تلك الأمراض يسببها لنا الهاتف الذكي

ما نقضيه من ساعات في تسمير أنظارنا على شاشة الهاتف الذكي أو ضرب مفاتيحه ليس مزعجاً فحسب بل يمكن أن يشكل خطراً على صحتنا أيضاً. ومع تزايد اعتمادنا على الهاتف الذكي الذي نرجع إليه كل دقيقة لمتابعة أحدث المستجدات تزداد مخاطره الصحية أيضاً.

تقول الجمعية البريطانية لتقويم العمود الفقري إن الهوس بالهاتف الذكي أدى الى ارتفاع عدد الشباب الذين يتعرضون لمشاكل صحية في الظهر، لأن الوقت الذي نمضيه منحنين على شاشة الهاتف يمكن أن يسلط ضغطاً على الفقرات. وبسبب نمط الحياة الذي تقوم التكنولوجيا بدور مركزي فيه فإن 54 في المئة من الشباب في عمر 16 إلى 24 سنة يعانون آلاماً في الظهر، أو بزيادة قدرها 60 في المئة على عددهم عام 2014. ولكن آلام الظهر ليست المشكلة الصحية الوحيدة الناجمة عن الإدمان على الهاتف الذكي بل هناك مخاطر أخرى نستعرضها أدناه.

إذا كنتَ مستغرقاً في النظر إلى هاتفك الذكي، فإنك تعرض نفسك لخطر الاصطدام بعمود كهربائي أو التعثر أو التعرض لحادث أخطر. وتوصل باحثون في جامعة كارنغي ميلون الأميركية إلى أن نشاط الدماغ يقل بنسبة 37 في المئة عند السائقين الذين يستمعون إلى مكالمة على هاتفهم الخلوي أثناء قيادة السيارة. واكتشفت دراسة أجرتها جامعة واشنطن أن احتمالات تجاهل الإشارات الضوئية أو عدم الانتباه لحركة السير قبل عبور الشارع تزيد أربع مرات بين الذين يكتبون رسائل نصية أثناء المشي.

إمكان التواصل المستمر عن طريق الهاتف الذكي يمكن أن يجعلنا أكثر شعوراً بالعزلة بدلاً من أن تجعلنا أكثر ارتباطاً بالعالم. فالشباب الذين يمضون 11 ساعة يومياً في النظر إلى شاشات هواتفهم الذكية يتوقعون تحديثات متواصلة من أصدقائهم، ويمكن أن يثير توقفها لبعض الوقت هواجس وقلقاً عند الشاب. ونقلت صحيفة «ديلي تلغراف» عن الطبيب النفسي المختص بالإدمان على التكنولوجيا ريتشارد غراهام قوله إن شعوراً مخيفاً ينتاب الشاب بأن الآخر يتجاهله.

يقول الاستشاري المختص بطب العظام جونثان ديرنغ المتحدث باسم الجمعية الملكية للجراحين في ادنبرة إن الثورة التكنولوجية أسفرت عن تناقص النشاط البدني وزيادة البدانة التي تُعد رابع أكبر سبب للوفاة في العالم. فالبريد الالكتروني والهاتف الذكي أصبحاً بديلاً عن الزيارات واللقاءات المباشرة. وحذر ديرنغ من أن «الخمول يؤدي إلى البدانة ويعني زيادة كبيرة في خطر الاصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية».

تقول جولي لين ايفنز المختصة بالعلاج النفسي للأطفال إنها إبان التسعينات كانت تتعامل مع محاولة أو محاولتي انتحار في السنة، ولكنها الآن تواجه أربع محاولات انتحار في الشهر. وتتهم ايفنز الهاتف الذكي بالمسؤولية عن هذه الزيادة قائلة إنه يسمح للمراهق بأن يحمل عالماً من التنمر الالكتروني أينما يذهب. وأشارت إلى وجود «غرف دردشة صعبة ومواقع مؤذية ذاتياً ومواقع تسبب النحافة المرضية ومواقع إباحية وعالم كامل من الأماكن المظلمة». ونقلت صحيفة «ديلي تلغراف» عن ايفنز قولها: «نحن في الحياة الواقعية نتنقل مع أطفالنا وعندما يكونون مرتبطين عن طريق هواتفهم الذكية بالشبكة فإنهم يتنقلون عادة بمفردهم».

أكثر من 60 في المئة ممن أعمارهم بين 18 و29 سنة يأخذون هواتفهم الذكية معهم إلى الفراش ولكن دراسات وجدت أن التعرض ساعتين فقط للشاشات المضيئة يمكن أن يؤدي إلى كبح هورمون الميلاتونين واضطراب النوم. ويقول البروفيسور كيفن مورغان مدير وحدة أبحاث النوم في جامعة لوفورو البريطانية أن التحفيز الفكري الذي يسببه الهاتف في ساعة متأخرة من الليل يجعل من الصعب الاسترخاء. وأضاف أن النظر إلى الشاشة يؤدي إلى نشاط فكري يختلف تماماً عن قراءة كتاب، لأنه يضعنا في حالة من التيقظ هي آخر ما نريده قبل أن نأوي إلى الفراش.

تراجع المهارات الاجتماعية أيضاً بسبب الوقت الذي نمضيه في التركيز على هاتفنا الذكي بدلاً من الاهتمام بمن حولنا. ويتضح هذا على الأخص بين الأطفال الذين يتجاهلهم آباؤهم المهووسون بهواتفهم. وتقول الطبيبة المختصة بنمو الأطفال جيني راديسكي إن الأطفال يتعلمون بمراقبتنا كيف نتحادث وكيف نقرأ تعابير الآخرين على وجوههم. وإذا لم يحدث هذا تفوت على الأطفال مراحل مهمة في نموهم.

من المستبعد أن تُنهي قراءة هذا التقرير إذا كنتَ على الهاتف الخلوي حيث تستطيع بنقرة أن تشاهد شريط فيديو مؤثر عن طفل مع كلبه هنا أو صور أصدقائك هناك. وتوصلت دراسات إلى أن الهاتف الذكي يضعف قوة تركيزنا بدرجة كبيرة ويجعلنا أقل كفاءة بكثير في إنجاز وظائفنا ، لا سيما أعمالنا الصعبة والشائكة. ومجرد وجود الهاتف الذكي يلهي بما فيه الكفاية لتخريب تركيزنا الذهني.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى