طرابلس تتحسّس خطر العواصف… ونصرالله اليوم لمفاجآت يمنية؟

كتب المحرر السياسي:

رغم ضجيج الحرب وصوت الصواريخ التي تهتز لها المناطق اليمنية، في ظلّ مواصلة الغارات السعودية على المناطق السكنية ومواقع الجيش اليمني، والمنشآت الاقتصادية والعمرانية بداعي تضييق الخناق على الحوثيين، تتقدّم بعض المؤشرات السياسية الإيجابية وفقاً للمراقبين الديبلوماسيين الروس الذين لا يزالون يرون الامتناع عن التصويت على القرار الخاص باليمن، جائزة ترضية ستساعد السعوديين للنزول عن الشجرة.

يواصل الطيران السعودي قصف الجسور والطرق، بداعي منع استعمالها من القوات التابعة للحوثيين، ومحطات الكهرباء بذريعة وقف تشغيل غرف عملياتهم، ومحطات ومستودعات الوقود بداعي تعطيل الآليات التي يستخدمونها، وهكذا مستودعات الأدوية والمستشفيات ومراكز الاتصالات، فيحاصر اليمنيين في العتمة والمرض والجوع والعنوان هو إنقاذ اليمن واليمنيين.

ما فعله «الإسرائيليون» مع غزة يكرّره السعوديون في اليمن، ويرفضون كلّ دعوات وقف النار، ويتحدّثون مثلهم عن حرب تحقق أهدافها وفقاً للخطط المرسومة، لكنهم تحت الطاولة يفتحون القنوات لتفاوض سري وغير مباشر، عبّر عنه صعود نجم خالد بحاح كنائب رئيس معيّن قبل يومين، وتراجع حضور الرئيس المستقيل منصور هادي، بصورة توحي أنّ المعلومات التي وصلت لـ«البناء» يوم تعيينه نائباً للرئيس عن تهيئته لتسلّم الرئاسة في التسوية الثانية، على طريقة تسلّم هادي لها في التسوية الأولى. ومن كلام بحاح على رغم التركيز على ربط الحلّ بكلّ العناوين التي وضعتها السعودية لحربها، بدا بوضوح أنه أراد تمرير جملة مفتاحية، هي أنّ عدن مفتاح الحلول وهو يتحدث عن مطالبة الحوثيين بالانسحاب من المدن، وتأشيرته هذه فسّرها مقرّبون منه أنها عرض واضح لمطالبة الحوثيين بمقايضة وقف النار بالانسحاب من عدن.

ردّ الحوثيين على خطاب بحاح، ركز بدوره على نقطة توحي ببدء التفاوض غير المباشر بقول الناطق باسم أنصار الله إنّ منصور هادي لا يصلح للرئاسة، وهو خائن لا مكان له في المعادلة السياسية، ما أوحى أنّ الجواب هو تنحّي هادي مقابل الانسحاب من عدن، بحسب المقرّبين من بحاح.

على خطى الحلّ السياسي والمساعي نحوه، ركزت روسيا على موقفها المنسّق مع إيران وعمان، وفقاً لتصريح نائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف، لكنه حلّ يبدأ من وقف شامل لإطلاق النار.

من تداعيات عواصف اليمن، لبنان يخشى على الشمال، وينتظر كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله اليوم، وما إذا كانت ستتضمّن مفاجآت يمنية.

على ضوء عاصفة الحزم، لا يزال السجال التوتيري بين حزب الله وتيار المستقبل مستمراً ويبشر بسجالات أكثر حماوة في الأيام المقبلة، مع الإطلالة المرتقبة للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الخامسة عصر اليوم في الاحتفال الذي يقيمه حزب الله تضامناً مع الشعب اليمني في مجمع سيد الشهداء، تحت عنوان «التضامن والوفاء وصرخة الحق في وجه السلطان الجائر»، في تأكيد على رفض العدوان السعودي الأميركي على اليمن. وأكدت مصادر مطلعة لـ« البناء» «أن السيد نصر الله سيجدد التأكيد أن حزب الله لن يتراجع عن موقفه الداعم للشعب اليمني وسيجدد دعوته السعودية إلى الحل السياسي، واستخلاص العبر من المجازر التي ارتكبتها ولم تجن منها إلا الخيبة»، وسيعالج الأمين العام لحزب الله في خطابه، الأزمة، من موقع المعني والعارف بالوضع الميداني».

ولفتت المصادر إلى «أن السيد نصر الله سيوجه انتقادات قاسية للسياسة السعودية في المنطقة ولعدوانها في اليمن»، وقراءة استراتيجية لما يجري في هذا البلد لا سيما بعد قرار مجلس الأمن حول اليمن الذي تحول إلى الساحة الدموية الحامية للصراع القائم بين المشروع التحرري الاستقلالي من جهة، والمشروع التبعي والاستعماري من جهة أخرى».

وأشارت المصادر إلى «أن محاولات الإيحاء أن حزب الله يعرض استقرار لبنان للخطر ليس صحيحاً، فحزب الله يقوم بالدفاع عن الشعب اليمني الذي وقف إلى جانب لبنان في تموز 2006»، فما يتعرض له الشعب اليمني اليوم يشبه ما تعرض له الشعب اللبناني في عام 2006»، معتبرة «أن تيار المستقبل مرتبط بالقيادة السعودية ويسعى إلى إرضائها».

وأكد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم «أن لنا الفخر أن نكون مع إيران الحرة القوية المقتدرة، وليس لنا أي فخر أن نكون زبانية أو أتباعاً أو من الذين يعملون بحسب المعاشات الشهرية أو الموازنات التي تأتيهم». واعتبر «أن عاصفة الحزم هي خطوة تخدم إسرائيل، وتفتت المنطقة العربية وليس لها علاقة بخدمة الشعب اليمني لا من قريب ولا من بعيد». ودعت كتلة الوفاء للمقاومة بدورها إلى رفع مستوى اليقظة والجاهزية لمكافحة الإرهاب التكفيري وخلاياه المتحركة والنائمة.

وردت السفارة الإيرانية على تصريحات بعض المسؤولين اللبنانيين مؤكدة أن مواقف هؤلاء لا علاقة لها بالدولة اللبنانية، داعية إلى «التمييز بين الفكر الظلامي المنتج للإرهاب والتطرف، وبين الفكر الذي يهتم بمساعدة البلدان والشعوب التي تنشد الحفاظ على حقوقها وأمنها في مواجهة المعتدين الصهاينة والمجموعات الإرهابية المسلحة».

وأكدت في بيان أصدره مكتبها الإعلامي أنه «ينبغي على الجميع أن يُدرك بأن المواجهة اليوم هي مواجهة رؤى وأفكار، لا مواجهة الأسلحة والمقاتلات الحربية، فهناك فكر ينتهي به الأمر إلى إيجاد الإرهاب سواء تمثّل بـ«داعش» أو بـ«النصرة» أو بـ«القاعدة»، في مقابل فكر آخر يحفّز الشعوب لنيل أبسط حقوقها الإنسانية والإلهية ويضع الشعوب في إطار جبهة مقاومة ضد الغاصبين الصهاينة». ولفتت إلى «أن الرأي العام یسأل كیف أن هذه الجبهة التي تشكلت الیوم ضد الشعب الیمني المظلوم، لم نجد أثراً لها عندما تعرض لبنان وغزة إلي الاعتداءات الصهیونیة الآثمة؟ ویجب أن یدرك الجمیع أن صفحات التاریخ لا ترحم المعاییر المزدوجة فی مقاربة الأمور ولا تنساها».

ونقل زوار رئيس مجلس النواب نبيه عنه قوله لـ«البناء» أنه «لن يمل ولن يكل عن السعي للدفع باتجاه الحل السياسي للأزمة اليمنية، انطلاقاً من علاقته مع طرفي الصراع، لا سيما أن استمرار الحرب في اليمن ستكون له انعكاسات سلبية على كل المنطقة».

في غضون ذلك، نقلت أوساط طرابلسية لـ«البناء» «قلق وخوف أهل طرابلس من أن يرتد الخلاف الإيراني السعودي والتصعيد بين حزب الله وتيار المستقبل توتراً أمنياً في المدينة»، مشيرة إلى «أن الأحداث الأمنية التي شهدتها منذ سنوات كانت نتيجة الصراع الذي كان دائراً بين تيار المستقبل وحزب الله»، مؤكدة «أن الوضع الأمني في الوقت الحاضر مستقر والأجهزة الأمنية تقوم بواجباتها»، مستبعدة «أن يسلم المطلوب شادي المولوي نظراً لطريقة تفكيره وعناده».

ولفتت الأوساط إلى «أن قضية عميد حمود مع زياد علوكي وشادي المصري تتفاعل في الشارع الطرابلسي، وتعكس الصراع السياسي الموجود في المدينة بين الرئيس نجيب ميقاتي الذي كان يدعم علوكي والمصري من جهة، وتيار المستقبل الذي كان يدعم عميد حمود ويموله من جهة أخرى». وأكدت «أن عميد حمود موجود حالياً في تركيا فهو ترك لبنان منذ حوالى أسبوعين بناءً على نصيحة». وإذ رجحت الأوساط إصدار مذكرة غيابية بحقه»، سألت هل سيرفع الغطاء عن حمود، لا سيما أن الوصول إليه يعني الوصول إلى الأكبر منه، فحمود كان يتواصل مباشرة مع اللواء وسام الحسن الذي كان ينقل إليه الأوامر من الرئيس سعد الحريري». وإذ أشارت إلى «أن الكل متورط في لعبة الدم في المدينة، سألت هل ستفتح هذه الملفات أم ستطوى على غرار أحداث 7 أيار»؟

اتصالات لتضمين الموازنة تكاليف السلسلة

حكومياً، بدأ مجلس الوزراء أولى جلساته لمناقشة مشروع موازنة العام 2015، في ظل عجز بلغ 7728 مليار ليرة، ودين عام يبلغ في نهاية عام 2015 أكثر من 71 مليار دولار.

وعرض وزير المال علي حسن خليل مختلف بنود مشروع الموازنة الذي أعدّه. وأوضح أنّ وزارة المالية نجحت في تسجيل فائض أولي بلغ 1970 مليار ليرة في نهاية العام 2014 مقارنةً بعجز أولي سُجّل خلال عامي 2012 و2013.

وأشارت مصادر وزارية لـ«البناء» إلى أن وزير المالية عرض أرقام الإيرادات والنفقات عن الأعوام السابقة»، لافتة إلى «أن مشروعه تضمن نفقات غلاء المعيشة 900 مليار ليرة، وأن النقاش تمحور حول توجهٍ لتضمين الموازنة إيرادات تغطي بدل كلفة غلاء المعيشة التي يدفعها المواطن الآن، وتضمين الواردات والنفقات الخاصة بسلسلة الرتب والرواتب في الموازنة»، مشيرة إلى «أن بعض الوزراء أيد ذلك والبعض الآخر رفض إدخال غلاء المعيشة إلى الموازنة لأن السلسلة لم تقر بعد، ليؤكد الوزير خليل «أن وزارة المالية تبذل جهداً من أجل تحسين الإيرادات من خلال ضبط الهدر في المديرية العامة للشؤون العقارية ومديرية الجمارك العامة والتي سيظهر تأثيرها الإيجابي على الإيرادات خلال السنوات المقبلة».

وأشار الوزير حسين الحاج حسن في الجلسة إلى «أن ما يجري مناقشته غير قابل النقاش»، مستغرباً «تدني النفقات الاستثمارية وارتفاع العجز والدين العام الذي سيصل إلى 71.7 مليار دولار»، ورأى أنه «جرى استنفاد كل الموارد الضريبية، معتبراً «أن الحل يكون بتصحيح السياسات الاقتصادية واستخراج النفط». وتم الاتفاق في النهاية على أن يجري الوزير خليل حركة اتصالات مع الكتل النيابية لمعرفة مدى استعدادها للموافقة على تضمين الموازنة تكاليف السلسلة على أن يحمل الإجابة لمجلس الوزراء الثلاثاء المقبل».

إلى ذلك، تطرق مجلس الوزراء إلى موضوع السائقين المحتجزين مع شاحناتهم الذي يبلغ عددهم حوالى 250 على الحدود بين السعودية والأردن والكويت، حيث كلف خلية مؤلفة من وزير الزراعة أكرم شهيب والوزراء المختصين متابعة الموضوع، ورجحت المصادر الوزارية «أن تتم إعادة هؤلاء السائقين عبر البحر بعد أن سويت الأوضاع القانونية في مكان تواجدهم، فهناك شاحنات تتبع لشركات وأخرى لأشخاص».

جلسة انتخاب الرئيس الأربعاء

وعلى الصعيد الرئاسي، لم يطرأ جديد على موضوع الاستحقاق الرئاسي، وبالتالي لن تكون الجلسة التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه برّي لانتخاب رئيس الجمهوريّة الأربعاء المقبل أفضل من سابقاتها لجهة عدم اكتمال النصاب لعدم التوافق على مرشح واحد. في حين دعا سفراء الدول الغربية الكبرى بعد لقائهم البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي إلى انتخاب رئيس للجمهورية من دون تأخير. وطلب الراعي من المجتمع الدولي المساعدة في تسهيل انتخاب الرئيس ودعم الحوارات. في سياق آخر، مثلت الإعلامية كرمى خياط أمس أمام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في لاهاي، وأكدت استمرارها ومحطة الجديد في الحفاظ على مسار العدالة انطلاقاً من الحفاظ على المال العام والعدالة وحرية التعبير والصحافة الاستقصائية. وقالت: «أكثر من نصف مليار دولار دفعناها في هذه المحكمة، ومن حقنا التحقق من أن أموالنا تصرف في مكانها»، مؤكدة «أن المحكمة الدولية أنشئت من أجلنا ومن مالنا، ومراقبة عملها مسؤوليتنا».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى