سلام افتتح الدورة الثالثة والعشرين لـ«منتدى الاقتصاد العربي»: الاستقرار الأمني شرط أساسي لتأمين مناخ اقتصادي مؤاتٍ

افتتح رئيس الحكومة تمام سلام «منتدى الاقتصاد العربي» الذي انعقد في دورته الثالثة والعشرين والتي حملت إسم «دورة سعيد خوري»، في فندق «فينيسيا» – بيروت في حضور نحو 450 مشاركاً. وتقدم المشاركين الرئيسان فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي والأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى والوزراء علي حسن خليل، ألان حكيم، نبيل دو فريج، محمد المشنوق، وآرتور نظريان، إضافة إلى عدد كبير من الوزراء السابقين والسفراء وأركان الهيئات الاقتصادية.

تخللت جلسة الافتتاح وقفة وفاء خاصة بالراحل سعيد خوري مؤسس ورئيس «شركة اتحاد المقاولين» ورئيس «مجموعة الاقتصاد والأعمال» على مدى 25 عاماً. تضمنت هذه الوقفة عرض فيلم وثائقي أعقبه كلمة للوزير الكويتي السابق بدر الحميضي، ثم كلمة العائلة ألقاها كلّ من توفيق خوري وسامر خوري الذي أعلن عن إطلاق «جائزة سعيد خوري» السنوية بقيمة 150 ألف دولار لتشجيع مبادرات رواد الأعمال الشباب.

أبو زكي

بدأت جلسة الافتتاح، بكلمة الرئيس التنفيذي لـ»مجموعة الاقتصاد والأعمال» رؤوف أبو زكي جاء فيها: «للسنة الثالثة والعشرين على التوالي ينعقد «منتدى الاقتصاد العربي» في بيروت محافظاً على رسالته ليكون منبراً للتلاقي العربي ومنصة للمسؤولين وقادة الأعمال للبحث في قضايا الساعة. ونحن اليوم في حاجة إلى هذا الإيمان فيما نعيش الأزمات والحروب وارتداداتها، وفيما أضحينا نخاف مما يخبئ لنا المستقبل في ظلّ هذا الإيقاظ التآمري لكلّ أنواع الغرائز الطائفية والمذهبية والقبلية، وهذا المنحى لمحاولة تفتيت المنطقة والقضاء على أسسها الحضارية والإنسانية العريقة».

باسيل

وأكد رئيس جميعة المصارف فرنسوا باسيل أنه لم يعد مقبولاً على الصعيد الاقتصادي أن تظل معدلات النمو في المنطقة العربية متواضعةً»، لافتاً إلى أنّ هذه المعدلات تراوح، بحسب تقديرات صندوق النقد الدولي، ما بين 3.2 في المئة و 3.8 لعامي 2015 و2016.

أما في ما يخصّ القطاع المصرفي، أكد باسيل «على استمرار الجهدِ الهائل والمثبت بالمعطيات والأرقام، الذي بذلته المصارف ولا تزال، بالتنسيق والتعاون الوثيق مع السلطات النقدية والمالية، من أجل إرساء وترسيخ المنحى التراجعي لكلّ من نسبة العجز العام ونسبة المديونية إلى الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. ونحن عازمون على المُضي قدُماً في هذا النهج، مستمدّين العزمَ والعزيمة من ثقة مودعينا. كما أنّ قطاعنا المصرفي يستمدّ قوته ومكانته من التزامه الدائم بالمعايير الدولية للصناعة المصرفية».

شقير

وألقى رئيس اتحاد الغرف محمد شقير كلمة قال فيها: «نحن كقطاع خاص لبناني، بالرغم من الظروف المؤسفة التي يمرّ فيها بلدنا، لا نزال نمتلك العزيمة والتصميم للسير إلى الأمام والعمل على إبقاء لبنان موجوداً بقوة على المستوى الاقتصادي على الساحتين العربية والعالمية».

وأضاف: «خلال الأشهر الماضية، قمنا بزيارات خارجية، إلى برشلونة وباريس وموسكو وروما وميلانو، عقدنا خلالها سلسلة من الاجتماعات الناجحة، تهدف إلى خلق شراكات عمل ثلاثية الأضلاع، أي بين القطاع الخاص اللبنأنّي ونظيره الأوروبي من جهة، والقطاع الخاص العربي، أو القطاع الخاص في أفريقيا من جهة ثانية». واعتبر «أنّ إقامة هذه التحالفات الاقتصادية التي تستند على جمع الميزات التفاضلية لهذه الأطراف، من شأنها زيادة قوتنا التنافسية في أسواقنا التقليدية في مواجهة شركات عالمية عملاقة.

حنفي

وتحدّث وزير التموين والتجارة الداخلية المصري خالد حنفي، فرأى «أنّ ما يحدث على الساحة السياسية جزء كبير يكمن حلّه في أمور اقتصادية لأنّ الاقتصاد غير منفصل عن السياسية ويسير جنباً إلى جنب معها».

وأضاف: «إنّ البضاعة العربية كلّها في دول مطلة على البحار والمحيطات غالباً لا تنقل بحراً وتشكلّ أقل من 10 في المئة ما يعني أنّنا نقوم بعمليات نقل هي الأكثر تكلّفة وبالتالي تصبح القدرة التناقسية متدنية ولا تعبّر عن طموحات هذه الدول ولا تؤدي إلى تكوين كتلة اقتصادية متكاملة. ويبرز هنا طموح إلى العبور من منطقة تجارة حرة إلى اتحاد جمركي وسوق مشتركة وتكامل اقتصادي، لكنّ الأمر لا يتحقق إلا من خلال ثورة في عالم النقل واللوجستيات».

حكيم

وكانت مداخلة للوزير حكيم أكد فيها «أنّ الاستثمار والاستهلاك هما الركيزتان الأساسيتان اللتان تؤديان إلى إعادة تحريك عجلة النمو».

وقال: «لا يمكن إعادة الثقة بالكيان الاقتصادي لرفع حجم الاستثمارات من دون أن يتوفر وضع سياسي وأمني مستقر والذي بدوره لن يتحقق من دون انتخاب رئيس للجمهورية، حيث نؤكد أنّ الفراغ الرئاسي واستمرار التباعد بين القوى السياسية سيؤديان إلى المزيد من التدهور على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، ما قد يدخلنا في ما نحن في غنى عنه. لذلك، المطلوب انتخاب رئيس للجمهورية اليوم قبل الغد، لإعادة تحريك عجلة البلاد والمساهمة في تفعيل عمل المؤسسات والنهوض بالاقتصاد.

السنيورة

وألقى الرئيس فؤاد السنيورة كلمة اعتبر فيها «أنّ التحدي الكبير الذي يواجهنا الآن وأكثر في السنوات العشر المقبلة يكمن في كيفية إيجاد 50 مليون فرصة عمل جديدة لاستيعاب المنضمين الجدد إلى سوق العمل العربية».

ولفت إلى «أنّ هذه الإشكاليات مع عمق تداعياتها السلبية قد تشكل فرصة يمكن استيلادها من رحم المشكلات للدول العربية المنتجة للنفط والمستوردة له على حدّ سواء وذلك للسير في برامج إصلاحية حقيقية لاقتصادياتها ولمالياتها العامة لتنويع الاقتصادات الوطنية ولتعزيز معدلات النمو وجهود التنمية البشرية والاقتصادية وترشيق القطاع العام ولتمكين القطاع الخاص العربي من جذب الاستثمار الأجنبي المباشر».

سلام

ثم تحدّث الرئيس سلام لافتاً إلى «أنّ الاقتصاد اللبناني يعيش منذ عشر سنوات وضعاً صعباً غير مسبوق، نتيجة أحداث كبرى ما فتئت تتوإلى منذ جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري. اغتيالات سياسية، وعدوان إسرائيلي غاشم عام 2006، وأزمة سياسية داخلية مستحكمة، وتوترات إقليمية توجتها الحرب السورية التي هجرت إلى لبنان مليوناً ونصف مليون مواطن سوري. كلّ هذه الأزمات، وما رافقها من تراجع كبير لعدد السياح، أضعفت الاقتصاد اللبناني الذي تلقى في الآونة الأخيرة ضربة إضافية نتيجة انقطاع سبل التصدير البرّي للمنتجات اللبنانية. لكن في مقابل هذه الصورة، نجح قطاع الأعمال الخاص في الحفاظ على مستوى عال من الأداء، ما ساعد على تماسك الوضع الاقتصادي وحال دون حصول انهيار كبير».

وأضاف: «أوجّه تحية إلى جميع الهيئات الاقتصادية وإلى القطاع الخاص اللبناني الذي يثبت كلّ يوم، كفاءة ومثابرة وإصراراً، ويسجّل كلّ يوم إنجازات تدعو إلى الاحترام، بالرغم من كلّ المعوقات التي تعترض عمله، والتأخر في إقرار الإصلاحات المطلوبة لتحسين مناخ الأعمال في لبنان». وأشار إلى أنّ «الخلافات السياسية، التي تطال الصغيرة والكبيرة في بلدنا، حالت للأسف حتى الآن، دون اتخاذ قرارات ورسم سياسات شديدة الأهمية تتعلق بقطاعات اقتصادية حيوية، ومن شأنها إحداث تأثير إيجابي على نسب النمو. أعطي مثالاً على ذلك، قرار الانتقال من مصادر الطاقة التقليدية إلى الغاز الطبيعي، بما يؤدي إلى خفض نسبة التلوث والكلفة التشغيلية لمؤسسة كهرباء لبنان وللقطاع الصناعي، بالإضافة إلى تحديث محطات إنتاج الطاقة، إقرار المراسيم المتعلقة بإطلاق عملية استكشاف النفط والغاز في المياه الإقليمية اللبنانية، تحسين مستوى الاتصالات وخدمات الإنترنت وخفض أسعارها، إقرار الموازنة العامة للدولة».

وقال: «إنّ كلّ هذه الخطوات الاستراتيجية، التي ترتدي أهمية بالغة للاقتصاد اللبناني، هي بكلّ بساطة خطوات مُمكنة وفي متناولنا. لكنّ إنجاز هذه الأمور، يحتاج أولاً إلى تنقية الهواء السياسي الذي نتنفسه صبحاً وعشيّة، وإيجاد الإرادة لدى الجميع بجعل المصلحة الوطنية العليا هدفاً أولاً ووحيداً».

وتابع سلام: «على الرغم من كلّ التجاذبات السياسية، نجحت حكومتنا في تأمين حدّ مقبول من الاستقرار، حمى السلم الأهلي وجنّب البلاد مخاطر الانزلاق إلى توترات أمنيّة ليست في مصلحة أحد. تحقّق ذلك بفعل مناخات الحوار القائم بين القوى السياسية، والتقاء الإرادات على تحصين البلاد إزاء عدوى الفوضى الرهيبة في الجوار. لكنّ هذا الإنجاز ما كان ليتمّ أولاً وأخيراً، لولا أولئك المنتشرين في الجبال والوديان والقرى والمدن، من جرود السلسلة الشرقية إلى الضاحية الجنوبية لبيروت، ومن طرابلس إلى حدودنا الجنوبية. عنيت بهم أبناءنا في الجيش والقوى الأمنيّة الذين نشدّ على أيديهم فرداً فرداً. وإذا كان الاستقرار الأمني هو الشرط الأول لتأمين مناخ اقتصادي مؤاتٍ، فإنّ الشرط الأساسي الثاني هو الاستقرار السياسي الذي ما زال للأسف غير محقق. لقد قلنا وما زلنا نكرّر بالصوت العالي، لا استقرار ولا حياة سياسية سليمة من دون رئيس للجمهورية. إنّ الحكومة ليست، ولن تكون بديلاً من رئيس في قصر بعبدا يمارس صلاحياته الدستورية كاملة».

وفي نهاية الافتتاح، كرّم المنتدى رئيس الاتحاد العام لغرف التجارة المصرية أحمد الوكيل. ومحمد رشيد البلاع السعودية، وراشد فهد النعيمي دولة قطر.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى