ما بين مخالب «داعش» وأنياب «إسرائيل» … مخرز الهلال الخصيب

رئبال مرهج

«لن تقوم دولة «إسرائيل الكبرى» إلا بتفتيت الدول العربية القائمة إلى دويلات صغيرة «، بذلك يحدد يانون عوديد المفهوم الرئيس لخطته الشائنة التي ما هي إلا استمرار للنوايا البريطانية – ولاحقاً الأميركية – الاستعمارية في الشرق الأوسط.

الخطة التي تقوم على مبدأين وهما أن تصبح دولة «إسرائيل» القوة الإقليمية الكبرى في المنطقة، بينما تتحول الدول العربية إلى دويلات صغيرة على أساس طائفي وعرقي تتقاتل فيما بينها. فيما تزرع «إسرائيل» وكلاء لها ضمن هذه الدويلات حتى تقوم الدولة «الإسرائيلية» الكبرى من الفرات إلى النيل. ودائماً بحسب خطة يانون.

وفي سبيل تحقيق ذلك، كان من اللازم تنفيذ الجزء الأول من مخطط الشرق الأوسط الكبير وهو نشر الفوضى الخلاقة، من خلال زعزعة الاستقرار في الدول العربية لإضعافها من جهة، وتفكيكها من جهة أخرى.

«دول الطوق» سورية والعراق ومصر تحت المنظار «الإسرائيلي»، إذًاً فمع تدمير الجيوش الثلاثة تبدأ المرحلة الثانية وهي افتعال التقاتل المذهبي والتهجير الطائفي للطائفة المسيحية، تنفيذاً لإلغاء الوجود المسيحي في الشرق بالكامل ليصبح بلا مسيحيين وبلا شهود على ولادة السيد المسيح. حيث يعد هذا الإجراء مكسباً للأميركيين و«الإسرائيليين» لأنهم يشكلون خطراً على مصالحهم، باعتبارهم حصناً منيعاً ضد تقسيم المنطقة إلى كيانات طائفية أو مذهبية بخاصة مع انتمائهم للعالم العربي ودفاعهم عن القضية الفلسطينية، ويقول حينها الصهاينة كما أن الفاتيكان مرجعية المسيحيين ومكة مرجعية المسلمين، فنحن بحاجة إلى مرجعية وهي أورشليم القدس.

وقد تلاقت تلك الأهداف مع الدور الذي تقوم به القاعدة من خلال القيام بأعمال انتقامية ضد المسيحيين، تجبرهم على الهجرة، ويأتي ذلك المخطط استكمالاً لما قامت به «إسرائيل» من تهجير متواصل لمسيحيي فلسطين من أجل تفريغ القضية الفلسطينية من بعدها المسيحي، لتنفيذ مشروع يهودية الدولة «الإسرائيلية».

وهكذا، لم يكن غريباً ما تناقلته وسائل الإعلام عن خبر قيام مستوطنين «إسرائيليين» بإضرام النار في إحدى الغرف التابعة لكنيسة «دور متسيون» بالقدس الغربية، خاطين على جدرانها شعارات مسيئة للمسيح، جاء الحدث بعد يوم واحد من قيام مستوطنين أيضاً بإحراق مسجد إسلامي إلى الغرب من بيت لحم جنوب الضفة الغربية .

وليس مصادفة أن يقوم تنظيم «داعش» المخلب «الإسرائيلي» التركي الممول قطرياً قبل يومين – ومتساوقاً – مع الفعل «الإسرائيلي» باختطاف 40 عائلة الآشورية بعد اقتحام التنظيم الإرهابي لعشرات القرى الآشورية في محافظة الحسكة وأسر المئات من أبنائها وإحراق الكنائس والبيوت.

لتتضح أكثر وأكثر النوايا والأهداف المشتركة بين تنظيم «داعش» الإرهابي والكيان «الإسرائيلي»، فالمؤسس والراعي واحد .

فبريطانيا التي ساندت «تيودور هرتزل «مؤسس الحركة الصهيونية هي نفسها التي دعمت وأنشأت استخباراتها جماعة «داعش «، حيث أكدت وثائق سرية صادرة عن وكالة الأمن القومي الأميركي سربها الموظف السابق في الوكالة إدوارد سنودن أن جماعة «داعش» الإرهابية هي صنيعة الاستخبارات البريطانية و«الإسرائيلية» والأميركية .

ووفقاً للوثائق التي أوردها الدبلوماسي الروسي الخبير في شؤون الشرق الأوسط فيتسلاف ماتزوف، فإن إيجاد «داعش» هو جزء من الاستراتيجية الغربية و«الإسرائيلية» المسماة «بعش الدبابير» بهدف استقطاب المتطرفين من كل أنحاء العالم و توجيههم إلى سورية. الصحافة «الإسرائيلية» نفسها لم تنكر أيضاً العلاقة واضحة بين الكيان الصهيوني وتنظيم «داعش» الإرهابي يوم أكدت أن حوالى 700 عنصر من «داعش» ممن أصيبوا في سورية تعالجوا في تل أبيب، وهذا يدل على حجم الدعم المقدم لهم، لا بل أيضاً اعترفت بتمويل «إسرائيل» وغيرها من دول خليجية لـ«داعش» في العراق وسورية، بالأسلحة والمعدات والأموال .

ولكن العارفون يتسائلون: أليس رفض المسيحيين في سورية التخلي عن أراضيهم تلاقي وتشابك مع موقف الطوائف والمذاهب الإسلامية المعتدلة في بلاد سوريانا الشامية؟ والتي اختارت الصمود مع الجيش السوري ودعمه في حربه ضد الإرهابيين التكفيريين – أمناء «إسرائيل» – لتبقى الحوامل العملانية للهلال الخصيب تقاوم، حتى ينتفض من جديد، لتصل أطرافه حتى إيران، فترفع قبضته منتصراً، مبتلعاً نجمة «ماجين داويد» ووليدتها مملكة محمد بن عبد الوهاب.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى