بغداد تبدأ الهجوم المعاكس لاسترداد الرمادي وسط تشكيك واشنطن بوتين: «داعش» حيث الأميركيين… وتفاهم روسي إيراني حول سورية واليمن

كتب المحرر السياسي :

واشنطن مرتبكة أمام خسران حلفائها المؤكد في مرحلة ما بعد توقيع التفاهم النووي مع إيران، الذي تجمع الأوساط المعنية الأميركية على أنه واقع لا محالة، طالما أنّ عدم التوقيع في نهاية حزيران يعني أنّ إيران ستعود إلى التخصيب المرتفع، بالتالي امتلاك ما يكفي من الوقود النووي لتصنيع أول قنبلة خلال شهر، وطالما أنّ الحرب في المقابل تعني تشريع امتلاك القنبلة، ولا تملك واشنطن أن تفعل شيئاً لحلفائها بعد أن شاركتهم كلّ حروب ومحاولات إضعاف حلف المقاومة، وحاولت بكلّ الطرق الضغط على إيران لربط التفاهم النووي بتفاهمات سياسية إقليمية تحقق جوائز ترضية لحلفائها، «الإسرائيليين» والسعوديين والأتراك، لكن من دون نتيجة، وبينما الساعة الحاسمة تقترب، وحروب اليمن وسورية والعراق، لا تتغيّر موازينها، تبدو واشنطن وقد رضخت لحلفائها للعب الورقة الأخيرة، بتقديم وتعظيم خطر توسع تنظيم «داعش» لتبرير تعويم جبهة «النصرة» في سورية والصحوات في العراق.

محور المقاومة وبدعم إيراني معلن، يشنّ هجومه المعاكس على جبهة سورية بتعاون الجيش السوري مع المقاومة لكسر البنية الرئيسية لجبهة «النصرة» في القلمون، بينما أعلن العراق بدء الهجوم المعاكس لاسترداد الرمادي بتعاون الجيش و»الحشد الشعبي»، وسط تشكيك أميركي بلغ حدّ النيل من معنويات الجيش العراقي وهو في حال حرب مع «داعش»، وحتى منتصف الليل كانت المعلومات المتواترة من ميداني الرمادي والقلمون تؤكد تحقيق الجيشين السوري والعراقي بالشراكة مع المقاومة والحشد الشعبي المزيد من الإنجازات.

في مناخ الحرب المفتوحة في سورية والعراق تتواصل الحرب المفتوحة في اليمن أيضاً، حيث دخل الثوار والجيش مرحلة جديدة من الردّ على العدوان السعودي، فتساقطت الصواريخ على عمق عشرات الكيلومترات داخل الحدود السعودية، وسقطت مواقع عسكرية سعودية بيد الجيش اليمني وانكفأ الجيش السعودي إلى عمق عشرين كيلومتراً من الحدود.

على إيقاع الحرب تكرّس تأجيل حوار جنيف الخاص باليمن، وتبلور في المقابل مثلث روسي إيراني عُماني يتحرك نحو الحلّ السياسي، قوامه وقف الغارات السعودية وحوار غير مشروط برعاية أممية، عبّرت عنه اللقاءات الإيرانية ـ العُمانية في طهران، والإيرانية ـ الروسية في موسكو، التي خرجت جميعها بالإعلان عن التفاهم على دعم مساعي الحلّ السياسي القائم على رفض التدخلات الأجنبية في كلّ من سورية وإيران، بينما كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يطلق أمام المسؤولين الأمنيين في دول «بريكس» موقفاً يربط ظهور «داعش» و»القاعدة» في البلاد التي تشهد التدخلات الأجنبية، مستعرضاً حال العراق وسورية قبل التدخل الأميركي وظهور «داعش» بعد هذا التدخل.

لبنان الذي أنهى سنة على الفراغ الرئاسي، شهد حراكاً إعلامياً بالمناسبة في بكركي، والسراي، وكلمتين لكلّ من البطريرك بشارة الراعي والرئيس تمام سلام، بينما خصّص العماد ميشال عون إطلالة تلفزيونية للمناسبة، شكك خلالها في أهلية المجلس النيابي الممدّد لنفسه مرتين بانتخاب رئيس للجمهورية، واستعرض إشكاليات التعيينات الأمنية مع تيار المستقبل، ومبادرته للخروج من المأزق الرئاسي، محمّلاً النائب وليد جنبلاط برفضه سحب مرشحه النائب هنري حلو، مسؤولية إفشال فرصة إفساح المجال أمام تنافس يسمح بتبلور غالبية يفوز بموجبها واحد من المرشحين الأقوى، والمقصود العماد عون نفسه وقائد القوات اللبنانية سمير جعجع.

عام على الشغور

عاد الاستحقاق الرئاسي إلى الواجهة لمناسبة مرور عام على شغور منصب رئاسة الجمهورية، وصدرت دعوات محلية ودولية إلى الإسراع في إجراء الانتخابات التي أكدت الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني انها «عملية لبنانية».

وشهدت بكركي اجتماعاً لعدد من نواب قوى 14 آذار وبعض المستقلين وانتهى الاجتماع إلى تشكيل لجنة تواصل مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري. وأكد المجتمعون أن النصاب الدستوري لانعقاد جلسة الانتخاب هو النصف زائداً واحداً، فيما شدد البطريرك الماروني بشارة الراعي، في كلمة ألقاها خلال اللقاء على ضرورة «الاتفاق على مخرج ديمقراطي ينطلق من الدستور الواضح في مواده المختصة بانتخاب رئيس للجمهورية»، معتبراً أنه «عار جديد أن نبدأ عاماً جديداً والفراغ في سدة الرئاسة».

وتعقيباً على الاجتماع أوضح المكتب الإعلامي للصرح البطريركي أن البطريرك الراعي «وافق على طرح النواب المسيحيين في الرابع عشر من آذار للنصف زائداً واحداً مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري ضمن رزمةِ طروحات ولم يوافق على اعتباره نصاباً دستورياً لانتخاب الرئيس».

وفي هذا السياق علم من مصادر بكركي أن الراعي دعا خلال الاجتماع نواب قوى 14 آذار المسيحيين إلى الاجتماع مع نواب تكتل التغيير والإصلاح والتفاهم على ملف الانتخابات الرئاسية، كما أفادت المصادر أن قوى 14 آذار يحاولون عبر زياراتهم بكركي أن يدفعوا عنهم الذنب والمسؤولية بتأخير الاستحقاق الرئاسي.

مبعوث فاتيكاني إلى لبنان

ويصل رئيس المحكمة العليا للإمضاء الرسولي المونسنيور دومينيك مامبرتي لبنان الأحد المقبل تلبية لدعوة وجهها إليه راعي أبرشية بيروت المطران بولس مطر وذلك للبحث مع الراعي والمعنيين في الملف الرئاسي وضرورة الإسراع في انجاز الاستحقاق.

جعجعة اللقاء التشاوري بلا طحين

وكان اللقاء الوزاري التشاوري الذي عقد في دارة الرئيس أمين الجميل في سن الفيل تطرق إلى الاستحقاق الرئاسي ومبادرة العماد عون ومعركة القلمون.

وعلقت مصادر قيادية في التيار الوطني الحر لـ«البناء» على هذا اللقاء، معتبراً أن الأمر اليوم يختلف عن 13 تشرين عام 1990 عندما كنا نقاتل وحدنا والجميع ضدنا، بل اليوم نحن ندافع عن حقوق المسيحيين واللبنانيين لأن لبنان له الحق في انتخاب رئيس منتخب بإرادة شعبية وليس مستورداً، كما أننا جزء من حلف يقف معنا في حقوقنا يمتد من حزب الله إلى إيران وروسيا والصين ودول بريكس وأميركا اللاتينية».

وأكدت المصادر أن «حقوق المسيحيين ليست خاضعة للنقاش، لافتة إلى أننا نريد تطبيق القواعد القانونية والديمقراطية في نظام قائم على توازن الرئاسات، وتساءلت المصادر لماذا يختار الزعيم الشيعي الموظفين الشيعة والرئيس السني الموظفين السنة ولا يحق للمسيحيين والموارنة في شكل خاص أن يختاروا الموظفين المسيحيين؟

وأشارت المصادر نفسها إلى أنه حتى عام 2005 كان لبنان يحكم من خلال اتفاق سعودي- أميركي سوري أما بعد هذا التاريخ وبعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري وخروج سورية من لبنان بقي الراعي الأميركي – السعودي للبنان وظنا حينها أنهما سيحكمان لبنان، لذلك وقفنا في وجههم وهذه المعركة الأخيرة ضد هذا الواقع الذي هو عملية احتلال مبطنة، لأنّ هناك فريقاً سياسياً ظاهره لبناني وباطنه مسيطر عليه من قوى خارجية تدعمه وتموله لا سيما أميركا والسعودية».

وأوضحت المصادر أنّ «ما ورد في اللقاء التشاوري لا قيمة ولا معنى له ويمكن أن يكون موجهاً لاستهداف حوار التيار الوطني الحر و«القوات اللبنانية» الذي هو مستمر وينبئ بنتائج ايجابية ويعبّر عن إرادة مسيحية عامة بحصول واستمرار هذا الحوار».

مصدر في قوى الثامن من آذار اعتبر في حديث إلى «البناء» أنّ هذا اللقاء محاولة من بعض القوى التي وجدت نفسها مهمّشة لإثبات وجودها على الساحة السياسية.

وعما صدر من كلام حول معركة القلمون، أكد المصدر أنّ «المقاومة وحزب الله وفريق 8 آذار لن يتوقفوا عند كلام اللقاء التشاوري ولا قوى 14 آذار، لأنّ هذا الفريق عندما يشعر بالضعف والتراجع يعمد إلى التصويب على حزب الله للقول بأنه موجود، مؤكداً أن حزب الله لا يتوقف عند هذا الكلام الذي لا قيمة ولا مفاعيل له».

وفد التيار في عند المر

واستكمل وفد تكتل التغيير والإصلاح زياراته إلى الكتل النيابية، وزار الوفد برئاسة النائب نبيل نقولا النائب السابق لرئيس مجلس الوزراء ميشال المر الذي دعا إلى إعطاء المسيحيين ما يطمئنهم على مصيرهم، فيما لفت نقولا إلى أهمية الدور الذي يلعبه الرئيس المر.

التوافق هو الحل

من جهته، اعتبر رئيس الحكومة تمام سلام في كلمة له مساء أمس أن «لا بديل من التوافق على طريقة الخروج من هذا الوضع»، محذراً من أن أي حل آخر يعكس غلبة لجهة على أخرى، هو وصفة لتوليد أزمة أكبر وأخطر».

عون: لن أترك موقعي في دعم المقاومة

وعلى هذا الخط، أكد رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون انه لن يقبل أن يتكرر الاضطهاد المتواصل بحقه، وقال: «سنقاوم هذا الاضطهاد وأنا أقاوم ليس من أجلي فقط بل من أجل عائلتي والأشخاص الذين يشبهون عائلتي».

وأعرب عون في حديث إلى محطة «أو تي في» مساء أمس ضمن برنامج «بلا حصانة» عن «اعتقاده أنه فشل في أن يطرح نفسه كمرشح توفيقي لأن ليس هناك نوايا لدى البعض بالوصول إلى مرشح توفيقي»، مشيراً إلى أن «الرئيس سعد الحريري ظن في روما أنني قد أغير خطي وأوضحت له أنني لن أترك موقعي فأنا أدعم المقاومة ولست «8 آذار». وأكد أنه لن ينسحب من المعركة إلا شهيداً بالمعنى السياسي.

مجلس الوزراء يجتمع اليوم

يجتمع مجلس الوزراء اليوم لاستكمال درس مشروع الموازنة العامّة للدولة وإقراره، ثمّ يَنعقد في اليوم التالي الخميس في جلسة عادية على جدول أعمالها بنودٌ إدارية وماليّة.

وعلمت «البناء» أن هناك خلافات بين بعض الوزراء على موضوع إنشاء مستشفيات في طرابلس».

مرتفعات جديدة في قبضة المقاومة

أمنياً دارت اشتباكات أمس بين «جبهة النصرة» وتنظيم «داعش» على خلفية إقدام الأخير على إطلاق النار على المدعو أحمد سيف الدين الملقب بالسلس وخطفه من بلدة عرسال إلى جرودها، علماً أنه ينتمي إلى «جبهة النصرة».

كما واصل حزب الله والجيش السوري تقدمهما في القلمون وسيطر حزب الله على مرتفعات القبع والنقار شمال شرقي جرود نحلة ودمر آلية لـ«النصرة» وأوقع عشرات المسلحين بين قتيل وجريح.

وأشار مصدر عسكري لـ«البناء» إلى أن «العمليات العسكرية تسير وفقاً للخطة التي رسمتها قيادة حزب الله والجيش السوري وبسرعة معقولة بعد أن سيطرا منذ السبت الماضي على ست نقاط رئيسية من تلال ومرتفعات وقمم ويحققان انجازات هامة»، لافتاً إلى أن «الضغط أصبح أقل من الأيام الماضية نظراً لهزيمة المسلحين».

وأوضح المصدر أن «عرسال تقسم إلى قسمين: الأول الجرود وفي هذه المنطقة التطهير مستمر والخطة نفسها التي اعتمدت في القلمون لان لا شيء هناك اسمه إثارة المذهبية لأن هذه المنطقة جرداء ولا يوجد فيها مواطنون وأي حديث ضد المقاومة يعتبر بمثابة حماية ودعم للمسلحين». وأضاف: «أما القسم الثاني هو بلدة عرسال والحل يكون على مرحلتين الأولى: الدولة تتدبر الأمر سياسياً وعسكرياً وثانياً عبر أهالي عرسال الذين أصدروا بياناً أمس باسم الأهالي والقوى الوطنية طالبوا خلاله بإخلاء مدينتهم من المسلحين».

وحذر المصدر أنه «إذا لم يتم حل هذه المشكلة خلال فترة معينة عند ذلك لكل حادث حديث، لكنه جزم أن قوى المقاومة والشعب والجيش لن تقبل أن تصبح عرسال جزيرة إرهابية على الحدود الشرقية للبنان وتمتد إلى كل المنطقة».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى