«إعادة الأمل» التفاوض تحت الضغط

عامر نعيم الياس

كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية عن اجتماعات أميركية ـ سعودية أدّت إلى إنهاء «عاصفة الحزم»، وأكد المسؤول الأميركي الذي رفض الإفصاح عن هويته أن السبب وراء تلك المناقشات والرغبة في وقف القصف، أنّ الضرر الجانبي الناجم عن القصف كان كبيراً جدّاً.

وذكرت الصحيفة أن السعودية وقعت تحت ضغط دوليّ بسبب القصف الذي ضرب أهدافاً مدنية، ومعسكراً للنازحين اليمنيين قتل فيه العشرات، ومخزنَ طوارئ إغاثياً تابعاً لمنظمة «أوكسفام» البريطانية. كما أشارت إلى أن الصراع بين السعودية و«المتمرّدين الحوثيين» في اليمن زاد من إرباك الولايات المتحدة وإيران الذين دخلوا مرحلة المفاوضات النهائية في شأن البرنامج النووي الإيراني.

تنسب واشنطن وقف الحرب إلى قرار اتخذ منها وإلى إرباكٍ لمفاوضاتها مع إيران، في الوقت الذي كان لهذه الأخيرة السبق في الإعلان عن «وقفٍ لإطلاق النار خلال ساعات» على لسان نائب وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان، فهل نحن أمام إنهاءٍ للعدوان السعودي، أو تغيير في الاستراتيجية العسكرية والبدء بمرحلة ثانية من الضربات العسكرية تحت عنوان «إعادة الأمل» وفقاً للتسمية التي أطلقها الناطق بِاسم تحالف العدوان السعودي الخليجي على اليمن؟

المؤكد أن الفشل هو العنوان العريض للمرحلة الأولى من المواجهة السعودية المباشرة في اليمن، والتراجع عن أهداف الحملة التي أطلقت في البداية الدليل على ذلك. فالرئيس هادي لا يزال في أراضي المملكة، و«أنصار الله» تتقدّم على الأرض. لكن استمرار القصف الجوي السعودي بالتوازي مع تقدم «أنصار الله» يثير الشكوك حول الأهداف الحقيقية للإعلان الرسمي عن وقف «عاصفة الحزم». فقرار مجلس الأمن الدولي المنحاز جملةً وتفصيلاً للرغبات السعودية، والصمت الدولي عن استمرار عمليات القصف، والتلويح الإيراني على لسان عبد اللهيان أيضاً بالرد على تعقيد الأوضاع في المنطقة «نعتبر أمن المنطقة من أمن إيران، وسنعرب عن ردّ فعل قوي حيال أية إجراءات من شأنها أن تعقد الوضع، سواء من السعودية أو أي لاعب آخر». وأضاف إن «السعودية بفرضها الحرب على اليمن لم تضعف أمنها فقط، بل جاءت بتبعات وتداعيات غير محمودة لنفسها ولأمن المنطقة»، كل ذلك يجعل من قرار وقف إطلاق النار مثار شكٍّ، فهل تحاول السعودية ومن ورائها واشنطن امتصاص الغضب الدولي من «عاصفة الحزم» إعلامياً عبر الإعلان عن وقف العمليات؟ ما هو دور «إعادة الأمل» هل التمهيد للعملية التفاوضية تحت ضغط القصف الجوي والعسكري الموضعي في إطار ردّ الفعل على استمرار تقدّم «أنصار الله» على الأرض؟ ماذا عن الحصار المدعّم بقرار مجلس الأمن الدولي، هل تتولى السعودية وحلفاؤها بشكلٍ غير مباشر وغير رسمي تطبيق القرار؟ هل المقصود من قرار وقف العمليات الإبقاء على الوضع الراهن كما هو عليه، تمهيداً لإعادة الرئيس اليمني هادي إلى عدن، ومن ثم التوافق على نائبه خالد بحاح؟

السيناريو الحالي هو التفاوض تحت الضغط المتبادل، فوقف العملية العسكرية السعودية في مرحلتها الأولى أي العدوان المباشر، جاء لنزع فتيل حربٍ إقليمية باتت تلوح في الأفق، وعدم توتير الأجواء التي تحيط بالمفاوضات النووية بين طهران ومجموعة الدول الست الكبرى، فيما يستمر قطبا الإقليم بإدارة الصراع على أرض اليمن وفقاً لنهجين سياسيين مختلفين، فطهران توظف بشكل إحترافي «الصبر الاستراتيجي» الذي ورد في استراتيجية أوباما للأمن القومي كمصطلح بارز رئيسي، فيما الرياض مستمرة في هيستيريا الجنون التي بدأت تتردد على لسان موظفيها من النخب العربية بالتلويح بعدوان جديد على سورية، بانتظار أن يمرغ أنف آل سعود بالتراب.

كاتب ومترجم سوري

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى