اختلاجات الآفاكين في غزوة واشنطن… يوم صدق نتنياهو

رئبال مرهج

صدق نتنياهو أم كذب، قارب الحقيقة أم نافق، صفق له الكونغرس أم قاطع، لا يهم. فالكلمة لم يستمع إليها أوباما. خفف مسؤولو البيت الأبيض الحدة فقالوا إن الرئيس الأميركي قرأ النص ولربما أيضاً، لم يقرأه!، فالحكاية طويلة وفي تفاصيلها رواية.

تفاصيل طويلة معقدة اختزلتها عبارة نتنياهو التي ربما وحدها كانت الصادقة: «الإسرائيليون قلقون بشأن بقائهم على قيد الحياة»، في إشارة إلى الخطر المستقبلي على بني صهيون نتيجة «إذعان» أوباما أمام طهران… وأي إذعان!

فمنذ أكثر من ثلاثين عاماً ومن رحم مثلث الصمود خلده – ولد مثلث المقاومة مبشراً بمحور يمتد من طهران لدمشق فبيروت، بوصلته القدس وهدفه النصر، فجاء الختام على مثلث تلال فاطمة جنوب سورية، يوم كسرت مغامرة نتنياهو الأخيرة. ثلاثون عاماً و«إسرائيل» في بطشها تحاول كسر إرادة الشعوب، لحماية كيانها الغاصب، فكانت النتيجة ما صرخ به رئيس وزرائها في غزوته للعاصمة التي ربما لم تعد الأقوى واشنطن.

ثلاثون عاماً وأميركا تحمي ربيبتها، لا بل تفعل لها ما تريد كي تبقى محمية ولا تغضب ولكن ماذا كانت النتيجة ؟

مزيد من المستنقعات والوحول، ولا حلول.

الحلول التي جاهد أوباما ليقنع رئيس وزراء بني «إسرائيل» بأنه لا يمتلكها، ولن يبتكرها. فإرادة الشعوب الراسخة رسوخ حطين وعين جالوت في تراب «أسيريا» والمغمدة «بسيف الحق» في طهران، كسرت «درع داويد» وارتد على رؤوس مبتدعيه في تل أبيب، فحان وقت الحقيقة، الحقيقة التي باح بها نتنياهو علناً والتي حتى في وقعها الأليم لم تلق الآذان الصاغية عند أصحاب المصالح، فأوباما لم يرَ في كلام نتنياهو أي بدائل لمنع إيران من استحواذ السلاح النووي، مقللاً من أهمية كلامه، بينما ذهب مساعدوه إلى اتهام نتنياهو بالثرثرة بلا فائدة، فالنتيجة التي تسعى إليها وزيرة خارجية الاتحاد الأوربي قد اقتربت، فلا داعي للبكاء ونشر المخاوف والقلق.. ولكن نتيناهو في قلقه صادق يا موغريني، التي هي ربما في داخلها تعلم، ولكن ما العمل؟

نتنياهو المصاب بخلجات الخوف والذعر عليه أن يقلق أيضاً على مستقبله السياسي كرئيس لحكومة «إسرائيل» فها هو زعيم المعارضة في يتسحاق هيرتسوغ يوجه الانتقادات لنتنياهو قبل الانتخابات متهماً إياه بجلب العزلة لـ «إسرائيل»، واصفاً خطابه في أميركا بالمسبب الأول للضرر في العلاقات بين كيانه والولايات المتحدة الأميركية، الذي ستدفع «إسرئيل» كلها ثمنه ومعترفاً بحقيقة أنه مهما كان وقع الكلام الذي ابتدعه نتنياهو في واشنطن، فإنه لن يوقف البرنامج النووي الإيراني ومع توالي التصريحات والتأكيدات أن إيران قد أصبحت بحكم الدولة النووية المعترف بها عالمياً وإقليمياً، فإن نتنياهو عندما يصل خائباً مذعوراً عائداً إلى تل أبيب، سيرى شاشات التلفزة موجهة إلى مكان آخر، متجاهلة رحلته الاستعراضية والمسرحية السياسية – كما وصفها علي لاريجاني- فالكاميرات تتجه إلى بغداد حيث ترتفع حرارة المعارك إلى الشمال منها، ناقلة هزائم ذراع «إسرائيل» – تنظيم داعش – ومشهرة انتصارت الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي والبيشمركة التي لم تخف إيران دعمها لها في إعلان شبه رسمي، يمثله ظهور قائد فيلق القدس اللواء قاسم سليماني وهو مجتمعاً وموجهاً للقوات الأمنية العراقية وقوات الحشد العشبي والعشائر العربية المتحالفة معها.

وعلى الضفة الأخرى في جنوب سورية، يستمر انهيار وهم جدار «النصرة»، «نصرة إسرائيل»، تحت ضربات جيش الحق، الجيش السوري، وليتشابك انتصار إيران النووي مع انتصارات عواصم الطوق العربي في بلاد سوراقيا، فتكتمل الصورة التي حيكت بمهارة وصبر وإتقان، وبالعزم والإكرام، كما تغنى في أهله المتنبي يوماً من التاريخ، ولمن لا يقرأ التاريخ، غاب عنه المستقبل – وهنا فقط لن تبقى «إسرائيل» وحدها مختلجة في خوفها، بل سيشاركها الخوف والذعر نفسه، أولاد العمومة، الرابضون الخائفون الضائعون… في صحراء السدير.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى