ختنوا أدمغتنا… فأنتجوا «داعش» بنكهة مرتزقة ثاكسين شيناواترا

محمد احمد الروسان

بين فقه البادية وفقه الساحل مسافات وفجوات عميقة بفعلنا، وثمة تواطؤ جهنمي عميق بين الأنظمة البالية والأيديولوجيات البالية كذلك، أنظمة تعود الى القرون الوسطى، حوّلت فقه البادية الى ماكينات لختن أدمغتنا وغسلها لنصبح كزومبيات مبرمجة تسبّح بحمد راعي البقر الأميركي.

فعندما تتشابك بعض أجهزة الاستخبارات الدولية وبعض الإقليمية معلوماتيّاً على شكل شبكات العنكبوت بناءً باتساق وتساوق، في جلسات عصف ذهني جماعي استخباري متبادل، إزاء إنتاج «بويضة» ناضجة ومستعدة للتخصيب، لاستيلاد متتاليات هندسية لحروب عسكرية وعمليات مخابراتية سريّة، تصاحبها حرب نفسية لجهة ما يجري في سورية، تكون بروباغندا الحيوانات المنويّة المشوّهة أداتها في التخصيب، عندها وعندها فقط نتاج ثمرة هذا التلاقح الاستخباري، يكون المزيد من مرتزقة ثاكسين شيناواترا! وشراكاتها التاريخية، مع وكالة الاستخبارات العسكرية الأميركية، وبعض وكالات الاستخبارات «الإسرائيلية» والغربية من «الموساد» و«وحدة أمان»، الى الاستخبارات السريّة الأسترالية ASIS، والإدارة العامة للأمن الخارجي الفرنسي DGSE، والى حدّ ما مع المخابرات الفيدرالية الألمانية BND، وبعض العرب الاستخباري المرتهن المرتجف.

ففي تلك الحفلة الاستخبارية لتبادل المعلومات وتحليلها وفبركة بعضها، وفي ظلّ مشهد سوري سريالي بعمق لبعض الجغرافيا السورية والتي تضجّ بالدم والنار وقطع الرؤوس وجزّ الرقاب، يجلس الغربي وبعض المتأمركين من بعض عرب وغرب في حاناتهم مطمئنين راغدين، موسيقى هادئة تزيد من قريحة شربهم تصاحبها أغنية مفعمه بالهدوء لفرانك سيناترا وأقداح من الويسكي المعتّق، كفيل بإتمام طقوس السعادة لراعي البقر الأميركي ورفاقه، بعد أن أنجزوا الكثير الكثير في سورية والمنطقة، وآخرها شرارة عملية القنيطرة في مزارع الأمل حيث إيران باتت على التخوم مع طفلهم المسخ المدلّل «إسرائيل».

تمتزج الشواطئ البيضاء بأشجار نخيل يعلوها غمام وضباب، وتحيطها جبال وغابات، فلا تمتلك حينها إلاّ أن تستسلم لهذه الفتنة التي لا تقاوم، وتدفع الجميع للتفكير بعقل متآمر بدموية، إنها «تايلند» ونموذجها «الثاكسيني الشيناواتراي» بإسقاطاته على جلّ الداخل السوري ومحيطه ودول جواره التي لن تكون في مأمن من مرتزقة نكهات ثاكسين شيناواترا، حيث الأخيره صارت في دواخلها الديمغرافية والجغرافية في طور الكمون.

سلاح الصدمة والترويع

وصحيح أنّه لا أصدقاء دائمين ولا حلفاء للأبد وانّما مصالح ومصالح فقط في العلاقات بين الدول والساحات السياسية، وهذا مسار ومؤشّر يشي أنّ السياسة كمفهوم وطريقة حياة وعيش هي مثل الشلوخا ، فما يجري في المنطقة العربية والشرق الأوسط وفي أوكرانيا، هو نتاجات ثمار السياسة الخارجية الأميركية، ومحركات الأخيرة أي السياسة الأميركية منظومات بلا أخلاق ولا احترام لقواعد القانون الدولي وبدون إبداعات، أنّها سياسة قائمة ضمن حزمة تكتيكات ما يعرف باسم سلاح الصدمة والترويعSHOCK AND AWE والذي يعرّفه الاستراتيجيون العسكريون والخبراء، على أنّه سلاح يعتمد على الاستخدام المفرط للقوّة بهدف شلّ قدرات الخصم على إدراك ما يحصل في ساحة المعركة بقصد هزيمته، وهذا ما شبّت عليه دواعش الماما الأميركية البلدربيرغيّة.

إنّ منطق حركة الواقع، يقرّ بأنّ الفصل بين البروباعندا والحقائق، في مسألة محدّدة يشكل تحديّاً صعباً، ففي سورية الآن حرب بالوكالة وليس حرباً أهلية عبر طرف دولي ثالث أميركي، بريطاني، فرنسي، وآخرين كثر يتشارك ووكلاء، مع بعض محلي سوري وبعض عربي مرتهن وبعض تركي مخدوع وموهوم.

القوى الحيّة العربية والغربية والإسلامية، تعي خطر ما يسمّى «بالمجتمع الدولي» على سورية الحضارة والنسق السياسي والدور وعلى ديكتاتورية الجغرافيا السورية، خطر هذا «المجتمع الدولي» المأفون تقوده وول ستريت ولندن وفرنسا وبالتشارك مع حزب العدالة والتنمية في تركيا، والذي يتآمر لإسقاط سورية كخطوة على طريق زعزعة استقرار وانهيار ما تبقى من بلدان ذات سيادة، وأدواته للقيام بذلك هي البروباغندا والإرهاب، وهما وسيلتان يتوقع أن ترتفع وتيرة استخدامهما، فالغرب ومعه العاصمة الأميركية واشنطن دي سي، لن يتراجع قيد أنمله عن سلّة أهدافه، لقد خلق متتاليات هندسية من الأحداث لزعزعة الاستقرار, يرجى منها أن تمتدّ إلى أبعد من حدود الشرق الأوسط، لتشمل آسيا الوسطى وجنوب شرق آسيا، إلى أن تصل إلى موسكو وبكين. والدولتان الأخيرتان تدركان حقيقة ذلك.

المراقب لمسار السياقات والإحداثيات الدولية إزاء ما يجري في سورية، لا يمكنه إلاّ أن يعتبر هذا، إلا دليلاً إضافياً على حملة الكذب والبروباغندا، التي تقودها وزارتا الخارجية الأميركية والبريطانية مسنودة بالفرنسية، ووسائل الإعلام الغربية والخليجية، بهدف «شيطنة» الحكومة السورية وحلفائها في العالم، وبما يناقض الحقائق على الأرض.

ويضاف إلى سيل البروباغندا، محاولات منظمتي العفو الدولية، وهيومن رايتس ووتش الممولتان من قبل جورج سويرس، المضارب المالي المُدان لاتهام القوات السورية بالقيام «بانتهاكات»، مستندتين فقط إلى روايات شهود ينتمون إلى المعارضة، كما حاولت الأمم المتحدة أيضاً اتهام القوات السورية باستخدام الأطفال كدروع بشرية، ومجدداً وبالرغم من امتلاكها لـ300 مراقب على الأرض في سورية، فإنّ تقرير الأمم المتحدة استند فقط إلى روايات شهود من المعارضة، مما يذكر بتقرير الأمم المتحدة لحقوق الإنسان للعام 2011 الذي كتبته كارن كونينغ أبو زيد، والذي اعتمد على أقاويل المعارضة السورية في جنيف وليس في دمشق.

وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن أبو زيد هي عضو في مجلس سياسات الشرق الأوسط في واشنطن، الذي يضمّ مجموعة من الأعضاء السابقين والحاليين، في شركة اكسون النفطية الأميركية، وفي الجيش الأميركي، ووكالة الاستخبارات الأميركية، وشركة بن لادن السعودية، والمجلس الأميركي القطري للأعمال، بالإضافة إلى أعضاء حاليين وسابقين في الحكومة الأميركية، فإنّ ذلك يمثل تضارباً واضحاً في المصالح، وينزل بمصداقية تقرير الأمم المتحدة الذي أعدته إلى الحضيض.

إنّه شيء مضحك ومحزن أن تكون مصداقية الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الآنفة الذكر، على المحك مع استمرار الأدلة التي تشير إلى أنّ مجزرة الحولة مثلاً، قد نفذها معارضون متطرفون ومقاتلون أجانب سلحهم «الناتو»، ليكرّروا في سورية الفظائع التي ارتكبوها في ليبيا.

تمويل الإرهاب مستمرّ

وبالرغم من ذلك، يستمرّ الغرب في سعيه لتسليح المعارضة المتطرفة دينياً من «جبهة النصرة» وأخواتها في الداخل السوري، وتسليح بقايا ما يُسمّى «الجيش الحر» ولواء اليرموك، ويشير تقرير نشرته «واشنطن بوست» بعنوان «الثوار السوريون يتلقون السلاح بمال خليجي، وتنسيق أميركي»، إلى أنّ المجموعات الإرهابية باتت تتلقى المال والسلاح والدعم اللوجستي، من قبل الولايات المتحدة والسعودية والإمارات وقطر ودول الخليج الأخرى.

يركز الإعلام الغربي وبعض العربي المتصهين حالياً، على تصوير العنف الدائر في سورية على أنه حرب أهلية، بالرغم من أنّ القسم الأكبر من تمويل وسلاح وحتى مقاتلي «المعارضة» المسلحة هو خارجي، فالمقاتلون المتطرفون قدِموا من ليبيا ومن لبنان ومن تركيا لاحقاً، وفق مخطط أعدّ منذ العام 2007، وتحدث عنه سايمور هيرش في «نيويوركر» في مقال بعنوان «إعادة التوجيه».

منذ البداية، قام الغرب بتخريب خطة كوفي أنان للسلام في سورية، بينما حاولت دمشق جاهدةً تنفيذها قدر المستطاع, ومعها روسيا والصين وإيران ودول أخرى في أميركا الجنوبية، وصار واضحاً للعيان وجلياً، أنّ الغرب وبعض العرب استخدم وقف إطلاق النار، كوسيلة للإساءة للحكومة السورية، في الوقت الذي يقوم فيه بإعادة تجميع وتسليح ونشر قواته الوكيلة في المنطقة، وعبر الميليشيات المسلحة المنتشرة في سورية، وإعادة توجيهها لتعيد تكتيكات مرتزقة «ثاكسين» لصالح وكالة المخابرات المركزية الأميركية، ومجتمع المخابرات «الإسرائيلي» وبعض المخابرات العربية المرتهنة للغربي! كيف ذلك؟

في أعقاب مذبحة «الحولة» ما غيرها في سورية، وبعد أن كشفت الأدلة زيف الروايات الأولية حول قيام الجيش السوري بقصف أدّى إلى وفاة مائة شخص، أصبح الناس يسعون إلى فهم ما حدث، واختارت صحيفة «الغارديان» نشر روايات شهود غير موثقة من نتاج ما يُسمّى «الجيش الحر»، وبدا أنها مصمّمة خصيصاً لتفنيد الأدلة التي قدمتها روسيا أمام مجلس الأمن.

أمّا «بي بي سي» فقد أقرّت بأنّ «معظم» الروايات التي تلقتها تتضمّن ما «تؤمن به»، وهو أنّ الجنود السوريين أو ميليشيات مؤيدة للحكومة قد فعلت ذلك، ما يعني أنّ البعض قد روى قصصاً مختلفة.

ومع انغلاق نافذة الفرصة أمام الغرب لأجل استغلال سفك الدماء في الحولة، قامت وسائل الإعلام الغربية بالتحرك إلى الوراء والانسحاب وعلقت وسط نيران أكاذيبها ودعاياتها، فقد التقطت «بي بي سي» وهي تستخدم صوراً قديمة من العراق في تغطيتها لأحداث الحولة، وكان على الصحف والشبكات الإخبارية تعديل رواياتها بالكامل مع كلّ ظهور لدليل جديد موثق.

عرف بأنّ الجنود السوريين كانوا مشتبكين مع ميليشيات مسلحة من «الجيش الحر» داخل وحول الحولة، وكان الجنود السوريون يستخدمون سلاح المدفعية والدبابات لاستهداف مواقع متمرّدين محصنة بشدة، وخلال تبادل النيران أو بعده بفترة قصيرة بدأت ميليشيات بدخول المنازل وقتل عائلات بسكاكين وأسلحة نارية صغيرة، وأعلن ما يسمّى «الجيش الحر» والمعارضة السورية، بأنها ميليشيات مؤيدة للنظام، بينما قالت الحكومة إنهم إرهابيو «القاعدة» المدعومون من الخارج والمعروف أنهم يعملون داخل البلد، وأي من الروايات لم تقل بأنهم الجنود السوريون.

وذكرت افتتاحية صحيفة «غلوب أند مايل» الكندية، بأنّ موقف روسيا القائل بتورّط قوات معارضة في المذبحة «مثير للضحك»، ولكن ليس هذا ابتعاداً عن الواقع فحسب، بل أيضاً عن الفهم الكامل لحروب الجيل الرابع الحديثة، فمن فنزويلا إلى تايلاند، كانت جماعات المعارضة المدعومة من الغرب تثير الاضطراب، وتستخدمه كغطاء لقتل أعضاء من تحركهم ومن ثم إلقاء اللوم على الحكومة المستهدفة، والقيام على مضاعفة أيّ صراع حتى الوصول إلى الكتلة اللازمة لإسقاط الحكومة المستهدفة.

في بانكوك عام 2010 كان رئيس وزراء تايلاند السابق ثاكسين شيناواترا، مدعوماً من وول ستريت وتربطه علاقات وطيدة مع عائلة بوش، امتدّت من قبل فترة حكمه واستمرّت لما بعدها، وقد طرد عام 2006 من السلطة على يد قوات وطنية بسبب استغلاله للسلطة، كان ثاكسين يعمل مستشاراً لـ«غروب كارلايل» وهي شركة استثمارات عالمية مقرّها واشنطن، وأرسل جنوداً تايلانديين لمساندة بوش في غزو العراق، وحاول تطبيق اتفاق تجارة حرة مع وول ستريت من دون موافقة برلمانية، واستضاف مرافق التعذيب التابعة لوكالة المخابرات المركزية الأميركية، وواصل «حرباً على المخدرات» أعدم من جرائها حوالى 2500 تايلاندي في الشوارع، تبيّن في ما بعد أنّ معظمهم لا علاقة له بتجارة المخدرات.

ثاكسين والدعم الأميركي

منذ خلعه من السلطة عام 2006 وثاكسين يتلقى دعماً من عدد وافر من مؤسسات وشخصيات أميركية بارزة، أمثال زملائه أعضاء «كارلايل» جيمس بيكر وبيكر بوتس، ومثير الحرب في إدارة بوش روبرت بلاكويل من «باربور غريفيث أند روجرز» والمحافظ الجديد الموقع على اتفاقية «بانك» كينيث أديلمان.

وبهذا الدعم، قاد ثاكسين محاولة عنيفة للعودة إلى السلطة عبر ثورة اللون الأحمر المؤلفة من آلة سياسية ضخمة، تعمل في مقاطعات تايلاند الشمالية الشرقية ومجموعة تسمى الجبهة المتحدة للديمقراطية ضدّ الدكتاتورية UDD .

في نيسان 2010، قام ثاكسين بتعبئة الآلاف من أعضاء UDD لشلّ حركة العاصمة التايلاندية كانتقام لقرار المحكمة الاستيلاء على ممتلكاته المكتسبة بشكل غير شرعي والمُقدّرة بالمليارات، وليلة العاشر من نيسان 2010، ومع تحرك جنود مكافحة الشغب لتفريق المتظاهرين، قامت ميليشيات متشحة بالسواد بإطلاق النيران على الجنود التايلانديين.

وفي الصفحة الثانية والستين من تقرير مراقبة حقوق الإنسان تحت عنوان «انحدار نحو الفوضى» ورد: «مع محاولة الجيش الوصول إلى التجمّع، واجه رجالاً مسلحين بشكل جيد قاموا بإطلاق نيران من بنادق M16 و AK-47 عليهم، كما ألقوا على الجنود قنابل M79 والقنابل اليدوية M67، وأظهرت مقاطع الفيديو التي التقطها محتجون وسائحون العديد من الجنود المطروحين أرضاً بلا وعي ودماؤهم تنزف على الأرض، مع وجود رجال مسلحين يعملون بدرجة عالية من التنسيق والمهارات العسكرية».

غير أنّ منظمة مراقبة حقوق الإنسان المشكوك في أمرها، احتاجت سنة كاملة لإصدار التقرير السابق بعد انكشاف الأحداث، بالصور ومقاطع الفيديو التي لا يمكن دحضها، التقطت وعرضت من قبل صحافيين محترفين وهواة محليين وأجانب، تظهر ميليشيات مسلحة بـ AK-47 و M-16، وفي وقت سابق، حاول مؤيدو ثاكسين الغربيون وقادة المعارضة تحميل الجيش التايلاندي مسؤولية القتل عن طريق M-16 عيار 5،56مم، بما فيهم مقتل مصور وكالة «رويترز» هيرو موراموتو، ومع إثبات أنّ ميليشيات المعارضة كانت تستخدم أيضاً M-16 عيار 5,56 مم تمّ إبطال هذه الموجة السياسية.

ومن أبشع ما حدث في عنف العاشر من نيسان 2010 هو القتل المتعمّد لمتظاهر مؤيد لثاكسين على يد المرتزقة التابعة له، وقد سجلت واستخدمت بوقاحة وقسوة كبروباغندا عن ذاك اليوم، هذا الحادث وقع في نفس الليلة التي قتل فيها مصور «رويترز»، ويمنحنا نظرة هامة عن كيفية استفادة الاضطرابات المدعومة من الغرب، من الفوضى التي تخلقها بنفسها ومن ثم قيامها عمداً بقتل كلّ من المتظاهرين وجنود الحكومة لزيادة التوتر والعنف مع تقويض شرعية الحكومة المستهدفة.

زرع الفوضى

هذه الطبيعة القاسية الإجرامية لما يُسمى بالتحركات المؤيدة للديمقراطية، زرعت الفوضى من تونس إلى تايلاند… ويحضّر لها الآن ان تكون في مصر بعهد الرئيس السيسي، وبالطبع في سورية تجري وبقوّة وضمناً، وتكشف عن فساد النخبة العالمية ووكلائها من خلف القشرة الواهنة لأغنيات الثورة المتحدثة عن الغد، توجد آلية قتل جبانة لا ترحم مستعدة لالتهام أشدّ مؤيديها، تماماً مثل استعدادها لتصفية أعدائها، وما وصف لم يطبّق باستمرار في تايلاند فحسب، بل أيضاً عبر شمال أفريقيا والشرق الأوسط وكذلك في المحاولات المقبلة للإطاحة بحكم مادورو خليفة شافيز في فنزويلا.

تدخل «جبهة النصرة» وأخواتها، و«داعش» ومشتقاته، وبقايا ما يُسمّى «الجيش الحر»، وبشكل منتظم في مواجهات مسلحة مع جنود الحكومة السورية، واليوم أكثر من أيّ وقت مضى هذه الجماعات مجهزة بشكل أفضل بتجهيزات اتصال وأسلحة ونقود ودعم لوجيستي من الغرب ودول الخليج، وتماماً مثلما كان رجال ثاكسين المسلحون قادرين على جرّ الجنود التايلانديين إلى صراع، يستخدم كغطاء لارتكاب أعمال وحشية مصنّعة لاستخدامها كبروباغندا ضدّ الحكومة التايلاندية، تقوم الميليشيات في سورية بوضوح بتطبيق التكتيكات نفسها.

ففي عام 2011 كان «رجال مسلحون غامضون» يقومون بشكل منتظم، بالبدء بإطلاق النيران خلال التظاهرات بشكل مماثل لما حدث في بانكوك، مصيبين كلا من الجنود السوريين والمحتجين وذلك من قبل من وصفهم الطرفان بـ«قناصين من فوق الأسطح».

وكما حدث في بانكوك حين تفاجأ المتظاهرون وكذلك الجنود التايلانديون بوصول ميليشيات ثاكسين، فإنّ مقاتلي ما يسمّى «الجيش الحر» وسكان «الحولة» والجنود السوريين أصيبوا بالحيرة من الهوية الحقيقية لمرتكبي هذه الفظاعات.

والسرعة الرهيبة ذات الدوافع السياسية، التي قامت بها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا و«إسرائيل» والإخوان المسلمون السوريون، بشجب المذبحة وإلقاء اللوم بشكل أساسي على الحكومة السورية، مع المناداة في وقت واحد بالتدخل العسكري ما هي سوى الدليل الأقوى على من يقف فعلاً وراء حمام الدماء، فمن هو المستفيد؟ انه «الناتو» ووكلاؤه في الشرق الأوسط.

وهناك احتمال قوي يقول بأنّ طرفا ثالثا استفاد من الاشتباك المطوّل في وقته وحينه، بين ما يُسمّى «الجيش الحر» وجنود الحكومة في الحولة من أجل تصنيع عمل فظيع للغاية، ومع وجود بضعة حقائق في متناول اليد، سيكون من اللامسؤولية إلقاء اللوم على أحد واتباع الأمر بإجراء عقابي.

لذا، وبينما توبخ «غلوب أند مايل» روسيا لافتراضها بوجوب «تحديد المسؤولية بشكل موضوعي»، فإنّ هذه بلا شك الطريقة الأكثر وعياً، وإذا كان الغرب يندب معاناته من انعدام الثقة، فإنّ عليه فقط لوم نفسه وتاريخه الطويل في إدارة فرق الموت بهذه الطريقة.

محام، عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية

www.roussanlegal.0pi.com

mohd ahamd2003 yahoo.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى