انتصار مقولة «الوعد الصادق»

يوسف المصري

خلال الأيام الماضية الفاصلة بين عملية المقاومة في مزارع شبعا وبين الاعتداء «الإسرائيلي» في القنيطرة، جرت مناورات سياسية عربية وغربية عديدة للتأثير على أعصاب حزب الله وثنيه عن اتخاذ قرار الردّ. السفير الأميركي في بيروت ديفيد هل كان له دور في هذه المناورات حيث همس في أذن غير مرجع لبناني بأن واشنطن تنصح بأن يقوم المعنيون بالضغط على حزب الله لمصلحة تجنب الرد على عملية القنيطرة، لأن «إسرائيل» تريد استدراج حرب عنيفة في لبنان ضد حزب الله.

وتزامن ذلك مع تسريبات مصدرها سفارات غربية تمثلت بالطلب علناً أو من خلال رسائل إلكترونية من مواطنيها في لبنان بضرورة أخذ الحذر من الاستمرار بالإقامة في لبنان، خلال هذه الفترة وذلك على خلفية تداعيات محتملة لرد «إسرائيلي» قاس في حال رد حزب الله على عملية القنيطرة.

واعتبرت مصادر مطلعة أن كل هذه التسريبات كانت جزءاً من مناورة دولية هدفها التأثير على «أعصاب حزب الله» لجعلها تتهيب الرد على استهداف موكب مجاهديها في القنيطرة.

وفي معلومات لـ«البناء» أن حزب الله أبدى حيال كل هذه المناورات نوعاً من رباطة الجأش غير مسبوقة، واحترافية في ضبط الأعصاب وترك لعبة الحرب النفسية تأخذ مداها الأقصى ليس فقط داخل كيان العدو بل أيضاً داخل دوائر إقليمية ودولية كانت تريد أن ينجح نتنياهو في ضرب صدقية الأمين العام لحزب الله تجاه إظهار أنه غير قادر على الوفاء بالمواقف التي أطلقها في إطلالته مع فضائية الميادين عشية اعتداء القنيطرة.

وتضيف هذه المعلومات أن هذه الدوائر كانت تستبعد قيام الحزب بالرد من لبنان، ولذلك فإن انتقاء المقاومة لمنطقة مزارع شبعا لينطلق منها رده على اعتداء القنيطرة، شكلت مفاجأة لـ«إسرائيل» ولدوائر إقليمية وغربية. ومصدر هذه المفاجأة تمثل بأن المقاومة درست ردها في شكل جيد، وعلى نحو يحمل رسالة حادة لـ«إسرائيل». فأولاً يشكل الموقع الذي اختارته المقاومة لنصب كمينها فيه، أي بالقرب من بركة النقار، يحمل معاني عسكرية خاصة. فـ«إسرائيل» كانت تتطلع لهذه المنطقة بركة النقار التي تقع تحت سيطرتها، والتي تبعد عن بلدة شبعا مسافة خمس دقائق سيراً على الأقدام، لتستخدمها كنقطة عبور لمجموعات مسلحة من «الجيش الحر» وبضمنها عناصر من «جبهة النصرة»، تجتمع في منطقة بيت جن ومزارعها، لتشن عبرها هجوماً على منطقة شبعا، بغية فتح معركة إشغال للمقاومة في تلك المنطقة.

وتضيف هذه المعلومات أن أهمية اختيار منطقة شبعا ليتم الرد فيها أنها ليست داخل نطاق منطقة القرار 1701، كما أنها تعتبر منطقة لا تزال غير محررة من الاحتلال «الإسرائيلي» ولا يزال لبنان يطالب بالانسحاب «الإسرائيلي» منها.

باختصار – تقول هذه المصادر – عملية شبعا مثلت دليلاً جديداً لاستمرار سريان تأثيرات مقولة «الوعد الصادق»، داخل الجبهة الداخلية «الإسرائيلية» وهي مقولة باتت تؤرق القيادة العسكرية «الإسرائيلية» نظراً لتأثيراتها النوعية لمصلحة حزب الله في حربه النفسية مع «إسرائيل».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى