كييف تبدأ سحب أسلحتها الثقيلة من جبهة دونباس

أعلن دميتري بيسكوف، الناطق باسم الكرملين أن بعث العلاقات بين روسيا والغرب سيحدث حينما يتم احترام المصالح الروسية. وقال إن «الشيء الوحيد الذي نريده هو احترام مصالحنا القومية بالشكل المطلوب، وعندما سيحصل هذا سيحين تغيير جديد في العلاقات الدولية».

وأوضح بيسكوف أن موقف روسيا كان واضحاً ودقيقاً وثابتاً وشفافاً بما فيه الكفاية إزاء الانقلاب العسكري والتغيير غير الشرعي للسلطة في أوكرانيا، الذي حدث في كييف منذ عام، وأضاف:» أنا واثق، أنه فور تقبل وفهم هذا الموقف، سنستطيع استئناف تعاوننا الذي نحتاجه جميعاً من أجل مواجهة التحديات بفعالية»، مؤكداً أن لدى روسيا «خطوطاً حمراً» في ما يخص مصالحها الوطنية، ولا تستطيع تجاوزها.

من جهة أخرى، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن الهدنة في شرق أوكرانيا تحقق نتائج ملموسة. وقال: «ثمة مراقبون محايدون، بمن فيهم من بعثة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، يرصدون انخفاض تبادل إطلاق النار بشكل كبير، وذلك يعني أن الهدنة تحقق نتائجها».

ويرى الوزير الروسي أن كييف تطرح شروطاً تعجيزية لسحب الأسلحة الثقيلة من منطقة دونباس، وأشار بهذا الصدد إلى أن كييف أعلنت أنها لن تبدأ بسحب أسلحتها الثقيلة إلا في حال صمدت الهدنة يوماً أو يومين من دون طلق نار واحد، وهو شرط اعتبره لافروف غير واقعي وقال إن «الجميع يدركون عدم وجود هدنات مثالية».

واعتبر الوزير الروسي أن تحميل موسكو وقوات «الدفاع الشعبي» مسؤولية إفشال الهدنة يهدف إلى الحيلولة دون إقامة حوار سياسي بين كييف ودونيتسك ولوغانسك.

وأكد أن نظيره الألماني فرانك شتاينماير وافقه الرأي خلال لقاء «رباعية النورماندي» الأخير في باريس أخيراً في أن خطر وقوع حوادث إطلاق نار سيبقى عالياً ما لم يبدأ سحب الأسلحة الثقيلة. وأضاف أن تهديد واشنطن وبروكسيل بفرض عقوبات جديدة على موسكو يعكس عدم الرغبة في تنفيذ اتفاقات مينسك التي جرى التوصل إليها في 12 شباط، مؤكداً أن الأهم لموسكو هو تأمين تسوية سلمية دائمة في أوكرانيا وليس إرضاء الغرب الذي يهدد بفرض عقوبات جديدة.

وقال لافروف إن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا تعهدت المشاركة في عملية المراقبة والتأكد من سحب الأسلحة في شرق أوكرانيا.

كما أكد وزير الخارجية الروسي ضرورة تنفيذ البنود الأخرى من اتفاقات مينسك الموقعة في 12 شباط، وفي المقام الأول إجراء إصلاح دستوري بمشاركة المناطق الخاضعة لسيطرة «جمهورتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين» بشرق أوكرانيا، وتأمين إقامة نظام لامركزي.

جاء ذلك في وقت باشرت كييف أمس سحب أسلحتها الثقيلة عن خط الجبهة، حيث أعلن أناتولي ستيلماخ، المتحدث باسم العملية الخاصة للقوات الأوكرانية أن العسكريين الأوكرانيين قد باشروا بتنفيذ أمر سحب الأسلحة من كل خطوط التماس في دونباس.

وقال ستيلماخ: «نعم، يوجد أمر بسحب الأسلحة ، وقد بدأت اليوم المرحلة الأولى لسحب أسلحتنا، وهي مدافع «رابيرا» ذات العيار 100 ملم حيث ستسحب خلال يوم إلى مسافة 25 كلم عن خط المواجهة العسكرية».

ورد ستيلماخ بـ «نعم» على سؤال توضيحي حول ما إذا كان هناك أمر صدر من الرئيس بيترو بوروشينكو وهل يجرى سحب الأسلحة بالفعل، مشيراً كذلك إلى أن العملية تجرى تحت مراقبة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا على كل خطوط التماس.

وفي غضون ذلك دعت وزارة الخارجية الروسية أطراف الأزمة في دونباس ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا إلى ضمان تنفيذ اتفاقات مينسك بشكل كامل.

وقالت الوزارة أمس على موقعها إن «الجانب الروسي يدعو أطراف الأزمة وبعثة الأمن والتعاون في أوروبا بأوكرانيا إلى ضمان التنفيذ الكامل وفي موعده للالتزامات بموجب اتفاقات مينسك 12 شباط».

وذكرت الخارجية بأنه «وفق مجموعة الإجراءات في تنفيذ اتفاقات مينسك» «التزمت أطراف الأزمة بدء سحب الأسلحة الثقيلة في موعد لا يتجاوز اليوم الثاني من وقف إطلاق النار، أي في 17 شباط والانتهاء من ذلك خلال 14 يوماً، أما منظمة الأمن والتعاون فالتزمت المساهمة في هذه العملية».

وفي السياق، رحب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ بمظاهر تراجع حدة القتال في شرق أوكرانيا، معرباً عن أمله في التزام الأطراف كافة بوقف إطلاق النار.

وأكد ستولتنبرغ في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينتسي في بروكسيل أمس، أهمية التزام الأطراف المتنازعة بوقف إطلاق النار وسحب أسلحتها الثقيلة.

وحذر الأمين العام للناتو من أية محاولة ترمي إلى توسيع نطاق المناطق التابعة لقوات دونيتسك ولوغانسك، مشيراً إلى أن ذلك أمراً غير مقبول للمجتمع الدولي ويخالف اتفاقات مينسك.

واتهم ستولتنبرغ الجانب الروسي بإدخال أكثر من ألف قطعة من الدبابات والمدفعية ومنظومات الدفاع الجوي إلى شرق أوكرانيا، مطالباً بسحب هذه المعدات العسكرية ووقف دعم قوات دونيتسك ولوغانسك.

تجدر الإشارة إلى أن الحكومة الروسية أعلنت أكثر من مرة أن الاتهامات الغربية بهذا الشأن عارية عن الصحة تماماً، نافية أي تدخل لها في النزاع الجاري بشرق أوكرانيا. كما أكدت موسكو أكثر من مرة أنها لا تزود قوات شرق أوكرانيا بالسلاح لأنها مهتمة بأن تتجاوز أوكرانيا أزمتها السياسية والاقتصادية.

من جهتها، أعلنت بعثة منظمة الأمن والتعاون الأوروبي في أوكرانيا على لسان رئيسها بول بيكار إن مراقبي المنظمة لم يرصدوا أي عبور لمسلحين أو معدات عسكرية لنقطتي العبور الروسية «دونيتسك» و»غوكوفو» على الحدود مع أوكرانيا.

وأضاف بيكار في مؤتمر صحافي أمس بعد تقديمه التقرير الدوري للمجلس الدائم للمنظمة «بالفعل لم نسجل ولو مرة واحدة عبور أي معدات عسكرية في هاتين النقطتين الحدوديتين، لكن الحديث يدور عنهما فقط».

وأشار بيكار إلى أن المراقبين رصدوا أشخاصاً يرتدون البزات العسكرية رجالاً ونساء يعبرون الحدود من دون أسلحة عليها إشارات وعلامات تعريفية تخص «جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك الشعبيتين» المعلنتين من طرف واحد.

ومن جانب آخر، أكد المتحدث الرسمي باسم بعثة المراقبين الخاصة التابعة للمنظمة مايكل بوتشوركيف أن الأوضاع القائمة في شرق أوكرانيا أصبحت أكثر هدوءاً، مشيراً مع ذلك إلى استمرار تسجيل خروق لوقف إطلاق النار.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى