رسالة من داخل القلمون: إنهم قتلة وجبناء

يوسف المصري

المعركة الجاري الاستعداد لها في القلمون ستحدث خلال ساعات أو ربما أيام على تلة «الثلاجة» التي نجح المقاومون في حزب الله بإخراج المسلحين من قمتها، وباتوا الآن على جهة من سفوحها فيما المقاومون على الجهة الأخرى.

… طبعا التنازع على هذه التلة التي يضمن المسيطر عليها امتلاك سيطرة بالنار والنظر على مدى جغرافي واسع في تلك المنطقة الجردية امتداداً حتى مناطق سورية ولبنانية، يجري في ظروف انتزع فيها حزب الله المبادرة العسكرية لمصلحته فوق كلّ ميدان القلمون.

والواقع أن استعداد الحزب للتقدّم لتحرير تلة الثلاجة، جرى بعد أن نجح مقاوموه بالتقدم منذ أربعة أيام باتجاه وادي الهوا عند عمق جرود نحلة، وتقدموا من هناك باتجاه البساتين في جرود عرسال، وهي المنطقة الوحيدة داخل هذا الجرد المتصفة بأنها مثمرة.

جرى القتال في وادي الهوا بأسلوب تحريره متراً وراء متر كما يقول أحد مقاومي الحزب. وظل الاشتباك متصلاً طوال 12 ساعة وانتهى بتمكن المقاومين من تحريره، وانسحاب المسلحين من الوادي بعد أن تكبدوا 16 قتيلاً تركوهم وراءهم في الميدان وقام المقاومون بدفنهم.

تلة الثلاجة أصبحت الآن هي الهدف التالي للمقاومة، وهي تشبه لجهة أهميتها الاستراتيجية في تلك المنطقة من الجرد الجنوبي، أهمية تلة موسى في منطقة الجرد الشمالي والشرقي.

يوجد إلى جانب تلة الثلاجة عدة تلال، إحداها يطلق عليها المقاومون اصطلاحاً تسمية «تلة الهرم» نظراً لأن شكلها مثلث الأضلاع. ولا تحفل التلة الأخيرة بنفس الميزة الاستراتيجية لتلة الثلاجة، ولكنها تقع ضمن أهداف الإنجاز اللاحق للمقاومين والخاص بالسيطرة على أهم تلال تلك المنطقة الجردية.

لقد «استتب الوضع لمصلحة المقاومة في جرود القلمون». هذه هي الملاحظة الأساس التي خرج بها وفد إعلامي زار المنطقة قبل يومين وتجول في أرجاء معظم الجرود الشمالية والشرقية.

وحالياً يقف المقاومون في نقطة تقع إلى وراء بساتين جرود عرسال، وكل المسافة الباقية بينهم وبين أول تواجد للجيش اللبناني عند بلدة عرسال هو فقط مسافة 6 كلم خط نار. وداخل هذه المسافة يوجد عناصر لـ«جبهة النصرة» المحاصرين. مقاتلو الحزب واثقون من أنهم يستطيعون إلحاق هزيمة عسكرية بمسلحي «النصرة» وشقيقاتها في القلمون في حال صدر إليهم الأمر وتم نزع الألغام السياسية من أمام هذه المهمة.

مسؤول ميداني كبير في المقاومة شرح للصحافيين الواقع الراهن في جرود عرسال بالتالي: كل القصة تقع في أن هؤلاء المسلحين المحاصرين في جرود عرسال حيث تجمعوا بعد طردهم من معظم القلمون الشمالي والشرقي، ما زالوا يتنفسون بواسطة المساعدات الغذائية التي تأتي إليهم من مخيمات السوريين النازحين الموجودة وراء خط الجيش اللبناني في بلدة عرسال إلى الجهة السورية. والحاصل أن هذه المخيمات تأخذ قسماً يسيراً من هذه المساعدات وترسل القسم الباقي إلى المسلحين في الجرد. لو تم إقفال هذا الشريان الغذائي بوجههم فإنهم سيعلنون الاستسلام حتى من دون قتال.

لا يتحدث الضابط الميداني في حزب الله بالسياسة. يقول أنا فقط أشرح طبيعة الظروف العسكرية التي تحيط الآن بالمعركة التي نحن في أوجها.

يضيف: صدقوني إن الدواعش جبناء. إنهم يفرون بأسرع مما يفعل ذلك «الجيش السوري الحر». ولكن كل القصة أنه جرى تضخيم «بأسهم وقوتهم» من خلال المادة الإعلامية التي ينشرونها والتي تتضمن مشاهد ذبحهم للمدنيين. إنهم جبناء. عرفناهم في الميدان… وهذه حقيقة يجب إيصالها للشعوب العربية والإسلامية.

يتابع الضابط: ثمة ملاحظة أخرى أحب أن أنقلها إليكم، وهي أن إعداد المسلحين سواء في منطقة انتشار «داعش» أو «النصرة» في جرود القلمون تشبه أسعار البورصة، فهي ترتفع وتهبط بحسب العرض والطلب المالي المتأتي لهم من موازنات خارجية. فحينما تصل الأموال لـ«داعش» يزيد عددهم وينقص عدد «النصرة»، والعكس صحيح. لذلك إذا سألني أحدكم الآن ما هو عدد «النصرة» في جرود عرسال فإني أقول له: في هذه اللحظة كذا، ولكن لا أعرف هل سيزيدون أم سينقصون في الغد. ونفس الأمر بالنسبة لـ«داعش».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى