التعيينات والخيارات الصعبة الاعتكاف أم الاستقالة؟

محمد حمية

عاد ملف التعيينات الأمنية ليفرض نفسه على الساحة السياسية، وسط انقسامٍ حادّ بين الأطراف الداخلية وغموض يكتنف مصير المواقع الأمنية، لا سيما مركزي قيادة الجيش ومدير عام قوى الأمن الداخلي، مع تزايد المخاوف من أن يؤثر هذا الخلالف على الاستقرار الحكومي في ظلّ الأوضاع الراهنة التي يمرّ بها لبنان والمنطقة.

«بلغ السيل الزبى وطفح الكيل والتمديد للقيادات الأمنية ممنوع وإلا فإنّ كلّ الاحتمالات ممكنة»، بهذه الكلمات حسم رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون موقفه من هذا الملف، فيما أعلن اللقاء الوزاري التشاوري الذي عقد في دارة الرئيس أمين الجميّل منذ أيام أنّ ملف التعيينات لن يمرّ كما يريد العماد عون، في المقابل يتمسك تيار المستقبل وفريق 14 آذار بالتمديد للقادة الأمنيين إذا تعذّر التعيين داخل مجلس الوزراء.

يبدو أنّ هذا الملف مفتوح على كلّ الاحتمالات بانتظار الخامس من حزيران موعد بلوغ المدير العام للأمن الداخلي اللواء ايراهيم بصبوص سنّ التقاعد لتبيان الخيط الأبيض من الأسود، فهل سيتمّ التمديد للواء بصبوص وكيف سيكون ردّ فعل وزراء التيار الوطني الحر؟ الاعتكاف أم الاستقالة من الحكومة؟ وما هو موقف الحلفاء؟

يبدو أنّ العماد عون لن يتراجع عن شروطه في هذا الملف، وما يدلّ على ذلك رفضه لكلّ الوساطات والتسويات والصفقات التي عرضت عليه، أبرزها رفض عون اقتراح وزير الداخلية نهاد المشنوق خلال لقائهما منذ أسبوعين الفصل بين قيادتي الجيش والأمن الداخلي، بل تمسك بالحلّ ضمن صفقة كاملة متكاملة مع رفضه التام لخيار التمديد.

هذا الملف الذي يقلق الحكومة التي عملت مراراً على تأجيله حط أمس على طاولة الحوار ضيفاً ثقيلاً، وبحسب المعلومات فإنّ رئيس الحكومة تمام سلام قال إنّ هذا الملف يبحث عندما يطرح وزيري الداخلية والدفاع الاسماء على مجلس الوزراء.

مصدر في تكتل التغيير والاصلاح رجح في حديث لـ«البناء» اعتكاف وزيري التيار الوطني الحرّ جبران باسيل والياس بو صعب عن حضور جلسات الحكومة في حال التمديد لبصبوص، وحينها سيكون هناك متسّع من الوقت حتى أيلول المقبل موعد استحقاق قائد الجيش وبالتالي يمكن أن تنفرج الامور حتى ذلك الحين.

وأكد المصدر أنّ حزب الطاشناق لم يأخذ قراراً حتى الآن بالاعتكاف إذا تمّ التمديد لبصبوص، كما وزراء تيار المرده وحركة أمل وحزب الله.

مصدر في قوى الثامن من آذار توقع في حديث لـ«البناء» التمديد للواء بصبوص في الأمن الداخلي عبر إرجاء تسريحه بالاستعانة بقانون الدفاع، ما سيدفع وزراء التيار الوطني الحرّ الى الاعتكاف ويمرّر الوقت حتى موعد استحقاق قيادة الجيش في أيلول المقبل، وحينها يتمّ تعيين قائد فوج المغاوير في الجيش اللبناني العميد شامل روكز قائداً للجيش ورئيس فرع المعلومات العميد عماد عثمان مديراً عاماً لقوى الأمن الداخلي، وجزم المصدر بأنّ وزراء التيار الوطني الحر لن ينسحبوا من الحكومة بل أقصى المواقف سيكون الاعتكاف.

رغم إعلان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بعد لقائه الأخير مع عون دعم الحزب للأخير في هذا الملف، إلا أن حزب الله بحسب المصدر لم يحسم خياراته حتى الآن، ولم يقرّر ما اذا كان سيقف مع العماد عون ويعتكف أم سيبقى في الحكومة، بل ينتظر ردّ فعل عون ليبني على الشيء مقتضاه، فهو يعتبر الحكومة الحالية مصلحة استراتيجية للبلد في ظلّ العواصف المحيطة بلبنان، فضلاً عن الأوضاع الامنية على الحدود والحرب التي يخوضها مع الإرهاب.

وأكد المصدر أنّ أيّ طرف لا يتحمّل مسؤولية فرط عقد الحكومة لأنها المؤسسة الأخيرة التي تعمل في البلد رغم الشلل الذي يعتريها، لكنها تبقى الضمانة الدستورية والسياسية في ظلّ الشغور في سدة الرئاسة الاولى والتعطيل للمجلس النيابي والظروف الأمنية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى