الخلاف بين أردوغان وأوغلو: مسرحية قبل الانتخابات أم ماذا؟

حميدي العبدالله

تحدّثت تقارير إعلامية عن وجود خلاف حادّ بين الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان وبين حكومته، وتبادل الطرفان اتهامات حول السياسة الرسمية التركية إزاء الأكراد، بل إنّ أردوغان ذهب بعيداً واتهم رئيس الحكومة التركية بأنه يقيم اتصالات ويعمل لحساب فتح الله غولين.

الخلاف بين أردوغان وداوود أوغلو وأرينج نائب أوغلو شكل مفاجأة للكثيرين، لأنّ الانطباع العام هو أنّ داوود أوغلو وأيضاً أرينج يعملان لمصلحة أردوغان ويستمدّان وزنهما داخل حزب العدالة والتنمية من دعم أردوغان لهما، فهل تشكل مبادرة أوجلان لحلّ الأزمة الكردية أساساً لخلاف جدّي داخل حزب العدالة والتنمية، علماً أنّ سياسة حكومة داوود أوغلو إزاء الأكراد لا تختلف عن سياسة أردوغان عندما كان رئيساً للحكومة، أم أنّ هناك عوامل أخرى تفسّر هذا الخلاف المفاجئ؟

حتى هذه اللحظة يبدو أنّ الخلاف ليس جدّياً، وهو مسرحية جرى التخطيط لها عشية الانتخابات لضمان تحقيق النجاح في المعركة الانتخابية من قبل حزب العدالة والتنمية، لا سيما أنّ توجيه الاتهام إلى داوود أوغلو بأنه يتعامل مع فتح الله غولين من قبل أردوغان وانتقاده سياسة الانفتاح على الأكراد يسعى إلى تحقيق هدفين أساسيين، الهدف الأول، الحصول على دعم كردي لمرشحي حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المقبلة، فإيحاء أردوغان عبر تصريحاته بأنّ حكومة داوود أوغلو تقدّم التنازلات لصالح الأكراد هو دعاية انتخابية لحزب العدالة والتنمية الذي يرأسه داوود أوغلو في الأوساط الكردية. كما أنّ توجيه الاتهام إلى رئيس الحكومة التركية بأنه متواطئ مع فتح الله غولين وجماعته، فهي الأخرى دعاية انتخابية لصالح هذا الحزب في صفوف مناصري هذه الجماعة، فقادة حزب العدالة والتنمية على قناعة هذه المرة بأنه إذا لم يحصلوا على نسبة يعتدّ بها من أصوات الأكراد، وإذا ما صوّت مناصرو جماعة فتح الله غولين ضدّ حزب العدالة والتنمية، فإنّ هذا يعني أنّ مقاعد حزب العدالة سوف تتقلّص عما كانت عليه في البرلمان السابق، وهذا من شأنه أن يؤثر على خطط أردوغان، وحزب العدالة والتنمية، ولا سيما لجهة تعديل الدستور والاستمرار بالانفراد في الحكم، وقطع الطريق على وجود معارضة برلمانية قوية قادرة على إحباط هذه الخطط.

ومن الواضح أنّ هذه مخاطر جدية تواجه حزب العدالة والتنمية في ضوء استطلاعات الرأي، وفي ضوء نتائج الانتخابات البلدية الأخيرة، وحتى في ضوء نتائج الانتخابات الرئاسية، حيث لم يفز مرشح حزب العدالة والتنمية بأكثر من 52 من أصوات الناخبين، الأمر الذي يعني أنّ 48 من الناخبين يعارضون هذا الحزب وسياسته.

لكن هل تنجح مناورات حزب العدالة في الوصول إلى غاياتها؟ الأرجح أنّ ذلك صعبٌ في ضوء مستوى الخلاف بين فتح الله غولين وحزب العدالة والتنمية، ومستوى الخلاف وأجواء عدم الثقة بين الأكراد والحكومة التركية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى