وطفة: خطأ معارضة الخارج رهانها على التدخل الأميركي لإسقاط النظام

حاوره سعد الله الخليل

في خضمّ التصريحات والتصريحات المضادة والتفسيرات المتضاربة تتسارع التحضيرات لمؤتمرات موسكو والقاهرة بنسختها الثانية، مؤتمرات تعوّل الأطراف المنظمة على نجاحها لتسجيل نقاط لمصلحتها وسط توقعات محدودة باختراقات في المشهد السياسي السوري في ظل تعنت الرافضين وإصرار قادة الحرب على سورية على المضي في حربهم بما يتماشى مع مشاريعهم البعيدة كل البعد من مصالح الشعب السوري.

عضو المكتب التنفيذي في هيئة التنسيق زياد وطفة رأى أن ليس لأميركا مصلحة في حل ينجز تحولاً ديمقراطياً في سورية. واعتبر أنّ الخطأ الذي وقعت فيه معارضة الخارج هو عندما تأملت أن أميركا ستتدخل لاسقاط النظام في سورية، مشدداً على أن الأزمة السورية لا تحل إلا بتوافقٍ سوري داخلي.

وفي حديث إلى «البناء» وشبكة «توب نيوز» الإخبارية اعتبر وطفة أنه لا يرى أي ارتباك في سلوك المعارضة السورية حيال التصريحات الأميركية، وقال: «لم تعبّر المعارضة السورية يوماً منذ بداية الأزمة في سورية عن خط سياسي واحد، ولا فرصة حتى الآن تدلّ على إمكان تجاوز هذه المعارضة أزمتها وأمراضها لتتفق على رؤية موحدة».

وبيّن أنّ «هيئة التنسيق استطاعت منذ بداية الأحداث أن تنظر بمنظار موضوعي إلى السياسة الأميركية ونجحت في توقعاتها بأن الولايات المتحدة لن تتدخل عسكرياً في سورية، وأنّ من يعتبر أميركا بلد إعلان الديمقراطيات يخطئ في قراءاته»، وقال: «أدركت هيئة التنسيق في رؤيتها للسياسة الأميركية الحالية أن الحدث السوري موضوع على الأجندة الأميركية في إطار الاحتواء وليست لأميركا مصلحة في نجاح «الثورة» في سورية ولا في إسقاط النظام».

لا جديد أميركياً

واعتبر وطفة أنّ تصريحات وزير الخارجية الأميركي جون كيري لا تحمل جديداً يدعو إلى الارتباك، فهو وزير خارجية دولة توافقت مع روسيا على حل سياسي منذ جنيف.

ورأى أن «ليست لأميركا مصلحة في حلّ ينجز تحوّلاً ديمقراطياً في سورية، ومنذ بداية الأحداث لم تكن أميركا داعمة للحراك في الشارع، وهذا هو الخطأ الذي وقعت فيه معارضة الخارج عندما راهنت على أنّ أميركا ستتدخل عسكرياً لإسقاط النظام».

وأشار إلى أنّ «الشعب السوري هو الوحيد الذي له مصلحة بأن لا تذهب الأمور نحو التدمير، وأنّ النظام كان يمكن له احتواء حتى المسلحين الذين نزلوا إلى الشارع والحركة الجماهرية الشعبية وتحويلها إلى إصلاح سياسي جدّي يقنع الآخرين».

وذكر وطفة أنّ «مصالح أميركا في المنطقة ثلاث، هي: أمن إسرائيل واستمرار تدفق النفط واستقرار يضمن تحقيق هذين الشرطين».

واعتبر وطفة أنّ «سورية من منظور العمق الاستراتيجي الأميركي هي الجبهة الشمالية لـ«إسرائيل»، والخطاب السياسي الأميركي المعلن في غالب الأحيان له طابع دعائي أو تضليلي». وأضاف: «هيئة التنسيق تقول إنّ أميركا عنصر فاعل ومهمّ في حل الأزمة السورية مع الحاجة إلى توافق عالمي، كما أنّ هيئة التنسيق ليست لديها أوهام بالنوايا الحسنة للإدارة الأميركية تجاه الوضع السوري».

الأزمة السورية والسوريون

ودعا وطفة إلى الفصل بين شعب بتعبيراته السياسية السلمية وبين فئات تمّ تحريضها واستفزازها واستدراجها إلى خيار العنف، وقال: «لسنا مع من حمل السلاح في وجه الدولة أو ردّ على العنف بالعنف واستقدام المال والسلاح والقوى الأخرى لتدمير البلاد بحجة الحسم العسكري».

ورفض ما يشاع عن اختلافات في هيئة التنسيق بين تيارين الأول يتزعّمه هيثم مناع وقريب من الإدارة المصرية، وآخر تتزعّمه جماعة «الإخوان المسلمين» تحت رعاية تركيا، وتيار وسط ينفرد في الدعوة إلى المزاوجة بين الاستراتيجيتين جمع ما بين مصر وتركيا، وقال: «لا يوجد في الهيئة تيار تتزعّمه تركيا، فهي قد حدّدت موقفها من النظرة التركية إلى الصراع في سورية منذ زمن، وترى في الموقف التركي المشترك مع الرؤية الأميركية بإنشاء مناطق عازلة إعتداء على الدولة السورية، داعياً «الإخوان المسلمين إلى التوافق على حلّ سياسي ونبذ السلاح»، وقال: «عندما التقينا معهم في باريس أقرّوا وثيقة تقرّ بالحلّ السياسي عبر العملية التفاوضية لبناء مجتمع ديمقراطي، فلا يجوز معاملتهم بالنوايا المسبقة».

ورأى وطفة أنّ إقصاء «الإخوان المسلمين» لانتهاجهم العمل المسلح يفرض إقصاء الكثير من القوى السياسية التي أيدت العمل العسكري مثل «المجلس الوطني» وأضاف: «الحلّ السياسي يٌفترض أن يكون حلاً توحيدياً غير إقصائي وبتوافق دول المنطقة».

وعن الانقسامات في الهيئة أكد وطفة أنها ناجمة عن خلافات تنظيمية لا أكثر، وقال: «الهيئة تفتح الأبواب لانضمام «تيار قمح» متى يريد».

وشدد على أن «الائتلاف يمثل جزءاً من المعارضة، وهو متورّط بالفساد المالي والالتحاق بأجندات خارجية والتشجيع على عسكرة «الثورة» وعدم استقلالية القرار، لكن كل ذلك لا يلغيه إن عاد إلى رؤية للحلّ السياسي المشروط ببناء مجتمع ديمقراطي»، وتابع: «الهيئة ليست من يمثل المعارضة ولا الشعب السوري، بل هي جزء يعمل على توحيد جهود المعارضة برؤية سياسية واحدة لتكون قادرة على تمثيل الشعب السوري، فهناك خطاب إقصائي متبادل بين النظام والمعارضة، والهيئة تسعى إلى خطاب وسطي بين الخطابين، مؤكداً انّ هيئة التنسيق تسعى الى الحضور والتمثيل في جنيف 3 لينتج منه رؤية موحدة ووفد يمثل بشكل أفضل المعارضة السورية».

بين موسكو والقاهرة

وأعلن وطفة أنّ «هيئة التنسيق لا ترى في موسكو طرفاً حيادياً تماماً، بل طرف أقرب إلى النظام، وجهودها غير كافية ومحدودة النتائج، فهي لا تستطيع أن تكون بديلاً عن «جنيف 3»، أما مؤتمر القاهرة فيختلف في مساره عن موسكو، الذي يسعى إلى معادلة خلق أجواء جديدة للعملية التفاوضية، وقال: «نحن نؤيد مؤتمر موسكو بغضّ النظر عن نجاحه أو لا، أما القاهرة فهي مشروع لتقارب وتوحيد جهود الحلّ السياسي، وليس في القاهرة مسلحون يريدون إسقاط النظام بالسلاح، بل فيها قوى وشخصيات وأفراد ترى أنّ الحلّ السياسي هو الحلّ الوحيد».

وأكد أنّ «قرار القاهرة بعدم مشاركة الإخوان المسلمين في اللقاء الموسع المقبل ربما هو ما يستبعد حضور الائتلاف في المؤتمر».

وطالب وطفة بمراجعة سياسية يخرج عبرها الجميع من سياسة التخوين والإقصاء لكلّ من يرغب بسورية ديمقراطية».

وتابع: «وافقت الهيئة على المشاركة في موسكو 2 بعد توجيه الدعوة إليها باسم الهيئة وليس بالصفة الشخصية، وسيكون الوفد بالكامل من أعضاء المكتب التنفيذي».

وشدّد على أنّ الحوار «السوري ـ السوري هو ما يأمل به إذا كان دمشق1 يحقق التوافق الداخلي والإقليمي والدولي ويضمن الرعاية الدولية عندها يكون أفضل من موسكو وجنيف».

إيران القوة الإقليمية الكبرى

وعن الانعكاسات الدولية على الأزمة السورية، أشار عضو المكتب التنفيذي لهيئة التنسيق المعارضة إلى أنّ «القوى الخارجية فاعلة في الحلّ السوري أكثر من القوى الداخلية»، مضيفاً: «انّ اللقاء الإيراني ـ الأميركي مفصلي وحاسم، لأنّ إيران الدولة الأكثر فاعلية سياسياً وعسكرياً في المنطقة، أما أميركا فهي الدولة الأكثر فاعلية في العالم، وبالطبع فإنّ لقاءهما سيترك أثره على المنطقة، وخصوصاً في الساحة السورية، معرباً عن اعتقاده بأنّ «نجاح المفاوضات الإيرانية الغربية سيكون اعترافاً بإيران كقطب فاعل في المنطقة ولن يكون ضعفاً لها على الصعيد السياسي والاقتصادي».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يُبث هذا الحوار كاملاً اليوم الساعة الخامسة مساءً ويُعاد بثه الحادية عشرة ليلاً على قناة «توب نيوز» على التردّد 12034

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى