مؤتمر رجال الأعمال العرب والصينيين يختتم أعماله: لتذليل الصعوبات والمعوقات التي تواجه التعاون التجاري والاستثماري

محمّد حميّة

اختتمت فعاليات الدورة السادسة لمؤتمر رجال الأعمال العرب والصينيين والدورة الرابعة لندوة الاستثمار، التي عقدت يومي 26 و27 أيار الجاري تحت عنوان «بناء حزام اقتصادي لطريق الحرير».

واستهل اليوم الثاني والأخير للمؤتمر، بعقد ورشة عمل أدارتها المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان «إيدال»، حول مناخ الاستثمار في لبنان.

وكانت كلمة لرئيس المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان نبيل عيتاني، شدّد فيها على أنّ «العلاقات التي تجمع لبنان والصين ليست جديدة، حيث كان لبنان أول بلد عربي يوقع اتفاقية مع جمهورية الصين الشعبية منذ 60 عاماً»، لافتاً إلى أنّ «فرص الاستفادة من الحزام الاقتصادي لطريق الحرير كبيرة»، مشيراً إلى أنّ «لبنان يتطلع إلى دور مركزي في المسار الاقتصادي لطريق الحرير بفضل موقعه المميز كنقطة وصل مع العالم العربي والقارة الأفريقية وكمركز محوري بين الغرب ودول المشرق».

كما عقدت جلسة عمل بعنوان «لبنان: آفاق واعدة للاستثمار في إطار الحزام الاقتصادي لطريق الحرير»، أدارها عيتاني وشارك فيها رئيس مجلس الإنماء والإعمار المهندس نبيل الجسر، مدير عام «فرنسبنك» نديم القصار، رئيس ومدير عام هيئة استثمار وإدارة مرفأ بيروت حسن قريطم، عضو مجلس إدارة جمعيّة الصناعيين اللبنانيين منير البساط، أمين عام المجلس الأعلى للخصخصة في لبنان زياد حايك، وعضو مجلس إدارة هيئة إدارة قطاع البترول في لبنان وسام الذهبي.

كما عقدت حلقات حوارية جرى تخصيصها للقاءات ثنائية بين رجال الأعمال العرب والصينيين، حول القطاعات التالية: التجارة، الصناعة، الزراعة والأمن الغذائي، المصارف، السياحة، الطاقة والطاقة المتجددة، البنى التحتية بما فيها قطاع النقل السكك الحديدية والطرق والموانىء والطيران والاتصالات والكهرباء .

وقد توصل المشاركون إلى رؤى مشتركة واسعة النطاق، واتفقوا على إقامة قنوات متعددة المستويات للتبادل والتعاون بين الشركات. وثمن الجانبان الصيني والعربي، في بيان، عالياً النمو المستمر الذي حققه التبادل التجاري بين الصين والدول العربية في عام 2014، رغم التحديات العالمية والإقليمية. وأكد «أهمية بذل الجهود المشتركة من أجل تعزيز الشراكة التجارية والاقتصادية الصينية العربية بهدف بناء حزام اقتصادي لطريق الحرير الجديد»، مشيداً بهذه المبادرة «التي ستحيي طريق الحرير القديم وتنقله إلى مستوى حداثة القرن الحادي والعشرين على المستويين البري والبحري».

كما أكدوا «التزامهم بطريق الحرير الجديد الذي ينتظر أن تندفع وتتطور معه العلاقات الاستراتيجية بين الصين والعالم العربي الى مستويات تاريخية جديدة، ومن شأنها أن تنعكس على الجميع زيادات غير مسبوقة في معدلات النمو، كما ستخلق إمكانات لا متناهية من فرص العمل الجديدة».

وشددوا على «بذل الجهود لتذليل الصعوبات والمعوقات التي تواجه التعاون التجاري والاستثماري»، داعين إلى «تبادل التسهيلات اللازمة للقطاع الخاص العربي والصيني». كما أشادوا بـ «الجهود الرسمية المشتركة التي نجحت في إنجاز مجموعة من الاتفاقيات بين الدول العربية والصين خلال العامين الماضيين، وكذلك بانضمام عدد من الدول العربية إلى البنك الآسيوي للاستثمار في البنى التحتية».

ودعا المشاركون إلى «وضع أسس التعاون الاستراتيجي في المجال الزراعي، بهدف تشجيع الاستثمار المتبادل والمشترك والتجارة المتبادلة، ولإنشاء شركات مشتركة في المجالات الحيوية للأمن الغذائي، وإنشاء المناطق الزراعية الخاصة الحرة، وتقديم التسهيلات لتبادل المنتجات لكلّ من الجانبين، مع توفير آلية مشتركة للتمويل، إلى جانب التعاون في البحوث ونقل التكنولوجيا لتطوير وتبادل الأصناف وتنمية الموارد المائية والسمكية، ولتنمية الطاقات البشرية، وتطوير البنى التحتية الريفية، وتنظيم الزيارات المتبادلة وعقد اللقاءات، وإقامة برامج مشتركة في تنمية الأرياف والحدّ من الفقر وتعزيز دور المرأة الريفية، وتحسين نظم إدارة الموارد».

واتفق الجانبان، في البيان، على «عقد الدورة السابعة لمؤتمر رجال الأعمال والدورة الخامسة لندوة الاستثمار لمنتدى التعاون العربي الصيني في الصين في عام 2017.

الحاج حسن

وعلى هامش المؤتمر كان لـ«البناء» لقاءات مع المشاركين الذين تحدثوا عن أهمية المؤتمر وعن نقاط الضعف في العلاقات اللبنانية الصينية، والعربية الصينية، وفي هذا السياق، اعتبر وزير الصناعة حسين الحاج حسن أنّ «العلاقات غير متكافئة ليس بين لبنان والصين فقط، بل بين الدول العربية مجتمعة والصين، وهذا سببه غياب الاستراتيجيات الواضحة لدى الحكومة اللبنانية والحكومة العربية مجتمعة بالعلاقات مع الصين». وقال: «العلاقات الاقتصادية والاستثمارات والتجارة في اتجاه واحد عملياً، لبنان والدول العربية يستوردون من الصين أكثر بكثير مما يصدرون، كما أنّ الاستثمارات الصينية في لبنان والدول العربية أكثر بكثير من الاستثمارات اللبنانية والعربية في الصين، وهذا سببه غياب استراتيجية ومشروع واضح ويتضح ذلك من خلال القرارات السياسية، وليس فقط من خلال دور القطاع الخاص الذي يسعى إلى تحقيق مصلحته أولاً».

وأضاف الحاج حسن: «أما نقل المعرفة من الصين إلى البلدان العربية فهو أيضاً غير موجود، رغم توقيع اتفاقيات عديدة في هذا الشأن ولكنها لم تطبق لأنّ الجانب العربي لم يلجأ إلى تطبيقها»، مشيراً إلى «أنّ الاستراتيجيات والبرامج الواضحة هي التي توصلنا إلى وضع اقتصادي متكافئ مع الصين».

وأكد على «أهمية هذا المؤتمر وإيجابياته في الاتجاه والالتفات نحو الصين والشرق الآسيوي والإضاءة على نقاط الضعف السلبية التي نعمل على إزالتها».

شقير

أما رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة، رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان محمد شقير، فلفت في حديث لـ«البناء» إلى أنّ «انعقاد المؤتمر في لبنان، يعتبر في حدّ ذاته، أكبر رسالة إلى المجتمع الدولي بأنّ لبنان، رغم الظروف التي يمر بها يبقى مركز المؤتمرات ومركز اللقاء العربي الصيني والعربي الغربي».

وأضاف: «أكثر من 200 مؤسسة صينية أتت إلى لبنان، رغم الظروف التي يمر بها، ونحن متفائلون، كقطاع خاص، بالمستقبل وخصوصاً في مجال التنقيب عن النفط والغاز في البحر المتوسط، ومن خلال إعادة إعمار سورية التي ستمر حتماً عبر لبنان».

وأوضح شقير في تعليق على كلام وزير الصناعة أنّ «لبنان يستورد مليارين ونصف من الصين ويصدر 60 مليون دولار ولكن لا يمكن أن نصل إلى تعادل في الميزان التجاري بين لبنان والصين، ولا بين الصين والدول العربية، لأنّ الصين أكبر دول العالم في الاقتصاد وفي الصناعة». وفي الوقت نفسه، لفت إلى «أنّ لبنان يعمل على تنشيط الصناعة، كصناعة النبيذ وزيت الزيتون وصناعات أخرى»، مؤكداً «أنّ التعادل مع الصين من المستحيلات».

وعن أهمية هذا المؤتمر وغيره من المؤتمرات المشابهة في التوجه إلى الشرق الآسيوي نظراً إلى ما يمثله من ثقلٍ اقتصادي على الساحة الدولية، ذكّر شقير بأنّ «لبنان تربطه علاقات مع الصين عمرها 60 سنة بدأها الوزير عدنان القصار والذي له أيادٍ بيضاء في فتح السوق الصيني على العالم العربي، كما أنّ العديد من المؤسسات اللبنانية لديها مراكز في الصين وتصدر إلى لبنان والمنطقة كلها، ورغم أنّ عدد سكان لبنان واقعياً هو 4 ملايين نسمة، إلا أنّ حجم انتشارهم في العالم هو عملياً 15 مليوناً».

تجمّع رجال وسيدات الأعمال اللبناني ـ الصيني

وتحدث لـ «البناء» أيضاً رئيس تجمع رجال وسيدات الأعمال اللبناني ـ الصيني علي محمود العبدالله الذي اعتبر أنّ «هذا المؤتمر هو فرصة كبيرة ليس فقط للبنان بل للوطن العربي من خلال الاتفاقات التي ستوقع والتي ستعمل على نمو العلاقات العربية الصينية في شكلٍ عام».

ودعا العبدالله العرب إلى الاستثمار في لبنان ، قائلاً: «الصين جاءت إلى لبنان بوفودٍ رسمية واقتصادية رفيعة المستوى فكيف بأشقائنا العرب»؟ مؤكداً أنّ «لدى لبنان مساحة كبيرة من الاستقرار والأمان والثقة، لا سيما على أبواب الصيف وموسم السياحة وهو يستقبل كلّ أشقائه العرب».

وعن دور التجمع في تعزيز أواصر العلاقات، أجاب: «أولى بوادر المؤتمر توقيع اتفاقات مشتركة لتعزيز الصادرات اللبنانية والعربية إلى الخارج، ما يساعد جميع رجال الأعمال اللبنانيين والعرب ويعطيهم المعلومات الكاملة المفيدة لكي يوسعوا أعمالهم».

وأشار العبدالله إلى أنّ «الحركة الاقتصادية العالمية قد تحولت من الشرق إلى الغرب، والدليل على ذلك أنّ الناتج القومي الصيني أصبح 17.6 تريليون دولار، ما يعني أنه قد تجاوز نسبة النمو في الولايات المتحدة وقد أصبح الاقتصاد العالمي الأول من ناحية التصدير والإنتاج القومي والمحلي، لذلك هناك فرص هائلة لجميع الدول العربية التي عليها أن تعزز قدراتها لتكون لها حصّة في هذا الطريق وهذا الحزام الذي هو الخطة المستقبلية للعصر الاقتصادي المقبل».

الوفد السوري

كانت سورية الحاضرة في كلّ الميادين حاضرة بقوة في هذا المؤتمر، عبر وفد من رجال الأعمال والمصرفيين السوريين، وفي هذا السياق، قال رئيس غرفة تجارة محافظة ريف دمشق أسامة مصطفى لـ«البناء إنّ «المؤتمر له دور هام في فتح أفق تجارية جديدة بالنسبة إلى رجال الأعمال العرب».

وأضاف: « شاركنا من سورية في المؤتمر بوفدٍ من رجال الأعمال لأنّ العلاقات السياسية والاقتصادية بين سورية والصين مميزة ولها تاريخ قديم، فالصين سيدة العالم بالنسبة إلى قطاع الأعمال، وكما نرى، فقد ضمّ المؤتمر أكثر من 120 من كبرى الشركات الصينية ورجال الأعمال المميزين، بالإضافة إلى البنوك، وإنّ مشاركة الوفد السوري في هذا المؤتمر مهمة جداً لفتح طريق سهل للتجارة وفتح الاعتمادات المصرفية، فالعلاقات السورية الصينية والعربية الصينية تنمو في شكلٍ جيد».

وتابع مصطفى: «لا شكّ في أنّ هذا المؤتمر يعزز نظرية الدولة السورية من وقت بعيد بالتوجه شرقاً، على المستويين السياسي والاقتصادي، لا سيما علاقاتها التاريخية والمتينة مع روسيا والصين وإيران ما يشكل بديلاً عن الدول الغربية التي تحاول الهيمنة الاقتصادية والسياسية على الشعوب».

وأشار مصطفى إلى أنّ «ما يميز جمهورية الصين الشعبية هو قراءتها للأزمة السورية في شكلٍ صحيح، فموقفها منذ البداية كان واضحاً وصريحاً وكان مع الشعب السوري، والفيتو الصيني في مجلس الأمن هو قراءة صحية لما يجري في سورية من هجمة شرسة تنال من اقتصاد الشعب وبنية العيش المنسجم الذي كان وما زال يمثل نموذجاً للتعايش في المنطقة والعالم».

وإذ نوه بالموقف الصيني من الأزمة السورية، لفت إلى «أنّ العلاقات التجارية هي أيضاً علاقات مفتوحة في شكلٍ كامل ولدينا مستوردات من الصين في مجال التقنيات والآلات والمعدات الصناعية، والتبادل يتطور بين البلدين».

وشدّد مصطفى على أهمية دور رجال الأعمال السوريين في تعزيز صمود الشعب السوري في وجه الهجمة الاقتصادية كما العسكرية والسياسية على سورية، وقال: «رجال الأعمال هم جزء من النسيج الوطني السوري والمواطن عندما يدافع عن تجارته يدافع عن وطنه ووجوده، البقاء هو لمن يصمد ويعمل ويعمر بلده وليس للذين يتركون وطنهم ويرحلون في الظروف الصعبة، لذلك يجب أن نحافظ على بلدنا اقتصادياً وتجارياً واجتماعياً».

الأردن

وأكد النائب الأول لرئيس غرفة تجارة الزرقاء في الأردن عماد محمود أبو البندورة في حديثه لـ «البناء» أنّ «المصلحة العربية والتعاون العربي، في ما يخصّ الشراكة الاقتصادية مع الصين غير متوازن بسبب وجود أنظمة وقوانين خاصة بكلّ بلدٍ عربي يعمل بها وغياب وحدة الصف والكلمة العربيين لكي نستطيع أن ننتج وننافس، فالصين تستفيد من دولنا أكثر مما نستفيد منها، نحن مجرد مستهلكين».

وأوضح أنّ «هذه المؤتمرات تخدم العرب، ونحن كصناعيين وتجاريين نجتمع مع بعضنا ونبحث المعوقات التي تعترضنا خلال التبادل التجاري ونتعاون لتسهيل أمورنا التجارية والصناعية».

ورداً على سؤال حول ما يجري في سورية وتأثيره على الأردن اقتصادياً، أجاب: «كتجار ورجال أعمال أردنيين نعتبر أنّ ما يجري في سورية أثر في شكلٍ كبير على التجارة بين الأردن وسورية»، متمنياً «أن تنتهي الأزمة في سورية وتعود الأوضاع كما كانت، لأنّ الشعبين السوري والأردني يكملان بعضهما وهما شعبان صديقان، وبالتالي فإنّ اقتصاداً سورياً جيداً يعني اقتصاداً أردنياً جيداً».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى