أحد أوائل القوميين في بحمدون… سعد ضاهر خير الله

ل ن

بحمدون، التي كان لها الحضور النابض في تاريخ الحزب، تستحق أن يُكتب تاريخها فيصدر في كتاب، أو كُتيّب، فيه وفاءً للرفقاء الراحلين، مَن ناضلوا وسجنوا ولوحقوا، أو استشهدوا، ومرجعاً لكل أجيال بحمدون من قوميين اجتماعيين ومواطنين.

أحد هؤلاء، الرفيق سعد ضاهر خير الله، الذي يتكلم عنه الأمين شوقي خير الله في كتابه «بحمدون»، في أكثر من مكان. في إحداها، هذه المأثورة التي ننقلها بالنصّ الحّرفي رافعين التحية إلى روح الرفيق سعد، وقد عرفتُه ـ كذلك جميعُ الرفقاء في بحمدون ـ متشبثاً بالتعاليم القومية الإجتماعية، مجسّداً في حياته مناقب الحزب وتعاليمه.

يقول الأمين شوقي في الصفحة 111: يوم وقعت الفتنة في 13 نيسان 1975، ودارت الحرب الأهلية وهُجّر الناس واحتُلَّت الأحياء وطُرد ونُهب ما نهب، كان سعد قد اشترى بيتاً في عين الرمانة وفرشه وسكن فيه، وقد أصبح مديراً عاماً في مؤسسة ميشال أندراوس لقطع الغيار، في قلب ساحة البرج، وهي أكبر مؤسسة في لبنان والمشرق في هذا الاختصاص.

الحاصل، سعد غير مرغوب به في عين الرمانة لأسباب متعدّدة أهمها أربعة. وقد كان سبب واحد كافياً لطرده ونهبه وتخوينه وحرمانه من البيت ومن الفرش ومن العودة.

وبعدما يشرح الأمين شوقي كيف أُنشئت «ميليشيا» للحراسة في بحمدون، ويتحدّث عن اللجان التي شُكّلت في عاليه وغيرها، يقول في الصفحة 113:

توطّدت علاقات مصالحة وتصافٍ وهدنة ما بين عاليه وبين عين الرمانة والضاحية والقماطية، إلى سوق الغرب وبحمدون وكل القضاء. وفُتحت مفاوضات اجتماعية وأهلية وتبادل خدمات تتعلق بالمهجرين والمنازل والأثاث…

اجتمعنا مرّة مع لجنة من عين الرمانة والمنطقة لتبادل خدمات. وكان سعد معي لنطالب بمفروشات بيت سعد في عين الرمانة طالما العودة الآن، ولوقت غير معروف، مستحيلة أو مؤجلة.

صَعُب الحوار وأيضاً المقايضة لمئة سبب. وكنت قد أوصيت سعد بالصمت، وعدم فتح جدال يتعدّى الفرش. فلما ثبتت استحالة «المداكشة» تحت مطلق صيغة، تكلم سعد وقد كاد «يطقّ». قال لمندوب الكتائب: «البيت خذوه! الفرش خذوه! ولكن لي غرضاً وحيداً أريد أن أستعيده».

الجميع ظنّوا أنه مال أو جواهر أو صيغة مدفونة في البيت ويودّ سعد استرجاعه. سأله الكتائبيّ:

ـ وما هو؟

أجابه سعد:

ـ فوق الباب، حفرت حفرة صغيرة جداً وطيّنتها بالجفصين بعدما أودعت فيها بطاقتي الحزبية في الحزب السوري القومي الاجتماعي، ولكنها موقّعة من قبل الزعيم سعاده. خذوا كل ما في البيت إنما أعطوني البطاقة. أنا أنزل بحمايتكم وأحفر الحفرة وآخذها وحدها لا غير.

العجب أن الكتائبيّ أُعجب بسعد ضاهر موسى الياس خير الله، العضو في الحزب السوري القومي الاجتماعي، فوعده بأن يجلب له البطاقة في الاجتماع المقبل. وفعلاً، جلب له البطاقة، إنما أبلغه أنه صوّرها لأن عليها توقيع الزعيم، واحتفظ بالصورة.

ليتني أعرف اليوم 2005 من هو هذا الكتائبيّ وهل الصورة عنده.

سعد ظلّ محتفظاً بالبطاقة المقدّسة حتى زلزلة بحمدون والغزو المصاحب. لقد ضاعت البطاقة الأصلية، وظلّ سعد متأسفاً عليها حتى مماته في 14/10/2002 .

بتاريخ 13 أيلول 2007 وضمن نشرة عبر الحدود التي كانت تصدر عن العمدة حينما أوردتُ عن الرفيق سعد خير الله، تحت عنوان «نتذكر باعتزاز» التالي:

الرفيق سعد ضاهر خير الله الذي وافته المنية في 14 تشرين الأول عام 2002 هو من أوائل رفقائنا في بحمدون، ومن مؤسّسي العمل الحزبي فيها. تأثر الرفيق سعد وهو عضو في نادٍ اجتماعي في بحمدون بالمحاضرات التي كان يلقيها في النادي كل من الرفيق غسان التويني، وكان مندوباً مركزياً في جرد الغرب، مأمون اياس، نعمة ثابت وغيرهم، فكان أن انتمى عام 1943 على يد غسان تويني الذي ترأس جلسة القَسَم. بعد انتمائه، تولى مسؤولية مدير مديرية بحمدون في الفترة 1946 ـ 1949 ثم مسؤولية منفذ عام جرد الغرب في العامين 1951 1952.

قبل الرفيق سعد، كان قد انتمى الرفقاء عزيز ثابت 1 ، فيليب مجاعص، عزيز مجاعص 2 ، وعادل عبد النور، إلا أن انتماءهم تمّ خارج بحمدون، كذلك نشاطهم الحزبي.

شُيّع الرفيق سعد في بلدته بحمدون في 16/10 بحضور حشد من أهالي البلدة، والقوميين الاجتماعيين فيها، ومن مديريتَي مجدلبعنا وشانيه. بعد القداس ألقى الأمين شوقي خير الله كلمة بِاسم مديرية بحمدون عدّد فيها مزايا الراحل، وما تمتّع به من صدق الانتماء ومن نشاط حزبي، كما تحدّث عن تعلّق الرفيق سعد بالأرض وحبّه الزراعة التي لم يتوقف عن ممارستها، على رغم أنه كان موظفاً ناجحاً في مؤسسة ميشال أندراوس ثم مديراً لها.

وُلد الرفيق سعد ضاهر خير الله في بحمدون ـ البلدة عام 1919.

والدته بربارة جريس خير الله.

اقترن بالسيدة عدلا متّى، ورُزق منها ثلاثة أولاد: لبيب، أنطون وسامية.

استمر الرفيق سعد على التزامه الحزبي حتى اللحظة الأخيرة من حياته.

هوامش

1. المنفذ العام الأول لمنفذية بيروت.

2. قطن طرابلس وفيها تولّى مسؤولية منفذ عام. والد الرفيقة نداء حافظ الصايغ.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى