مسيرة «الفوتسال»… من التسلية إلى الواجهة

ابراهيم موسى وزنه

مخطئ من يظنّ أن التطوّر اللافت الذي أصاب لعبة كرة الصالات في لبنان هو مجرّد فقاعة لا بدّ أن تنفجر يوماً ما فيذهب وهجها ويتراجع مجدها، فالارتقاء التدريجي الذي لحق باللعبة المتميزة بالإثارة في فنّياتها والسرعة في مجرياتها ما كان ليحصل لولا جملة من الخطوات المدروسة التي قامت بها اللجنة الموكلة بإدارتها من قبل الاتحاد اللبناني لكرة القدم والتي يترأسها سيمون الدويهي، وربما عشق الأخير للعبة ساهم في إنهاضها ودفعها بقوة إلى مقدّمة اهتمامات الجيل الكروي الجديد في رحاب انتشار ملاعبها الصغيرة بشكلٍ لافت.

وفي استعراض لأبرز محطات اللعبة التي نجحت بتثبيت أقدامها تدريجياً على منصّة الواقع الكروي المحلي والتي انطلقت بطولاتها العالمية تحت إشراف الفيفا ابتداءً من عام 1989، لا بدّ من الإشارة إلى أن وصول منتخب لبنان منذ أول مشاركة قارية له إلى الدور ربع النهائي لبطولة آسيا ماكاو ـ 2004 كانت بمثابة الضوء الأخضر الذي شجّع أهل القرار على السير قدماً في نشر اللعبة وتشجيع الأندية للانخراط في بطولاتها، وهنا لا بدّ من التذكير بمشاركة معظم فرق الدرجة الأولى على الملاعب الخضراء في بادية المواسم الرسمية التي انطلقت في آذار عام 2008، ولاحقاً راحت الأندية تنسحب بشكلٍ تدريجي نظراً إلى تداخل مواعيد البطولتين إضافةً إلى تشتت تركيز لاعبيها المشاركين في البطولتين، ولطالما أثّر غياب لاعب أساسي تعرّض لإصابة في بطولة الفوتسال سلباً في نتيجة فريقه في بطولة الدوري، ونتيجة لاختلاط الأمور وتكاثر العقبات ارتأى الاتحاد فصل اللعبتين عن بعضهما وبشكلٍ تدريجي، ولمّا تحقّق الفصل بصورة نهائية منذ سنتين بدأت رحلة النهوض الحقيقي للعبة، وهنا لا بدّ من التذكير بأن عدداً من اللاعبين البارزين في الفوتسال تركوها رغبة منهم في إكمال مسيرتهم على الملاعب الخضراء، ومنهم خالد تكجي الذي اختير ضمن تشكيلة منتخب العالم وهيثم عطوي وحسن شعيتو وغيرهم.

ولما كانت لعبة «الفوتسال» ذات موازنات مقبولة في بداياتها انضمّت إليها فرق تابعة لمجمعات رياضية كـ»بروس كافيه» و»أول سبورتس»، بعد ذلك تشجّعت كبرى المؤسسات المصرفية والجامعات والسفارات والمؤسسات الإعلامية والتجارية وصولاً إلى البلديات لدخول حرم بطولاتها الآخذة في التألق والانتشار والمصحوبة بتغطية إعلامية تصاعدية، فاستحقت نهائياتها النقل التلفزيوني المباشر وبثّ التقارير والنشرات الأسبوعية. وفي جردة استعراضية للإنجازات التي تحققت نذكر الآتي:

ـ تقدّم لبنان على جدول الترتيب العالمي المركز 49 .

ـ إحراز بطولة غرب آسيا ماليزيا ـ 2013

ـ اختيار منتخب الفوتسال الأفضل لبنانياً لجهة الإنجازات المحققة عام 2013 من قبل القسم الرياضي في وكالة «رويترز».

ـ إقامة وتنظيم دورات صقل للمدربين والحكام بشكلٍ دوري، وقد نال الحكم محمد الشامي الشارة الدولية.

ـ المواكبة الجماهيرية للمبارايات وبرز ذلك جلياً في النهائي الأخير الذي جمع بين بنك بيروت بطل لبنان لآخر موسمين والميادين.

اختتاماً، لما كانت الفوتسال لعبة يغلب عليها الطابع الفني الاستعراضي على الطابع التكتيكي، ففي مجرياتها يعتبر التمرير الأرضي وسرعة تبادل المراكز بمثابة العصب الرئيسي لتقديمها بصورة أجمل، منها تخرّج نجوم كبار أمثال روبينيو ورونالدينيو وفي لبنان، نملك كوكبة من المميزين في ميدانها الممتع، ومن بركاتها توظيف الكثيرين من اللاعبين في المؤسسات القادرة، ولكن… مع أنني لا أحب هذه العبارة، ألا تستحق اللعبة «المجتهدة» رفع موازنتها؟ ويا ليت المعنيين بقراراتها يتنبهون إلى عملية توزيع مهمات المراقبة والإدارة والمتابعة بشكلٍ يبعد الشبهات من «تكتلات» هنا ورغبات هناك لتبقى «صالاتنا» مشعّة بالإنجازات، لمن يهمّه دوام بريق اللعبة… ساطعاً ولامعاً.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى