الأسد يحيّي جنوده المحرّرين… ومسعى فرنسي لـ«تبييض النصرة» عيد المقاومة والتحرير يلاقي احتلالاً وعدواناً من نوع آخر

كتب المحرر السياسي

يواصل السعوديون حربهم اليائسة لتدمير اليمن، ويراهنون على أنّ ما ينشرونه في الإعلام يعيدون سماعه فيصير هو الحقيقة، إذا تغاضوا عن قراءة التقارير الواردة من جبهات القتال. فأحاديث المحللين المدفوعة عن تقهقر الحوثيين ووصول جماعات منصور هادي إلى مشارف صعدة، كلام بكلام، والحقيقة هي وصول الحوثيين إلى مشارف نجران، وتوغلهم داخل الحدود السعودية من عدة نقاط، واحتلالهم عدداً من المواقع العسكرية فيها. والكلام عن خطة تقليص حضور الحوثيين في الجنوب لا تشبه بشيء وقائع نجاحهم بالتوسع والثبات، بينما التحضيرات التي تجرى لمؤتمر جنيف الخاص باليمن تؤكد أنّ الخسارة السياسية السعودية حتمية. فالحوثيون ذاهبون إلى الحوار، والدعوة لا تضع شروطاً على المدعوين للمشاركة. وإيران التي استقبلت المبعوث الأممي إسماعيل ولد شيخ أحمد وضعت له معادلة الحوار اليمني ـ اليمني بلا تدخل خارجي مقابل الفيتو السعودي الخليجي على مشاركة إيران، متسائلة عن سبب التفكير في وضع وصاية على اليمنيين بإدخال سواهم في حوار يفترض أن يدور بينهم وحدهم بحرية بمعونة المبعوث الأممي.

على جبهات القتال السورية والعراقية، لا يزال الفشل الأميركي في قيادة الحرب على «داعش» بعد دخول وحدات التنظيم إلى كلّ من الرمادي وتدمر، بينما كانت الحكومة العراقية تدعم جيشها وترفع مستويات التنسيق بينه وبين قوات الحشد الشعبي لإنهاء الإجراءات الدفاعية اللازمة لحماية المواقع المهدّدة بهجمات لاحقة من «داعش» في الأنبار، تمهيداً للبدء بالتحضير للهجوم المعاكس، وفي المقابل في سورية كان تحرير الجنود الأربعمئة المحاصرين لشهر مضى في المستشفى الوطني لجسر الشغور، والحديث الهاتفي للرئيس السوري بشار الأسد الموجّه إليهم عبر اتصال مباشر بقائد المجموعة المحاصرة التي حرّرت، أكد خلالها عزم الجيش على مواصلة حربه بكلّ عزم وإصرار حتى النصر.

مستقبل الوضع في سورية والعراق، كان محور استعدادات فرنسية لتحرك أوروبي، بعكس الاتجاه الذي كان فيه محور محادثات روسية أميركية، وما أسفرت عنه من تفاهمات كشف عنها نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، لجهة أنّ النصر على «داعش» مستحيل من دون التنسيق بين من يقاتلون ضدّ الإرهاب، وأنّ نظرية القتال ضدّ «داعش» والجيش السوري معاً جلبت «داعش» إلى تدمر، وصولاً إلى ما كشفه بوغدانوف عن قناعة أميركية أخيراً بأن لا بديل من التعاون مع الرئيس الأسد للفوز بالحرب على «داعش». التحرك الفرنسي يقوم على الإصرار بتقديم فرصة وجود فريق ثالث غير الدولة السورية وجيشها ورئيسها من جهة و«داعش» من جهة أخرى. وهذه المرة الفريق الثالث ليس ما سُمّي بـ«المعارضة السورية المعتدلة»، بل جبهة «النصرة» الفرع الرسمي لتنظيم «القاعدة»، فوزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس يحمل مشروعاً يشبه مشاريع تبييض الأموال، عنوانه «تبييض الإرهاب»، وكما يجري في تبييض الأموال بخلط المال الوسخ بمال نظيف، سيقدم فابيوس لزملائه الأوروبيين، ملفاً عنوانه دمج ملف حركة «حماس» بملف جبهة «النصرة»، كـ»تنظيمين متهمين بالإرهاب» يمكن لفتح الحوار معهما، جذبهما إلى الاعتدال»، منطلقاً من «الطابع الشعبي للتنظيم وتعبيره عن جزء من تطلع شعبه للحرية».

حركة فابيوس للتحالف مع «النصرة»، تتمّ بالتنسيق مع «إسرائيل» أولاً، وتركيا ثانياً، ومدفوعة الأجر والتكاليف من السعودية وقطر ثالثاً، وسيكون على أوروبا الاستعداد لتقبّل تحوّل كلّ خلايا «القاعدة» النائمة تعمل بصورة علنية تحت عنوان دعم القتال في سورية مجدداً، بانتظار هجمات يقرّر تنظيم «القاعدة» أنّ توقيتها قد صار مناسباً.

لبنان الذي يقاتل «النصرة» في جرود عرسال، وينتظر انفراجات في قضية العسكريين المخطوفين لديها، يلاقي عيد المقاومة والتحرير، وهو عرضة لاحتلال جزء من أرضه وتهديد أمنه من جهات لا تقلّ خطورة عن الاحتلال «الإسرائيلي»، في طليعتها جبهة «النصرة»، بينما البلد منقسم حول قتال «النصرة» وأخواتها، كما كان منقسماً مع الاجتياح «الإسرائيلي» حول الموقف من «إسرائيل» وقتالها، مقابل رهانات أفرقاء لبنانيين على الاستثمار والإفادة من واقع الاحتلال

الجيش يستهدف تحركات

المسلحين في عرسال

على وقع إنجازات المقاومة والجيش السوري في القلمون تتجه الأنظار إلى جبهة عرسال وجرودها وسط مخاوف من تسلل المسلحين إليها، حيث يقوم الجيش اللبناني باستهداف تحركات ومواقع المسلحين في جرود عرسال بالقذائف المدفعية.

ووجه قائد الجيش العماد جان قهوجي «أمر اليوم» إلى العسكريين، بمناسبة الذكرى الخامسة عشرة للمقاومة والتحرير، وحيا فيه «أرواح شهداء لبنان وشهداء الجيش الذين بذلوا أرواحهم على مذبح الوطن، وأحيي رفاقكم الأبطال المختطفين لدى التنظيمات الإرهابية وأعاهدهم بأن قضيتهم ستبقى أمانة في أعناقنا حتى تحريرهم وعودتهم محفوظي الكرامة إلى عائلاتهم ومؤسستهم، مؤكداً أننا لن نستكين حتى تحرير آخر شبر من ترابنا الوطني المحتل».

نتائج حرب القلمون إيجابية على لبنان وسورية

ورأى مصدر عسكري لـ«البناء» أن «معركة القلمون لم تنته بعد بل يجب أن تستكمل، مؤكداً أن تداعياتها من الجهة السورية إيجابية حتماً لأنه إذا استكملت في منطقة الزبداني حينها تكون قد نزعت الشوكة من خاصرة النظام في سورية وتتنفس العاصمة دمشق الصعداء وتسمح للجيش السوري بالتفرغ لمناطق أخرى».

وأضاف المصدر: «من الجانب اللبناني حتماً النتائج إيجابية إذا استكملت المعركة وحاصر الجيش اللبناني وحزب الله المجموعات المسلحة وهاجموهم في الأراضي اللبنانية، لأن العملية لا يمكن أن تتوقف لأنها ستكون عملية جراحية ناقصة».

وأشار المصدر إلى «أنّ التداعيات السلبية لحرب القلمون على لبنان هو تدفق الجماعات المسلحة من الزبداني أو ما تبقى منهم في القلمون إلى لبنان، ويمكن أن يصل عددهم إلى 7 آلاف تقريباً، فهؤلاء لن يأتوا للسياحة بل لتوسيع رقعة وجودهم ليقوموا بعمليات هجومية، خصوصاً عندما ينقطع عنهم الإمداد اللوجستي ويحاصرون حينها سيقومون باختراق في أي مكان يكون خاصرة ضعيفة في السفح الغربي لسلسلة جبال لبنان الشرقية كرأس بعلبك، لكن الجيش يتولى ربط مراكزه من عرسال إلى جرود الفاكهة إلى جرود رأس بعلبك حتى القاع، لكنه تساءل: هل يستطيع الجيش الصمود بمفرده بحال قررت المجموعات لاحقاً القيام باختراق؟».

وأضاف المصدر: «الجيش يعمل بكلّ طاقاته إلا أنها محدودة، فهو بحاجة إلى سلاح جو وعتاد وإلى أكثر من 24 صاروخاً الذين وصلوا من فرنسا من ضمن الـ3 مليارات والتي أثير حولها ضجة إعلامية فيما تبيّن أنّ «النصرة» لديها مئات الصواريخ في إدلب وجسر الشغور من نوع «تاو» الموازي لما يملكه الجيش تقريباً، منبهاً إلى أنه إذا استكملت المعركة فلن يكتب لها النجاح إلا بالتنسيق بين ثلاث جهات هي الجيش اللبناني على الأرض اللبنانية وحزب الله والجيش السوري».

وأكد المصدر أنّ «معركة التلال التي تخوضها المقاومة مهمة جداً، فحتى هذه اللحظة سيطر حزب الله والجيش السوري وجوداً عسكرياً على نحو ثلثي القلمون السوري بلا الزبداني».

ملف العسكريين إلى الانفراج

على صعيد ملف العسكريين المخطوفين ردّ مكتب المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم على بعض وسائل الإعلام التي تناولت في الآونة الأخيرة معطيات تتعلق بمسار المفاوضات، وتمنى منها «عدم نشر أي معلومات أو أخبار لها علاقة بهذا الملف إلا بعد العودة إلى المراجع المعنية، والاكتفاء حالياً بما يصدر من بيانات عن أصحاب الشأن الذين لن يتوانوا في الكشف عمّا يجري في هذه القضية في الوقت المناسب، وذلك رأفة بأعصاب أهالي العسكريين وصوناً للحقيقة ولإيصال هذه القضية إلى خواتيمها المرجوة».

وشكر شقيق المعاون الأسير إبراهيم مغيط، نظام مغيط اللواء إبراهيم على البيان وعلى كلّ ما يقوم به من أجل إنهاء الملف نهاية سعيدة ومرجوة.

ونقل مغيط لـ«البناء» امتنان وشكر أهالي المخطوفين للواء إبراهيم، متمنياً أن «يشكل ردعاً لبعض وسائل الإعلام التي تعمل خارج نطاق الإنسانية والتي كانت تؤثر على أعصاب الأهالي وتخفف ثقتهم بالحكومة، مجدداً ثقة الأهالي بخلية الأزمة».

ورفض مغيط أن يكون الأهالي في صف المواجهة مع الحكومة، «بل سنقف معها وفي وجه الذين يعرقلون صفقة التبادل»، معتبراً «أن الأهالي لا يتدخلون بتفاصيل المفاوضات ولا بالأسماء التي تطالب النصرة بالإفراج عنها مقابل الإفراج عن العسكريين».

كما عبّر مغيط عن رفض الأهالي «المساومة على دماء أهالي الشهداء في الجيش اللبناني الذين هم أهل الشرف والتضحية والكرامة وهم الذين يحق لهم التكلم في هذا البلد لأنهم يدافعون عن دماء أبنائهم، جازماً بأننا لن نكون بمواجهة مع أهالي الشهداء ومن يطرح هذا الأمر هي الجهة السياسية التي ساومت سابقاً على العسكريين قبل استشهادهم».

واستنكر قيام بعض وسائل الإعلام «التي تنتمي إلى طرف سياسي موجود بالحكومة ببث التحريض والإشاعات، مؤكداً أن أهالي المخطوفين ليس لديهم أي انتماء سياسي والدليل أن أبناءنا في المؤسسة العسكرية».

وعن الوساطة التركية نفى علم الأهالي بهذا الأمر، قائلاً: «لم نبلغ رسمياً ولكن فقط بلغنا بأن الملف يتجه إلى خواتيمه الايجابية وكلام إبراهيم طمأننا».

وقال مغيط: «حرب القلمون يمكن أن تؤثر على الملف في شكلٍ ايجابي وربما في شكل سلبي، لافتاً إلى أن الأهالي يتلقون بعض التطمينات عن صحة وحياة أبنائهم عبر قناة تواصل خاصة مع الخاطفين لم يفصح عنها إلا أنه أكد أن التطمينات المؤكدة غير موجودة».

وكشف مغيط أن التواصل مع تنظيم «داعش» مقطوع منذ 12 شهراً، قائلاً: «أخي مخطوف مع داعش وقبل هذا التاريخ قمنا بزيارته لكن الآن لا نعرف شيئاً عنه أما التواصل مع النصرة موجود في شكلٍ دائم وهناك تطمينات وزيارات».

وكشف مصدر أنّ «أهالي العسكريين طالبوا رئيس الحكومة تمام سلام أن تحصل الصفقة أو المقايضة ضمن سلة واحدة ومتكاملة لكن نتيجة صعوبة التواصل مع داعش لا مانع لديهم من إتمام التسوية مع النصرة إذا نجحت ويترك القسم الأول من الصفقة لوقت آخر، وتوقع المصدر أن ينعكس أي نجاح للمفاوضات مع النصرة إيجاباً على أي مفاوضات مقبلة مع داعش».

ولفت مصدر عسكري إلى أنه «إذا نجحت الوساطة التركية التي يتحدث البعض عنها في إيجاد ممرٍ آمن للمجموعات المسلحة للخروج من المنطقة كلها مقابل الإفراج عن المخطوفين فإن ذلك حتماً يفيد ويريح لبنان ويخلص لبنان من هؤلاء المسلحين كما يريح سورية أيضاً، لكنه تساءل إلى أين سيذهب هؤلاء المسلحين؟».

وأضاف: «حتماً سورية لن تقبل أن يذهبوا إلى شمال سورية إلى إدلب أو جسر الشغور التي تشهد معارك عنيفة بين الجيش والنصرة، أما إذا تمت الصفقة وتقرر فتح ممر للمجموعات المسلحة إلى البادية السورية يكون السؤال هل سيذهبون بأسلحتهم أم من دونها؟».

فصل التعيينات الأمنية ليس وارداً

على صعيد ملف التعيينات الأمنية قال وزير الدفاع سمير مقبل أن التعيينات التي تخص وزارة الداخلية هي منفصلة عن التعيينات في الجيش، مضيفاً: أن الاستحقاقات التي ستحصل هي بعد ثلاثة أو أربعة أشهر، «لنوصل عليها منصلي عليها».

واستبعدت مصادر مقربة من التيار الوطني الحر لـ«البناء» موافقة رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون على ما طرحه وزير الداخلية نهاد المشنوق في زيارته أمس لعون في موضوع التعيينات الأمنية، معتبراً أن «فصل موضوع تعيين مدير عام قوى الأمن الداخلي عن موضوع تعيين قائد للجيش ليس وارداً وغير خاضع للنقاش، لأن الموضوع أكبر من ذلك، اليوم علينا التفكير بمرحلة جديدة في العلاقات السياسية».

واعتبرت المصادر أن «هناك قناعات تولدت لدى المسيحيين بوجود استهداف للدور المسيحي في لبنان والمنطقة والموضوع ليس موضوع مدير عام هنا أو هناك».

ولفتت إلى الكلام الأخير للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، معتبراً أن السيد نصرالله لو لم ير أن هناك شيئاً جدياً في خطاب عون لما كان ليفرد له هذا الكلام في الوقت الذي يخوض فيه معركة مع الإرهاب في القلمون، فالسيد حذر ودعا الجميع للتحدث مع عون بجدية».

وأضافت: «سابقاً كانت طروحات وشعارات عون تبقى تحت الضبط والسقف المحدد أم ما تحدث عنه السيد نصرالله يعني أنكم ذاهبون إلى أزمة حقيقية ستأخذ بعداً استراتيجياً».

وتابعت: «العماد عون يتكلم بالاستراتيجيا فيرد عليه بالتكتيك، واستغربت المصادر كلام وزير الدفاع عن موضوع التعيينات، واعتبرت أن مقبل يصور القضية وكأنها قضية قائد الجيش، لكن هذا مسار للتصحيح، وحذرت من أننا سنعيش مرحلة علاقات سياسية جديدة متوترة غير طبيعية تترك بصمات سلبية على النظام السياسي في البلد».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى