مدارات

توفيق المحمود

دخلت إيران مفاوضاتها مع السداسية الدولية بشأن برنامجها النووي بغية مناقشة الوصول إلى حل يقود الجميع إلى تسوية نهائية للملف النووي الإيراني وخرجت التسريبات تقول إن الاتفاق المبدئي قد تم، وها هي الجولة الأخيرة من المفاوضات قد أوشكت على الانتهاء، حيث يجتمع وزراء خارجية الدول المشاركة في المفاوضات في مدينة لوزان السويسرية لإنهاء مناورات أخذت شكل المفاوضات لمدة وصلت لأكثر من 10 سنوات.

وتسود حالة من التفاؤل هذه المرة بين الأطراف كافة ولكن يظل هذا على مستوى التصريحات الإعلامية فقط لا غير، وينتظر الجميع خروج الاتفاق المبدئي معبراً عن هذه الروح المتفائلة إعلامياً ليترجم ذلك على أرض الواقع.

قضية رفع العقوبات عن إيران قضية حساسة جداً داخل الاتفاق، فما زال الاختلاف قائماً بين الأطراف المشاركة في المفاوضات، وذلك من حيث كيفية رفع العقوبات المفروضة على إيران، التي فُرضت عليها بدعوى سعيها إلى امتلاك أسلحة نووية، حيث تشترط إيران رفع العقوبات كاملة وعلى دفعة واحدة، بينما ترى مجموعة الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة ضرورة رفع العقوبات تدريجياً، وقد رفض الفريق الإيراني المفاوض في الملف النووي بمدينة لوزان السويسرية مقترحاً تقدمت به السداسية الدولية لإبقاء جزء من العقوبات الاقتصادية المفروضة على طهران من أجل توقيع الاتفاق النووي إذ أعلن مصدر قريب من الفريق الإيراني أن إيران رفضت مقترحاً غربياً بالقبول بإبقاء جزء من العقوبات المفروضة عليها.

فإيران ترى أن هذه فرصة استثنائية للغرب لن تتكرر مجدداً إذا ما فوتتها الولايات المتحدة لأنها من يتزعم اتجاه المفاوضات والرسالة الخطية التي أرسلها الرئيس حسن روحاني إلى نظيره الأميركي باراك أوباما، والذي شرح فيها موقفه من العقوبات وضرورة التوصل إلى اتفاق لإنهائها، كما أجرى العديد من الاتصالات مع كل من روسيا، الصين، بريطانيا، فرنسا، وألمانيا، وأكد خلالها ضرورة عدم تفويت «الفرصة الاستثنائية» للتوصل إلى اتفاق، كما دعاهم إلى رفع جميع العقوبات المفروضة على إيران.

وأعلنت تسريبات من مدينة لوزان أن الجانبين ما زالا يناقشان عدد أجهزة الطرد المركزي التي سيسمح لإيران باستخدامها، وكمية اليورانيوم المسموح بها وأن وزيري الخارجية الإيراني والأميركي ظريف وكيري يعملان على صياغة مقترحات تسوية جديدة بشأن ذلك فإيران تمتلك 9 آلاف جهاز طرد مركزي حتى الآن قيد التشغيل وتقريباً العدد نفسه غير مفعل، نجحت إيران في هذه المفاوضات في إبقاء 6 آلاف جهاز مركزي تحت تصرفها وتسعى لرفع سقف التفاوض واكتساب المزيد، بينما تصر السداسية على عدم السماح بأي زيادة أخرى مع إمكان تدمير المتبقي وهو مازال تحت التفاوض وسيؤثر بشكل كبير في الصياغة النهائية للاتفاق، فهل ستقبل إيران بتدمير هذه الأجهزة ومنشآتها النووية أم ستعدل استخدامها كما يريد المفاوضون الغربيون أم ستتمكن من الحفاظ عليها كما تريد هي بالتحديد؟

مخاوف السعودية جعلتها تستبق بضربة عسكرية اليمن قبيل التوصل إلى الاتفاق الإيراني الغربي لتُفسد ما قد يتم الاتفاق عليه وتصريح الأمير تركي الفيصل الرئيس السابق للمخابرات السعودية إنه من المرجح أن تتوصل إيران والولايات المتحدة إلى اتفاق في المحادثات الجارية بشأن برنامج طهران النووي وهو ما يؤكد شعور السعودية بحجم التهديد في هذه اللحظات.

أخيراً انتهت منتصف ليل أمس المهلة التي حددتها إيران والدول الست المعنية بملفها النووي، للتوصل إلى إطارٍ لاتفاق سياسي يطوي الملف لكن هناك بعض خلافات ما زالت حتى ليل أول من أمس تعرقل الصفقة فهل سيتم توقيع الاتفاق بعد كل هذه المحادثات الماراثونية؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى