تحرير عين العرب وخيبة أمل أردوغان

حميدي العبدالله

تعليقاً على نجاح المدافعين عن عين العرب في تحرير المدينة من سيطرة «داعش»، وإبعاد مقاتلي هذا التنظيم إلى أطرافها، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان «لا نريد كردستان جديدة في سورية». وإذا كان من خطر مزعوم لوجود كردستان في سورية، فإنّ الذي وفر الظروف لقيام هذه الدولة، هو أردوغان وحكومته أكثر من أي دولة أخرى، لأنه هو الذي لعب الدور الأساسي في التحريض على الدولة السورية، واستقدام المقاتلين الأجانب، وتسهيل دخولهم إلى سورية، وتشجيع ضباط في الجيش السوري على خيانة بلدهم والانشقاق عن الجيش، وجمَع المعارضة على الأرض التركية وقدم السلاح لها، وكلّ ذلك هو الذي أضعف الدولة السورية، وسمح بقيام سلطات محلية في مناطق كثيرة، فأردوغان يخشى قيام «كردستان جديدة في سورية» ولكنه لا يخشى قيام «دولة داعش» في الرقة وغيرها، وعلى أية حال هو لم يوقف التعاون مع «داعش» و«النصرة» وبقية التنظيمات الإرهابية، ورفض التعاون مع التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لقتال «داعش»، وعرقل وصول الأسلحة المناسبة إلى المدافعين عن عين العرب، إلا بعد إنزال الأسلحة للحامية جواً.

على أية حال ليست هناك مقوّمات لقيام «كردستان جديدة في سورية» فليس بين المناطق ذات الغالبية الكردية في سورية تواصل جغرافي، وثمة انقطاعات واسعة تحول دون قيام كيانٍ خاص حتى لو كان هناك من يسعى له، علماً أنّ ليس هناك حزب كردي فاعل، ولا سيما الأحزاب التي دافعت عن عين العرب والقامشلي والحسكة، يدعو إلى إقامة «كردستان جديدة في سورية» وأردوغان يعرف ذلك أكثر من غيره.

إنّ ما يغضب أردوغان هو أن يكون الانتصار على «داعش» في عين العرب من قبل قوات الحماية الشعبية التي تتعاطف مع حزب العمال الكردستاني الذي يطالب بـ «كردستان جديدة في تركيا» وكردستان في تركيا لديها مقوّمات كاملة أكثر من أي مكان آخر ينتشر فيه المواطنون الأكراد، لأنّ عددهم أكثر من 15 مليوناً، ويقطنون في مناطق متصلة جغرافياً، ومن حقهم أن يحصلوا على حقوقهم القومية وليس فقط الثقافية، كما أنّ ردّ فعل أردوغان يعبّر عن أسفه لتقهقر «داعش»، وقناعته بأنّ هذه النتيجة البطولية لن يكون شريكاً فيها، ولا يستطيع الادّعاء بأنه ساهم في تحقيقها، بل أكثر من ذلك يخشى من تداعياتها على مكانته ومكانة حزبه عشية الانتخابات التشريعية، لا سيما أنّ هذه النتيجة سوف تصبّ في مصلحة خصومه، سواء الأحزاب الكردية وعلى رأسها حزب العمال، أو الأحزاب العلمانية التي سوف تحمّل أردوغان مسؤولية الفشل وارتداده على الوضع الداخلي في تركيا.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى