أمير قطر تموضع بين السعودية وإيران… والحوثيون على أبواب عدن خسرت الرياض رعاية الحوار والشروط المسبقة… فصارت الدوحة

كتب المحرر السياسي:

الرقص الأميركي على صفيح ساخن ما بين تفاهم الضرورة مع إيران وخصومة الأخوة مع «إسرائيل»، عبر تصريحات مرتبكة للرئيس الأميركي، تنقض بعضها بعضاً، تواصل بكلام للرئيس باراك أوباما عن تمسكه بحماية «إسرائيل» ودعمها لتبقى الأشدّ تفوّقاً في المنطقة عسكرياً، ثم بالإعلان عن التمسك بقيام دولة فلسطينية، وكذلك بالقول إنّ إيران لم تقدّم ما يجعل الاتفاق ممكناً، ثم مخاطبة إيران لتلقف الفرصة واقتناصها.

سيستمرّ هذا الرقص حتى الإعلان عن التفاهم المرتقب مع إيران، الذي سينتظر حضور الشركاء الأوروبيين الذين سيتولون ما تبقى من نقاط فضلت إيران عدم مناقشتها مرتين، والوصول بها إلى تسويتين، مرة في التفاوض الثنائي مع واشنطن، ومرة مع الشركاء في الخمسة زائداً واحداً، حيث فرنسا وبريطانيا ستحاولان المزايدة على الأميركي والتشدّد لانتزاع تنازلات جديدة، فيصير التفاوض الجامع هو الطريق لتفادي هذا البازار المفتوح.

بإنتظار غد الأربعاء الموعد المقرّر لاستئناف التفاوض، بقي اليمن مهيمناً على المشهد الدولي والإقليمي، حيث تمكن الحوثيون من تحقيق اختراق عسكري تمثل بالوصول إلى أبواب العاصمة الجنوبية عدن وقطع الطريق المؤدّي إليها من محافظات الضالع ولحج وأبين، بينما لوّحت السعودية بإرسال قوات «درع الجزيرة»، فرحّب الحوثيون بلحظة المواجهة، دون أن يتجرّأ السعوديون على التقدّم خطوة نحو التدخل، فتقدّم المبعوث الأممي لينتزع راية الدعوة إلى الحوار وتحديد مكانه من يد السعودية وهادي منصور، ويستثمر التقرّب القطري من إيران بعد زيارة الأمير تميم إلى طهران، وإدخالها في وساطة لإقناع الحوثيين بالقبول بالدوحة مكاناً بديلاً للرياض من جهة ومسقط من جهة أخرى، لاستضافة الحوار، فأخذ السعوديين من اليد التي توجعهم، حيث الجسم العسكري الوحيد الذي يقاتل ضدّ الحوثيين هو تنظيم «القاعدة»، وجاء بن عمر يتحدث علناً بهذا العنوان، محذراً من تسلّم «القاعدة» لجنوب اليمن، بسبب التعنّت في المواقف.

أبلغ بن عمر مجلس الأمن والأطراف المعنية أنّ الحوار سيكون في الدوحة، محلاً وسطاً بدلاً الرياض ومسقط.

اليمن إلى الحوار بلا شروط، لا تلك التي وضعها منصور هادي، ولا مجلس الأمن ولا مجلس التعاون الخليجي، فالحوثيون لن يسحبوا أيّ من قواتهم من المناطق التي تتمركز فيها، ولن يعترفوا بمنصور هادي كرئيس شرعي، والتفاوض سيتمّ على بديل متفق عليه لملء الفراغ الدستوري الناتج عن غياب رئيس يحظى بالإجماع.

تسابق المواجهة العسكرية إذا لم يتقدّم الحوار بسرعة، مع الحوار الذي يواجه تعقيدات كثيرة، سيبقي اليمن على فوهة بركان، سيتقرّر من حجم التقبّل السعودي للمتغيّرات مدى قدرة الحوار على تلافي المواجهة الشاملة، التي باتت قناعة الحوثيين أنّ عليهم الاستعداد لها ومواصلة التعبئة العامة نحوها، أمام كثرة المناورات التي لم تنتج شيئاً إلا التحضير للمزيد من الخطط السوداء وكسب الوقت للعودة للتصعيد.

لبنانياً، خصّص حزب الله رداً مفصلاً لكلام الرئيس السابق ميشال سليمان، متهماً إياه بطرح النأي بالنفس، لتغطية مشاركة مسلحين في الحرب ضدّ الدولة السورية، وبتناول سلاح المقاومة لحماية سلاح ميليشات الفتنة، بينما كانت شهادة رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة أمام المحكمة الدولية، موضوع تعليقات نواب ومصادر قريبة من حزب الله، أكدت أنّ شيئاً لن يتأثر في التواصل والحوار مع تيار المستقبل بسبب هذه الشهادة، لأنّ الحزب لا يقيم حساباً للمحكمة كلها أصلاً فلماذا يهتمّ بشهادة لا قيمة لها أمام محكمة لا قيمة لها.

محلياً يعود الاهتمام مجدداً إلى الجلسة التشريعية المُقرر عقدها الشهر المقبل. وتحضيراً لها تجتمع هيئة مكتب مجلس النواب اليوم برئاسة رئيس المجلس نبيه بري لوضع جدول أعمال الجلسة، والذي من المفترض أن يتألف من الاقتراحات والمشاريع التي أقرتها اللجان المشتركة، إلا أنّ الشغور الرئاسي وإصرار فريق 14 آذار على تشريع الضرورة سيحول دون ذلك.

وأكد النائب انطوان زهرا لـ«البناء» أنّ «الاجتماع اليوم هو للإطلاع من الرئيس بري على ما سيطرحه حول جدول الأعمال». وأشار إلى «أن حزب القوات الذي لن يقاطع اجتماع الهيئة، لا يزال على موقفه من الهيئة العامة التي لن يشارك فيها إلا للبحث في قانون الانتخاب والموازنة العامة التي تتضمّن ملف سلسلة الرتب والرواتب».

لكن النائب ميشال موسى أوضح لـ«البناء» أن «سلسلة الرتب والرواتب وقانون الانتخاب والموازنة لن تكون على جدول أعمال جلسة منتصف نيسان التي سيحددها اجتماع هيئة مكتب المجلس اليوم، على اعتبار أن اللجان المشتركة لم تنه درس السلسلة، واللجنة الفرعية المكلفة دراسة قانون الانتخابات لم تنه عملها، ومجلس الوزراء لم يبدأ بعد بدراسة بنود الموازنة».

وفي موضوع السلسلة، يعقد رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان اجتماعاً في العاشرة قبل ظهر اليوم مع نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع سمير مقبل ووفد من قيادة الجيش، لمناقشة الاقتراحات التي تتعلق بسلسلة العسكريين وفقاً لما تم التوافق عليه في جلسة اللجان المشتركة.

السنيورة يقدّم صورة سيئة للحريري

ووسط هذه الانشغالات، مثل رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة كشاهد أمام المحكمة الدولية الناظرة في اغتيال الرئيس رفيق الحريري. ووصف متابعون لهذا الموضوع حالة السنيورة أمام المحكمة بالارتباك والخوف والذعر والتخبط، الأمر الذي جعله لا يقدم إجابات محددة لهيئة المحكمة، ما اضطر الأخيرة إلى إعادة بعض الأسئلة من 8 إلى 10 مرات».

ولفت المعنيون إلى أنه على رغم «تحريف السنيورة في الوقائع وتلفيق الكثير مما يعرفه اللبنانيون، فإن السنيورة قدّم صورة سيئة عن الرئيس الحريري، منها انه يستميت من أجل السلطة وأنه مستعد لتقديم كل شيء من أجل المحافظة عليها بما في ذلك كرامته وماله!». ولفتت المصادر إلى أنه كان صاعقاً أن يذكر السنيورة أن الحريري لجأ إليه باكياً، بادعائه أن الرئيس السوري بشار الأسد هدده وأهانه إن لم يقدم على التمديد في خريف عام 2003، مع الإشارة إلى «أنه لو كان ذلك صحيحاً، فمعنى ذلك أن الحريري ابتلع الإهانة من أجل البقاء في الحكم وهو القادر على فعل الكثير من تقديم استقالته ومغادرة لبنان لكنه لم يفعل».

وأشارت المصادر إلى «أن إفادة السنيورة لن تؤثر على حوار حزب الله تيار المستقبل، فملفات المحكمة الدولية، وتدخّل حزب الله في سورية والسلاح مواضيع فيها ربط نزاع».

حزب الله: خطاب النأي بالنفس كان لإخفاء دور عسكري في سورية

من جهته، رأى حزب الله أنه «حين يكون الحوار نتيجته في الجلسة الماضية أن المصلحة استراتيجية في الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل، فإن خلاف هذا الرأي هو أصوات خارج المصلحة الاستراتيجية».

وشدد على «أن خطاب العبور إلى الدولة كان لإخفاء ممارسة ميليشيوية تقضي على الدولة وتثير الفتن، وأن خطاب النأي بالنفس كان لإخفاء دور عسكري متمادٍ في سورية»، مؤكداً «أننا نملك خطاباً واحداً ورؤيةً واحدةً وممارسةً واضحةً ومعلنةً نظهرها من دون أي ازدواجية». ولفت إلى «أن تسرية التعطيل من مؤسسة الرئاسة إلى المجلس النيابي ومن ثم بعض الذين يحاولون تعطيل الحكومة لن يؤدي إلى انتخاب رئيس للجمهورية».

وأكد «أن حزب الله يريد انتخاب رئيس للجمهورية اليوم قبل الغد»، معتبراً «أن نقطة الخلاف بينه وبين الفريق الآخر، هي عدم قبول الحزب برئيس يكون مطية لأحد، بل يريد رئيساً حرّاً شريفاً يحمي الوطن ويحمي بنيانه ويقضي على الفساد».

وشدد الحزب على «أنه يؤمن بالدولة اللبنانية القوية ودعامتها المقاومة والجيش والشعب»، لافتاً إلى «أن نجاح حزب الله في سورية مع القوى الشريفة التي واجهت داعش والنصرة والقاعدة كان مؤشراً إيجابياً ومهماً لحماية لبنان». واعتبر «أن المشروع التكفيري يصرّ على إدخال المنطقة في أتون الاضطراب المذهبي».

المشنوق يحمّل حزب الله وعون مسؤولية عرسال

في واشنطن اعتبر وزير الداخلية نهاد المشنوق، أمام الصحافيين اللبنانيين المقيمين في العاصمة الأميركية أنه «لا يوجد في لبنان منطقة فيها خطوط تماس سوى بلدة عرسال الحدودية»، محمّلاً المسؤولية إلى «حزب الله والتيار العوني اللذين رفضا نقل المخيمات الحدودية تحت عناوين مختلفة منها الهوس من التوطين». وأعلن أنه يتم «العمل لتشجيع السوريين على مغادرة عرسال إلى مخيمات البقاع، لكن هذا الأمر بحاجة إلى دعم مادي، وهو ما سنسعى إلى تأمينه في مؤتمر المانحين في الكويت».

وعن الشق السياسي لزيارته الولايات المتحدة، أوضح المشنوق انه سيتطرق إلى موضوع رئاسة الجمهورية «وضرورة وفاقيته». كما أشار إلى أن زيارته هي «لإعادة وزارة الداخلية إلى الخريطة الدولية»، موضحاً «أن لقاءاته مع المسؤولين الأميركيين ستركز على نقطتين أساسيتين: التدريب العالي والتطوير التكنولوجي للأجهزة الأمنية، خصوصاً أن الحرب التي يخوضها لبنان لها طبيعة مختلفة وتحتاج إلى أمور محددة، منها التدريب ورفع مستوى التقنيات».

وأكد «أن تغيير السفير الأميركي في لبنان لن يؤثر في مستوى العلاقات اللبنانية الأميركية». وقال: «وفي هذا الإطار سأطلب من المسؤولين الأميركيين الإسراع بتسمية سفير جديد في لبنان».

وعن ملف التفاوض الإيراني الأميركي، اعتبر وزير الداخلية «أن عدم التوصل إلى اتفاق بين البلدين ستكون له تداعيات على كل من لبنان وسورية واليمن والبحرين».

في غضون ذلك، حثت وزيرة الفرنكفونية والتنمية الفرنسية آنيك جيراردين لبنان على «انتخاب رئيس للجمهورية بعد عشرة أشهر من شغور المنصب وعلى إعادة تفعيل المؤسسات، من أجل الإفراج عن 166 مليون يورو مقدمة من بلادها لمساعدته على تحمل عبء أكثر من مليون لاجئ سوري». وأكدت جيراردين في مؤتمر صحافي في مقر السفير الفرنسي في بيروت بعد جولتها على عدد من المسؤولين اللبنانيين «تضامن فرنسا في مواجهة المحنة التي يواجهها لبنان والمرتبطة باستضافة لاجئين سوريين».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى