بعد سقوط صاروخ على المستوطنات وغارات العدو على غزة: هل تندلع حرب جديدة؟

حميدي العبدالله

شهدت المناطق الفاصلة بين قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 توتراً جديداً، تمثل بسقوط أربعة صواريخ في مناطق مفتوحة زعمت تل أبيب أن مصدرها قطاع غزة، وقامت قوات الاحتلال بعد ذلك بش أربع غارات على قطاع غزة، وقامت أيضاً بنصب رادارات القبة الحديدية.

وهذا التوتر هو الأعلى منذ التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في حرب تموز 2014 التي استمرت 53 يوماً.

لكن الأهمّ من هذا التوتر معرفة ما إذا كان ما جرى يشكل شرارة لاندلاع حرب جديدة. في هذا السياق يمكن استنتاج الآتي:

بالنسبة إلى العدو الصهيوني، من الواضح أنه لا يعتقد أنّ الوقت الحالي ملائم لخوض حرب جديدة لن تكون نتائجها العسكرية والسياسية مختلفة عن الحرب السابقة، فلا العدو الصهيوني امتلك قدرات عسكرية إضافية تمكنه من خوض حرب ناجحة في هذه الفترة القصيرة التي أعقبت حرب عام 2014، ولا المقاومة خسرت قدرات تغري العدو على شنّ عدوان تكون نتائجه مختلفة. ومعروف أنّ حكومة نتنياهو قد دفعت سياسياً ثمن حربها على غزة عام 2014، تمثلت بخسارة الكثير من حلفاء نتنياهو في حكومته الائتلافية، وحتى بعد الانتخابات المبكرة، وعلى الرغم من زيادة «الليكود» لعدد مقاعده في الكنيست، إلا أنه لم يتمكن من تشكيل ائتلاف مريح، وهو اليوم يحكم بأغلبية صوت واحد، وهذه النتائج كانت ثمرة من ثمار الحرب على غزة في عام 2014 التي فشلت في تحقيق أيّ هدف من أهدافها المعلنة.

أما بالنسبة إلى الفلسطينيين، وتحديداً حركة حماس، أيضاً ليس هناك ما يغريهم للانجرار إلى حرب جديدة، فالمناطق التي هدمها العدوان الأخير لم يُصار إلى إعادة إعمارها، ولا يزال سكانها يعانون ويعيشون في العراء، أو يتدبّرون أمورهم بأنفسهم من دون أيّ مساعدة من أيّ جهة. كما أنّ الحصار على قطاع غزة لا يزال على ما كان عليه، بل أصبح أكثر قوة بعد قيام مصر بتدمير الأنفاق التي كانت تستخدم للتهريب على خلفية استخدام هذه الأنفاق من قبل جماعات إرهابية لمهاجمة وحدات الجيش المصري المنتشرة في سيناء. كما أنّ حلفاء حماس على مستوى المنطقة هم حلفاء للكيان الصهيوني، وبكلّ تأكيد لا يشجعون حماس على المبادرة إلى تصعيد الموقف طالما أنّ الكيان الصهيوني غير مستعدّ وليس في مصلحته شنّ عدوان جديد في هذا التوقيت بالذات.

في ضوء هذه الحسابات بالنسبة لكلا الطرفين، وفي ضوء الوضع السائد في المنطقة، ولا سيما الفوضى المسلحة والحروب التي تصبّ كلها في مصلحة العدو الصهيوني، فإنّ من مصلحة تل أبيب عدم الإقدام على أيّ عمل قد يقود إلى خلط الأوراق، لكلّ ذلك فإنّ التوتر الحاصل الآن توتر عابر وسيتمّ استدراكه بانضباط الجانبين بوقف الأعمال التي قد تقود إلى اندلاع مواجهة جديدة ليست في مصلحتهما في هذا التوقيت.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى