لماذا لم يتخلّ حزب الله عن عون؟

روزانا رمّال

أكدت مصادر مطلعة لـ «البناء « أنّ أجواء من التماسك و الودّ عكسها اللقاء الأخير بين أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله ورئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون، وتشير هذه الأجواء إلى استكمال معركة التعيينات في انسجام ثنائي إلى آخر المطاف، وخصوصاً في أي خطوة يقرّر التيار الوطني الحر سلوكها في حال تمّ تمرير التمديد للقادة العسكريين.

المصادر نفسها تؤكد أنّ هذا الملف بالنسبة إلى حزب الله ليس ملفاً يتعلق برغبة العماد عون في المحافظة على حقوق المسيحين أو الاحتفاظ بمركز ما، إنما هي معركة استراتيجية بامتياز بالنسبة إلى حزب الله لأسباب متعدّدة. ومعروف تعاطي حزب الله مع الملفات الداخلية التي لا تعتبر بالنسبة إليه تكتيكاً يمكن المسايرة فيه.

يعرف حزب الله أنّ الرهان على التباين بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والعماد ميشال عون وأنّ العلاقة المتوترة أصلاً ستكون بوابة عبور الخصوم إلى حلول تعمّق الخلاف أكثر بين حليف حليف التيار، كما يصفونه، و هو الرئيس بري وستكون بطريقة أو بأخرى مقدمة لخلافات قد تصبح خطيرة داخل الخط الواحد، وخصوصاً إذا ما بات دور حزب الله الحكم الذي ينتظر الخصوم ليسجلوا عليه أي انحياز من قبله نحو طرف دون آخر بين عون وبري.

إنّ التسوية التي رعاها حزب الله داخل الصف الواحد كانت محتمة بين الرئيس بري والعماد عون لا بدّ لها أن تريح العماد عون في التعيينات الأمنية من جهة و تريح الرئيس بري في جلسات التشريع، من جهة أخرى .

لا يغيب عن حزب الله ما يطرح من تقارير ومعلومات تتواتر وكلها يتحدث عن تسويات خرجت عن اللقاء لا تتعلق بأي منطق وتبدو وكأنها مخرج تخفيفي أولي لحتمية قطع الطريق على التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي والفريق الذي أيد التمديد لأخذ المشهد نحو ما يفيد بأنه إذا وقف حزب الله مع عون في قضية تعيين روكز قائداً للجيش فإنه، بلا شك، سيتركه في معركة الرئاسة مع تبريرات غير منطقية استناداً إلى معادلات أنه لا يمكن أن يتسلم منصباً أكثر من شخص من البيت نفسه، علماً أنّ الوزير جبران باسيل هو صهر العماد عون وهو وزير خارجية لا يمكن اعتبار أنّ عليه أن يجلس جانباً في حال تولى عمّه الرئاسة وهذا أيضاً عاشه اللبنانيون مع تجربة «فارس بويز- الهراوي» و «الياس المر لحود « وغيرهما وكلّ هذا ينقضه حزب الله بالتمسّك بعون في كافة خياراته ترجمة وأجواء.

لكن لماذا يتمسك حزب الله بعون وخياراته؟

ينطلق حزب الله من علاقته مع عون من منطلقين :

أولاً: نظرة حزب الله إلى التحالفات الاستراتيجية.

ثانياً: طبيعية القضية المطروحة استراتيجية أو تكتيكية سياسية ؟

للوهلة الأولى، وفقاً لمنطق الأحزاب بالنظر إلى التحالفات يتوقع المراقب أنها كلها «متشابهة مصلحية» لذلك كان الرهان على أنّ حزب الله سيفعل مثل الآخرين ، أي إذا تعرض الحليف لضغوط ومرّ بظرف حرج إما يطلب من حليفه ترتيب أموره بصورة منفصلة عنه أو يظهر الخلاف، كتمايز طبيعي متبادل لخصوصية الظروف.

يعتمد حزب الله صيغة التفاهم لخصوصية الظروف عندما لا تكون القضايا استراتيجية ووجودية ومثال على ذلك، التمديد للمجلس النيابي لم يكن استراتيجياً وأحتمل أن يختلف موقف حزب الله عن عون ، ويتفهم كلّ منهما الآخر.

لكن عندما تمّ تهديد حزب الله بعدم تشكيل حكومة معه وأرسلوا له تفجيرات إلى الضاحية ووضع على لوائح إرهابية أوروبية للخروج من سورية وإعلام مسلط عليه، كان جوابه نحن مع سورية في موقفها وإذا كان لدينا ألف مقاتل سيصبحون عشرة آلاف فيها إذا دعت الحاجة.

التحالف مع عون بالنسبة إلى حزب الله «لبنانياً» مثل التحالف مع سورية، وبالنسبة إلى حزب الله «إقليمياً»، فالتيار الوطني الحر يشكل لحزب الله البعد المسيحي والتغطية الوطنية وفي الظروف الصعبة ثبت أنه أهل للثقة، وخصوصاً تجربة حرب تموز وفي القضايا المفصلية كقضية مستقبل المقاومة وسلاحها ومصيرها حيث لم يهتز عون أمام سيل الحملات.

نظرة حزب الله تقول إنه كما عامل سورية سيعامل التيار الوطني الحر الذي تشكل العلاقة معه بعداً لا يمكن أن يسهل وضعه للتجاذب فهي بعد وطني وجودي لا يتخلى عنه حزب الله.

أما معركة الرئاسة فهي استراتيجية مصيرية مثلها مثل تعيين قائد للجيش بالنسبة إلى حزب الله، فمعركة قيادة الجيش مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالرئاسة، عكس الذي يتم الترويج له، فلم يقف حزب الله مع عون في قضية قائد الجيش ليخذله في الرئاسة، بل لأنه يقف معه في قضية الرئاسة وهذا فرع من أصل، لأنّ التمديد لقهوجي ليس سوى لإبقائه مرشحاً رئاسياً مطروحاً. فكيف إن تدخل أميركي لصالح التمديد لقهوجي قد حصل بهدف النيل من حزب الله، وخصوصاً أنّ مشكلة الأميركي ليست مع عون لولا علاقته الخاصة بحزب الله. إنها مشكلته مع حزب الله ؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى