الأول من آذار في النبي عثمان… عيد شعبيّ للبلدة كلّها

لبيب ناصيف

«النبي عثمان» تاريخ عريق من التصدي والمواجهة والبطولة والتفاني في سبيل قضية عظيمة في سبيلها قدمت عشرات الشهداء، وما زالت عند إيمانها المغروس منذ أربعينات القرن الماضي، عندما باشر الأمين علي نزهة تحويلها من أرض يباس الى أرض خضراء من بساتين ومياه وأشجار مثمرة. مهندس زراعي لم يكتفِ بأن يفلح التربة ويزرع الأشجار، إنما راح يزيل تربة أخرى كست العقول والأفئدة فيزرع فيها إيماناً جديداً ووجداناً جديداً، فترتفع الأيدي لايمان عظيم وتسير الجحافل جنوداً يزغردون للحياة ولسعاده، ويحوّلون النبي عثمان قلعة قومية اجتماعية نفرح لتاريخها ونحيي شهداءها ومناضليها، وما أكثرهم.

النبي عثمان ملحمة من بطولات ووقفات عزّ، حرام ألاّ تكتب.

الرفيقة عواطف نزهة أم قاسم 1 حدثتني عن الأول من آذار في النبي عثمان والرفيق خالد باكير 2 اضاف:

« قبل ثلاثة أيام من كل أول آذار كان الرفقاء ومن ينضم إليهم من مواطنين أصدقاء، يصعدون الى الجبل حيث ارتسمت زوبعة عملاقة من صخور وحجارة، ومعهم دواليب ورماد ومازوت ونشارة وكل ما يلزم لإشعال النيران في «الزوبعة».

ينصبون خيمة تقيهم صقيع الجبل المرتفع المطلّ على البقاع ويبدأون ترتيب المكان وكل «عدة» إشعال النار عند أطراف «الزوبعة» والدواليب المركونة الى جانب .

ليلة الأول من آذار، الناس في ساحة البلدة. كل الناس، قوميون وأهالي. فالأول من آذار عيد شعبي لكل النبي عثمان فيه يفرح الجميع ويهنئون بعضهم بعضاً. «الشباب» عند قمة جبل الزوبعة، النيران بدأت تشتعل، الدواليب تتدحرج كتلاً نارية من قمة الجبل الى السهل 3 . من قرى البقاع البعيدة 4 يرون الزوبعة العملاقة تشتعل ناراً وهّاجة.

الناس في الساحة ينتظرون عودة الرفقاء والمواطنين، وهم ينظرون بفرح وإباء ونشوة الى الزوبعة العملاقة تقول للجميع: نحن هنا. سعاده هنا.

في الساحة رقص وأناشيد وموسيقى وأغاني.

و»يا زوبعة الله معك.»

أطفال، نساء، شيوخ، أمهات، الكلّ الكلّ في عيد والزلاغيط تختلط مع الزغردات «وعينيك يا سعاده تجي وتشوف جيش الزوبعة» .

دموع في مقلتيّ ام قاسم: بعدها كنا نتوجه الى مكتب المنفذية، الناس يتوافدون للتهنئة. كل الناس. جميعهم معنا في الاحتفال. جميعهم يستمعون الى كلمات وقصائد، ومعنا يفرحون .

ويستمر العيد ساعات وساعات والكل يرقصون مع أناشيد الحزب والأغاني الوطنية».

تلك هي «النبي عثمان» في تاريخها. تلك هي قلعتنا التي يجب أن يحكى عنها.

أن نقول للناس: هؤلاء هم مناضلونا، شهداؤنا. نروي حكايات بطولة لا تنتهي. ونحكي كيف كانت النساء 5 يزغردن عندما يركضن مع الرفقاء الى جبهة القتال ويرفعن المواويل عند قدوم شهيد.

في كل الوطن وعبر الحدود يحتفل القوميون الاجتماعيون بالأول من آذار. وحدها «النبي عثمان» تحيي الأول من آذار عيداً شعبياً، والناس يهنئون القوميّين، ومعهم يفرحون.

هكذا حدّثت الرفيقة عواطف عن أيام رائعة عاشتها النبي عثمان التي عنها سنحكي الكثير ويحكي آخرون.

هوامش:

1 – زوجة الرفيق الشهيد علي قاسم نزهة، تعمل في مركز الحزب.

2 – ابن الرفيق الشهيد نظير باكير ووالد الرفيق الشهيد علي.

3 – توقف ذلك بعدما باتت الدواليب المشتعلة تهدد المنازل القريبة من سفح الجبل.

4 – في أيام الصحو تشاهد الزوبعة المشتعلة من قرى منطقة «القصير» وصولاً الى مدينة حمص.

5 – استعملنا عبارة «النساء» لأننا نقصد الرفيقات، أمهات الرفقاء وشقيقاتهم والمواطنات الصديقات، وكذلك بالنسبة إلى عبارة «الرجال».

رئيس لجنة تاريخ الحزب

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى