كريدي: المعارضة خسرت خيارها الأخلاقي نوفل: مشروعها تدمير سورية بدعم خارجي

حوار سعد الله الخليل

بالتزامن مع زيارة مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية ستيفان دي ميستورا دمشق، وفي الوقت الذي يسعى الى الحصول على ضمانات بالسير في خطتة نحو شاطئ الأمان والسلامة، أعلنت الفصائل المقاتلة في حلب والإئتلاف المعارض رفضهم الخطة ما يعيد خلط أوراق سياسية لا ينقصها الخلط أساساً. فما يجري في المنطقة الجنوبية والشمالية والريف الحلبي كافٍ لخلطها بدءاً من الإنهيار الدراماتيكي لمجموعات النصرة في الجنوب وإنهاء حلم المناطق العازلة على الحدود «الإسرائيلية»، وإنتهاء بمعارك الشمال وتقدم وحدات الحماية والجيش على رغم محاولات تركيا قلب المشهد عبر دخول «داعش» قرى تل تمر مروراً بحلب مربط الفرس الأممي وحل «حركة حزم» المعارضة، بعد أن أكلتها «جبهة النصرة» وإنتهاء النموذج الأبرز لأسطورة «المعارضة المعتدلة» بعد ثلاثة عشر شهراً من التدريب والتسليح الأميركي – التركي.

مجمل هذه التطورات يناقشها الحوار المشترك بين صحيفة «البناء» وشبكة «توب نيوز» مع أمين سر هيئة العمل الوطني الديمقراطي ميس كريدي والأمين العام لحزب الطليعة الديمقراطي نوفل عبدالله نوفل.

صراع المعارضة على دعم دي ميستورا

فقد رأت كريدي «أن المفاعيل الدولية في سورية تتداخل كثيراً، وهو ما يجعل قبول القوى العسكرية في حلب لخطة دي ميستورا مستغرباً نظراً الى عدم توحد هذه القوى وتعدد مرجعياتها وتوجهاتها بالإضافة إلى أن مفاعيل الحرب في سورية لم تنته بعد، ولعدم قدرة القوى السياسية المعارضة على تحديد الرؤية العسكرية للواقع.

وأشارت كريدي إلى أن «القوى السياسية المعارضة بمجملها دعمت خطة دي ميستورا، لكن ما وراء الأكمة يبدو الصراع المتعدد الأوجه ما بين صفوفها وهو ما لا يسمح بإنتاج حالة ضاغطة سياسية حالية».

وطالبت كريدي بخلق حالة شعبية ضاغطة وراء كل مبادرة، تمنحها فعالية حقيقية توازي حالة الحشد الشعبي للنظام. وقالت: «ربما للمعارضة العسكرية بعض الحشد «النمطي» يوازي نمطية داعمي داعش وأصحاب الخيارات الطائفية».

وتابعت «لو جلست تلك المعارضة السياسية على طاولة واحدة واتفقت على دعم تلك المبادرة ربما أدت الى تغير مداري لتلك المبادرة».

ولفتت كريدي إلى غياب أي قرارات دولية جدية خاصة بالشأن السوري، سوى وثيقة «جنيف-1» وهذه الوثيقة كل طرف يفسرها على هواه ضمن المعارضة على الأقل.

وأشارت كريدي إلى أن الإئتلاف يأتمر بأوامر تركيا التي لديها مخطط إقليمي، وهي قلقة عليه جرّاء تنفيذ خطة تجميد القتال في حلب.

وأضافت: «عندما تحدثت هيئة العمل الوطني عن مبادرة دي ميستورا لم تكن النيات متحققة، وهذا ما يجعل تركيا تطالب بتعميم هذه الخطة على باقي المناطق لتشتيت المبادرة. فالأجندة الإقليمية لتركيا تعتقد انه من المبكر تحقيقها». وأكدت أن صراع الأجندات الإقليمية هو الفاعل في هذه الفترة، وهو ما تريده تركيا لجهة استمرار الدمار في الشمال السوري».

ورأت كريدي أن مسألة «ريف دمشق مختلفة كون المصالحات وصلت اليها والتي تعيد الحياة الطبيعية إليها، كما حصل في أماكن كثيرة، أما التجميد فيسعى الى وضع «حد» بين القوى المتطرفة والشعب السوري».

الإئتلاف خارج السرب الوطني

وترى كريدي أن الإئتلاف يبتعد في الرؤية السياسية عن باقي قوى المعارضة الداخلية، التي خلافاتها تشبه ما «تدعي» الحرب عليه، مثل «الإستبداد». فخلافات المعارضة هي على الزعامة المعارضة وهذا وهم مطبق عملياً. وأكدت أنه «لولا الكيان المؤسسي للدولة لكنّا في وضع أسوأ بكثير مما نحن عليه الآن، وهذه القوى السياسية تتوهم شرعية دولية لها تجعل منها باحثاً عن زعامة في موقعها. علماً أن من يجلس في الخارج وفي إسطنبول لا شرعية شعبية له».

وأضافت: «الآن مع عرض الحاجة إلى المعارضين «المعتدلين»، تصبح هناك حاجة لـ«شطف ماء وجه الصراع» ومسح عورته، بتظهير قوى سياسية تصبح حاجة للزوم التسوية عبر إيجاد حل سياسي في شكل احتيال سياسي في لحظة التوافق الدولي إذا تمكنت هذه المعارضات من التخلي عن سياسة الـ»أنا» وقدمت حالة محترمة سياسية لا تستطيع الدول أن تناقشها».

ولفتت إلى خيار المعارضة الوطنية الأخلاقي، وهو ما كان يجلب لها بعض التعاطف الشعبي، لكن ما حصل في الأزمة السورية من حالة تعرية للأمور، بدت كمنتج من الحدث نفسه ما جعلها تخسر خيارها الأخلاقي، وازديادها بخيار «العزلة». واعتبرت أن العمل الوطني لا يحتاج الى أي أجر فعندما يصبح مأجوراً تنتفي عنه صفة الوطنية.

خريطة طريق وطنية

حول خريطة الطريق الوطنية من أجل سورية التي أطلقتها الهيئة قالت كريدي: «الشعب السوري يجب ان يحدد خرائطه بنفسه فعندما نكتب خريطة الطريق للشعب السوري يجب أن يشترك فيها التكنوقراط والكتّاب والمفكرون وغيرهم. هناك من يكتب خرائط تشعرك انه يعيش في الأحلام، أما نحن فقدمنا خريطة طريق صادرة عن الفيديرالية السورية لحقوق الإنسان وتضم حوالى 45 منظمة حقوق إنسان غير مرخضة لدى السلطات السورية تتضمن وقف العنف وإعادة السلم الأهلي، وأرفقناها بملاحظة بسيطة هي أن هيئة العمل الوطني لا تخرج عن يقينها السياسي بأن مفاعيل الحل السياسي تنطلق من ورقة إعلان بيان «جنيف-1» ولكن نتبنى ورقة مقترح «الفيديرالية السورية» الصادرة ونثمنها، لأننا رأينا فيها أنها الحد الأدنى الذي يتحدث عن الأمان المجتمعي».

وأضافت: «هوجمنا عندما قلنا إن الحل يجب أن يكون في دمشق بعقد مؤتمر وطني عام، وبعد زياراتنا مبعوث الرئيس الروسي ميخائيل بوغدانوف، اتهمنا من سائر قوى المعارضة بأننا نريد إنزال سقف المعارضة بطلب حوار»غير مشروط» مع السلطة». وأضافت: «اليوم نحن في حاجة الى خيارات وطنية أكثر من خيار الأخذ والرد بين المعارضة، ونقول إن جميع القوى السياسية هي صنيعة وطن باستثناء الإئتلاف الذي تم تركيبه على حساب رقبة الشعب السوري، وهو يعبر عن صراعات إقليمية فهذا كان يتداعى لولا أن حوارات تيارات معارضة في الداخل أعادت له الحياة.

وطالبت كريدي بغربلة سياسية حتى لا يتم انتهاك حرية المؤتمر الوطني العام، الذي يجب ان يقول فيه الشعب السوري كلمته الموحدة.

زمام المبادرة للشباب

وترى أمينة سر هيئة العمل الوطني الديمقراطي أن التنظيمات الدولية ليست جمعية خيرية ولا تنطلق من ملامستها لمشاعر الجماهير مشيرة إلى أن «هناك عملاً مجتمعياً، جزء منه تحت سيطرة النظام وجزء منه بعيد منه وغير مرخص. فالحوار المجتمعي يبدأ بحوار أطر الشباب ولا يجوز قولبته لأنهم بالتفكير يخرجون عن هذه القوالب»، وقالت: «الهيئة لا تفكر بمفاعيل الإخراجات السياسية التي تحدث في الخارج بل نفكر بمفاعيل تفاعل الشباب في الداخل وإعادة إحياء العمل الشاب المجتمعي».

لافتة إلى أن مجلس الأمن خلق حتى يؤخر قرار التطبيق ويشكل عصابة لفرض التوصيات الدولية ونحن نبحث عن عمل مجتمعي لا عن أطر هامشية.

فالشباب السوري عندما يملك زمام المبادرة فهو سيسعى الى الإنجاز من دون التموضع تحت الشعارات.

معارضة أوهام

من ناحينه، وصف نوفل عبدالله نوفل الأمين العام لحزب الطليعة الديمقراطي المبعوث الأممي إلى سورية بالشخص الواقعي والعقلاني أكثر من غيره ولديه النيات الطيبة لإيجاد الحل والمخرج من الأزمة في سورية. واعتبر رفض المعارضة مبادرته بحجة انها لا تتوافق مع القررات الدولية بالحجج الواهية. وقال: «لم يكونوا ولن يكونوا يوماً أصحاب قرارهم بل هذا ما أراده أسيادهم».

واعتبر أن أي حل للأزمة يتوجب البحث مع أسياد المعارضة «تركيا والسعودية والغرب التي ما زالت تسلح وتحشد للمعارضة وهذا ما يمنع الحل».

واعتبر نوفل أن المعارضة ما زالت بأوهام عام 2012 بالإصرار على شعارات رحيل الرئيس بشار الأسد وقال: «الميدان هو الذي يحدد إلى أين سيتجه مصير سورية»، مؤكداً أن المعارضة تملك مشروع تدمير الدولة السورية بفكر إرهابي ووهابي وتكفيري وهو يتناقض مع مشروع العروبة ومن المؤسف انضمام بعض اليسار تحت عباءة الاخوان المسلمين، إلى هذا المشروع».

وتعقيباً على الزيارات المتكررة للوفود الغربية إلى سورية قال نوفل: «مواقف الدول تتغير وما زال بعض الغرب فاقداً الإنسانية ومؤمناً بتدمير سورية البعض منهم والبعض في طور المراجعة وهنا تأتي الوفود الكثيرة وقدوم الوفد الفرنسي بعلم قصر الإليزيه».

أزمة ببعدين خارجي وداخلي

يؤكد نوفل أن الازمة السورية ذات بعدين: بعد خارجي وآخر داخلي. البعد الخارجي أهميته اكثر من البعد الداخلي الذي لا يخفي أخطاء لا تستحق تدمير البلد ويجب فصل القضايا الداخلية عن الخارجية ووجوب أن نبحث عن حلول بين السوريين لا البحث في قضايا تؤدي الى تدمير هذا البلد».

وأضاف: «من أكل وشرب على موائد هذا الوطن وأثر عليه كانوا هم أول من غدر به» مشدداً على أن ما ينقص سورية هو عدم الوصول الى مرحلة المحاسبة رغم المساءلة.

مشهد سياسي لا يلبي الطموح

يؤكد نوفل أن القوى السياسية لديها كثير من الحركة وقليل من البركة. فالمشهد السياسي المستجد في سورية لم يكن ملبياً لطموحات الشعب السوري ولا لتطلعاته بعد غياب نصف قرن بقي محصوراً في اتجاه واحد ولون واحد ما خلق حالة من الجمود، وأضاف: «الآن سورية في حالة ارتباك ومهمة القوى الوطنية الشريفة من أحزاب جديدة وقديمة ومن قادة رأي ومجتمع، استنهاض القوى الحية في مجتمعنا وخلق حراك سياسي». وأكد أن «المشهد السياسي الجديد عبارة عن مجموعة هواة ومنافقين ومن حملوا أحقاداً قديمة». وزاد: «ليس كل من اشتغل غايته وطنية والحقد لا يصنع ثورة ولا مستقبلاً».

ورأى نوفل أن مشروع المنطقة العازلة سقط بالنظر لانجازات الجيش العربي السوري وتقدمه. وأشار إلى انحسار مشروع «داعش» في حلب وأريافها وعين عرب، كما أن «داعش» هو كما صورته سورية بفكره الظلامي التكفيري التخريبي. وأضاف: «هذا الشرق على موعد مع المآسي سواء بالمصادفة أو بالتحقيق. فبعد قرن من الزمان يعيد التاريخ نفسه فالجرائم العثمانية تتكرر اليوم بحق الأرمن والآشوريين والسريان على يد قوى مدعومة من تركيا».

واعتبر نوفل أن طرح المعارضة المعتدلة ألاعيب سياسية يمارسها الغرب في محاولة منه للتعمية والتضليل.

محور المقاومة فاعل

ونوه نوفل بفاعلية محور المقاومة من سورية وحزب الله وايران والعراق الحديث وروسيا استكمالاً للبعد السياسي للصين وقوى في أميركا اللاتينية، وهو محور مستهدف من الغرب ويحاول أن يضغط لتغدو الأزمة السورية بوابة ومسرحاً للحل من أوكرانيا إلى اليمن ومصالح للغرب والركيزة الأساسية لصدام في سورية وان سورية وهي التي تحدد المسار وترسم المعادلة والموقع والموقف والدور.

«دمشق- 1» بمن حضر

وأكد نوفل أن ما حصل في موسكو واللقاء التشاوري يثبتان بأن السوريين حين يلتقون من دون وصاية خارجية يستطيعون الاتفاق وكان الاتفاق في موسكو أن سورية هي وحدة الشعب والأرض، ويؤكد أننا كسوريين من دون أجندات خارجية نستطيع أن نتفق وإن في الحد الأدنى. وأضاف: «الذين ذهبوا إلى موسكو بعضهم مرتبط بأجندات خارجية واعتقد بأن «موسكو- 2» لن يعقد أما «دمشق -2» فقد يعقد بشرط أن نبعد الخارج عن قراراتنا وهذا مستيحل ونرسم شكل مستقبل الوطن والاجتماعات بمن حضر وهو خيار غير مستحب لكنه الأنسب».

يبث هذا الحوار كاملاً اليوم الساعة الخامسة مساءً ويعاد بثه الساعة الحادية عشرة ليلاً على قناة «توب نيوز» على التردد 12034

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى