مشروع يسقط وأوهام تنهار… وهستيريا الهزيمة تولد هذا السعار!

هشام الهبيشان

بهذه المرحلة تحديداً من عمر الحرب المفروضة على الدولة السورية نستطيع أن نرسم خطوطاً عامة لكل الأحداث التي عشنا تفاصيلها بالساعات وبالأسابيع والأشهر القليلة الماضية، ولنبدأ برسم هذه الخطوط العامة بحديث لإحدى الدول التي ترعى الحرب على الدولة السورية وهي السعودية، فقد أعلن مسؤولوها وبشكل صريح أن بلادهم قدمت وستقدم أسلحة وبشكل مستعجل للمجاميع المسلحة بالشمال والجنوب السوري عن طريق تركيا و«إسرائيل»، وهي تسعى وبقوة وبالشراكة مع الأتراك و«الإسرائيليين» لإقامة منطقة عازلة ومنطقة حظر جوي بمحافظتي إدلب وحلب شمالاً وبدرعا والقنيطرة جنوباً.

ولا يخفى هنا أيضاً أن الأميركيين والأتراك و«الإسرائيليين» كانوا وما زالوا يقدمون السلاح ويدربون أعداداً كبيرة من هذه المجاميع المسلحة، داخل وخارج الجبهة الشمالية والجنوبية السورية، وقدموا إضافة إلى السلاح أيضاً الإمداد اللوجستي والطبي لهذه المجاميع المسلحة بالجنوب والشمال السوري، وبدورها فالحكومات البريطانية والفرنسية وغيرها لا تخفي أيضاً أنها قدمت كما قدم غيرها لهذه المجاميع الإرهابية المسلحة وخصوصاً على الجبهة الشمالية السورية.

السؤال المهم هنا لماذا نرى في هذه الفترة إعلاناً صريحاً من قبل حكومات هذه الدول، أنها تدعم المجاميع المسلحة في سورية؟ بعد أن كانت قد جمدت قبل أكثر من عام «بحسب ما تدعي هذه الحكومات» تقديم السلاح لهذه المجاميع المسلحة بسورية، بعد أن سيطرت التنظيمات الإرهابية على الكثير من مخازن السلاح التابعة لهذه المجاميع المسلحة على الحدود السورية التركية.

والإجابة على هذا السؤال نجدها ببساطة بهذه التقارير الاستخباراتية الغربية الإقليمية:

فقد سربت تقارير عسكرية استخباراتية «فرنسية – تركية -أميركية -سعودية» بمطلع شهر آذار من العام الحالي، وتقول هذه التقارير إن تحرير الجيش العربي السوري لمناطق «القلمون – حمص القديمة – أجزاء واسعة من حلب – ريفا حماه الشمالي والغربي والخ…»، تعدّ نكسة كبيرة لمشروعهم الرامي لإعادة رسم موازين القوة في سورية، فبعد تحرير هذه المناطق تحت ضربات الجيش العربي السوري، فهذا التحرير كما يقولون أحدث تغييراً جذرياً في الخريطة العسكرية لأطراف الصراع وتقول هذه التقارير أيضاً إن حمص القديمة «تحديداً» «وريفي حماه الشمالي والغربي» يعتبران من أواخر معاقل المجاميع المسلحة في محافظتي حمص وحماه باستثناء بعض المناطق الضيقة ببعض أريافهما، وهنا ينبع الخوف الأميركي والتركي والسعودي تحديداً من خسارة هذه المجاميع المسلحة للمزيد من حصونها وانهيارها واحداً تلو الآخر، وهذا ما لا تريده أميركا وحلفاؤها على أقل تقدير في الوقت الراهن.

ومن هذا التقرير نستطيع أن نعرف أن قادة وصناع القرار «الأميركي -الفرنسي -التركي -السعودي» بدأوا يدركون أكثر من أي وقت مضى أن مشروعهم بدأ بالانهيار وأن الدولة السورية بدأت بالاستدارة نحو تحقيق نصرها على هذه المؤامرة، فهذا التقرير سبقته وتبعته تقارير عدة ودراسات أخرى صدرت من مراكز فرنسية وبريطانية وألمانية وغيرها، وجميع هذه التقارير والدراسات تتحدث بما تحدث به التقرير الأول، هذه التقارير بمجملها دفعت هذه الدول الشريكة بالحرب على سورية، باتخاذ قرار التصعيد الميداني والعسكري للحدّ من تمدد الجيش العربي السوري بمناطق جديدة، هذا التصعيد كما خطط له شمل مناطق وجبهات عديدة، ولم يفرق هذه المرة بين «معارضة مسلحة معتدلة ومعارضة مسلحة إرهابية» بحسب التصنيف الأميركي، المهم هو إنجاز هذه المعارضات الراديكالية لواقع جديد على الأرض السورية، يحد من تمدد الجيش العربي السوري، ويكون بمثابة الإشغال للجيش العربي السوري عن معاركه الرئيسية.

ومن هنا فقد بات من الواضح أن أميركا ومعها باقي القوى الكبرى المشاركة بهذه الحرب على الدولة السورية، مصممة وأكثر من أي وقت مضى على التدخل بشكل شبه مباشر بالمعركة لتأخير إعلان نصر الدولة السورية، ومعهم بالطبع السعوديون والأتراك و«الإسرائيليون» فهؤلاء بمجموعهم حاولوا وما زالوا يحاولون المس بوحدة الجغرافيا والديمغرافيا للدولة السورية وأمنها القومي لخدمة مصالح هذا المعسكر الصهيو أميركي.

ومن هنا نقرأ وبوضوح أن الدولة السورية تعيش الآن فترة صراع مفتوح مع قوى كبرى بهذا العالم، فاليوم أصبحت الدولة السورية بحالة حرب شبه مباشرة واشتباك شبه مباشر مع مشغلي المجاميع المسلحة الراديكالية على الأرض السورية، فهي اليوم تحارب هذه القوى الكبرى، وجهاً لوجه فاليوم انتهت حرب الوكلاء، وجاء الأصلاء لأرض المعركة بعد أن استشعروا فشل مجامعيهم المسلحة على أرض المعركة في كل ساحات المعارك على امتداد الجغرافيا السورية، وخصوصاً بالجبهتين الشمالية والوسطى.

فاليوم هذه القوى، تسعى لفتح مسار جديد للمعركة، اليوم هدفهم هو القنيطرة ودرعا ودمشق والحسكة ودير الزور واللاذقية وو الخ… كما يستميتون اليوم بمعركتهم «بمدينة حلب» في محاولة يائسة لتحقيق إنجاز ما على الأرض يعيد خلط الأوراق من جديد بما يخص الوضع الميداني للمعارك على الأرض بمدينة حلب تحديداً، ومن هنا بدؤوا يناورون مؤخرا بفزاعة المناطق الآمنة ومناطق الحظر الجوي بمدينة حلب وريفها.

اليوم هناك حقيقة لا يمكن إنكارها ومفادها، أن هذه القوى الشريكة في الحرب على سورية قد فشلت هي ومجاميعها المسلحة باستراتيجية مسك الأرض والتقدم فنرى أن كل محاولاتهم لإحداث خرق ميداني بالجنوب السوري قد باءت بالفشل، كما نقرأ أن محاولاتهم لاستثمار غزوة إدلب للتقدم نحو مناطق أخرى أيضا قد باءت بالفشل، وهذا الأمر بالطبع ينسحب على مناطق حلب والحسكة ودير الزور وحماه وحمص واللاذقية، فقد افشلت وأسقطت تقريبا جميع المخططات التي كانت تستهدف عموم هذه المناطق، فالجيش العربي السوري أدار المعركة بحرفية ونجح بالمحصلة بإسقاط وإفشال هذه المخططات من خلال استيعاب هذه الغزوة الجديدة التي كانت تستهدف سورية كل سورية من دون استثناء.

ختاماً، وبهذه المرحلة بالذات هناك مجموعة من اللاءات السورية ومفادها أن مصير هذه الخطط والمخططات أن تزول وان تعلن فشلها قبل حصولها فاليوم الجيش السوري يدك أوكار المجاميع المسلحة الراديكالية أينما وجدت بالإضافة إلى أن الشعب السوري استشعر خطورة المرحلة «الحالية»، وقرر أن يكون بمعظمه بخندق الدولة، لأن المرحلة المقبلة هي مرحلة وجودية بالنسبة لسورية كل سورية، ولا بديل من النصر لإنقاذ سورية من ما يتهددها من خطر داهم، هكذا يجمع معظم السوريين اليوم ويلتفون حول دولتهم الوطنية، فاليوم تيقن معظم السوريين من أنن هناك مؤامرة قذره تستهدف سورية كل سورية جغرافيا وديمغرافيا وأيقن هؤلاء بأن لا حل بسورية إلا بدحر الإرهاب ورجسه عن أرض سورية الطاهرة ولذلك نرى أن إرادة معظم السوريين تتوحد اليوم من أجل الحفاظ على هوية سورية الوطن والإنسان والتاريخ والحضارة والهوية، وهذا بدوره سيسرع من إنجاز الاستحقاق التاريخي السوري، والمتمثل بالنصر القريب على هذه الحرب والمؤامرة الكبرى التي تستهدف سورية كل سورية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى