همزة وصل

نظام مارديني

منذ بداية الأزمة السورية في آذار عام 2011 والجغرافيا السورية تعيش حالة أرتباك متسارع بفعل المشروع الأميركي ـ «الإسرائيلي» للمنطقة، التي تتحول تدريجاً فناء واسعاً لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية، ومصدراً مهماً من مصادر تصدير الأزمة، كما سوقاً كبيرة للترويج للمشاريع المختلفة التي سيتحدد في ضوئها «الجيوبوليتيك» الإقليمي والدولي في ساحات أخرى لاحقة بعد ان ينهي محور التآمر الترتيبات الخاصة به في سورية والعراق .

جاء سقوط تدمر بعد السيطرة على أدلب وريفها بمثابة نكسة قوية للجيش السوري الذي يواجه أكثر من 2000 جماعة إرهابية، ويخوض معاركه بمواجهتها في 450 موقعاً.

يحاول الجيش السوري العظيم في مواجهاته البطولية هذه كسر مشروع الجغرافيات السياسية، التي يعمل المحور السعودي القطري التركي على انضاجها وتحصينها في النطاقات التي هيمن عليها من خلال «النصرة» في أدلب وجسر الشغور وأريحا من جهة، ومن خلال «داعش» في تدمر والرقة امتداداً للأنبار في العراق من جهة أخرى.

ففي الجغرافيا السياسية يميل اللاعب «الجيوبوليتيكي» الى التوسع، متخذاً قانوناً محدداً لتأمين المكاسب التي حققها في الجغرافيا التي هيمن عليها. والتوسع نحو نطاقات جديدة بهدف ضمها ارضاء لشهية التمدد المكاني التي لا يضاهيها شهية لأمثال هؤلاء الارهبيين ومشغليهم، حيث اللعاب يسيل نحو مناطق واسعة لعزلها عن إشراف الدولة أو الحكومة السورية، من خلال مصادرة مواردها وسكانها الذين سيحولونهم بالقوة والقهر وإهدار الدماء الى مجرد جنود في خدمة تطلعات الخليفة الإسلاموي!

السيطرة على تدمر وأدلب لم تكن في حقيقتها سوى استكمال لفكرة تشكيل الجغرافيا السياسية الجديدة التي تقوم على أساس فكرة الانزواء باتجاه المكونات التي من شأنها أن تفضي الى سحب شرعية وجود الدولة الأمة لتحل محلها صياغات جديدة أساسها التخندقات الطائفية والمذهبية والعرقية.

ولكن هل يدرك اللاعبون بالجغرافيا السورية ـ العراقية، أي السعودية وتركيا وقطر، إن من خلقوا هذا الواقع الجديد في المنطقة لن يكونوا هم بمعزل عن تداعياته وان بطرق متنوعة ومتغيرة ومتحركة في منطقة مضطربة قابلة للانفجار العنيف؟

إن اللعب بالجغرافيا السياسية، سيقود حتماً إلى انتشار الحرائق بصورة سريعة الى خارج حدود سورية والعراق بطريقة يصعب السيطرة عليها، وما يحصل في المنطقة الشرقية من السعودية يشي بهذا التوجه، تورط الرياض في عدوانها الإجرامي الدموي على اليمن، وإن هذا التورط سيكون مساعداً في كشف مملكة القهر التي لا تعيش إلا على رمال متحركة بفعل الغطاء الأميركي ـ الغربي ليس إلا.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى