المقعد المليء والقمة الشاغرة

د. سليم حربا

«إسرائيل» خطّطت وأميركا دققت ودعمت وأنظمة التطرف والعدوان تحالفت والسعودية نفذت عدواناً فاضحاً على اليمن وعلى سيادته وأرضه وشعبه، ليُسقط هذا العدوان ما تبقى من أقنعة وأوراق توت عن الدور الوظيفي السعودي في حرب دعم الإرهاب ومشاريع التقسيم والتشتيت والتفتيت لما تبقى من الجسد العربي المنهك، بتآمر من الجامعة العربية وقنابل الكيان الصهيوني وسواطير «داعش» وأخواته وأسلحة أميركا الفتاكة وفيروسات الطائفية والمذهبية الوهابية الإخونجية القاتلة.

يعكس العدوان السعودي على اليمن هستيريا الهزيمة وجنون العجز وأمّية الحساب وفقدان وعمى البصيرة، بسفك دماء الأبرياء من العرب وانتهاك القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة. عدوان خطّط له الحاخامات الصهاينة ونفذته المشيخات لهدم ما تبقى من ركائز الأمن القومي العربي، وتدمير الأقصى انطلاقاً من المسجد الحرام وتدعيم ركائز الأمن «الإسرائيلي» وبنيان حائط المبكى، ضدّ الشعب اليمني الأبيّ الذي رفع شعار «الموت لإسرائيل والبقاء للأقصى والفرات والنيل».

بدأ عدوان «طويلي العمر» على اليمن قبل أن تُرفع الأيدي عن الموائد العامرة بكؤوس من دماء السوريين والعراقيين والليبيين وفطير الصهيونية والوهابية والعثمانية المغمّسة بدماء المسلمين والمسيحيين، لتذهب الحكمة والفكرة وتأتي السكرة وتُقلع طائرات الموت وتقتل ملائكة الرحمة، ويقسم المخمورون، من المسجد الحرام، باللات والعزى وبرأس أميركا أنهم لن يتركوا يمنياً أو أي عربي يؤمن بالله وكتبه ورسله في مواجهة الشيطان الأكبر والأصغر.

نعم بدأ العدوان منذ أربع سنوات، عندما افترشوا مائدة الربيع الوهابي وها هو اليوم يكشّر عن أنيابه بجولة ومقامرة جديدة تسمى «عاصفة الحزم» لتهديد الأمن والسلم الدوليين، في بلد مثّل تاريخياً عقدة لكلّ المستعمرين وفي منطقة يشكل باب مندبها عنق زجاجة العالم وقصبته الهوائية ويمثّل شعبها «فوبيا» تاريخية لآل سعود وأشقائهم في التلمود، ليكون هذا العدوان هروباً إلى الأمام و محاولة للانتقام من عظام العظيم جمال عبد الناصر، بشهادة وتوقيع أحفاده في مؤتمر القمة العربية الموعود. المكتوب يُقرأ من عنوانه، وخصوصاً عندما اجتمع وزراء الخارجية العرب وقرروا تشكيل «قوة عربية» لحفظ ما يُسمى الأمن القومي العربي، فشرّعوا العدوان وقتل الآمنين وفتحوا الباب للكيان الصهيوني وسلاطين السلاجقة العثمانيين ومتطرفي باكستان وطالبان لتنصيبهم أمناء على الدين والعروبة وأمنها القومي.

لم تتمكن الجامعة العربية خلال ستين سنة، ورغم صولاتها وجولاتها التي دمّرت ليبيا وقسّمت السودان واستدعت إلى سورية والعراق العصابات الإرهابية من الشرق والغرب من أجل إسقاطها وتدميرها، أن تشكّل قوة «حرس شرف» في مواجهة الغول والسرطان الصهيوني الذي يحتل أرضنا ومقدساتنا ويهدّد أمننا وأماننا. فعن أي قوة وقمّة تتحدثون وسورية قلب العروبة النابض وميزان الصراع مع عدو الأمة العربية كرسيها شاغر؟ انظروا إلى هذا الكرسي هو شاغر لكنه مليء بكبرياء وشموخ الأمة، وهو البوصلة التي إن تمسكتم بها لن تضلوا الطريق، وإلا فسيكون المؤتمر شاغراً وكرسي سورية سيبقى مليئاً بالعزة والشموخ والصمود والمقاومة والعروبة.

وأما عدوان السعودية الآثم على اليمن، فهو إطلاق نار بأيد سعودية على رأس نظام آل سعود، وهو حماقة وخطأ استراتيجي يرسم بداية النهاية الحتمية للنظام السعودي… هو انتحار سعودي بسلاح أميركي على حلبة سيرك صهيونية.

بعد حين، ولن يطول ذلك الحين، سيفتش العالم عن طريقة لفكّ شيفرات العظمة والصمود والانتصار لشعب اليمن، كما يحصل الآن في سورية والعراق ولبنان وسيقول العالم: على نفسها جنت السعودية والسلاح في أيدي الأحمق يجرح.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى