منظومة «أس 300» الصاروخية الدفاعية الروسية تصل إلى إيران… و«إسرائيل» يصيبها الرعب!

إعداد وترجمة: ليلى زيدان عبد الخالق

«إنها دفاعية، د ف ا ع ي ة، هل فهمتم هذه الأحرف؟»، هذا هو لسان حال روسيا حيال منتقديها، ومن يشنّ عليها الهجوم تلو الآخر، بعد إحياء صفقة صواريخ «أس ـ 300» الدفاعية بينها وبين إيران. لا سيما سيّدة المستشيطين «إسرائيل»، التي هاجمت قبلاً ـ ولا تزال ـ التقارب الأميركي الأوروبي ـ الإيراني حول ملف الأخيرة النووي، واتفاق الإطار الذي وُقّع مؤخّراً في لوزان بين «السداسية الدولية» وطهران. ولم تتوانَ «إسرائيل» عن توصيف بيع منظومة الصواريخ الروسية لإيران، بأنّه يشكل «أولى ثمار اتفاق لوزان» معتبرةً أنّه أصبح التهديد بمهاجمة إيران عسكرياً أمر فارغ من المضمون!

حتّى حقّ الدفاع عن النفس لا تريده «إسرائيل» للدول التي تقع تحت مرمى تهديداتها. لذلك نراها يومياً تهاجم تزويد حزب الله والمقاومة الفلسطينية بالأسلحة المتطوّرة. ونراها تتأمّل بفرح الحرب التي تستهدف سورية دولةً وشعباً وجيشاً ومقدّرات، ونلاحظها تقفز كالضفدع لمحاولة عرقلة أيّ تقارب دولي مع إيران.

ونجدها تقول في إعلامها: «لو كان لدى إيران اليوم صواريخ أس 300 تنفيذية، وقرّرت إسرائيل مهاجمتها صباح غد، لكانت هذه أوبيرا مختلفة تماماً، وذلك لأن هذا سيكون عائقاً أعلى بكثير من ذاك الذي وقف أمام سلاح الجو في حملة أوبيرا التي دمّر فيها المفاعل النووي في العراق. غير أن الإيرانيين لا يملكون حالياً صواريخ كهذه، ويبدو أنه لن تكون لهم في السنتين ـ الثلاث سنوات القريبة المقبلة. أما في إسرائيل، التي لم تهاجم إيران في السنوات العشر التي كان يمكنها فيها أن تهاجمها ـ يبدو أنّه لا وجود لمن يتخذ قراراً كهذا في المستقبل المنظور. وبالتالي يمكن، ظاهراً، التحلي بالهدوء ـ غير أن الواقع أكثر تعقيداً بكثير: فنحن نوجد في ذروة أزمة دولية آخذة في التفاقم ونبدأ في احتمال آثارها».

في تقريرنا التالي، مقال مترجم لإليوت أبرامز، إضافة إلى بعض مما نقلته صحف أميركية عن نظيراتها العبرية، والمتعلّق ببيع روسيا صواريخ «أس ـ 300» لإيران.

كتب إليوت أبرامز:

ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية أنّ الكرملين رفع الحظر رسمياً عن تقديم صورايخ «أس ـ 300» إلى إيران، ووضع الأساس القانوني للبيع الروسي المحتمل لتقوية نظام الدفاع الجوي الإيراني. كان من المقرّر تسليمها عام 2007، لكن روسيا في عام 2010، أجّلت التسليم. وقد بدا هذا بحدّ ذاته جيداً بالنسبة إلى الولايات المتحدة الأميركية و«إسرائيل»: وذلك من بين أمور عدّة أخرى، إذ إنّ امتلاك إيران مثل هذا النظام، سيؤدي إلى ضربة جوية تستهدف منشآتها وبرامجها النووية.

وها هنا تقييم أسترالي لصورايخ «أس ـ 300»:

من دون أدنى شك، فإن نظام «سام» هو الأوسع انتشاراً في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. ومنذ بداية بناء هذا النظام في سبعينات القرن الماضي، فإن نظام «PVO» السوفياتي قد تطوّر كثيراً، من خلال سلسلة من التحسينات الإضافية الأوسع. وحالياً، فإن جيش التحرير الشعبي الصيني هو ثاني أكبر مستخدم لهذه العائلة من الصواريخ، بعد الاتحاد الروسي… وبينما يُشار إلى منظومة الصواريخ الروسية «أس ـ 300» و«أس ـ400» على أنها أكثر تطوراً من تلك الأميركية، فمن المؤكد أنها أسلحة تتطلّب مواجهة صعبة للغاية وقدرات كبيرة لهزيمتها.

وفي عام 2010، عوّلت إدارة أوباما كثيراً على هذا التحرّك الروسي. أشاد البيت الأبيض بهذا التعليق وكذلك بالرئيس ميدفيديف. وأوضحت «نيويورك تايمز» أن الإدارة الأميركية كانت متشوقة لبناء تعاون مع روسيا. وأضافت أن البيت الأبيض قال في تصريح إنّ السيد ميدفيديف، أثبت قدرته على قيادة إيران لتطبيق التزاماتها الدولية من البداية حتى النهاية. وأضافت: «وهذا يتطلّب متابعة كيفية التعاون بين روسيا والولايات المتحدة الأميركية بشكل وثيق نيابة عن مصالحنا المتبادلة والأمن العالمي».

نشرت السياسة الخارجية هذه المادة بكاملها في مقال بعنوان: «كيف أقنع فريق أوباما روسيا بعدم بيع الأسلحة لإيران». فقد جاء القرار الروسي بصفته توزيع أرباح على إدارة اوباما، وكذلك إعادة ضبط السياسة مع روسيا، فضلاً عن أنه وُصف من قبل البيت الأبيض على أنه فجرٌ قادم لعلاقة أميركية ـ روسية جديدة. وفي ما يلي المزيد من تصريحات المسؤولين في الإدارة الأميركية:

«كان القرار جريئاً ويؤكد مدى أهميته بالنسبة إلينا ومدى أهمية إرساء هذه الأسس بين ميدفيديف والرئيس أوباما». ويشرح المسؤولون كيف أوضحت إدارة أوباما لميدفيديف وغيره من المسؤولين الروس أن بيع صواريخ «أس ـ 300» لإيران هو خط أحمر يُفترض عدم تجاوزه…

لكن هذا كان في عام 2010 لا الآن. فالخطوط الحمراء لم تعُد كما كانت عليه في السابق، رحل ميدفيديف عن الإدارة الروسية، وأضحت سياسة «إعادة التعيين» مع روسيا إحراجاً بحدّ ذاته. تماماً كمثل ادّعاء إدارة أوباما قدرتها على تغيير سياسة روسيا إزاء إيران.

ليس الجميع على خطأ. ففي المقال عينه لـ«فورين بوليسي»، يعلّق دايفيد كرايمر وهو مساعد وزير الخارجية للشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان في حكومة جورج دبليو بوش، ورئيس لـ«بيت الحرية»، وحالياً هو زميل بارز في معهد «ماكين»، يقول: «فلْننتظر قليلاً قبل أن نبدأ الاحتفال». ويضيف كرايمر أنه وللأسف، فإنه من غير المستحب قول الحقيقة عن روسيا، ما دامت إدارة أوباما تأخذ بالاعتبار إعادة تعيين سياساتها مع روسيا كواحد من أهم تحدّيات نجاحها على مستوى سياستها الخارجية.

تزداد هذه الدوّامة دوراناً وصعوبةً في عهد أوباما، فبيع صواريخ «أس ـ 300» ليس سوى تذكير حول ما يجري. إنه أيضاً تذكير بالمخاطر المرتبطة بالمحادثات النووية الأخيرة والصفقة المحتملة مع إيران. وحالما ينتفي وجود العقوبات، وتدفق المساعدات إلى إيران، فسيتعزّز موقعها العسكري وستشعر إيران بالمزيد من الأمن والمناعة من أيّ هجوم مرتقب مع حيازتها مثل هذه المنظومة من الصواريخ، إنه واقعٌ قد يدعوها إلى أن تكون أكثر عدائية في تصرفاتها في الشرق الأوسط.

أخيراً، تحدّث آية الله علي خامنئي عن المحادثات النووية، وقد فوجئ المراقبون بانتقاداته حيال نجاح القادة الإيرانيين ـ بمن فيهم الناطق بِاسم البرلمان، علي لاريجاني، ورئيس الحرس الثوري الجنرال محمد علي جعفري ـ اللذين أيّدا إعلان الأسبوع الماضي. لكن يبدو أن ردّ فعل المرشد الأعلى كان غير مقنع وغير مرضيّ.

لطالما قدّم خطاب آية الله خامنئي تحدّياً لأولئك الذين يسعون إلى إرساء علاقات دبلوماسية مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية. ويحلّل بعض المعلّقين عباراته، لناحية إبراز الآثار الإيجابية ورفض اللهجة التحذيرية. فالمهمة هذه المرة هائلة: أصرّ آية الله الخامنئي الأسبوع الفائت على ضرورة إنهاء جميع أشكال العقوبات يوم التوقيع على الصفقة. بينما تؤكد إدارة أوباما على الاحتفاظ بسياسة «هندسة العقوبات» إلى حين التأكد من أن إيران ستلتزم عدم نقض أيّ من شروط الاتفاق. وأضاف المرشد الأعلى أنه «يجب على أحدنا عدم السماح بحدوث ثغرات في مجالَي الأمن والدفاع عن الدولة بحجة التفتيش». وهذا يُعتبر مجحفاً بحق البيت الأبيض الذي تعهّد الإبقاء على سياسة التدخل التفتيشية في ما يختصّ بالنظام الإيراني.

نتيجة واحدة نستطيع أن نستخلصها من كلّ هذا، يسعى آية الله إلى تعزيز نفوذ إيران التفاوضي في المحادثات الجارية، من خلال اعتماد مواقف متشدّدة، يلقي المرشد الأعلى باللائمة على القوى الغربية بهدف دفعها إلى بلوغ تنازلات بالحدّ الأدنى. وفي النهاية، سيسير الطرفان بعيداً من مواقعهما المتطرفة للتوصل إلى الحلول الوسطى، والتي ستلبّي احتياجتهما الأساسية.

ما ذكرناه آنفاً، يُعتبر غريباً من الناحية الدبلوماسية. فقد تعمّق الجانبان في بحث التفاصيل على مدى شهور مضت وتوصلوا إلى اتفاقيات خلّاقة. وكان أحد المفاوضين الإيرانيين قد أعلن الخميس الماضي على لسان المرشد الأعلى خلال مقابلة أُجريت معه، أن تخفيف العقوبات سيكون تدريجياً، واعترف في الوقت عينه، أن تسوية إنهاء العقوبات ستستغرق فترة طويلة، ولا يبدو أن المرشد الأعلى قد دعم موقف الدبلوماسيين في هذا التصريح غير المباشر، بل إنه أضعفهم.

وعلى المقلب الآخر، تطالعنا نظرية أخرى ترتبط بالسياسة المحلية ومحاولة خامنئي تأكيد دعمه اللامتناهي لأنصاره المتشدّدين الداعمين بقوة لتطوير برنامج إيران النووي. وتكاد هذه الحجة تكون الإشكالية الأبرز لدى قادة الكتلة المحافظة، بمن في ذلك قادة الحرس الثوري، الذين دعموا الاتفاق المبدئي. أما موقف المرشد الأعلى الأخير، فيجعل من المستحيل على المتشدّدين أن ينظروا إليه مقدّماً لهم الدعم حول أيّ إرشاد لدعم الاتفاق. بل يضمنون ان الاتفاق سيركز على موافقة الداخل الذي خرّبته مواقف الخامنئي.

إن الهدف الأكثر أهمية في خطاب آية الله لم يكن قطعاً العقوبات أو التفتيش. يقول البعض أنه أشرف بنفسه على بعض التفاصيل في المفاوضات، غير أن ذلك لا يبدو دقيقاً. لا بل أنّ الأمر أبعد من هذا بكثير، إنه يرتبط بمسألة عدم تجاوز الخطوط الحمراء من قبل الرئيس ورئيس وزرائه. ومن هذا المنطلق، فإن المرشد الأعلى بهذا الموقف يعمل على حماية الرئيس الإيراني حسن روحاني من تنازلات قد يُقدم عليها وزير خارجيته محمد جواد ظريف.

ومن الإنصاف أن نطرح سؤالاً حول الجانب الذي يميل اليه هؤلاء المفاوضون. فإذا كانت أهم شخصية صانعة للقرار الإيراني لا تتدخل في تفاصيل المحادثات، وغير راغبة ـ بما لا يقبل الشك ـ في تقديم تنازلات تُذكر في المفاوضات، فما هي القيمة الحقيقية أو الهدف الفعلي وراء هذه الاتفاقيات؟ هل يمكن الوثوق بوفاء إيران بالتزاماتها في حال لم يرغب المرشد الأعلى باستقبال الدبلوماسيين في منزله؟ ربما على المراقبين قراءة أبعاد خطابات المرشد الأعلى للتذكير بمدى تعقّد المفاوضات مع إيران، بدلاً من تفنيدها على أسس مشكوك في صحتها.

قلق في «إسرائيل»

كتب آلِكس فيشمان في صحيفة «يديعوت أحرونوت»:

لو كان لدى إيران اليوم صواريخ «أس 300» تنفيذية، وقرّرت «إسرائيل» مهاجمتها صباح غد، لكانت هذه «أوبيرا» مختلفة تماماً، وذلك لأن هذا سيكون عائقاً أعلى بكثير من ذاك الذي وقف أمام سلاح الجو في حملة «أوبيرا» التي دُمّر فيها المفاعل النووي في العراق. غير أن الإيرانيين لا يملكون حالياً صواريخ كهذه، ويبدو أنه لن تكون لهم في السنتين ـ الثلاث سنوات القريبة المقبلة. أما في «إسرائيل»، التي لم تهاجم إيران في السنوات العشر التي كان يمكنها فيها أن تهاجمها ـ يبدو أنّه لا وجود لمن يتخذ قراراً كهذا في المستقبل المنظور. وبالتالي يمكن، ظاهراً، التحلي بالهدوء ـ غير أن الواقع أكثر تعقيداً بكثير: فنحن نوجد في ذروة أزمة دولية آخذة في التفاقم ونبدأ في احتمال آثارها.

قبل كل شيء، ثمة قصة سياسية ترمز إلى انهيار نظام العقوبات على إيران. فلم يوقّع بعد الاتفاق بين إيران والقوى العظمى، وإذ بالروس يوجّهون صفعة رنّانة إلى الإدارة الأميركية وحلفائها. فقد جاء البيان من الكرملين بالتوازي مع زيارة وفد أمنيّ إيراني رفيع المستوى إلى موسكو، برئاسة رئيس الجنة الخارجية والأمن في البرلمان الإيراني علاء الدين بورجاري، ورئيس المجلس الأعلى للأمن القومي آية الله علي سمحاني. وهذا دليل آخر على أن للإيرانيين وللروس خططاً بعيدة المدى لتوثيق العلاقات وللعودة إلى التعاون الأمني، بما في ذلك بيع السلاح.

وإذا لم يكن هذا كافياً، ففي موسكو يربطون توقيت الاعلان بالازمة في اليمن، إذ يقف الروس إلى جانب الإيرانيين والحوثيين ويديرون سياسة كيدية إزاء الأميركيين. وفي روسيا يؤمنون بأن المواجهة هناك ستؤدّي في نهاية المطاف إلى صِدام مباشر بين الإيرانيين والسعوديين، يؤدّي إلى هجوم سعودي على المنشآت النووية الإيرانية ـ ولهذا، ف نهم يمنحون آيات الله منظومة دفاع جوي حديثة. من ناحية الأسطول الخامس الأميركي، فإن إمكانية أن يحوز الإيرانيون صواريخ «أس ـ 300»، ويكون السعوديون مشاركين في مواجهة جوّية، لهي تهديد ملموس أكثر بكثير على حاملات الطائرات الأميركية التي في الخليج مما على «إسرائيل».

وهكذا، بينما يحاول رئيس الوزراء نتنياهو هزّ سفينة الادارة الأميركية وبالكاد ينجح في إحداث بعض الموج، جاء الروس ليذكّرونا بأننا نحن والأميركيين نبحر في القارب ذاته، وعندما يدخل الماء إليه، فإننا نكون أوّل من يبتلّ لأننا الأدنى مرتبة. وبالتالي فلعلّ هذا هو الوقت للكفّ عن هزّ السفينة والشروع في الحديث بجدّية مع القبطان.

يبدو أن الإيرانيين لن يحصلوا على «أس ـ 300» قريباً، وذلك لأن الطراز الذي طلبوه وتناسبه مع احتياجاتهم العملياتية تفكّك في 2011. فلم تعد الشركة الروسية تنتج هذا الطراز، وخطوط إنتاجها تحولت إلى إنتاج صواريخ أكثر تطوّراً من طراز «أس ـ 400». وهكذا، فإن الروس يعتزمون عملياً إخراج صواريخ «أس ـ 300» من جيشهم، ومنحها للإيرانيين واستيعاب صواريخ «أس ـ 400» مكانها. غير أن خط إنتاج هذه الصواريخ بطيء وسيستغرق وقتاً لتجميع المخزون اللازم. ومع ذلك يحتمل أن يكون لدى الإيرانيين منذ الان الصيغة الصينية لـ«أس ـ 300».

من ناحية عملياتية، يدور الحديث عن منظومة سلاح متطوّرة تعمل على مسافات وارتفاعات لم يتصدّ سلاح الجوّ لها بعد. مسموح لنا الافتراض بأنه في منتصف العقد الماضي، عندما كانت صفقة بيع «أس ـ 300» لإيران وسورية على جدول الاعمال، بدأوا في «إسرائيل» يستعدّون من ناحية عقائد القتال ومن ناحية تكنولوجية للتصدّي لهذا التهديد. ولكن، طالما لم يروا هذا الصاروخ في العمل الحقيقيّ ولم يتعرّضوا لنقاط ضعفه، ينبغي لنا أن نتوقع المفاجآت.

حتى اليوم، كانت المنطقة المحمية في مدى ضيّق نسبياً من 20 إلى 30 كيلومتراً. ولكن «أس ـ 300» بالطراز المعروض للبيع للإيرانيين، يوفر حماية لمسافة 150 كيلومتراً. وسيتعيّن على سلاح الجو أن يكون قادراً على العثور والتشويش للرادارات والصاروخ وأن يطوّر عقائد قتالية مختصة. وهذا يتطلب وقتاً ومالاً، ولكن طالما يدور الحديث عن مسائل مهنية يفترض بالمهندسين والطيارين أن يحلوها، يبدو أنه ستوجد حلول. مشاكلنا هي في المجال الزعامي.

أولى ثمار اتفاق لوزان

ونقلت صحيفة «فورين بوليسي» عن «إسرائيل توداي» مقالاً جاء فيه:

في السنوات الأخيرة، امتنعت روسيا عن تزويد إيران بمنظومة الصواريخ الاستراتيجية «أس ـ 300» لأسباب، منها الجهود «الإسرائيلية» الكبيرة من خلال إدراك «إسرائيل» أن وصول تلك المنظومة سيُصعّب عملية عسكرية في أجواء إيران من أجل مهاجمة المنشآت النووية. من بين تلك الجهود قام رئيس الوزراء نتنياهو بزيارة في شباط 2010 إلى روسيا من أجل ثني الروس عن بيع منظومة الصواريخ المتطورة لإيران. على رغم اتفاق موقّع لبيع المنظومة لإيران، فقد قامت روسيا بإلغائه في فترة الرئيس ديمتري مدفيديف.

حتى لو لم يكن «الإسرائيليون» العنصر المباشر أو الأكثر أهمية في القرار الروسي، فمن الواضح أن جهود «إسرائيل» التي لم تنقطع ساهمت في هذه القضية وأثمرت.

الآن، تراجعت روسيا عن قرارها بالاتجاه المعاكس، ويمكننا أن نعزو تغيير الروس اتجاههم، لتصدّع العلاقات بينهم وبين الغرب، وللتوتر الشديد الذي نشأ في أعقاب الحرب في أوكرانيا، حيث يتحارب هناك اللاعبان على تحقيق أكبر عدد من نقاط التأثير. لكن هذه العلاقة مشكوك فيها في الاساس إذا أخذنا في الاعتبار تصريحات أوساط رفيعة المستوى في روسيا.

يعترف هؤلاء علانية بأن المُسبب لتجديد صفقة السلاح مع إيران كان في الأساس أمراً واحداً: اتفاق الاطار حول موضوع البرنامج النووي الإيراني الذي وقّع في في لوزان، بحضور إيران والدول الستّ العظمى. وهكذا، في 2010 أعلنت روسيا أنها قد ألغت صفقة السلاح مع إيران في أعقاب مجموعة العقوبات الاقتصادية التي فُرضت على طهران. هذه العقوبات صودق عليها في مجلس الأمن وحظرت نقل وسائل قتالية من نوع منظومة «أس 300».

في سياق متصل، قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إن قرار السماح بتنفيذ صفقة السلاح يرتبط بصورة مباشرة بالمحادثات النووية: «لم تعد هناك حاجة لحظر بيع صواريخ أس ـ 300 لإيران، ذلك الحظر الذي انتهجته روسيا في الماضي بمبادرة منها».

بناءً على ذلك، فإنّ القرار الروسي هو نتيجة السياسة الخارجية المسالمة لإدارة أوباما، التي تسمح الآن لعقوبات غير مسبوقة ـ صودق عليها بصورة نادرة من قبل كل الدول العظمى ـ أن تتفكك وتتطاير في الهواء. وذلك على رغم عدم وجود أي توقيع رسمي على الاتفاق بعد، وأن التفاهمات التي تمّ التوصل إليها هي مجرد تفاهمات شفوية. وبسبب كل هذا، يمكننا ضمّ الطلب الأميركي تقليص نظام العقوبات بصورة تدريجية، إذا أثبت الإيرانيون في المستقبل تعهداتهم. الاشارات الخطيرة في الاتفاق نتلقاها اليوم وقبل أن يُطلب من الإيرانيين التوقيع على بند واحد منه.

في الاسبوع الماضي، أشار وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر، إلى هجوم أميركي محتمل على إيران إذا لم تحترم الاتفاق النووي. ولكن الشرعية الدولية التي حصلت عليها إيران من الاتفاق، ومنظومة متطوّرة من الصواريخ المضادة للطائرات، إضافة إلى الحماية الروسية والصينية، تحوّل هذا التهديد الأميركي إلى تهديد فارغ من المضمون تقريباً.

أوباما في مهبّ الانتقادات

ونشرت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية مقالاً أمس حول ما وصفته بـ«أمنية الرئيس الأميركي باراك أوباما» التي أعرب عنها في كانون الأول الماضي، في أن يرى إيران «قوّة إقليمية ناجحة جدّاً».

وقالت الصحيفة: إن أمنية الرئيس أوباما، التي تشكل كابوساً للدول العربية الموالية للغرب، بدأت تصير واقعاً ملموساً.

ففي خليج عدن، ترسل إيران أسطولاً من السفن الحربية وبوارج الأسلحة لتعزيز متمرّدي الحوثي في اليمن، لتؤكد مكانتها كمتنمّر ووسيط إقليمي، وأميركا لم تحرّك ساكناً، وفي الوقت ذاته، تضغط على السعودية لوقف العملية الجوّية هناك، والموافقة على التفاوض في شأن تسوية سياسية تشمل إيران.

وهناك روسيا التي أعلنت عن بيعها صواريخ متقدّمة لإيران بعد خمس سنوات من التوقف، وهو ما يعزّز مناعة منشآتها النووية ضدّ أيّ هجوم، وأيضاً لم يكن هناك أيّ ردّ فعل من أوباما. وكذلك الموقف من سورية، حيث تبنّت أميركا سياسة عدم الاقتراب من نظام وصفه وزير خارجيتها بأنه «دمية إيرانية» بعد الإصرار لسنوات على ضرورة تنحّي الرئيس بشار الأسد.

وهناك أيضاً قائد «فيلق القدس» الإيراني قاسم سليماني، قائد المليشيات الشيعية التي قتلت مئات الأميركيين أثناء حرب العراق، لا يزال يعمل بحرّية في أنحاء العراق متباهياً بهيمنة بلاده بمساعدة غطاء جوّي أميركي.

هذا هو الشرق الأوسط الجديد الذي يبدو واقعه الاستراتيجي الجديد واضحاً للجميع، تصعد فيه إيران وتتلقى مساعدة مثيرة للدهشة من قبل الولايات المتحدة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى