الخطر الأخطر…!

فاديا مطر

من معادلة الجغرافيا السورية ـ العراقية، رسمت واشنطن خطة عمل تنظيم «داعش» الإرهابي الذي اتخذ من صحراء الدولتين محطة أساسية له لجهة تقديم الدعم المالي والعسكري واللوجستي الذي يحويه حوض الفرات ودجلة من ثروات باطنية قديرة تحرسها مقاتلات «التحالف» المزعوم، فدعم التنظيمات الإرهابية الخطيرة من قبل الأميركيين انفسهم هو سعي حثيث لتقسيم ما يمتد بين العراق وسورية. بدليل سماح الأميركيين للدواعش بالتقدم والتمدد، وأن التنظيم الإرهابي لديه القدرة على الوصول الى ما بعد الرمادي على مرأى طائرات التحالف، كيف يصل الأميركيون الى «ابو سياف» الداعشي في دير الزور السورية بعد رصد مكان تواجده السري، والعجز بالمقابل عن ضرب أرتال السيارات العسكرية وقوافل «داعش» التي تسير نهاراً على طرق صحراوية مكشوفة امام الطائرات الاميركية، فالتحالف الدولي نفسه أخفق في ضرب «داعش» مرات عدة في سورية وفي العراق على رغم أن الجيش الأميركي كان أعلن السبت 23 أيار الجاري تنفيذ مقاتلات التحالف 22 ضربة جوية ضد أهداف «داعش» في العراق وسورية منذ الجمعة بينها 4 ضربات قرب مدينة الرمادي التي سيطر عليها «داعش» الأسبوع الماضي. ولم يستهدف أرتال «داعش» على الارض الصحراوية السورية ما بين دير الزور وتدمر وصولاً الى آخر معبر بين العراق وسورية على تماس مع المملكة الأردنية. هذا ما يستند اليه اصحاب نظرية «التقسيم قائم حتى التحكم الميداني بالتمدد الداعشي».

في المقابل دعا وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، التحالف الدولي العربي لمحاربة تنظيم «داعش» في العراق وسورية، إلى زيادة وتيرة العمليات العسكرية في أسرع وقت، لمنع التنظيم المتطرف، من تحقيق مكاسب جديدة. وقال فابيوس، في كلمة أمام الجمعية الوطنية في «البرلمان» الفرنسي الثلاثاء 26 من ايار الجاري «يجب أن تجري عملية تعزيز الحشد الدولي في كل من العراق وسورية سريعاً، وإلا فإننا نتجه نحو الوصول إلى بلد تمزقه الانقسامات، أو كلا البلدين، مع وقوع المزيد من المذابح، وانتقد الوزير الفرنسي السلطة الحاكمة في العراق، بسبب عدم التزامها بتشكيل حكومة تعددية تضم مختلف القوى السياسية والطوائف الدينية، وأضاف أن «هذا الاتفاق هو ما استندنا إليه في تبرير التزامنا بالمشاركة في العملية العسكرية… فهذا الاتفاق يجب أن يحظى الآن باحترام أكبر «حسب تصريحات فابيوس قبل نحو أسبوع على القمة التي من المقرر أن تستضيفها فرنسا في الثاني من حزيران المقبل، لمراجعة استراتيجية التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش في كل من العراق وسورية. في المقابل يبدو الخيار الأقل احتمالاً، برغم تقديرات محللين أن أميركا هي أقل الخاسرين في حال قرار نفض اليد عن العراق، وقال إيان بريمر، من مجموعة إيرايشيا المتخصصة في شؤون الجماعات الإسلامية منذ ايام «تبقى حقيقة أن داعش لا يمثل خطراً أكبر على أميركا بقدر المنطقة وأوروبا».

وبحسب ما توصل اليه باحثون متخصصون في شؤون الجماعات الإسلامية أن التحالف الدولي ليس لديه حتى الآن نية أو خطة للقضاء على التنظيم الارهابي، قبل إيجاد حل سياسي تتفق عليه كل الأطراف في سورية والعراق. ويستبعدون حصول أي تغيير كبير في استراتيجية التحالف الدولي الذي سيجتمع في باريس مطلع حزيران المقبل، فلربما سيكون هناك تكثيف للضربات الجوية ضد مواقع «داعش» في سورية والعراق. وفيما تتصاعد الانتقادات لاستراتيجية الإدارة الأميركية ضد «داعش»، يؤكد مسؤولون أميركيون أن الاستراتيجية ناجحة بدليل طرد داعش من كوباني. وعلى هذا الأساس تدخل المنطقة في السيناريوات المفتوحة والمبهمة، الولايات المتحدة الاميركية لن تتدخل عسكرياً على الارض لا في العراق ولا في سورية، اساساً ان دخولها البري هو فخ ينصبه المتشددون الدواعش لها كما يقول خبراء أميركيون استراتيجيون، فالأوروبيون عاجزون بعد تجارب صعبة في ليبيا ومالي أظهرت محدودية تأثيرهم تجاه ما لحق بهم من فشل تداخلَ مع فشل واشنطن في تحالفها الكاذب فوق العراق وسورية وحتى فوق اليمن، فقد وصف سماحة السيد حسن نصر الله في خطاب ذكرى المقاومة والتحرير في 24 أيار الجاري بأن عدد الطلعات الجوية التي أنجزها التحالف منذ 19 آب 2014 حتى الآن لا تعادل ما نفذه الطيران «الإسرائيلي» من عدد الضربات الجوية التي نفذها في اعتداء تموز 2006 على لبنان، فهل ستعترف واشنطن بالفشل كما اعترفت به «إسرائيل» في عام 2006 ليبقى التجاذب الدولي قائماً نحو محاولة تحميل الحكومة السورية والعراقية المسؤولية، الأمر الذي يكشف ويحرج واشنطن وحلفاءها أمام المجتمع الدولي ويعزز مقولة الفشل المضافة إلى فشل تحالف في السيطرة على تمدد ما تصفه واشنطن في العلن أنه تنظيم ارهابي بينما ما تخفيه واشنطن تحت هذا هو أقصى الدعم لما يمثله «الخطر الأخطر».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى