حردان: قيامة لبنان بقيام دولة مدنية ديمقراطية وبترسيخ معادلة الجيش والشعب والمقاومة وفي علاقات قومية مميّزة بين لبنان وسورية

بمناسبة الأول من آذار مولد الزعيم أنطون سعاده، ومساهمة في بناء «دار سعاده الثقافية والاجتماعية»، أقام الحزب السوري القومي الاجتماعي حفل عشاء في فندق «الحبتور سن الفيل»، حضره حشد من الشخصيات والفاعليات والأصدقاء.

وكان بين الحضور رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان، رئيس المجلس الأعلى الوزير السابق محمود عبد الخالق، نائب رئيس الحزب توفيق مهنا، رئيس المكتب السياسي المركزي الوزير السابق علي قانصو، عضو الكتلة القومية النائب العميد د. مروان فارس، عضو المجلس الأعلى النائب السابق غسان الأشقر، الرئيس الأسبق للحزب مسعد حجل وعدد كبير من المسؤولين المركزيين في الحزب وقيادات المناطق.

كما حضر الحفل وزير التربية الوطنية الياس بو صعب، والنواب: الأمين العام لحزب الطاشناق هاغوب بقرادونيان، ابراهيم كنعان، نبيل نقولا واسطفان الدويهي، سفير روسيا الاتحادية الكسندر زاسيبكين، السفير السوري علي عبدالكريم علي، سفير الجزائر، السفيرة غرازييلا سيف، ممثل نائب رئيس الحكومة السابق عصام فارس العميد وليم مجلي، والوزراء والنواب السابقون: د. عدنان منصور، رئيس الجامعة اللبنانية د. عدنان السيد حسين، بشارة مرهج، الأمين العام لحركة النضال اللبناني العربي فيصل الداود، كريم الراسي، نادر سكر، جهاد الصمد، بهاء الدين عيتاني، إميل إميل لحود, وكميل خوري. وحضر رئيس حزب الوعد جو حبيقة، المدير العام للضمان محمد كركي، وقيادات حزبية ونقابية وثقافية واجتماعية واقتصادية وهيئات نسائية ورؤساء بلديات ومخاتير وفاعليات وإعلاميون.

حردان

استهلّ الحفل بكلمة ترحيب وتقديم من عميد الاذاعة والاعلام وائل الحسنية، ثم ألقى رئيس الحزب النائب أسعد حردان كلمة جاء فيها:

بيننا وبين آذار… ميلاد وانبعاث…

ميلاد الفكر الجامع الذي يشكل جسر التلاقي بين أبناء الشعب الواحد والقضية الواحدة.

الزعيم أنطون سعاده، الشخصية الاستثنائية، هو ينبوع هذا التدفق، المتجدّد على الدوام براعم وزهراً وثمراً وخيراً وعطاءً لا ينضب.

معه صار للأمة مفهوم علمي… وصار للحياة معنى أسمى من العيش، وصار للربيع حكايات لا تعرف النهايات.

هو الأمل الذي يتحدّى عوامل اليأس… والفجر الذي يبدّد الظلمات… والوعد الذي تحقق في نَبض أبناء النهضة، وترسّخ وعياً وإرادة وتصميماً ونضالاً وتضحيات وشهادات ترسم لشعبنا طريق الفلاح والعزة والنصر، وترسم لأجيالنا المتعاقبة صورة الوطن الجميل، ومعالم الحياة الحرة الراقية…

هو إشراقة فجر جديد… امتدّ في مسيرة كفاح ومقاومة ترتفع قمة بعد قمة وتبحث عن انتصار بعد انتصار.

بِهدْي فكره ومبادئه، نحن مشدودون دائماً إلى الوحدة، وحدة شعبنا وبلادنا التي هي مصدر قوتنا، ومشدودون إلى حقنا وحقيقتنا وهويتنا الحضارية وتاريخنا المصنوع من أشعّة المستقبل.

في واقع المنطقة والعالم أحداث كبيرة وتحدّيات مصيرية، ولبنان جزء يتأثر حكماً بزلزال المنطقة، وهو الأكثر تضرّراً من التداعيات، لأنّ بنيته هشّة، ومعظم القِوى فيه، تترجم الطائفية والمذهبية في سلوكها وممارساتها، وفي خطاباتها، وفي حواراتها وخصوماتها، وفي كلّ تفصيل من تفاصيل الحياة السياسية.

لقوانين تغييرية وإصلاحية

دَفْع الخطر عن لبنان يحتاج الى إرادة وطنية تتلمّس معاناة اللبنانيين وتتحسّس مظالمهم، وتحمل بصدق مشروع الدولة وتحقيق المواطنة الحرة النظيفة خياراً في وجه طائفية مستشرية ومذهبية هدّامة.

إنّ دَفْعَ الخطر لا تحققه خطبٌ على المنابر، بل إرادة صادقة وذهاب جادّ إلى قوانين تغييرية وإصلاحية، تبدأ بقانون انتخاب على أساس النسبية والدائرة الواحدة، قانون يؤسّس لوحدة اللبنانيين ومستقبلهم ومصيرهم الواحد، وبسياسات اجتماعية اقتصادية توفر الرعاية والعدالة للمواطنين.

انّ ألف باء تحصين لبنان من تداعيات الخطر تتمثل في وضع المصلحة الوطنية فوق الاعتبارات الصغرى والحسابات الخصوصية، وفي تغليب التلاقي على التصادم وفي انتخاب رئيس جديد للجمهورية، نعم رئيس جمهورية لكلّ لبنان ولكلّ أبنائه، رئيس مؤتمن على الدستور وعلى ثوابت لبنان وخياراته، وفي تفعيل عمل مؤسسات الدولة الجامعة الموحّدة بين اللبنانيين، بما في ذلك تفعيل العمل الحكومي بما يحدّ من مسبّبات إصابة البلد بالشلل والموت والاهتراء.

نحن نرى أنّ قيامة لبنان المُعافى مشروطة بقيام دولة مدنية ديمقراطية غير طائفية ومذهبية، وبمؤسّسات فاعلة ومنتجة، تعمل وتخطط وترسم مسارات مستقبلية بعيدة كلّ البعد من ثقافة التفتيت المذهبي حتى لا تقع فريسة المخططات المعادية المستهدفة وحدة بلادنا وشعبنا.

كما نراها في ترسيخ معادلة الجيش والشعب والمقاومة وفي علاقات قومية مميّزة بين لبنان وسورية. ولا يخالفنا أحد في هذه القناعة، إلا الذين صاروا جزءاً من منظومة الحرب الإرهابية على سورية ولبنان والمنطقة.

قلق على الأمن والاستقرار

لبنان في مرمى الخطر الإرهابي، وكلّ كلامٍ عن نأيٍ بالنفس في هذا الوقت، وما شاكل ذلك، هو دفنٌ للرأس في التراب. فآلاف الإرهابيين في سلسلة جبال لبنان الشرقية، والخلايا النائمة كثيرةٌ، والجرائم التي ارتكبتها المجموعات الإرهابية حية في الذاكرة، ولهذا نجدّد إبداء قلقنا على الأمن والاستقرار في لبنان، ونجدّد مطالبتنا باستراتيجية لمواجهة الإرهاب قبل فوات الأوان. وألف باء هذه الاستراتيجية وحدة اللبنانيين حول مواجهة هذا الإرهاب بعيداً من أي تبرير لهذا الإرهاب وجرائمه. وهنا نطالب الحكومة اللبنانية التنسيق مع الحكومة السورية في الملفات الأمنية، وفي غيرها، من الاتفاقات الاقتصادية والاجتماعية التي تعزز حياة المواطنين واستقرارهم.

لإزالة «الفيتو» عن تسليح الجيش

إنّ الضرورة الوطنية تتطلب أن يكون الجيش اللبناني قوياً وقادراً. قوياً في مواجهة «إسرائيل» وقِوى التطرف، وقادراً على صون أمن البلد وحماية الاستقرار والسلم الأهلي. وحتى يكون كذلك يحتاج إلى تسليح نوعي وفق حاجاته هو وليس وفق اعتبارات الأمن «الإسرائيلي». ونحن نتطلع إلى إزالة «الفيتو» عن عروض التسليح غير المشروط. وفي هذا السياق نؤكد وقوفنا الى جانب الجيش… ونحيّي شهداءه وتضحياته… مطالبين بأن تطلق يده لتنسيق عملياته مع الجيش العربي السوري البطل بُغية القضاء على الإرهاب في سلسلة جبال لبنان الشرقية، هذا الإرهاب الذي يقتل ضباطاً وجنوداً لبنانيين ويختطف آخرين… هو نفسه يقتل الناس ويرتكب المجازر ويدمّر البنى التحتية والمصالح الحيوية والآثار والحضارة والتاريخ في الشام وفي العراق وفي غير مكان، ويؤسس لعادات وأخلاق لا ترتبط بعادات شعبنا وأخلاقه.

تمدُّد الخطر الصهيوني

لقد تمدّد الخطر الصهيوني من فلسطين التي يعمل دائماً لتصفية مسألتها إلى سورية، ليس من خلال احتلال العدو الصهيوني للجولان وحسب بل أيضاً من خلال دوره في الحرب الكونية على سورية، فهو شريك في هذه الحرب، وبصماته بيّنة في هذا التدمير المنهجي وبخاصة لمعالمها التراثية والحضارية، وبيّنة في محاولة هذا العدو إنشاء حزام أمني في موازاة الجولان. نعم الحرب على سورية هي في طبيعتها وأهدافها حرب «إسرائيلية» بامتياز، لأنّ سورية واجهت المخططات الغربية والصهيونية في بلادنا، ولأنها وقفت إلى جانب مقاومة لبنان، هذه المقاومة التي أرست معادلة ردع هذا العدو المتغطرس، فلهذه المقاومة ألف تحية. كما وقفت سورية إلى جانب مقاومة فلسطين ومقاومة العراق، فكانت الحرب عليها، بهدف اسقاط نهجها السياسي وموقفها في معادلة الصراع القومي، لكن سورية، بفضل شجاعة قيادتها وبسالة جيشها، ووحدة أبنائها والتفافهم حول دولتهم، أفشلت أهداف هذه الحرب، وها نحن في فصلها الأخير قبل ولادة الحلّ السياسي الذي ينشده كلّ الوطنيين وكلّ المتضامنين معها، فإلى سورية، قيادة وجيشاً وشعباً ألف ألف تحية.

نعيد ونؤكد بأنّ الإرهاب واحد لا يمكن تجزئته بين تشكيل متطرف وآخر معتدل… ولا يمكن توصيفه بحسب مقياس البعض بين تشكيل «ثائر» وآخر «معارض». كلّ هذا للتضليل فإياكم والوقوع فيه. إنّ المجموعات الإرهابية المتطرفة هي الوجه الآخر للعدو «الإسرائيلي». هذه حقيقة دامغة ثابتة راسخة أكدتها وقائع الحرب الإرهابية على المنطقة، من سورية الى لبنان والعراق.

ثقافة الوحدة والصمود

والتصدّي لهذا الخطر مسؤولية الجميع. والمواجهة الناجعة تتمّ وفق معايير ثقافة الوحدة مقابل ثقافة التفتيت وثقافة الصمود مقابل ثقافة التدمير.

في رحاب شهر آذار، حيث للمرأة والأمّ والطفل والأرض عيدٌ، كلّ التحية للمرأة التي ناضلت وكافحت وتعذّبت وسُجنت واستُشهدت في سبيل قضيتها… تحية إلى جميع الأمهات العاملات في حقول الوطن الخصبة، وأخصّ بالذكر أيقونة النساء المناضلات المضحّيات الأمينة الأولى جولييت المير سعاده، التي تحمّلت إلى جانب الزعيم الخالد سعاده، مشاق كثيرة… لها كلّ الوفاء والحب والتقدير…

لكوكبة الاستشهاديات… سناء وابتسام ونورما ومريم وفدوى وزهر، منارات الحياة المتجدّدة، ولأمهات الشهداء اللواتي قدّمن فلذات أكبادهنّ على امتداد كلّ تراب بلادنا من فلسطين إلى لبنان وجنوبه إلى الشام والعراق، ولكلّ امرأة قومية ناضلت وقاومت وتركت بصمة… لهنّ جميعاً تحية الحب والوفاء…

وللمرأة المناضلة كلّ الدعم في مسيرة تأكيد الدور والحضور، حضور يفرض نفسه من خلال الدور والمهام، وليس على قاعدة «كوتات» تعطى من هنا ومن هناك، بل هو حق للمرأة ولدورها في المجتمع.

ختاماً،أنطون سعاده ليس مؤسّس حزب فحسب، بل هو صاحب فكر وعقيدة ورجل ثقافة وإبداع. وهذا الصرح الثقافي الكبير الذي يحمل اسمه، سيكون مركزاً للفكر والحوار ومكتبة قومية للثقافة ومتحفاً للفنون وداراً جامعة للندوات والمؤتمرات والحوارات، ومنبراً للتكامل والتفاعل.

فشكراً لكلّ من شاركنا مَهمة استكمال بناء «دار سعاده الثقافية والاجتماعية»، صرحاً للفكر والثقافة والإبداع، نشيّده معاً، باسم سعاده، رمز الفرادة والتجدد، وهو الذي شيّد لنا البناء الفكري ـ الروحي ـ المناقبي الذي يتّوج النهضة بالقيم العليا، ولا تزال شعلة فكره وَقّادة، تسطع شمساً ثانية، تفك أسر الحقيقة من عتمة الجهل والتخلف.

شكراً لحضوركم فرداً فرداً، شكر خاص لممثلي وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة.

التحية لكم جميعاً

وتخللت الحفل وصلتان غنائيتان للفنان ناصر مخول والمطرب عبد الجليل.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى