حوار حزب الله ـ تيار المستقبل في مهبّ العواصف

محمد حمية

لا تزال عاصفة الحزم السعودية تلقي بثقلها على المشهد السياسي في لبنان مع بلوغ التصعيد السياسي والإعلامي بين حزب الله وتيار المستقبل ذروته، وهو مرشح للتصاعد أكثر في الأيام المقبلة.

فلا يبدو في الأفق أن السجالات محكومة بسقوف، بل قفزت فوق الحوار الجاري بين الطرفين. فبعد جلسة الحوار العاشرة يوم الخميس الماضي، فجر وزير الداخلية نهاد المشنوق عاصفة سياسية وإعلامية ضد حزب الله وإيران، متوعداً بأن من سيمرغ أنفه بالتراب هو كل من احترف ثقافة العدوان والإلغاء.

وكان الرئيس سعد الحريري الموجود في السعودية قد فتح لفريقه السياسي باب الدفاع عن السعودية والهجوم على حزب الله من خلال رده على الخطاب الأول للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الذي هاجم العدوان السعودي على اليمن.

تيار المستقبل، إذن، أعلن خياره بالوقوف مع السعودية وعاصفة الحزم حتى النهاية ولو كلفه ذلك التضحية بالحوار مع حزب الله، حيث تحول كل من ينتقد عدوان السعودية على اليمن إلى خصم له وهدف لتصاريحه النارية.

موقف المستقبل هذا يطرح علامات استفهام عدة، فهو يخالف موقفه من الأحداث التي حصلت في سورية، حيث دعم بداية ما سماها الثورة ضد النظام الذي اعتبره بأنه مجرم ويقتل شعبه، كما قدم الدعم اللوجستي والتسليحي والمقاتلين لما وصفها بالمعارضة والتي تحولت في ما بعد إلى إرهاب، وعندما تدخل حزب الله وقوى أخرى إلى جانب النظام، أعلن «المستقبل» تأييده لإعلان بعبدا وسياسة النأي بالنفس عن الأحداث السورية حفاظاً على مصلحة لبنان على حد تعبيره.

لم يكتف فريق المستقبل بالمطالبة بالنأي بالنفس عن الأحداث في سورية بل عن العدو «الإسرائيلي» أيضاً. فعقب عدوان القنيطرة في كانون الثاني الماضي، طالبت كتلة «المستقبل» «حزب الله بالالتزام قولاً وعملاً بسياسة النأي بالنفس عن أي تورط يحمل معه خطراً على لبنان»، واتهمت الحزب بأنه «يستمر في زيادة تورطه في الحرب الدائرة في سورية وبدوافع إقليمية لا تمت إلى المصلحة العربية أو الفلسطينية بصلة».

بعد هذه الازدواجية في سياسة «المستقبل»، السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل طبق المستقبل فعلاً سياسة النأي بالنفس في الصراع الدائر في اليمن؟ وما هي مصلحة لبنان أن يحول هذا التيار الصراع في اليمن إلى صراع لبناني لبناني وإدخال لبنان ضمن منطق الاصطفافات لصالح السعودية في حين يجلس مع حزب الله إلى طاولة حوار واحدة.

وقبل أن يعتلي السيد نصرالله منصة الخطاب أمس، سارع نواب المستقبل، إلى الدفاع عن السعودية والهجوم على حزب الله للتشويش على الخطاب، في حين ذهب بعضهم إلى التهديد والوعيد وممارسة الضغوطات على حزب الله بشتى الأساليب.

ويبدو أن عاصفة السجالات بين حزب الله والمستقبل لن تهدأ قبل أن تخمد رياح عاصفة الحزم السعودية، فإلى ذلك الحين سيبقى لبنان أسيراً تتلاطمه رياح العاصفتين ويبقى معه حوار حزب الله المستقبل ريشة تتأرجح في مهب الريح.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى