روسيا تحضّر اللبنانيّين لمرحلة سورية جديدة

 

Rozana Rammal

روزانا رمّال



أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في وقت سابق من هذا الشهر ثقته بالشعب السوري وتأييده الرئيس السوري بشار الأسد، ليجدّد أمس أمام وزير الخارجية السوري وليد المعلم كلامه، إنما بوعد نقله المعلم إلى الشعب السوري وقيادته تمثل بدعم روسي لسورية سياسياً وعسكرياً واقتصادياً.

روسيا التي تسلحت أطراف متعدّدة إقليمية ودولية بإمكانية عدولها عن دعم النظام الحالي في سورية تؤكد بعد ما يقارب الخمس سنوات من عمر الأزمة أنها ترى في الأسد حليفاً استراتيجياً، فيما يبدو أنّ روسيا التي تقصّدت بثّ تصريحات غير واضحة الأهداف استطاعت جذب الديبلوماسية الدولية العربية والغربية إليها من أجل الاستماع إلى مقترحات تلك الدول في ما يتعلق بسورية بين تسويات تعزل الأسد نهائياً وأخرى تدعو إلى حكومة ائتلافية لفترة محدّدة، وغيرها من المقترحات التي استمعت إليها روسيا جيداً طيلة السنوات الماضية مع حفاظها على دعم سورية.

تعرف الديبلوماسية الروسية كيف ومتى تطلق رسائلها وتؤكد على مواقفها وتقطع الشكّ باليقين عند خصومها وعند كلّ من يراهن على استمالاتها من جهة أو الضغط عليها كما حدث معها في جزيرة القرم من جهة أخرى، أو حتى التأثير بالعقوبات الاقتصادية عليها، وإذا كانت المراحل السابقة قد تطلبت من روسيا بعض الليونة في المواقف من أجل مصلحتها أولاً ومن أجل استراتيجيتها في سورية ثانياً، فإنّ دعم الرئيس الروسي الواضح اليوم يشير إلى التالي: «تأكيد روسيا أنّ الرئيس الأسد هو وحده من يمثل مصالحها الاستراتيجية في الشرق الأوسط وأنها تجدّد هذا التأكيد اليوم لعدة أسباب أبرزها أنّ روسيا مرتاحة لموقعها في المجتمع الدولي وهذا الارتياح ساهمت فيه معطيات كبرى أبرزها دورها الكبير في المفاوضات النووية الغربية مع طهران، وأي مراقب يعرف أنّ الإيراني هو حليف السوري في هذه المنطقة فلا داعي لأي دهشة أو استغراب من أي مستجدّ مقبل.

الإيراني المنتصر في ملفه هو حليف حزب الله المنتصر في المعارك السورية ضدّ الإرهاب وهو، بدوره، حليف سورية أما زيارة المعلم إلى روسيا فقد جاءت بعد سلسلة هجمات إرهابية في كلّ من الكويت وتونس وفرنسا. وتعرف روسيا أنّ طرح ملف مكافحة الإرهاب سيكوت بنداً أساسياً من عملها في المهمة الديبلوماسية المقبلة الخاصة بسورية بعد نجاح الملف النووي الإيراني، وبالتالي يبدو أنّ شراكة الأسد في مكافحة الإرهاب وقتال «داعش» وما عبر عنه المعلم من تقبل سورية لأي معجزة تؤدي إلى توحّد الدول الكبرى والمشاركة في الحرب على سورية في مكافحة الإرهاب هو استعداد سوري للتعاون إذا حصل هذا بطريقة أو بأخرى.

لبنان المعني الأساسي والأول بكلّ الأحداث التي تجري في سورية منذ خمس سنوات هو في طليعة المشاركين في صناعة الحدث السوري عبر قتال حزب الله في الميادين المختلفة، هذا الحزب الذي بدأ مسيرة مكافحة الإرهاب قبل كلّ التحالفات الدولية فسبق دول العالم إلى سورية وربما اليوم أصبحت مقاربة هذا الحزب بالمنظور الدولي تختلف عن مقاربته سابقاً وبعد التواصل الغربي الإيراني فإنّ الانفتاح على حزب الله لن يكون إلا تحصيلاً حاصلاً.

يبقى أن يقرأ اللبنانيون جيداً التصريحات الروسية، وتحديداً لجهة تمسّك الرئيس فلاديمير بوتين بالرئيس السوري بشار الأسد، وإذا كان هناك أي أمل باق أو رهان داخلي على تبدل روسي يأخذ سورية نحو تسوية تعزل الرئيس الأسد فإنّ شهر حزيران 2015 أكد أنه لم يحسم وجهة الملف النووي الإيراني فحسب، بل حسم معه أيضاً الملف السوري بامتياز وكشف عن المرحلة المقبلة في سورية والتي ستكون برئاسة الأسد وحضوره الكامل على رأس عمله وسلطاته في البلاد بسلطة فرضتها الاستراتيجيا الدولية بعد أن ثبتتها المعارك مع الإرهاب كهدف دولي باق لسنوات.

سيفوز الأسد برهانه على مكافحة الإرهاب كطريق للخلاص وسيحصد ثمرة تحذيره الدول الكبرى بعد سنوات من انقلاب الإرهاب عليها وعلى مصالحها من دول خليجية وغربية. أما اللبنانيون الذين يترقبون المشهد المقبل فإنهم على موعد جديد من آثار انتصار حلف برمته قد تقطف ثماره سورية داخل لبنان. فهل يتحضر لبنان لما بعد دخول سورية فلك التسويات ببقاء الأسد؟ أي مصير ينتظر فريق 14 آذار الذي أنشئ تحت شعار العداء لسورية والأمل في إسقاط النظام الحالي مع كلّ من شارك في تسهيل عمل بعض الحركات المتطرفة داخل سورية ولبنان خدمة للهدف؟

على هذا الفريق أن يدرك أنّ الحوار في لبنان اليوم هو مصلحة أساسية لبقائه وأنه بات عليه أن يقدم بعض التنازلات لخصومه وأنّ كلّ يوم يمرّ يتقدم نحو الإقرار بأنّ الرئيس بشار الأسد هو المخرج الوحيد للأزمة السورية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى