تقرير درلي أميركا بين اليمن والنووي الإيراني

نيبال هنيدي

لطالما كانت سياسة الإدارة الأميركية الخارجية تعتمد على مقولة إن «المصالح الأميركية فوق كل شيء»، حتى لو كانت هذه المصالح على جثث الشعوب، وهي المستفيد الأول والأخير مما يحدث من التوتر في المنطقة، وخصوصاً بعد الربيع العربي الذي اختلقوه وحاولوا من خلاله تقسيم المقسم والمجزأ وتفتيت المنطقة العربية.

وفيما أميركا على وشك توقيع الاتفاق النووي التاريخي مع إيران، تنتظر ما ستؤول إليه الأوضاع في اليمن والذي سيصب على أي حال في مصلحتها، وهي التي لم تعلن أنها جزء من حلف العدوان السعودي على اليمن، لتضمن السير في الملف النووي ولعدم إغضاب إيران من جهة وطمأنة حلفائها أنها لن تتخلى عنهم ولو كان بمحض كلام من جهة أخرى. فاكتفى الرئيس باراك أوباما بتقديم دعم لوجستي واستخباري لعملية «عاصفة الحزم» في اليمن، في حين أن القوات الأميركية لا تقوم بعمل عسكري مباشر.

وفي هذا السياق، استطاعت السعودية أن تنجز مهمتها في توجيه ضربات لأنصار الله ومصادرة إنجازاتهم والسيطرة على المناطق الموجودين فيها، وبالتالي ستسترد أميركا دولة مهمة كاليمن بدا يظهر فيها من يرفض السيناريو الذي أعدته، والذي اختلف كثيراً بعد صعود أنصار الله للسلطة، حيث قال السفير الأميركي الأسبق بصنعاء إن ما يحدث في اليمن، تهديد خطير للاستقرار في المنطقة، والمصالح الأميركية والغرب، ووصفه بالسيناريو المخيف في إشارة إلى تقدم أنصار الله في الجنوب والشرق، ألم يزدهر الإرهاب في عهد الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح؟ ألم تنمُ القاعدة في اليمن في ظل عهد منصور هادي وكانت طائراتها تصول وتجول في سماء اليمن بحجة قصف القاعدة؟

وإذا أنتجت الحرب السعودية أجواء وصلت للتهيئة للتفاوض فإن المصلحة الأميركية ستكون في تبلور حلّ سياسي متوازن تكسب فيه دوراً، وتجلى ذلك في تصريح السفير الأسبق في صنعاء بضرورة عودة جميع الأطراف إلى طاولة الحوار وتصريح البيت الأبيض في بيان قال فيه إن مستشارة الأمن القومي الأميركي سوزان رايس ووزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند التقيا، واتفقا على أن التوصل إلى حل سياسي من خلال التفاوض هو أفضل نتيجة للأزمة في اليمن. وتحدث هاموند عن أن جهوداً تجرى لجمع الأطراف اليمنية معاً للاتفاق على حل سياسي. وقال: «أرجو أن يساند السعوديون والإيرانيون تلك الجهود».

أما إذا أخفقت السعودية ولم يتعدّ هذا العدوان تورطها في حرب من دون تحقيق النتائج التي أشعلتها السعودية لأجلها، في التشويش على سير الاتفاق النووي الإيراني بعد التحولات التي طرأت على هذا الملف في الفترة الأخيرة والتقدم الذي شهده، بعد تصريحات مسؤولين غربيين وإيرانيين إن أعضاء السداسية الدولية وإيران اقتربوا من التوصل إلى اتفاق إطاري لتسوية ملف طهران النووي. في حين يسير هذا الاتفاق في الاتجاه الإيجابي وخصوصا بعد التصريح الذي صدر عن الخارجية الروسية بأن لافروف وكيري يتفقان على إمكان عقد لقاء وزراء خارجية «5+1» وإيران في لوزان الأحد، في حين تعلم الإدارة الأميركية أنه كلما تأخر التفاوض كلما اكتسبت إيران هامشاً من الوقت لخلق واقع جديد.

وفي المحصلة فإن ما سيفضي إليه العدوان السعودي على اليمن سيكون حجر الأساس في إعادة هيكلة منطقة الخليج والتي تشكل الحلف الإقليمي للتفاوض مع إيران، والجميع يعلم أن حسابات الولايات المتحدة المصلحية في الجزيرة العربية تسعى فقط إلى درء الخطر عن المصالح الأميركية، ولكن هذه المرة ضمن سياق الاتفاق النووي الإيراني.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى