التهدئة وصفة نتنياهو السحرية لتفادي صفعة الخدّ الأيسر…

سعد الله الخليل

لم يخرج الاجتماع الوزاري الأمني «الإسرائيلي» عما هو متوقع منه، وأظهر توجه حكومة نتنياهو نحو التهدئة وتجنّب التصعيد في الجبهة الشمالية.

إذاً هي التهدئة سيدة الموقف «الإسرائيلي» رداً على عملية أصابتها في المقتل، وهزّت عرش قواتها، وهو قرار لم تعتد «إسرائيل» على اتخاذه رداً على عمليات أقلّ حجماً بخسائرها البشرية والمادية والمعنوية.

ما عجزت حكومة العدو عن قوله صراحة أعلنته صحيفة «يديعوت أحرونوت» بأنّ «إسرائيل» على مفترق طرق حالياً، حيث تختار التهدئة لمنع حرب ثالثة ضدّ لبنان قد تدخلها في مأزق كبير جراء الردّ الصاروخي لحزب الله، خصوصاً على المدن الشمالية، ومن جانب آخر يفقد الجيش «الإسرائيلي» بالتهدئة قوة الردع التي ترتكز عقيدته العسكرية عليها، وتنتقل تلك القوة إلى حزب الله الذي سينفذ عمليات أخرى في المستقبل ما يصعّب على «إسرائيل» استهداف أيّ قوافل لحزب الله، ويمهّد لفتح جبهة جديدة ضدّ «إسرائيل» في الجولان… وهما أمران أحلاهما مرّ في المنطق الصهيوني.

من منطق الضعف «الإسرائيلي» أن يبرّر للرأي العام أنّ حزب الله انتقم لعملية القنيطرة وانتهت الأمور بأخذ الثأر… وهو منطق لا ينسجم مع أسطورة الجيش الذي لا يُقهر، بما يكرّس وهنه وضعفه بقبوله ضربة الكفّ وتجاهلها.

عادة ما يفتعل العدو الصهيوني إشكاليات تتبعها مجازر ضدّ العرب، فالدم يغذي كلّ انتخابات «إسرائيلية» والعمليات العسكرية ترفع من شعبية المرشحين، فالناخبون «الإسرائيليون» معروفون بتعطّشهم لسفك الدماء العربية جراء الشحن العنصري والديني والسياسي، ما يدفع الجمهور «الاسرائيلي» إلى الاستمتاع بمجازر يرتكبها جنوده ويعتبرونها انتصاراً، فلماذا أضاعت حكومة نتنياهو فرصة من ذهب لكسب انتخابات دخلت مرحلة العدّ التنازلي بانتظار انطلاقها في آذار المقبل؟ هل تخلت «إسرائيل» عن دمويتها ودخلت نادي المحافظين على حقوق الإنسان العربي؟ أم أنّ المواقف الدولية حيال «إسرائيل» تغيّرت وباتت ردود أفعال الدول الكبرى تثني العدو عن ارتكاب مغامرة جديدة كتلك التي ارتكتبتها قواته عام 2006. الثابت أن لا أسباب منطقية وراء قرار التهدئة سوى العجر عن تحمّل تبعات أيّ عملية تصل إلى مرحلة الحماقة تفتح عليها نيران جهنم، في ظلّ التهديد الواضح والصريح بفتح ثلاث جبهات ضدّها، فرسالة محمد الضيف القائد العام لكتائب القسام إلى السيد حسن نصرالله واضحة ولا لبس فيها بلزوم أن تدير قوى المقاومة في الأمة معركتها المقبلة يداً واحدة وأنْ تتقاطع نيرانها فوق الأرض المحتلة».

ستتقاطع النيران إذاً… وصواريخ القسام أعلنت النفير، وجبهة الجولان ذاق العدو طعم صواريخها، وأول الغيث سبق عملية شبعا بأقلّ من 24 ساعة، فهل باستطاعة من عجز عن قهر غزة وأذلته صواريخ المقاومة لأكثر من خمسين يوماً أن يحتمّل نيران غزة والجولان وجنوب لبنان؟ وكيف سيدير من أغلق منطقته الحدودية بالكامل وأعلنها منطقة عسكرية مغلقة جراء عملية شبعا إنْ نفذ محور المقاومة تهديده بتقاطع النيران؟ فكان قرار التهدئة.

نتنياهو تقبّل الصفعة على الخدّ الأيمن وتجاهلها… خشية أن يضطر إلى إدارة خدّه الأيسر لا محباً ومسامحاً بل مرغماً.

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى