الإدراكات الروسية لحالات الخلع الاستراتيجية ولحركة التاريخ في أيّ سياقات جاء تعيين جون ماكين مستشاراً للرئاسة الأوكرانية؟

محمد احمد الروسان

عبر هذا التحليل السياسي وحالة الدفع التاريخي الحادّ السائدة في العالم هذا الأوان، سأحاول أن أجمع وأكثف كمّاً من المعلومات، فنحن لا ننجّم ولا نقتحم علم المستقبليات الذي يعتمد نظريات فلسفة التاريخ، عندما نبحث شكل العالم المقبل بعد ضمّ القرم، فنحن أمام يالطا جديدة أنهت يالطا القديمة، والفاعل الوحيد والأوحد في التاريخ وحركته وفي صناعة المستقبل هو الله ربّ الحياة والموت، والناس والجنّ مجرّد أدوات يستعملها الخالق سبحانه لتحقيق التوازن في هذا العالم وعبر التدافع الأفقي والرأسي.

وبين حالات الخلع الاستراتيجي ومحفزاته وتراكيبه في المنطقة ومن المنطقة، والإرباكات الأميركية المقصودة للشرق الأوسط لغايات هيكلة وهندرة الوجود الولاياتي لهذا النفوذ، تهتمّ الدولة العبرية الكيان الصهيوني بدولة أذربيجان، والأخيرة كونها تعتبر النقطة الجيواستراتيجية الأكثر أهمية في منطقة أوراسيا قلب العالم القديم، وتمثل بوابة السيطرة على منطقة حوض بحر قزوين بحر الخزر بالتسمية الأيرانية الغني بالموارد النفطية والغاز الطبيعي، وعن طريق أذربيجان يمكن بسهولة تهديد منطقة قلب الدولة الحيوي في إيران، وذلك لقربها الشديد من العاصمة طهران، والمناطق الإيرانية الفائقة الأهمية والحساسية، إضافة إلى وجود حجم ليس بالقليل لما يعرف بـ الأقلية الأذربيجانية الموجودة في شمال إيران، وتتميّز بمشاعر عداء قوية إزاء المجتمع الإيراني، وتنشط داخلها حالياً بعض الحركات الانفصالية التي تطالب بالانفصال عن إيران والانضمام إلى أذربيجان، وذلك بدعم المحور الأميركي الغربي الإسرائيلي البعض عربي، ولأنّ أذربيجان تشكل نقطة تموضع كقاعدة يمكن تهديد المنشآت الروسية في مناطق منابع النفط الروسي منها، ومحطات الطاقة الكهرومائية الروسية، وأيضاً منطقة جنوب غرب روسيا التي تتمركز فيها الأنشطة الصناعية الروسية، ولأنّ أذربيجان تشكل بطريقة أو بأخرى محطة لدعم الحركات المسلحة في آسيا الوسطى ومنطقة القفقاس، وبالتالي فإنّ دعم هذه الحركات عن طريق باكو من الممكن أن يؤدّي إلى المزيد من القلاقل في هاتين المنطقتين.

أحسب وأعتقد أنّ أوكرانيا أولوية أميركية أولى وهي نتاج الحدث السوري، وإيران أولوية ثانية وهي الحلقة المستهدفة استراتيجياً عبر تفاوض السداسية الدولية معها من ناحية أكثر عمقاً، وعبر العسكرة الجارية للحلقة السورية من خلال الحرب المركبة، والملف الفلسطيني أولوية ثالثة، والملف السوري بشكل عام أولوية رابعة لمزيد من استنزاف النسق السياسي فيه، وخاصةً الجيش العربي السوري العقائدي، والأخير هو الفاعل في الداخل السوري رغم الشعور الغربي بقلق شديد، نتيجةً للغة الميدان العسكري السوري لصالح دمشق، وانْ كانت أحياناً لغة الميدان مثل عقارب الساعة المترنّحة تميل باتجاه لصالح طرف، وتميل باتجاه آخر لصالح الطرف الآخر، والرسالة وصلت إلى الرياض عبر أوباما مباشرةً، وأنّ الجيش السوري خضع لإعادة هيكلة ميدانية عميقة وسيكولوجية بالغة الأهمية على مدار الأزمة السورية، وواشنطن تعمل على المتابعة وفي احتواء نتائج ضمّ القرم على المنظومة الدولية، بحيث لا يتمدّد النفوذ الروسي سريعاً في دول حدائقه الخلفية، ذات المجال الحيوي للأمن القومي الروسي، وهناك قراءة أميركية في تفسير نبرة الرئيس محمود عباس أبو مازن الأخيرة، حيث وجدت فيها واشنطن معالم لتدخل روسي واضح في إعادة إحياء اللجنة الرباعية، بينما أميركا تريد جعلها في يدها وحدها فقط، وبعيداً عن موسكو في الداخل الرباعي الدولي الراعي للمفاوضات، وكذلك بعيداً عن موسكو خارج الرباعي الدولي أيضاً.

وكلّما ارتفعت بتفاقم عميق حدّة الكباش الروسي الأميركي، كلّما زادت حرارة التدمير الممنهج في سورية وتوسعت رقعة الإرهاب في المنطقة، وتوسع رقعة الإرهاب في الشرق الساخن وقلبه سورية، قد تغيّر وتبدّل كلّ المعادلات وتقلب الطاولة على رؤوس الجميع، وهذا يدفع العاصمة الأميركية واشنطن دي سي الى حالة من المجاهرة والإعلان بما صارت تقبله ضمناً، وهو بقاء الرئيس الأسد ونسقه السياسي بالرغم من معسول الكلام الذي تصرفه واشنطن لدول الخليج، والأخيرة تطرب آذانها له وتروّج وسائل إعلامها المجزوء له وتضخمه مع تباين في القراءات له ما جرى في كامب ديفيد الخليجي واضح ولا داعي للنفخ فيه ، كلّ ذلك على شرط ضرب الإرهاب الأممي في المنطقة والعالم.

في المقابل هناك طرف أميركي فاعل وصقوري يتصل بحبل سريّ بالبلدربيرغ الأميركي يقوم بأدوار خطيرة، تشي بأننا أمام المرحلة الثانية من الحرب المركبة غير التقليدية في سورية وعليها، لتحسين شروط التفاوض الأميركي الغربي البعض عربي المرتهن أمام المحور المقاوم الممانع والمضاد، وهناك سلاّت من الضغوط المقبلة على الأردن لمزيد من توريطه في الحدث السوري، لنقل الفوضى اليه ولجعله مثل اسفنجة تمتصّ مخرجات المفاوضات الفلسطينية «الإسرائيلية» العبثية، مع استمرار المثلث القديم الجديد المتخلّق التركي، القطري، السعودي في صنع الطبخة الكبرى ذات الرائحة التي تزكم الأنوف.

ويلحظ العالم أجمع الفرق بين الأنموذج الروسي الصاعد كقوّة دولية عظمى، والأنموذج الأميركي الذي استنفذ مخزوناته من سلاّت الكذب وقواميس الافتراء والغدر، والاستكبار والاحتقار والخديعة والإجرام، باسم الواقعية السياسية الانتهازية وعبر المكارثيين الجدد في الإدارة الأميركية، صدى المجمّع الصناعي الحربي وصدى البلدربيرغ الأميركي ونواة حكومته الأممية، حيث أخرجت واشنطن موسكو من مجموعة الثماني الدولية G8، لتعود هذه المجموعة إلى صفتها الأمبريالية G7 بدول سبع، كما أنهت كافة أشكال التعاون العسكري والمدني مع موسكو بما فيها مكافحة الإرهاب ومكافحة المخدرات ومكافحة الاتجار بالبشر، وأبقت أميركا على التعاون بين روسيّا والناتو في الملف الأفغاني، لغايات تأمين بعض انسحابات للقوّات الأميركية والناتو من أفغانستان، انْ صدقت الرؤى والنوايا الولاياتية الأميركية.

فإنّ دلّ هذا على شيء فإنما يدلّ على مدى انتهازية واشنطن، فهي تلغي ما يناسبها وتبقي ما يتفق ومصالحها الآنية الضيقة، فهي دولة تعاني من النرجسيّة والسوبر ايغو بشكل شمولي، وصار نفوذها المعنوي يتراجع بسبب مواقفها السياسية وتدخلاتها الأمنية غير الأخلاقية.

ومع ذلك أعطتها الفدرالية الروسية درساً في الأخلاق السياسية، حيث اعتبرت موسكو مسألة الانسحاب عبر أراضيها وعبر مجالها الجوي مسألة إنسانية صرفة بامتياز، حيث الخطورة كبيرة على سلامة القوّات الأميركية الاحتلالية والناتويّة عبر الطرق البريّة الباكستانية، حيث نشاطات عسكرية عميقة لجماعات طالبان باكستان المسلّحة، والأخيرة بدأت حوار مع اسلام أباد في محاولة مشتركة من الباكستان وواشنطن، لتأمين طريق بديل احتياطي للانسحابات العسكرية الاحتلالية الأميركية الأطلسية من أفغانستان عبر باكستان برّاً كخطّة بديلة، في حال تصاعد مروحة المواقف الروسية المتصاعدة كنتاج لحالات الكباش الروسي الأميركي، إنْ لجهة الديبلوماسي والسياسي، وانْ لجهة الاقتصادي والعسكري، وانْ لجهة المخابراتي والعلمي، وانْ لجهة الثقافي والفكري، وتداعيات كلّ ذلك على مشاعر العداء القومي والكراهية لكلّ أطراف معادلات الكباش الأممي.

كما نجد أنّ الولايات المتحدة الأميركية انتهجت سلوكاً فجّاً في التعامل مع من كانت تعتبره الشريك الروسي الاستراتيجي، حيث قامت واشنطن بتعليق التعاون بين وكالة «ناسا» في برنامج الفضاء ومؤسسة الفضاء الروسية، باستثناء النشاطات المتعلقة بمحطة الفضاء الدولية الروسية، والأخيرة بنتها موسكو وتستفيد منها أميركا في الأبحاث العلمية المتقدّمة، ومع كلّ هذه الانتقائية الفجّة غير الأخلاقية لواشنطن فإنّ الروسي لن يطرد الأميركي من محطته، وعلى قاعدة أنّ البحث العلمي هو ملك للبشرية جمعاء، وهذه قيمة علمية وإنسانية مضافة تدلّل على قوّة ورقي وتسام إنساني، للفدرالية الروسية ونموذجها الأخلاقي والعلمي المتنامي والراقي.

فموسكو وعبر فعلها وصبرها، تقول للولايات المتحدة الأميركية: نجمك أفل بسرعة، وحضارتك ستستقرّ في مزبلة التاريخ عبر حركة الأخير، وأنّ الفراغ ستملأه قوى جديدة صاعدة، وأنّ النظام الدولي الجديد المتعدّد الأقطاب، سيولد من رحم الأزمات ومن رحم متاهاتك السياسية والعسكرية والاقتصادية والعلمية الفجّة، وأنّ العالم استعاد عبر ميكانيزمات فعله ميزة وصفة العالم المتعدّد الأقطاب وهذا ما يدركه الجميع.

الإدراك الروسي

وعودة الى الإدراك الروسي لحالة الخلع الاستراتيجي في المنطقة والعالم وموضوعة أذربيجان، والدور «الإسرائيلي» في جلّ دول أسيا الوسطى، لديّ سؤال أطرحه على القارئ والباحث الكريم:

لماذا تزايد عدد النخب الاقتصادية «الإسرائيلية» في مناطق بحر قزوين وآسيا الوسطى وخاصة في أذربيجان، حيث تلك النخب ذات الخلفيات السياسية والمخابراتية وغيرها، والتي تبقى تملك خيوطاً وحبالاً سريّة تتغذّى من مجتمع المخابرات العبري الصهيوني ويتغذّى منها، كلّ ذلك بالتشارك مع المافيا «الإسرائيلية»، انْ لجهة الداخل «الإسرائيلي»، وانْ لجهة الخارج «الإسرائيلي»؟ ولماذا تتواجد كبرى وصغرى الشركات «الإسرائيلية» هناك مع سلّة محفزات مالية هائلة؟

لجملة الأسباب السابقة ومحفزات حزمها المختلفة، بجانب حزم وأسباب اقتصادية وعسكرية وأمنية استراتيجية أخرى، تعنى نواة ومخ الكيان الصهيوني بأذربيجان وموقعها ومكانتها، وتشجع جلّ الشركات «الإسرائيلية» الكبرى والصغرى للعمل هناك، مستفيدة من حزم التسهيلات الاقتصادية والسياسية والأمنية التي تقدّمها باكو لمن يريد الاستثمار فيها، كما تشجع يهود روسيا الذين هاجروا اليها في السابق بالهجرة الى هناك… الى باكو، كما فعلت وتفعل إزاء أوكرانيا ومنذ أكثر من عشر سنوات، حيث الدور «الإسرائيلي» تجلّى في الحدث الأوكراني الآن بالرغم من أنّ عدد اليهود الأوكران لا يتجاوز الربع مليون من أصل 47 مليون عدد سكّان أوكرانيا، والكلّ رأى الفيلسوف الفرنسي اليهودي الصهيوني برنار هنري ليفي في أوكرانيا وسط المتظاهرين، ومعه بعض حلفائه من المحافظين الجدد الأميركان كجون ماكين والذي صار مستشاراً للرئاسة الأوكرانية منذ أيام خلت.

وفي المعلومات، أنّ من أبرز العوامل التي ساعدت على ذلك، قيام «إسرائيل» بتشجيع اليهود الروس على القيام بالهجرة المعاكسة، أيّ دفع اليهود الروس المقيمين في «إسرائيل» للهجرة إلى أذربيجان، وتوفير الدعم اللازم لهم لإنشاء الشركات والمنشآت، على النحو الذي جعل من اقتصاد أذربيجان يقع بقدر كبير تحت سيطرة الشركات اليهودية و«الإسرائيلية»، وكذلك الحال فعلت وتفعل إزاء أوكرانيا.

إنّ وقوع أذربيجان تحت دائرة النفوذ الأميركية والقبضة «الإسرائيلية» الخانقة على اقتصادياتها، سوف يلقي بتداعيات كبيرة على الأمن الاستراتيجي في منطقة شرق المتوسط، وذلك لأنه يمثل مصدراً خطيراً لتهديد إيران، والضغط على المصالح الروسية بما يعوق حركة روسيا الداعمة للبلدان العربية، كذلك يؤدي إلى تهديد تركيا نفسها، لأنّ أنابيب نقل نفط بحر قزوين تنطلق من أذربيجان، وبالتالي يصعب على تركيا الاستقلال بقرارها بمعزل عن أذربيجان.

وبشكل عام أنّ منطقتي القوقاز وآسيا الوسطى أو ما يُعرف إجمالاً بمنطقة أوراسيا كما أسلفنا، يمثلان الحيز الجيوسياسي الأكثر أهمية لمشروع الهيمنة الأميركية الذي تمثل «إسرائيل» شريكاً رئيسياً فيه، و«إسرائيل» قامت في السابق وتقوم بدور الوكيل الأميركي الذي يقوم بعملية توصيل دعم واشنطن دي سي، إلى حواضن أدواتها السياسية والاقتصادية والاستخبارية في أوكرانيا وجورجيا وغيرهما من دول الحدائق الخلفية للفدرالية الروسية، كما تقوم تل أبيب بدور قناة تمرير المعلومات الاستخبارية التي يتمّ تجميعها عبر الجماعات اليهودية المنتشرة في بلدان آسيا الوسطى والقوقاز، إلى الولايات المتحدة الأميركية عبر وكالة الأمن القومي الأميركية ومجتمع المخابرات الولاياتي الأميركي بشكل عام، وهذا ليس دورا جديدا بل هو قديم جديد ومنذ أيام حلف وارسو وصراعات الحرب الباردة، حيث ما يجري الآن هو أعمق من حرب باردة وأشرس من مواجهة عسكرية، كلّ ذلك عبر المسألة السورية والمسألة الأوكرانية الاآن، حيث الأخيرة مع أسباب أخرى نتاج المسألة الأولى وعقابيلها.

تساوقت في الأهداف وتعاونت «إسرائيل» خلال فترة إدارتي جورج بوش الابن لجهة القيام بإشعال مشروع الثورات الملوّنة، وعلى وجه الخصوص في جورجيا وأوكرانيا، إضافة لذلك فقد سعت «إسرائيل» إلى توظيف قدرات الجماعات والمنظمات اليهودية في أوراسيا، للسيطرة على الأنشطة الاقتصادية والسياسية وبناء الكتل السياسية الموالية للغرب.

أذربيجان بدلاً من جورجيا

بعد فشل الثورات الملونة ونكسة نظام ساكاشفيلي الجورجي بدأت كما هو واضح معالم لاستراتيجية ديبلوماسية «إسرائيلية» جديدة في أوراسيا، وهي استراتيجية تقوم على معطيات ورهانات جديدة، وانْ كان الرهان في السياسة ليس يقيناً، حيث تراهن الدولة العبرية على أن يكون التعاون مع أذربيجان بدلاً من جورجيا، لأنّ أذربيجان توجد فيها حقول النفط والغاز، إضافة إلى خطوط نقل النفط والغاز من بحر قزوين بحر الخزر وبلدان آسيا الوسطى سيتمّ تمريرها عبرها، ويضاف إلى ذلك أنّ وجود علاقات الجوار الإيراني الأذربيجاني تضمن دوراً كبيراً من التوتر بسبب دعم أذربيجان للحركات الانفصالية الأذربيجانية الإيرانية، إضافة إلى قابلية النظام الأذربيجاني للتعاون مع «إسرائيل» في تنفيذ مخطط استهداف إيران.

كما تراهن «إسرائيل» على كازاخستان لتكون الشريك الرئيسي لها من بين بلدان آسيا الوسطى، بدلاً من أوزبكستان التي امتلأت بالحركات الأصولية الإسلامية، وكيرغيزستان وطاجيكستان اللتان أصبحتا أكثر ارتباطاً بروسيا، وتركمانستان التي بدأت تميل إلى التفاهم مع إيران وروسيا وتركيا. إنّ البلدربيرغ الأميركي جنين الحكومة الأممية يدفع إدارة أوباما وبعض الدول الأوروبية وحلف الناتو، من أجل الاعتماد على «إسرائيل» باعتبارها تملك مفاتيح كازاخستان الدولة الرئيسية في آسيا الوسطى، وأذربيجان الدولة الرئيسية في القوقاز الجنوبي.

العودة الأميركية إلى العراق!

أتفق مع غيري من الخبراء، أنّ العنوان الرئيسي لهذه المرحلة هو الخلع الاستراتيجي من المنطقة وفي المنطقة، والمتمثل في إعادة هيكلة الوجود الأميركي في أفغانستان وليس بالانسحاب الأميركي من أفغانستان، بعد اعادة هندرة الوجود الأميركي في العراق، والذي صار يعود من جديد عبر ما يحدث في الأنبار وتحت عنوان مكافحة الإرهاب، من هنا تأتي أهمية إرباك المنطقة الشرق أوسطية كحاجة أميركية للخروج من متاهاتها العميقة، عبر إعادة تموضعها وحصر أولوياتها وتنازلات هنا وهناك، للوصول الى تفاهمات مع التكتل الدولي الآخر وعنوانه موسكو. ولسان حال الفدرالية الروسية يقول بأنّ هناك حصارا تحاول الولايات المتحدة الأميركية ضربه حولنا، من قلب أوروبا وحدودنا الحيوية في مواجهة شبكة صواريخها هناك، حتى آسيا الوسطى. فالمسألة تبدو بالنسبة إلينا كأنها استعادة أميركية كاملة للأجواء التي كانت سائدة بيننا قبل نصف قرن، لمجرد أنّ واشنطن أدركت فقدانها لأحادية قطبيّتها العالمية، عادت معالم الحرب الباردة، ثم لدينا مصالحنا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية في المتوسط، لم يعد لدينا موطئ قدم هنا إلا في دولتين اثنتين: الجزائر وسورية، ومن الخطأ الفادح التفريط بأيّ منهما، خصوصاً في سورية الدولة المركزية المحاذية لكلّ قضايا الشرق الأوسط والمشرق العربي، فضلاً عن القضايا الملامسة لبعدنا الاستراتيجي في أوراسيا وحدودنا الجنوبية.

عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية

Mohd ahamd2003 yahoo.com

www.roussanlegal.0pi.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى