المرصد

المرصد

مقالب الطائرات أشبه بساديّة «داعش»

هنادي عيسى

عندما بدأ الممثل المصري رامز جلال قبل أربع سنوات تقريباً تقديم فكرة برامج المقالب على قناة «الحياة»، أثار أسلوبه زوبعة كبيرة، خصوصاً أنّه كان يعتمد إثارة الخوف لدى ضيفه، سواء عبر حجزه مع الثعالب والأفاعي، أو عبر محاولة إغراقه في الماء، على رغم انتشار الإشاعات التي تقول إن معظم نجومه كانوا على علم مسبق بهذه المقالب، لأنّ المقابل المادي الذي كانوا يتقاضونه من إدارة إنتاج البرنامج، تدلّ على أنّهم ذهبوا إلى مكان وهدف محدّدَين، ويعرفون تفاصيل ما سيحصل!

ومن يعرف عقلية المشاهير العرب، يدرك تماماً أنه من المستحيل أن يخطوا أيّ خطوة «على العمياني». لكنّ المفاجأة أنّ هذه البرامج تحظى بنسبة مشاهدة عالية، وهذا ما جعل المحطات التلفزيونية تتسابق لتقديم برامج مماثلة.

وهنا نتساءل: ما الذي يدفع بالمشاهدين إلى الاستمتاع بمتابعة الضيوف وهم يصرخون من شدّة الخوف، والتلذّذ بعذابهم، على رغم أن ذلك يكون تمثيلاً أحياناً؟

هذه السنة، بلغت نسبة الساديّة لدى منفّذي هذه المقالب ذروتها، ويمكن تشبيهها بأسلوب «داعش» الدموي. فقد اختارت ثلاث محطات برنامجاً تدور أحداثه داخل طائرة، فقام رامز جلال بتصوير «رامز واكل الجوّ» في دبي، ويُعرض على شاشة «أم بي سي ـ مصر»، والممثل هاني رمزي صوّر برنامجه المشابه «هبوط اضطراري» في مطار بيروت، ويُعرض على قناتَي «الحياة» المصرية و«mtv» اللبنانية. أما قناة «النهار» فاختارت شخصين كانا ضمن فريق عمل الدكتور باسم يوسف في «البرنامج»، وصوّرا في إسبانيا مقالب القفز من الطائرة عبر برنامج «التجربة». وللأسف، فإنّ الضيوف في هذه البرامج كلّهم يصابون بحالة من الذعر نتيجة خلل مفبرك في الطائرة. وقد شاهدنا مشادات عنيفة وسمعنا كلاماً نابياً لا يليق بالنجوم بعدما تعرّضوا لهزّات كادت تفقدهم حيواتهم في لحظات ربما. ولا يستطيع فريق العمل أن يسيطر على خلل حقيقيّ في الطائرات. وماذا لو أصيب أحد الضيوف بأزمة قلبية حادة على رغم علمه بهذا المقلب؟ كيف يمكن أن يتم التغلّب عليها؟

فعلاً إنها أفعال مقزّزة لأشخاص ساديين يتلذّذون برؤية الناس يتعذّبون ويصرخون. ويبدو أنّ النتيجة جاءت عكسية هذه السنة، لأنّ الامتعاض من هذه التصرّفات «الداعشية» تدلّ على خلل في شركات الإنتاج التي تلهث خلف برامج غير مألوفة لجذب أعلى نسبة مشاهدة، إنّما «مش كل مرّة بتسلم الجرّة»، وعلى القيّمين على المحطات التلفزيونية، أن يعوا أنّ استغباء الناس ليس مقبولاً. والتطرّف في أيّ أمرٍ يؤدّي إلى نتائج غير محمودة… فهل سيتعلمون؟ أم أننا في السنة المقبلة سنشاهد تقطيع رؤوس على الشاشة تماشياً مع ما يجري في العالم العربي، بعدما أصبحت مشاهد قتل الناس وتعذيبهم مألوفة؟

فلننتظر!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى