كيري وظريف يتفقان على رفع العقوبات… لافروف: التفاهم بمتناول اليد تركيا تحشد عسكرياً على حدود سورية… لإسقاط كيان الأكراد

كتب المحرر السياسي:

الأيام السبعة المقبلة ستكون من أطول الأيام التي ستعرفها المنطقة، فقد صار واضحاً هذه المرة أنّ التمديد حتى السابع من تموز لإنجاز التفاهم النووي الإيراني هو التمديد الأخير، وأنّ النجاح في خلق تعقيدات تحول دون توقيعه في خلال سبعة أيام قد تنجح في جعله لا يعرف طريق التوقيع أبداً. وفي المقابل فإنّ ما بعد السابع من تموز سيكون غير ما قبله سواء وقع الاتفاق أم لم يوقع، فإنْ فشل المتفاوضون في بلوغ التفاهم وإعلانه، ستدخل المنطقة ومعها العالم في انعدام الوزن حيث تصبح كلّ الاحتمالات واردة، وحيث المواجهات المفتوحة ستصبح بلا سقوف ولا ضوابط، والقوى التي تتمنى وتدعو ليل نهار لفشل المفاوضات الدائرة في فيينا، والتي أعلنت أطرافها السبعة المضيّ في التفاوض حتى صناعة الاتفاق خلال سبعة أيام، ربما تعضّ أصابعها ندماً على سعيها وتمنياتها بالفشل للمفاوضات، لخطورة ما سيحدث، ودرجة الذعر الذي تعيشه من قدومه، أما نجاح المفاوضات فسيأخذ المنطقة ومعها العالم إلى مسار لا تزول فيه الخلافات بالتأكيد، لكنه مسار مسقوف بآليات التفاوض لترصيد نتائج الحروب الصغيرة التي لن تتحوّل إلى حروب كسر عظم، وستبقى القدرة على وقف تصاعدها تحت السيطرة مع بلوغها درجة الغليان.

في فيينا كلّ شيء يقول إنّ الأمور تسير نحو التفاهم، فالمنجز من الاتفاق يزيد على الـ95 في المئة من القضايا، وصياغة النصوص بلغت مراحلها النهائية، وحازت تواقيع أولية من المتفاوضين، والاجتماع الذي ضم ّوزيري خارجية أميركا جون كيري وإيران محمد جواد ظريف، ترك أجواء من الارتياح والتفاؤل بعد تسرّب معلومات عن حلحلة نهائية لقضية رفع العقوبات التي تعتبرها إيران مفتاح الوصول إلى التفاهم وتوقيعه، وفي المقابل فإنّ وزراء خارجية مجموعة السبعة سيتناوبون على الحضور للمواكبة والاطمئنان بحيث سيكون منهم ثلاثة أو أربعة على مدار أيام التفاوض حتى يوم الجمعة المقبل، حيث سيصلون جميعاً إلى فيينا لتولي الإشراف المباشر على حلحلة ما تبقى من نقاط عالقة ومنح الدفع اللازم لإنجاز التفاهم في الموعد هذه المرة. واستبعد المتفاوضون فرضية التمديد لشهر أو لثلاثة أسابيع أو حتى لأسبوعين أو عشرة أيام، ووجدوا الأيام السبعة كافية لإنهاء التفاهم. ولو كانت التقديرات تميل إلى التشاؤم أو إلى الشعور بحجم المصاعب، لكان التأجيل لشهر هو الخيار الطبيعي والمتوقع، طالما أنّ السلوك نحو المفاوضات محكوم من الجميع بعدم استسهال إعلان الفشل، فيصير منح الفرصة الأخيرة أعلى إمكانية ممكنة لاستباق إعلان الفشل أمراً طبيعياً.

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اختصر المشهد بالقول إنّ التفاهم على الملف النووي بين إيران ودول الخمسة زائداً واحداً صار في متناول اليد.

هذا في فيينا، أما في المنطقة فالغليان يتصاعد، خصوصاً على جبهة القوى التي وضعت ثقلها لتعطيل فرص التفاهم النووي الإيراني مع الغرب، خصوصاً مع أميركا، وفي مقدّمها تركيا و«إسرائيل» والسعودية والأردن وقطر، فتبرّعت «إسرائيل» بالنيابة عن نفسها والسعودية والأردن وتركيا بتسريب سيناريوات عن نوايا التدخل العسكري في سورية، متحدّثة عبر مصادر رئاسة الأركان عن تلقي طلب أردني لتقديم غطاء جوي لإقامة منطقة عازلة أو منطقة حظر جوي، جنوب سورية إذا أقدمت تركيا على فعل شيء مشابه شمال سورية، وكانت تركيا تعلن أنها تحشد قواتها على الحدود مع سورية تحسّباً لإعلان كيان كردي لن تسمح بقيامه، بينما كانت تقدّم الغطاء لقوات «داعش» لاسترداد ما سبق للمجموعات الكردية أن وضعت يدها عليه من المواقع في عين العرب كوباني وتل أبيض بتغطية من الطيران الأميركي على الحدود السورية التركية.

واشنطن الجهة المعنية بالتسريبات مباشرة، والتي يبدو أنها فهمت الرسالتين «الإسرائيلية» والتركية، كدعوة لحفظ مصالحهما وتقديم الضمانات لهما عند توقيع أيّ تفاهم مع إيران بعدم تعرّض أمنهما للخطر، سارعت إلى الإعلان عن عدم قناعتها بوجود نقاش جدي في تركيا والأردن لفكرة التدخل العسكري الحدودي أو إقامة المناطق العازلة.

لبنانيا يتصدّر الاجتماع الحكومي المرتقب غداً سلّم الاهتمامات، حيث توقعت مصادر متابعة أن لا يغيب أيّ من مكونات الحكومة عن الحضور، وأن لا تشهد الجلسة ما يؤدّي إلى زيادة التوتر والتصعيد، لكنها توقعت أن يتحوّل النقاش في بند التعيينات المدرج كبند أول من خارج جدول الأعمال منذ تأجيله في الجلسة الأخيرة، إلى فرصة لكسر الجليد والدخول في نقاش سياسي سيؤدّي على الأرجح إلى رفع الجلسة من دون مناقشة بنود جدول الأعمال، لكن مع الاتفاق على تشاور ثنائي على القضايا التي لا تحتمل التأجيل في ظلّ الخلاف على بند التعيينات بحثاً عن مخرج دستوري لتمريرها من دون الوصول إلى كسر أيّ من الفرقاء. ورأت المصادر أنّ إعلان حزب الله عن وقوفه مع العماد ميشال عون ووقوف رئيس مجلس النواب نبيه بري وكتلته في ضفة مختلفة لا ترى سبباً لتعطيل الحكومة، يشبه التمايز الحاصل تجاه حضور الجلسات النيابية المخصصة للانتخابات الرئاسية، والتي يحضرها نواب كتلة التحرير والتنمية ويغيب عنها نواب كتلة الوفاء للمقاومة جنباً إلى جنب مع نواب تكتل التغيير والإصلاح، وكله تحت سقف التفاهم والتفهّم ولا يصيب التحالفات التي يقيمها حزب الله مع ركني معادلة جبهته السياسية، الرئيس نبيه بري والعماد ميشال عون، ويحرص عليهما وعلى علاقته بهما بالتوازي، مضيفة أنّ موقف حزب الله الحاسم حسم مصير جلسة الخميس نحو صيغة لا تسقط أحداً ولا تكسر أحداً، فيصير التأجيل على خلفية البحث في تحديد القضايا ذات الأولوية وآلية البت بها مخرجاً مناسباً للجميع.

تعطيل جدول الأعمال مقابل تعطيل التعيينات العسكرية

يجتمع مجلس الوزراء غداً الخميس على تناقضاته التي لم تتبدل تبديلاً، فكل فريق لا يزال على موقفه من التعيينات العسكرية وآخر هذه المواقف ما أكده وزير الدفاع الوطني سمير مقبل أن موقفه من موضوع استحقاق تعيين قائد جديد للجيش لم يتغيّر، وأننا لا نستطيع اليوم البحث في القضية قبل موعد هذا الاستحقاق، وعندما يحين الموعد سيتخذ القرار المناسب في شأنه».

وأكدت مصادر التيار الوطني الحر لـ«البناء» أن تعطيل التعيينات العسكرية سيقابله تعطيل للبنود الأخرى المدرجة على جدول الأعمال». ولفتت المصادر إلى أن التيار الوطني لا يعطل اجتماعات الحكومة، إنما مجلس الوزراء هو من يعطل من خلال رفضه البحث في الأمور الأساسية التي تستوجب حل الملفات الأمنية، لا سيما أن التطورات الإقليمية فرضت معادلة الأمن قبل الرغيف». ولفتت المصادر إلى «أننا نريد أن نعلم ماذا يجري في عرسال، وما هي الإجراءات التي سيتخذها مجلس الوزراء، بعد إعلان وزير الدفاع الوطني سمير مقبل خلال زيارته وقائد الجيش مدينتي عرسال واللبوة أن دخول الجيش في حاجة إلى قرار حاسم، على رغم أن الحكومة أكدت في آخر جلسة عقدتها ضرورة تحرير عرسال من الإرهابيين».

ودعا رئيس مجلس الوزراء تمام سلام في كلمة خلال العشاء السنوي لمؤسسات الرعاية الاجتماعية، الجميع للعودة إلى ضمائرهم والتصرف بمسؤولية، بحيث نتخطى مصالحنا الفئوية ونضع الأمور الخلافية جانباً، وننصرف إلى تسيير شؤون الناس، والتصدي للاستحقاقات الداهمة.

وأضاف: «أراهن على الحس الوطني العالي لدى جميع مكونات الحكومة الائتلافية، حكومة «المصلحة الوطنية» وقدرتها على توفير أفضل المناخات للعمل المنتج بعيداً عن التعطيل والشلل»، مؤكداً أن «الملفات الحيوية التي تنتظرنا كثيرة وبالغة الأهمية، تبدأ بالموازنة العامة ولا تنتهي بتصريف الإنتاج الزراعي والصناعي المهدد، مروراً بملفات النفايات والنفط والغاز والكهرباء، فضلاً عن الملف الأمني الذي يحتاج دائماً إلى تنبه وجاهزية وعناية فائقة، والعبء الهائل للنازحين السوريين المنتشرين على الأراضي اللبنانية».

وشدد سلام على أنه «بات ملحاً إصدار مرسوم بفتح دورة استثنائية لمجلس النواب، لإقرار قوانين لم تعد تحتمل التأخير»، معلناً «الاستعداد للقيام بالخطوات اللازمة للمساهمة في تحريك العمل التشريعي».

فصل التشريع عن قضية الحكومة

وتحدثت مصادر مطلعة لـ«البناء» عن وجود وجهتي نظر داخل تكتل التغيير والإصلاح حيال عمل مجلسي النواب الوزراء: الأولى يعبّر عنها وزير التربية الياس بوصعب وعدد من النواب، وتدعو إلى فصل التشريع عن قضية الحكومة، وفتح دورة استثنائية لمجلس النواب. والثانية يعبّر عنها النائب إبراهيم كنعان وعدد آخر من النواب تؤكد ضرورة أن يبدأ تشريع من قانوني الانتخابات واستعادة الجنسية».

وكان «التغيير والإصلاح» أعلن عقب اجتماعه الأسبوعي «أنّ عدم طرح بند التعيينات على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء هو مخالفة قانونية دستورية»، مؤكداً «أن موقفه واضح ولن ينسحب من الحكومة وسيستعمل حقه بطلب وضع بند التعيينات كبند أول».

وسأل كنعان الذي تلا بيان التكتل «الحكومة عن الخطوات العملية والتدابير التي تم اتخاذها بعد قرارها الأخير بتحرير عرسال من المسلحين»؟

حزب الله يدعم موقف عون

وفي سياق متصل، أكد وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش لـ«البناء» «أننا لن نقاطع ولن نغيب عن جلسات مجلس الوزراء». وأشار فنيش إلى «أن حزب الله يدعم موقف التيار الوطني الحر بعدم الموافقة على أي بند من بنود جدول الأعمال قبل الموافقة على بند التعيينات العسكرية».

وشدد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ«البناء» على أن رئيس الحكومة هو من يطرح جدول الأعمال»، مشيراً إلى «أن عدم موافقة وزراء التيار الوطني على بنود جدول الأعمال، لن يؤثر في سير الجلسة، ووفقاً للآلية الحكومية ستقر بنود جدول الأعمال بالعدد المطلوب دستورياً، حتى لو اعترض الوزيران جبران باسيل والياس بوصعب». وشدد درباس على «أن رئيس الحكومة لن يكون شاهد زور «ويجب وضع حد للنزعة الانتحارية التعطيلية التي يسلكها بعض الأفرقاء السياسيين».

تعطيل التشريع جريمة

ونقل زوار الرئيس نبيه بري عنه لـ«البناء» تأكيده أنه مع تفعيل عمل المؤسسات والقيام بدورها». واعتبر بري «أن تعطيل التشريع جريمة كبرى بحق لبنان». وتحدث بري عن ضرورة توقيع مجلس الوزراء على فتح دورة استثنائية، لكنه شدد على أنه «ليس المهم التوقيع فحسب إنما أيضاً عدم مقاطعة الجلسات التشريعية».

وفي الشأن الحكومي أعلن بري «أنه يبذل جهوداً لأن تكون جلسات مجلس الوزراء منتجة وفاعلة، إذ لا يجوز أن تتعطل الحكومة»، مجدداً التأكيد أن الوزيرين علي حسن خليل وغازي زعيتر سيحضران جلسة مجلس الوزراء».

ولفت بري إلى «أن الحوار بين المستقبل وحزب الله مستمر وأن الطرفين على قناعة بأنه حاجة وطنية. وأشار زوار الرئيس بري إلى «أن الأخير سيقيم إفطاراً على شرف المجتمعين في عين التينة، ومن المتوقع أن يترأس حوار عين التينة».

مقبل وقهوجي في عرسال عشية مجلس الوزراء

وفي سياق آخر قام وزير الدفاع سمير مقبل وقائد الجيش العماد جان قهوجي برفقة الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة سيغريد كاغ بجولة تفقدية على وحدات الجيش المنتشرة في منطقة عرسال ومحيطها. وشملت الجولة المواقع والنقاط العسكرية الواقعة في المناطق القتالية المتقدّمة، حيث كان شرح من الضباط المسؤولين للواقع الميداني العام على الحدود الشرقية، وللإجراءات التي تنفذها الوحدات لضبط الحدود ومنع تسلّل الإرهابيين، إضافة إلى توفير الأمن والاستقرار لأهالي القرى والبلدات.

وأكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» «أن الزيارة إثبات لحضور الجيش في الميدان وتأكيد للقرار على المواجهة الميدانية ضد الإرهابيين، خصوصاً أن الزيارة تأتي عشية انعقاد مجلس الوزراء في ظل إشكالية معروفة، فالقرار الذي اتخذته الحكومة في جلستها الأخيرة كان رمادياً وأتاح لكل فريق أن يفسره على طريقته».

حزب الله ينتظر التحقيقات بتسريبات رومية

على صعيد آخر وعلى رغم «الهمروجة» التي أثيرت عقب تسريب شريط تعذيب مساجين في رومية وتأكيد وزير العدل أشرف ريفي على الذهاب إلى القضاء للتحقيق في هذا الأمر ومعرفة الجهة المسربة متهماً حزب الله بذلك، إلا أن حتى الآن لم يظهر أي نتائج للتحقيق علماً أن هناك خمسة عسكريين موقوفين في هذه القضية، وفي السياق واصل حزب الله إلحاحه على التحقيق وإعلان نتائجه، وأمس أكد عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب الدكتور علي فياض في بيان، أن «الرأي العام اللبناني لا يزال ينتظر نتائج التحقيق بملف تعذيب السجناء في سجن روميه، انطلاقاً من كون ما حصل هو مخالف للقوانين والشرائع والمعايير الإنسانية، ولا نوافق على تبريره تحت أي مسمى، ومهما تكن الصفة الإجرامية للسجناء».

وقال: «الجرم لا يقتصر على ممارسة التعذيب، إنما يطاول أيضاً أولئك الذين تقصدوا تصوير الشريط وتسريبه بهدف جر البلد إلى مشاكل وإضرابات أمنية وشعبية، الأمر الذي يستدعي بدوره تحقيقاً شفافاً بهدف معرفة الحقائق».

الأهالي يهددون مجدداً

وتزامناً مع دعوة سلام مجلس الوزراء للانعقاد غداً، برز تهديد جديد لأهالي العسكريين المخطوفين لمزيد من الضغط على الحكومة، فأعلن شقيق العسكري المخطوف لدى تنظيم «داعش» سيف ذبيان انه «سيتم قطع معظم الطرقات الرئيسية تزامناً مع انعقاد جلسة مجلس الوزراء الخميس».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى