شقير: البيئة غير مناسبة لإنشاء إمارات إسلامية في لبنان

حاوره محمد حمية

أكد الكاتب والباحث السياسي حسن شقير أن «هدف أحداث شارل ايبدو في فرنسا أن لا يصبح للإسلام المعتدل مكان في الغرب وحينها يشتد اليمين الصهيوني في الغرب ليقول إن اليهود مضطهدون ويجب أن يهاجروا إلى إسرائيل».

وشدد على أن النظرية الأميركية والصهيونية والداعشية تتقاطع في البنى التفكيرية وفي الرؤى الديمغرافية والجغرافية والمصلحية».

وإذ أكد شقير أن المقاومة والجيش اللبناني عطلا مشروع «داعش» و«النصرة» في لبنان، عبر عن ثقته بأن «البيئة في لبنان غير مناسبة لإنشاء دول أو إمارات إسلامية».

حديث شقير جاء خلال حوار مشترك بين صحيفة «البناء» وقناة «توب نيوز»، حيث اعتبر أن «الظروف التي دخلت فيها أميركا إلى العراق والسجون التي أقامتها وربت فيها الإرهابيين جعلت من تنظيم القاعدة يستولد تنظيم «داعش»، وعندما حل ما يسمى الربيع العربي اكتشفت أميركا بهذا التنظيم الإرهابي أنه يحقق أمرين في آن معاً: المصالح الاستراتيجية الأميركية والأوروبية في الشرق الأوسط وتحقيق الأمن الصهيوني».

ولفت إلى أن «داعش أصبح رافعة النيوبازيل الصهيوأميركي في الجيوبوليتيك العربي والإسلامي وقبل حدوث ما يسمى الربيع العربي ركزت مراكز الدراسات الصهيونية على ثلاثة مربعات في المنطقة، مربع الجيش والدولة والجماهير وبدأت الاستخبارات الصهيونية تعمل على هذه المربعات».

ولاحظ شقير أن «داعش يعمل على تنفيذ الأجندة الأميركية والصهيونية، فهو قام باستيلاب الأرض كما فعل الصهاينة في فلسطين المحتلة وقام بعمليات تهجير وفرز وهذا ما قام عليه الفكر الصهيوني الذي يعتبر بأن غير اليهود هم أرواح شيطانية وحاول داعش الفرز والتهجير في العراق وسورية وحمص ودير الزور وهذا كله في سبيل خدمة الاستراتيجية الصهيونية في إعلان يهودية الدولة والتخطيط لتقسيم المنطقة إلى دويلات، وهذا ما ورد في الاستراتيجية الأميركية الأخيرة هذا العام «أقلمة المنطقة» أي التقسيم المقنع».

وأوضح أن «أميركا تطير بالإرهاب من مكان إلى آخر، والآن طارت به إلى ليبيا والمستهدف ليس ليبيا فقط بل المغرب العربي ومصر، لأن أميركا ترفض النظام الدولي الجديد الذي نعيش مخاض ولادته اليوم بتعدد الأقطاب وتريد أن تبقي جميع الدول بحاجة لها وتعمل على ربطها بتحالف لتحقيق المصالح الاقتصادية والاستراتيجية الكبرى».

وأعرب عن اعتقاده أن «أميركا ليست لها مصلحة أن تقضي على داعش بسرعة ولا أن يتمدد على كل الجغرافية التي يريدها، من مصلحة أميركا وإسرائيل إبطاء الحرب على داعش خدمة لمصالحهما، وعندما تمدد داعش في العراق كان مشروعه في سورية يقترب من السقوط».

وتوسع شقير في شرح المصلحة «الإسرائيلية» في تمدد «داعش»، معتبراً أنه «في 30 أيلول 2014 كتب عاموس يادلين رئيس مجلس دراسات الأمن القومي في إسرائيل أن هناك حوافز استراتيجية لإسرائيل من خلال مشاركتنا بالحرب على داعش نستطيع أن نحصن العلاقة بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي باراك أوباما ونحصل على الدعم المادي واللوجستي ونحصن العلاقة مع أوروبا على أساس أن العقيدة واحدة في محاربة الإرهاب ونربط الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بالأجهزة الأمنية العربية».

وأضاف شقير: «وبعدها في 3 تشرين 2014 قال بيني غانتس رئيس الأركان الصهيوني السابق: «علينا أن نبقي الحرب على داعش في المربع الأول، أي الحرب مع محور المقاومة والممانعة».

وبين أن «فكر داعش هو من فكر مشرقي أي الفكر الوهابي التي ينهل منه داعش ومركزه وثقله المملكة العربية السعودية، مشيراً إلى أن الإرهاب في المنطقة له هدفان: بتر الأهلة وتهديد الأقواس، عندما تمدد داعش إلى العراق وإلى منطقة ديالا والأنبار أراد بتر ما أطلق الملك الأردني عليه الهلال الشيعي وبتره داعش في منطقة العراق وأيضاً أراد تهديد القوس السني الممتد من تركيا والسعودية والأردن، لأن أميركا لا تريد ربط الأقطاب في المنطقة».

وعن الأحداث التي تحصل في مصر، لفت شقير إلى أن «مصر هي ثقل العالم العربي لا تريد أن تأتمر بالسعودية وغيرها، لذلك أراد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن يتنوع في علاقاته وإعادة دور مصر الإقليمي. وأتت زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى مصر وعندما جمع السيسي المعارضة السورية ولم يتخذ حتى اليوم موقفاً ضد النظام في سورية، بعد كل ذلك مباشرة استعر الإرهاب داخل مصر وعاد الإعلام الخليجي لنشر التسريبات وآخرها أن الرئيس السيسي تحدث بالسوء على ملوك خليجيين ثم جاءت داعش ليبيا وذبحت الأقباط المصريين، وأول من ذكر أن الجيش والإخوان في مصر سيتصارعان هو ميخائيل ميلشتاين الباحث الصهيوني في الشؤون الفلسطينية في توقعاته للشرق الأوسط، مشيراً إلى أن «الخطيئة التي ارتكبتها مصر هي أنها بدأت بالبحث عن القشور الثورية بدل أن تقطع جذور الفساد الموجودة في العلاقة مع الكيان الصهيوني والغرب».

وتطرق إلى خطر الإرهاب على أوروبا، أوضح أن «لعبة الإرهاب لعبة خطرة والغرب جعل سورية مصفاة للإرهاب لتصفيتهم وضرب حركات المقاومة التي يعتبرها إرهاباً في آن معاً للبقاء في مربع الاستنزاف التي تحدث عنه الصهاينة».

وقال: «أوروبا بدأت تخاف عندما امتد بعض الإرهاب إليها، ما جرى في شارل ايبدو وكوبنهاغن جعل أوروبا تقف بين نهجين، فرنسا وبريطانيا ترتبطان بمصالح مادية وشخصية مع بعض الدول العربية، المنطق يقول أن ترتد هذه الدول إلى سورية التي تملك بنك المعلومات عن داعش لكي تزودها بها لكي تكافح الإرهاب».

ورأى أن هناك «تزويراً للحقيقة يحصل في أوروبا وتحديداً في فرنسا وبريطانيا وهو أنهما يصوران على أن النظام في سورية هو الذي ينتج داعش وأنه إذا تخلصنا من النظام نتخلص من داعش، في المقابل دول أخرى تريد التواصل والتعاون الأمني مع سورية فيما سورية ترفض التعاون أمنياً بلا التنسيق سياسياً».

وأضاف: «ما يجري في أوروبا أنه وبعد أحداث شارل ايبدو خيّر المسلمون في الغرب، إما التغاضي عن كل الإساءات لرموز الإسلام تمهيداً لإذابتهم في العلمانية وإما أن يرفضوا ويتدعشنوا لكي لا يصبح للإسلام المعتدل مكان في الغرب، وحينها يشتد اليمين الصهيوني في الغرب ليقول إن اليهود مضطهدون ويجب أن يهاجروا إلى فلسطين».

وشدد على أن «داعش تنفذ ما تريده أميركا وهو الفرز الديمغرافي بين شرق مسلم وغرب مسيحي، والنظرية الأميركية والصهيونية والداعشية تتقاطع في البنى التفكيرية وفي الرؤى الديمغرافية والجغرافية وفي الرؤى المصلحية، وهناك أسس بني عليها الكيان الصهيوني متطابقة مع الأسس التي بنيت عليها دولة إسرائيل».

وعن استراتيجية محور المقاومة لإسقاط هذه المخططات قال: «الغرب يريد فك الروابط الإقليمية ما بين إيران وحزب الله في لبنان ثم الدخول بحرب استنزاف في الجولان وعلى الحدود مع لبنان ومع الجيش العراقي، فبدأ محور المقاومة بفك قواعد الاشتباك التي أعلن عنها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، واليوم يتوجه إلى الجبهة الجنوبية بهدف خلخلة الكيان الصهيوني عبر إنشاء مقاومة وهي حق قانوني وإنساني، أي التوجه إلى رأس الإرهاب واستخدام الاستنزاف المضاد، فإما أن يقبل بالاستنزاف وإما الذهاب إلى حرب شاملة وإما يسأل: ماذا تريدون وهذا يعني العودة إلى ما قبل الأزمة السورية».

وأضاف: «تمدد الحوثيين في اليمن جعل الغرب يقف أمام خيارات، فإيران ومحور الممانعة والحوثيون لن يقبلوا بالأقلمة أي الأقاليم الستة بل سيوافقون على اتفاق السلم والشراكة وإذا فرضت الحرب الأهلية التي ليست في مصلحة السعودية وأميركا وأوروبا لأنها ستخرب منطقة باب المندب والبحر الأحمر وهي منطقة حيوية للاقتصاد العالمي ومكان تصدير النفط من المنطقة إلى أوروبا وقد يرتفع النفط في شكل جنوني مما سيؤدي إلى انكماش الاقتصاد الأوروبي والأميركي والعالمي، وإما يسألون ماذا تريدون، وقد تكون التطورات في اليمن والجبهة الجنوبية في سورية تأخذ المنطقة إلى التسوية الشاملة وإما الحرب الشاملة».

وعن خطر تمدد هذه التنظيم في لبنان اعتبر شقير أن «لا فرق بين النصرة وداعش وهؤلاء نثروا على الحدود اللبنانية السورية لاستنزاف المقلبين اللبناني والسوري أي لعبة الأحزمة المستنزفة تمهيداً للانغماس إلى المقلب اللبناني، ولكن المقاومة والجيش اللبناني عطلوا مشروعهم ما أفقدهم الدور الذي سيقومون به مستقبلاً، مشيراً إلى أن «البيئة في لبنان غير مناسبة لإنشاء دول أو إمارات بل هدفهم فقط هو الانغماس في لبنان وعندما يقضى على النصرة في الجولان سينتهون في السلسلة الشرقية».

يبث هذا الحوار كاملاً اليوم الساعة الخامسة مساءً ويعاد بثه عند الحادية عشرة ليلاً على قناة «توب نيوز»، تردد 12034

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى