«القاعدة» بين السفارة الإيطالية والسان جورج

حسين حمّود

لم تضع شهادات القريبين من الرئيس الراحل رفيق الحريري امام المحكمة الدولية الناظرة بقضيته، الأخير في خانة المسؤولين الضعفاء الذين لا يملكون القدرة على اتخاذ القرارات ولا حتى الإدلاء بموقف من القضايا والشؤون التي يرفضها في دواخله، وحسب، بل أدّى تخبّطهم وارتباكهم إما إلى تحوّلهم «مساخر» أو تركيب سيناريوات تصبح ضدّ مزاعمهم التي يحاولون من ورائها إلصاق جريمة الاغتيال بسورية وحزب الله، مهما كان الثمن.

فحديث فؤاد السنيورة مثلاً عن «إهمال وتقصير» الضباط الأربعة لتبرير قرار اعتقالهم التعسّفي لمدة أربع سنوات تقريباً، كان يجب أن يطاول أيضاً رئيس أحد الضباط الذي يتبع له الأخير في هيكلية المؤسسة التي يعمل فيها. وهذا لم يحصل ولم يعترض السنيورة ولا فريقه السياسي على استثناء المسؤول المذكور! علماً أنّ اللواء علي الحاج اعتقل وحده من قوى الأمن الداخلي لأنه كان المدير العام للمؤسسة واستثني رئيس فرع المعلومات من التوقيف مع أنه هو المسؤول الذي يُفترض به السعي إلى الاستحصال على كلّ المعلومات عن وضع الأمن السياسي والاجتماعي ونشاطات العصابات والمنظمات الإجرامية والإرهابية. بينما في المقابل اعتقل قائد الحرس الجمهوري آنذاك العميد مصطفى حمدان مع انّ اختصاصه لا يتعلق بشؤون الأمن التي تتجاوز القصر الجمهوري. وقد أوضح حمدان مهامه في ردّه على السنيورة، وأشار إلى مَن يعتقد أنه كان الأوْلى بالاعتقال.

لكن الأخطر والأهمّ في الشهادات ما ورد على لسان أحد المقرّبين جداً من الحريري، وهو أنّ وزير الداخلية السابق الياس المر أخبره بأنّ محاولة تفجير السفارة الإيطالية في وسط بيروت عام 2004 كانت تستهدف الحريري! ما يفترض بالتالي إعادة التحقيقات بالجريمة وتحويلها إلى جهة اخرى وتحديداً إلى من سُمّيت بـ«مجموعة الـ13» التابعة لـ«القاعدة» والتي كان أعضاؤها، ولا سيما أميرها، اعترفوا أمام فرع المعلومات، بعد اعتقالهم، بمسؤوليتهم عن اغتيال الحريري، وذلك بعد توقيف مجموعة مجدل عنجر التي اتهمت بمحاولة تفجير السفارة ومصالح أجنبية أخرى في لبنان على خلفية مشاركة دولها باحتلال العراق.

وكان من بين معتقلي «مجموعة مجدل عنجر» المدعو اسماعيل الخطيب الذي توفي أثناء التحقيق معه. أما أمير المجموعة فهو أحمد الميقاتي الذي أفادت التحقيقات، أنه سكن مدة من الزمن في الطريق الجديدة، وهناك تعرّف إلى الشاب أحمد أبو عدس، ونشأت علاقة ما بين الرجلين. التحقيقات كانت قد توصّلت إلى أنّ هناك من جنّد أبو عدس الذي أعلن في شريط مصوّر قبل تنفيذه العملية الانتحارية بموكب الحريري في السان جورج عام 2005، أنّ «مجموعة النصرة والجهاد» التابعة لـ«القاعدة» هي من قام بذلك وأنه هو الانتحاري.

وكان ميقاتي، قد أطلق سراحه عام 2010 ثم أعيد اعتقاله عام 2014 إثر أحداث طرابلس الأخيرة لمشاركته في المعارك كقائد محور بعدما كان بايع تنظيم «داعش».

حتى الآن لم يبدر من المحكمة الدولية أية إشارة حول إمكان تغيّر مجرى التحقيق، بناء على شهادة المقرّب جداً من الحريري حول المسؤولين عن محاولة تفجير السفارة الإيطالية، وعلاقتهم باغتيال الحريري، وفق ما قاله الوزير الأسبق الياس المر، وهي في المقابل تتابع الاستماع إلى فريق 14 آذار الذي يعتمد في إفادته على شهود أموات.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى