افرام الثاني: للصمود أمام الأفكار التكفيرية ومواجهة الإرهاب «القومي» يثمّن الدور السرياني «في تثبيت الهوية القومية لشعبنا»

دعا بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للسريان الأورثوذكس أغناطيوس افرام الثاني إلى «الصمود أمام الأفكار التكفيرية، والوقوف صفاً واحداً إلى جانب الجيش اللبناني في مواجهته الإرهاب»، كما دعا المسيحيين إلى عدم الهجرة من الشرق «رغم الظروف الصعبة التي نعيشها».

مواقف البطريرك جاءت خلال جولة راعوية هي الأولى، في مدينة زحلة التي أمضى فيها نهاية الأسبوع الماضي وزار خلالها المطرانيات الشقيقة. وكان في استقباله في مطرانية السريان الأرثوذكس في حي السيدة أساقفة المدينة ومحافظ البقاع أنطوان سليمان ونواب وفاعليات المدينة. كما شارك في الاستقبال وفد من الحزب السوري القومي الاجتماعي برئاسة الدكتور ربيع الدبس. وقد رحّب الوفد بالبطريرك أغناطيوس في عاصمة البقاع، ناقلاً تحيات رئيس الحزب النائب أسعد حردان، ومثمّناً: «الدورالتنويري والحضاري الذي لعبه إعلام التراث السرياني الأنطاكي، الفكري والأدبي والروحي، في تثبيت الهوية القومية لشعبنا المقيم والمغترب».

مطرانية الكاثوليك

وزار البطريرك افرام يرافقه راعي أبرشية زحلة للسريان الأرثوذكس المطران يوستينوس بولس سفر، مطران الديوان البطريركي ديونوسيوس جان قواق، مطران المؤسسات البطريركية في العطشانة خريسوستوموس ميخائيل شمعون ووفد من أبناء الطائفة في زحلة، مطرانية الروم الملكيين الكاثوليك حيث كان في استقباله راعي الأبرشية المطران عصام يوحنا درويش، المطران أندره حداد، النائب الأسقفي العام الأرشمندريت نقولا حكيم وكهنة ورهبان وراهبات وأعضاء المجلس الأبرشي العام وعدد كبير من المؤمنين.

وتداول البطريرك مع درويش، بحضور راعي أبرشية زحلة المارونية المطران جوزف معوض، والأب جورج معلوف ممثلاً راعي أبرشية زحلة للروم الأرثوذكس المتروبوليت اسبيريدون خوري، الأوضاع العامة في لبنان وفي زحلة والبقاع.

وكانت لدرويش كلمة ترحيبية قال فيها:» نطمع دائماً بزيارتكم وبوجودكم بيننا لكي نؤكد بعض الأمور، ونتمنى أن تحملوها إلى أصحاب السيادة بطاركة الشرق، وبما أنكم ستزورون قداسة البابا فرنسيس أيضاً تحملون أمانينا وأماني الشعب المسيحي في هذا الشرق وبنوع خاص في زحلة».

وتابع: «بداية، نريد وبصوت واحد كمسيحيين في زحلة والبقاع، أن نوحد عيد الفصح، نتمنى من كل قلوبنا أن نصل في وقت قريب جداً لأن نعيّد سوياً، عندها تكون أكبر شهادة ممكن أن نعطيها لمجتمعنا الذي نعيش فيه. ثانياً، نريد أن نتقدم في الشراكة الروحية بين الكنائس … . ثالثاً، نريد أن نطلب صلاتكم وبركتكم من أجل السلام في هذه المنطقة، في زحلة والبقاع، في لبنان وسورية، وقد ألمحتم ليلة البارحة في خطابكم إلى الآلام التي يعاني منها أخوتنا في سورية، نأمل بواسطة صلواتكم ودعاكم أن يعود السلام إلى هذه المنطقة الحبيبة، ونعيش فعلاً التعايش المسيحي- الإسلامي ونورد هذه الرسالة إلى الغرب الذي يحتاج إلى رسالة تعايش ومحبة أكثر بكثير منا، نحن الذين نعيش هذه الشراكة بين بعضنا بعضاً».

ثم قدم درويش إلى البطريرك أفرام الثاني أيقونة السيد المسيح مرسومة على الطريقة البيزنطية القديمة، عربون محبة وتقدير واحترام.

وألقى افرام كلمة توجه فيها بالمعايدة إلى الجميع لمناسبة عيد القيامة المجيد، ومما قال: «يسعدني أن أكون في هذه الدار العامرة وفي هذه المطرانية، مطرانية زحلة التي هي من أقدم المطرانيات ليس فقط في الكنيسة الملكية الرومية العزيزة والشقيقة، إنما من أقدم المطرانيات في زحلة بالتأكيد. باسمي وباسم أخوتي المطارنة وأعضاء الوفد، نشكر سيادة المطران عصام يوحنا درويش على هذه المحبة وعلى هذا الاستقبال الحار النابع من القلب ويشعرنا بأننا موجودون في بيتنا ومع أهلنا».

وقال: «نحن في الأصل عائلة واحدة، تفرعت كما تتفرع كل عائلة عندما يكبر الأولاد ويؤسسون عائلاتهم ويعودون إلى الجذر الواحد. كنيستنا بفروعها المختلفة هي كنيسة أنطاكيا المشرقية، السريانية والرومية الملكية. السريانية هي تراث لهذه الكنيسة، والرومية هي تراث آخر لها، فالكنيسة غنية بهذا التزاوج بين التراثين ولكن بالتأكيد لدينا شوق جميعاً لأن نعود لتقوية العلاقات التي تربطنا معاً في هذه الشجرة الواحدة والكنيسة الواحدة».

وأضاف: «البطريركيات الخمس نريدها أن تتقارب من بعضها أكثر من أجل خدمة الإنسان المشرقي عموماً، ومن أجل خدمة الإنسان المسيحي الأنطاكي خصوصاً. نحن نشعر أن الرب دعانا دعوة وأعطانا مسؤولية، لذلك وجدنا في هذه المنطقة منذ بداية المسيحية لكي نكون مصدراً للمحبة والتفاهم، ونكون عاملين من أجل السلام بين مختلف أبناء هذه المنطقة».

وشدد على أن «دور بناء السلام ليس بالدور السهل»، لافتاً إلى أن «هناك الكثير من التضحيات يجب أن تقدم، ونحن قدمنا وما زلنا نقدم منذ بداية المسيحية وحتى يومنا هذا، بدم الشهداء الذي يسفك على مذبح المحبة، مذبح القيامة، مذبح المسيح. لكن الوعد الإلهي أن يكون مع كنيسته حتى منتهى العالم، هو وعد صادق. ونحن نشعر بهذا الوجود الإلهي معنا وإلا لما بقينا، لذلك واجب علينا أن نستمر بهذه الشهادة على رغم الظروف الصعبة التي نعيشها، ويحزننا جداً، عندما نرى أبناءنا يغادرون هذا الشرق ويتركون بلاد أبائنا وأجدادنا».

وقدّر «كثيراً الدور الذي يقوم به أصحاب السيادة المطارنة في زحلة في المجتمع الزحلي وفي المجتمع اللبناني، وما تقومون به في زحلة ينعكس على لبنان، والأخبار تصل إلى كل مكان، ونفرح دائماً عندما نرى هذا التفاهم موجوداً والعمل المشترك يعطي ثماره».

وأبدى البطريرك تأييده لتوحيد عيد الفصح «لكن هناك أموراً بحاجة إلى تحضير، والحل أن نتفق على يوم واحد نعيد فيه الفصح، في يوم أحد من آحاد شهر نيسان، ولا يمنع أن يكون هذا التاريخ ثابتاً لا يتغير».

واختتم أفرام الثاني شاكراً الجميع على الاستقبال، وخص المطران أندره حداد بتحية قائلاً: «له منا كل محبة وتقدير، لخدماته الكثيرة في هذه الأبرشية وفي هذه المدينة، وهو معروف بأنه كان قريباً من السريان قبل أن يكون لديهم مطران، وبعدما أصبح لديهم مطران، وهذا ما يفعله المطران درويش اليوم بتعاونه مع المطران سفر».

وشارك الجميع في الغداء الذي أقامه درويش على شرف البطريرك.

…والمارونية

وكان البطريرك افرام الثاني زار والوفد المرافق مطرانية زحلة المارونية، حيث كان في استقبالهم، المطران جورج إسكندر وكهنة ورهبان وراهبات.

وبعد كلمة ترحيبية لمعوض تحدث البطريرك متمنياً: «أن تكون لدينا علاقات جيدة مع شركائنا في الوطن على رغم صعوبة الظروف»، لافتاً إلى أن « كنائسنا تتهدم، وأساقفتنا لا يزالون مخطوفين، ونحن متخوفون من وجودنا في هذا الشرق وهذا واضح في تركيا وسورية والعراق والأراضي المقدسة وحتى في لبنان الذي يعيش اليوم من دون رئيس للجمهورية. هذا الوقت صعب جداً وإرادتنا قوية وعندنا أمل ورجاء بالتغلب على هذه الظروف، خلاصنا بالجهود المشتركة مع بعضنا خاصة بين الكنائس».

وأوضح أن «وجودنا هنا هو تعبير عن محبتنا لشخصكم وأبرشيتكم، ولديكم دور ككنيسة مارونية في تمتين الوحدة مع الأفرقاء في لبنان حتى تبقى صامدة في هذا الشرق».

واختتم بالإعراب عن اعتزازه بالكنيسة المارونية وعلى رأسها البطريرك بشارة الراعي، متمنياً «أن تبقى اللقاءات بين الكنائس متواصلة. ونطلب من الرب أن يبارك كل الجهود لكي يحل السلام في الشرق والمنطقة وأن نكون جميعاً مصدر نور وإشعاع للمنطقة».

مطرانية الأرثوذكس

وزار البطريرك افرام الثاني مطرانية زحلة للروم الأرثوذوكس حيث كان في استقباله المتروبوليت اسبيريدون خوري ووجوه سياسية واجتماعية من الطائفة الأرثوذوكسية.

وترأس قداساً احتفالياً في كنيسة السيدة دعا خلاله «إلى الصمود أمام الأفكار التكفيرية، متمثلين بالرسول توما»، كما دعا أعضاء المجلس النيابي إلى انتخاب رئيس للجمهورية. ودعا إلى «الوقوف صفاً واحداً إلى جانب الجيش اللبناني في مواجهته الإرهاب، والصلاة من أجل الإفراج عن العسكريين المخطوفين».

كما سأل «لماذا لا يزال المطرانان مخطوفين؟»، داعياً إلى الإفراج عنهما لإكمال رسالتهما المسيحية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى