ملوك الأردن عملاء بالوراثة

صابرين دياب

منذ بداية الأزمة التي عصفت بسورية، وعلى مدى أربع سنوات ونيّف من حرب قذرة ضروس معلنة على سورية العروبة، لم تكف الحكومة الأردنية عن التنصل وإنكار أي علاقة لها في دعم وتسهيل دخول مسلحين قتلة وإرهابيين، وإقامة غرف عمليات تشارك فيها السعودية «وإسرائيل» وأميركا والاستخبارات الأردنية، ثم تدريب المسلحين ودفعهم إلى سورية عبر حدودها الجنوبية الممتدة طويلاً مع حدود الاردن. النظام الاردني ينكر على رغم أن المجريات على الأرض تثبت عكس ذلك… لم يعد خافياً ان هذا النظام تابع، بل وأجير لأوامر وتعليمات واشنطن و«تل أبيب» ومن في حكمهما من دول عربية أمتداداً من مملكة آل سعود وحتى الكويت، ودول عربية أخرى كانت على استعداد للتخلي عن دورها الطليعي المفترض قومياً من أجل هبات مادية، برع المال السعودي والقطري والكويتي في تسخيرها أيضاً لخدمة مشاريع اسيادهم.

لقد باتت الأمور أكثر من واضحة، مع استمرار تدفق المسلحين والسلاح الأحدث أميركياً الى سورية من الأردن بإشراف وادارة وعلم الحكومة الاردنية، منذ بداية الازمة التي شاركت الحكومة الاردنية أيضاً في التخطيط لها أصلاً، وحتى الآن، وعلى مدى أربعة أعوام ونيّف، وتتلقى الدعم الإعلامي والتغطية من قبل أسيادها، وما زالت تواصل تنفيذ الدور المطلوب منها ضد الصمود السوري ولمصلحة «إسرائيل» بامتياز، وبمشاركة فعلية من قبل «الإسرائيليين»… وقد يكون «طرد» اللواء د. بهجت سليمان «فوراً وخلال أربع وعشرين ساعة»، في شهر أيار من العام الماضي، نتيجة مواقفه الوطنية، وقيامه بواجبه تجاه بلده ووطنه اشارة على دور الأردن المتآمر على سورية.

بهجت سليمان، المقاتل والدبلوماسي المتميّز الشجاع، الذي يرتكز على خلفية رؤيوية ووطنية وثقافية ذات أبعاد قومية حرّة تقض مضجع النظام الاردني وتعكر صفوه الملوث أصلاً… النظام الاردني وسيده لا يحتملان مقاتلاً وفياً شجاعاً يتمتع بقدرات استثنائية، ليس فقط في مواجهة واشنطن و«تل أبيب» ومشاريعهما أنما ايضاً في مواجهة عتاة الرجعية العربية في الاردن، باب الرجعية العربية الواسع، المطل على دول الملح التابعة، ولا يخشى قولة الحق، يقف صلباً في وجه أي سلوك يمس سيادة وطنه، ولأنه يحمل كل هذه المزايا الوطنية الإيجابية، من الطبيعي أن يعتبره العملاء والخونة خطراً، وأن مجرد وجوده على رأس السفارة السورية في عمّان إحراجاً ضاغطاً، وهي بطبيعة الحال أوامر واجبة التنفيذ فرضت على الحكومة الأردنية، وعلى عبد الله بن الميت شخصياً وما عليه وعلى نظامه سوى الطاعة صاغراً، بل والإخلاص المطلق في تنفيذ الأوامر من أسياده الصهاينة ومن في حكمهم، في سابقة خطيرة يمارسها النظام الاردني من دون خجل، وشهادة خيانة وعمالة تضاف الى شهادات تاريخية فاضحة.

طبقاً لواقع الحال، لا غرابة في أي سلوك نذل للحكومة الأردنية ممثّلة بنظامها الملكي الرجعي منذ تأسيس المملكة، والدور الخياني الذي مارسه ملوك الأردن تباعاً، والمثبّتة في سجل التاريخ، وتلك الوثيقة المحفوظة التي وقعّ عليها عبدالله الأول قبل أن ينصبوه أميراً ثم ملكاً على شرق الأردن، والتي جاء في نصّها الواضح تعهد عبدالله الأول بأن لا تقوم دولة تسمى فلسطين بين إمارة شرق الأردن، «والتي أصبحت بعد هذا التعهد المخلص مملكة»، وبين دولة «إسرائيل» في ذلك الوقت إبان تقسيمات سايكس بيكو، وقبل نكبة 1948 بعقود، وكان «عبد الله الأول» أميناً على العهد الذي قطعه لحكومة الامبراطورية البريطانية حينها، الراعية للصهيونية إبان احتلالها لدول في المنطقة، إلى جانب الاستعمار الفرنسي المحتل لمناطق أخرى في المنطقة نفسها، والذي أفرز اتفاقية «سايكس بيكو»، وتقسيم المنطقة، ثم وعد بلفور المشؤوم، وكان المتخاذل في حرب 48 والمتعاون مع العصابات الصهيونية، تلك الحرب الفاجرة التي أدت إلى نكبة الشعب الفلسطيني، لكن عقاب الشعب الوطني القومي الحر لم يمهله، عندما خرج من بين الصفوف شاب بطل يدعى مصطفى عشو، قضى عليه برصاصات مباشرة وهو يهم دخول المسجد الأقصى المغتصب… ثم اتى من بعده ابنه طلال الذي تعرّض لمؤامرة من الاسرة المالكة لاقصائه عن الحكم، ثم تتويج «حسين» ملكاً، كان الملك الميّت «حسين» ذكياً وخبيثاً في آن، لكنه لم يخرج عن إطار ما بدأه جده عبدالله، ومارس دوره الخياني بامتياز، والتعاون المطلق مع العدو الصهيوني، وقام بدور الحارس المخلص للكيان على أطول حدود مع الكيان، مانعاً الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في النضال لاستعادة فلسطين، وعودة من شرّد منها الى أرضهم ومدنهم وقراهم ودورهم، وقام بعقد وتوقيع اتفاقات مهينة مع محتلهم، ليست «وادي عربة» آخرها، ليخفق العلم «الإسرائيلي» في عمّان العربية، كذلك دوره العميل المجرم إبان أيلول الأسود، وممارسة القتل والتدمير على المدنيين الفلسطينيين وبيوتهم ودورهم في المخيمات.

ومات الملك التابع، بعد أن نحّى شقيقه من ولاية العهد، وبايع أبنه الملك التابع الحالي من زوجته البريطانية «انطوانيت غاردينر» ابنة ضابط بريطاني متقاعد… هذا النسب والأصل الموغل في الخيانة والتبعية والانبطاح خدمة للمشروع الصهيوني، وللحكومة الأميركية، وممارسة التآمر على الأمّة العربية، وعلى القضية الفلسطينية على وجه الخصوص، نجده اليوم يمارس أقذر دور يمكن أن يسلكه إنسان أو مؤسسة أو حكومة، مشاركاً بالإيغال وسفك دماء السوريين، والتآمر لتدمير سورية وتقسيمها إلى دويلات ضعيفة ومسلوبة السيادة والقرار.

الشعب الاردني شعب عروبي عريق وأصيل، أخرج «مصطفى عشّو» من بين صفوفه، واقتص من عبدالله الأول، وسيخرج عشرات من الشرفاء أمثاله ليعود الأردن إلى حضن الوطن العربي منتصراً لإخوته العرب الشرفاء، وسنداً للشعب الفلسطيني والسوري الماضي قدماً وحثيثاً إلى تحقيق انتصاره.

تحية إلى السفير السوري في الأردن اللواء بهجت سليمان

بمناسبة مرور سنة على مغادرته عمّان قسراً.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى