومعهد البحوث الصناعية والجمعية اللبنانية للطاقة الشمسية من شأنه أن يولد تفاعلات إيجابية جداً في السعي نحو وضع التطبيقات الأساسية للطاقات المتجددة، والضغط على الأجهزة الرسمية للإسراع في إصدار مراسيم خاصة لدعم مشاريع الطاقات المتجددة لما فيه خير وصلاح اللبنانيين جميعاً».

الجميل

ودعا رئيس جمعية الصناعيين فادي الجميل إلى «إطلاق استراتيجية وطنية شاملة لقطاع الطاقة تمتد على فترات زمنية محددة، ومن ضمن شراكة فعلية بين القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني، على أن تقوم على المرتكزات التالية: ترشيد وتخفيض كلفة استعمال الطاقة، استعمال الطاقة البديلة، دعم الطاقة المكثفة، الاستفادة من الطاقات المستقبلية».

وجدد تأكيد أن «الصناعيين سيعملون على ترشيد استخدام الطاقة، بل على استنباط الحلول الممكنة ضمن المستجدات الحاصلة في مجال الطاقة المتجددة، انطلاقاً من اقتناعنا بأن الطاقة البديلة والمتجددة لها انعكاسات إيجابية في الموضوع البيئي، إلا أنه في الوقت نفسه علينا تفهم وضع الصناعي الذي يرزح تحت عبء الأكلاف العالية التي تواجهه بدءاً من كلفة الطاقة، واهتراء البنى التحتية والعمالة والإغراق، وصولاً إلى زيادة كلف التصدير».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى