روسيا وإيران لتركيا والسعودية: سورية لن تسقط متطوّعون بمتطوّعين وسلاح بسلاح ومال بمال

ناصر قنديل

– عندما كانت الحرب على سورية حرباً عالمية لكن بأدوات سورية كانت سورية وحدها على رغم صعوبة المهمة قادرة على تحمّل أعبائها، وصمدت طوال سنتين أمام سيناريوات إدارة الحشود والحملات الإعلامية والحرب النفسية، والفتاوى والأعمال المخابراتية. وعندما سقطت مهمة كوفي أنان لإسقاط سورية وجيء بالأخضر الإبراهيمي لإدارة حرب تنظيم «القاعدة» بصفة وسيط أممي، وظيفته مواصلة الحرب النفسية ومقايضة القيادة السورية سلامتها بتنحّيها لوقف الحرب التي تشنّها «القاعدة»، بقيت الدولة السورية قادرة وتحمّلت النزف ووحشية المعارك، وتمكّنت من تسجيل معجزة صمود، وبدأت بكتابة أسطورة نصرها وهجومها المعاكس. وكان كافياً أن يقف الأوفياء وعلى رأسهم حزب الله إلى جانبها ليتسنّى خلال السنتين اللاحقتين تحقيق الإنجازات.

– مع دخول السنة الخامسة من الحرب، دخل حلف الحرب مرحلة جديدة، عنوانها الحرب المعولمة، بدلاً من الحرب العالمية. وفي هذه العولمة فتحت سورية من حدودها الشمالية والجنوبية والشرقية أمام كلّ مرتزق راغب بالقتال من أنحاء العالم، وأقيمت المعسكرات في تركيا والأردن، وتمّت التغطية بالتحدث عن تدريب معارضة معتدلة، كان الرئيس الأميركي قد سبق ووصفها بالفانتازيا. ولم تكن العودة لنغمة المعارضة المعتدلة مجرد كلام إعلامي ولا هي عودة عن الموقف من كونها فانتازيا، بل لتغطية هذه المعسكرات وتغطية الزجّ بآلاف المقاتلين غير التابعين للمعارضة أصلاً، والذين يشكلون إنكشارية الأتراك وهجانة السعودية، عبر الحدود مع الأردن وتركيا ومناطق سيطرة «داعش» في الحدود مع العراق.

– حدث هذا بالتزامن مع بدء المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا مهامه التحضيرية لمؤتمر جنيف، الذي ينتظر أوامر توجيه بطاقة الدعوة لـ«جبهة النصرة» باسمها الجديد «جيش الفتح»، وبالتزامن مع بدء الحرب السعودية على اليمن، ومع بقاء ثلاثة شهور فاصلة عن نهاية المهلة المتفق عليها لحسم مصير المفاوضات حول الملف النووي الإيراني، ومع بروز موقف أميركي واضح بالاستثمار على اندفاعات تنظيم «داعش» الاستنزافية لسورية والعراق، وتغطية المسعى السعودي التركي «الإسرائيلي» القطري الفرنسي لتعويم «جبهة النصرة»، والرهان الأميركي على بلوغ مهلة نهاية التفاوض مع إيران وقد بلغ حلف المقاومة أسوأ أيامه، فتقطف نتائج الضعف لإيران وحلفائها في الملف النووي، ويتواصل الضغط ليكون المسار التنازلي حاكماً في كلّ الملفات الإقليمية، والعودة بعدها للمفاوضات الأوكرانية المؤجلة لفرض شروط الإذعان على روسيا.

– مشاورات أطراف حلف قوى المقاومة، من حزب الله وسورية والحشد الشعبي العراقي واللجان الثورية اليمنية، والقرار هو لن تسقط سورية ولن يسقط العراق ولن يذلّ اليمن، وستعود الرمادي وتدمر وجسر الشغور وإدلب، وتحفظ عدن وصنعاء، وتهدّد الظهران في الداخل السعودي، ونقلت الحصيلة إلى القيادة الإيرانية التي أبلغت حلفاءها أنها تواصل المفاوضات حول ملفها النووي غير آبهة بالفشل وأنها بدأت استعداداتها للإجراءات التي عليها اتخاذها في الأول من تموز إنْ نجحت المفاوضات، والأهمّ تلك الإجراءات الواجب اتخاذها إنْ فشلت المفاوضات، وأنّ قرار إيران هو دعم قرار الحلفاء والتشارك معهم في الأعباء، وأنها ستتحمّل أكلاف المواجهة المالية والتسليحية. وبالتشاور مع موسكو نقلت طهران لحلفائها أنّ تشخيص روسيا وإيران للموقف هو التالي، تبقى سورية هي الهدف لحلف الأعداء، على رغم الاستنزاف في جبهتي اليمن والعراق، ولذلك فالهجوم المعاكس في اليمن والعراق سيسرّع في طلب العدو للتفاوض والانخراط في تفاهمات، عنوانها تسوية للأزمة اليمنية، وشراكة في حرب العراق على «داعش»، أما في سورية فلا مجال إلا قلب الموازين من دون انتظار التسويات، ولذلك فالقرار هو إبلاغ تركيا والسعودية أنّ إيران وروسيا قبلتا عولمة الحرب، وستردّان على المتطوّعين بالمتطوعين وعلى المال بالمال وعلى السلاح بالسلاح، وعندما تظهر الجيوش سيكون الردّ على الجيوش بالجيوش فسورية جزء من الأمن القومي لروسيا وإيران.

– شهر حزيران سيكون شهر التحضيرات الميدانية واللوجستية لتغيير قواعد اللعبة وسنرى النتائج قريباً.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى