هكذا مارس الجنود «الإسرائيليون» فظائعهم بالأسرى

كُشف النقاب مؤخّراً عن وثائق تاريخية تفضح جرائم فظيعة ارتكبها جنود «إسرائيليون»، بتعرية أسرى فلسطينيين ومصريين جنوداً ومدنيين وإعدامهم، وسلبهم والتقاط صور لجثثهم. يأتي ذلك عشية الذكرى السنوية لحرب حزيران 1967.

ووردت هذه الوثائق على شكل اعترافات صوتية لجنود «إسرائيليين» أجريت مقابلتهم حديثاً في فيلم «إسرائيلي» عنوانه «أحاديث المقاتلين». وهو يستند إلى شهادات مسجلة بالصوت يعترف فيها جنود «إسرائيليون» من سكان «الكيبوتسات» بجرائم اقترفوها خلال حرب 1967.

وقتذاك، جرت العادة أن يروي الجنود العائدون من الحرب وقائعها بشفافية ضمن «أحاديث المقاتلين» على مسمع سكان البلدة.

وتعتمد مخرجة الفيلم «مور لوشي» على تسجيلات صوتية كثيرة لمقاتلين شاركوا في الحرب، وحُوّلت إلى نصوص وصدرت في كرّاس بعد شهور من النكسة. وتكشف مور لوشي في حديث لموقع «واللا» العبري أن محرّري الكرّاس وقتذاك شطبوا الكثير منه «بغية تلطيفه وعدم إحراج إسرائيل».

ومع ذلك، ما زالت الشهادات التي سُمح بنشرها قاسية جدّاً. وتلقت لوشي التسجيلات الأصلية من أحد معدّيها وهو أفرهام شبيرا، واعتمدت عليها في إنتاج فيلم وثائقيّ يعود إلى مقابلة الجنود أنفسهم الذين يستعيدون الاعترافات والشهادات المروّعة.

ويتضمن الفيلم ـ على رغم الرقابة والشطب ـ مشاهد بشعة تلقي ضوءاً جديداً على ما شهدته النكسة.

يكشف أحد الجنود في الفيلم أنه شعر ببلادة الإحساس خلال الحرب لأنه أدرك واجبه بتنفيذ الأوامر ولم يميّز بين جنود أو مدنيين أبرياء كانوا على السطوح في الضفة الغربية فرماهم بالنار. وتابع: «عندما لاحظناهم على السطوح، أطلقنا الرصاص وقتلناهم».

كما يعترف الجندي، بعد 47 سنة على جريمته، بأنه وجنوداً آخرين، أمسكوا خلال احتلال المدن الفلسطينية شباباً، وأمروهم بالاصطفاف ورموهم بالرصاص. ويضيف: «عندما تنظر اليوم إلى ذلك، يبدو وكأننا قتلناهم. عملياً هذ حرب، وكل مواطن أو إنسان هو عدوّك».

ويمضي الجندي في تبرير الجريمة لنفسه فيوضح أنه لطالما قال لنفسه: «إن نتيجة الحرب لم تكن معاكسة، فالجنود العرب كانوا سيعاملوننا معاملة وحشية».

ويستذكر أحد الجنود في الفيلم احتلال الشطر الشرقي من القدس ويقول «إن الجنود تلقوا تعليمات بتعرية الأسرى بغية إهانتهم. فشاهدتُ طابوراً من الرجال بالثياب الداخلية وهذا أهانني أنا أيضاً».

ويضيف جندي آخر عن احتلال نابلس: «دخل الجنود العمارات وأحكموا إقفال أبوابها وأعاثوا فيها خراباً. ثم عدنا مأمورين إلى البيوت وسرقنا أمتعتهم. أذكر شيخاً في السبعين من عمره أمرناه بمغادرة بيته فخرج بعدما أخذ بعض أغراضه داخل قطعة قماش وكان يسير مثقلاً، وقبل أن يغادر منزله انفجر بالبكاء».

ويقدّم جنديّ آخر في الفيلم شهادة عن القتال في سيناء عام 1967 يستذكر فيها ما جرى بعد إعلان الهدنة ووقف النار حينما كان آلاف الجنود المصريين ما زالوا بين رمال سيناء وفي حوزتهم أسلحة. ويتابع: «بلغتنا تعليمات من الجيش بالبحث عن الجنود المصريين وقتلهم. وجدنا مجموعة من 15 جندياً مصرياً مسلحاً مختبئين فقتلناهم. لم نبلغ صراحة بضرورة قتل الجنود المصريين إنما قيل لنا: من دون رحمة .. اقتل قدر ما استطعت».

ويناقض الجندي ما تنكّرت له «إسرائيل الرسمية» حول قتل الأسرى المصريين في سيناء. ويؤكد أنه لم يسمع أحداً قال بملء الفم إنه يعارض إطلاق الرصاص على جنود بلا سلاح. ويعترف أنه بنفسه لم يعارض هذه التعليمات الإجرامية، ويضيف: «أنت داخل مجنزرتك فتقول لنفسك: أنا على ما يرام وهناك يقتلون».

يعترف جندي «إسرائيليّ» آخر في تسجيلات الفيلم النادرة بأنه قتل ضابطاً مصرياً ظانّاً أنه من المفيد سلب ما في جيوبه. ويتابع: «عندما تمعنّا بما وجدناه في جيوبه، شاهدنا فجأة صورة لطفلين مبتسمَيْن على ساحل البحر وأنا أعرف أنني قاتل والدهما».

ويعترف جنديّ آخر بما لا يقل فداحة، ويكشف عن ردّ فعل الضحايا. فيقول «إنه شعر وقتئذٍ كأنه داخل لونا بارك تمتلئ سروراً عندما تصوّب نحو الهدف وتصيب، ولكن لم يخطر في بالي في تلك اللحظات أنني أقوم بقتل بشر. كان الجندي المسؤول عن تشغيل المدفع يصرخ كل الوقت: انظر إليهم لا يهربون ولا ينحنون يضرب ثم يكرّر قوله: إنهم لا يهربون ولا ينحنون».

ويوضح شاهد آخر على جرائم إعدام الجنود المصريين في سيناء، أنه شاهد جثة للمرة الأولى في حياته ملقاة داخل مركبة محروقة. ويضيف: «تجمّدت، ولكن سرعان ما صرنا نشاهد جثثاً متناثرة، وأخرجَ بعض جنودنا كاميرات والتقطوا صوراً للجثث. سمعت أحدهم يقول للآخر: لا تصوّر هنا، فهناك جثة أجمل».

ويتحدّث أحد الجنود عن لقاء مع «الأعداء» الذين تبيّن أنهم بشر ومهانون.

على خلفية مشاهد الفيلم، استخفّ المعلّق نحوم برنيع في مقاله الأسبوعيّ بمقولة «طهارة السلاح» أو «الجيش الأكثر أخلاقية في العالم». وشدّد على ضرورة التحقيق ومحاكمة الجنود والضباط «الإسرائيليين» المتورطين في قتل أسرى أو مدنيين خلال حروب «إسرائيل». لا بل يقترح عرض فيلم «محادثات المقاتلين» في المدارس الثانوية «الإسرائيلية» كي تُستخلَص الدروس. لكنه يسارع للتأكيد على أن ذلك لن يحدث طبعاً في ظل تسلم المستوطن نفتالي بينيت وزارة التربية والتعليم. واستذكر تورّط نفتالي نفسه بمجزرة قانا الثانية خلال العدوان على لبنان 2006.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى